تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


ألمانيا الشرقية اختفت من الوجود كدولة لكن بصماتها لا تزال مطبوعة على صفحات كوبا





هافانا - فيسنت بوفيدا - على الرغم من اختفاء جمهورية ألمانيا الديموقراطية من خارطة العالم منذ عشرين عاما ما زال وجودها محسوسا على بعد آلاف الكيلومترات وبالتحديد في جزيرة كوبا الواقعة بالبحر الكاريبي


عائلة كوبية تركب دراجة نارية صنع شركة ام زد الألمانية الشرقية لتجارة الدراجات النارية
عائلة كوبية تركب دراجة نارية صنع شركة ام زد الألمانية الشرقية لتجارة الدراجات النارية
فحتى الآن تطبع الصحف الرسمية التي تديرها الدولة الكوبية كل يوم داخل مطابع تم استيرادها من ألمانيا الشرقية وهو الاسم الشائع لألمانيا الديموقراطية.

كما يمكن رؤية آلاف الدراجات النارية والحافلات العامة التي صنعت في ألمانيا الشرقية تجوب شوارع كوبا التي تعد جزيرة صغيرة تم تكبيرها وتقع على مسافة 25 كيلومترا جنوب غربي خليج الخنازير، وهذه المركبات لا تزال شاهدة على العلاقات التي كانت وثيقة بين البلدين.

وأثناء زيارته لبرلين الشرقية عام 1972 اصطحب الزعيم الكوبي فيدل كاسترو معه هدية ليقدمها لكبار المسئولين في ألمانيا الشرقية وكانت عبارة عن خريطة تظهر جزيرة صغيرة اسمها " كايو إرنستو تايلمان " أو "أرنست تايلمان كي"وسميت بذلك تخليدا لاسم زعيم شيوعي ألماني اغتاله نظام النازي، ويبلغ طول هذه الجزيرة الصغيرة 15 كيلومترا بينما يبلغ عرضها 500 متر، وتم إعلان ساحلها الجنوبي رسميا تابعا لألمانيا الشرقية.

وبعد ذلك ببضعة أشهر أقامت سفارة ألمانيا الشرقية في كوبا تمثالا نصفيا لتايلمان على هذه الجزيرة الصغيرة غير أنه تعرض للدمار بعد عاصفة اجتاحت الجزيرة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وسافر المغني الألماني فرانك شوبيل إلى كوبا عام 1975 ليسجل في الجزيرة موسيقى على شريط فيديو لتذاع في التليفزيون الألماني الشرقي الذي تديره الدولة عند عودته.

وعلى الرغم من أن صحيفة نيوز دويتشلاند اليومية الرسمية بألمانيا الشرقية نشرت وقتذاك خريطة تظهر الجزيرة الصغيرة وإلى جوارها صورة لكاسترو وإريك هونيكر زعيم ألمانيا الشرقية في ذلك الوقت إلا أن الهدية كانت ذات طابع رمزي فقط، فلم يكن ثمة أي تنازل عن هذه الأرض التي تقع في منطقة عسكرية محظور الدخول إليها وتسكنها الطيور والزواحف فقط، كما أن جزيرة إرينست ثايلمان كي لم تذكر في معاهدة إعادة توحيد الألمانيتين التي أصبحت سارية المفعول في الثالث من تشرين أول/ أكتوبر 1990.

وفي أعقاب انتصار الثورة الكوبية بزعامة فيدل كاسترو عام 1959 أصبحت ألمانيا الشرقية بسرعة أحد الحلفاء الرئيسيين لكوبا، ويوضح شتيفن نيسي خبير العلوم السياسية الألماني الذي دون أحد الكتب القليلة المتاحة عن العلاقات الكوبية الألمانية الشرقية أنه بمجرد دخول مقاتلي حرب العصابات إلى العاصمة هافانا في الأول من كانون ثان/ يناير 1959 بدأت مرحلة استمرت ثلاثين عاما من التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بين الدولتين.

وقامت ألمانيا الشرقية التي كانت في مرحلة ما ثاني أكبر شريك تجاري لكوبا بعد الاتحاد السوفيتي بتزويد كوبا بالقروض الميسرة، وكانت تستورد السكر وغيره من المنتجات الزراعية بأسعار تفوق أسعار السوق العالمية، كما كانت كوبا تتلقى ما يصل إلى 24 ألف طن من اللبن الجاف كل عام بالإضافة إلى الأدوية ومبيدات الآفات الزراعية وإطارات السيارات ولعب الأطفال من ألمانيا الشرقية.

كما ساعدت ألمانيا الشرقية كوبا على تحديث وإنشاء المجمعات الصناعية ومن بينها مصنع سينفيوجوس لإنتاج الأسمنت الذي يعد أحد أكبر المصانع من نوعها في أمريكا اللاتينية، إلى جانب أكبر مطبعة في كوبا بالقرب من ميدان الثورة في هافانا حيث يتم حتى اليوم طباعة الصحف الرسمية مثل جراما وخوفنتود ريبليدي مع 25 صحيفة أخرى توزع في جميع أنحاء البلاد.

ويقول نيسي إن هذه النوعية من التعاون أضيف إليها عمل الخبراء المختصين بهذه النوعية من المنشآت إلى جانب تدريب عشرات الآلاف من الفنيين الكوبيين في المراكز الصناعية بألمانيا الشرقية، ويضيف إن العلاقات الاقتصادية والتجارية القوية تبخرت على الفور بعد بضعة أشهر من إعادة توحيد الألمانيتين.

وكتب نيسي في كتابه المعنون " السياسة الألمانية تجاه كوبا منذ عام 1990. نظرة تقييم وتوقعات " يقول إنه في 31 كانون أول/ ديسمبر 1990 ألغت الحكومة الألمانية من جانب واحد جميع الاتفاقيات المبرمة بين ألمانيا الشرقية وكوبا وأوقفت كل شحنات السلع والمعونة المالية.

وجاء بالكتاب أن إلغاء جميع اتفاقيات التعاون وفشل حكومة كوبا في تمديدها كان له عواقب خطيرة بالنسبة للجانب الكوبي مشيرا إلى أن الجانبين كانا مرتبطين بتسعين اتفاقية ثنائية على الأقل.

وفي الأعوام التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية بأوروبا دخلت كوبا في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وأطلق على هذه الفترة وصف " الفترة الخاصة " وتسببت في مصاعب حادة لسكان البلاد.

وتشير تقديرات السفارة الألمانية في هافانا إلى أن نحو 30 ألف كوبي كانوا يدرسون أو يعملون في ألمانيا الشرقية السابقة، وفي هذا الصدد يقول فرانك هوبه وهو مهندس ألماني يعيش في هافانا وكان مسئولا عن شركة للمنشآت الكهربائية بمدينة كوتبوس في ألمانيا الشرقية وظل لسنوات يشرف على عمل المتدربين الكوبيين إن كثيرا من هؤلاء الكوبيين كانوا يعملون في ألمانيا الشرقية كحراس وسائقين وباعة ويجيدون التحدث بالألمانية.

ويرى هوبه / 53 عاما / كثيرا من التشابه بين المجتمع الذي عاش فيه كشاب وكوبا اليوم ويقول إن قدرة الكوبيين على المقاومة كبيرة، ونحن أيضا كنا نقف في الطوابير انتظارا لعدة ساعات ولم يشكو أحد، كما أن الكوبيين يتميزون أيضا بالابتكار إلى حد كبير، وإذا حدث نقص في أي شيء فإنهم يقومون بتصنيعه بشكل مرتجل ويأتون بشيء يحل محله.

وقد درس المواطن الكوبي هيرمس / 46 عاما / الاقتصاد في جامعة درسدن الألمانية خلال الفترة من 1984 إلى 1989 حيث " وجد ألمانيا الشرقية متقدمة للغاية " مقارنة ببلاده.

ويقول هيرمس إنه وصل إلى ألمانيا الشرقية مع كوبيين آخرين واضعين في ذهنهم فكرة الحصول على المعرفة للمساعدة على تحقيق التقدم لبلادهم وللثورة، وإنهم كانوا مفعمين بالحماس، ويعمل هيرمس حاليا محاسبا في شركة للنقل في هافانا.

وترك الطقس البارد في ألمانيا أثرا كبيرا على هيرمس ويقول أنه تعلم هناك أن يستيقظ في وقت مبكر وأن يحافظ على دقة المواعيد وأن يتناول وجباته في أوقات محددة بشكل صارم، ويؤكد أنه تغير من هذا المنهاج وأن أسلوب حياته لم يعد كما كان الحال من قبل.

واعتاد كثير من أبناء كوبا الذين سافروا إلى ألمانيا الشرقية أن يعودوا إلى بلادهم محملين بالأجهزة الكهربائية وأجهزة المذياع والدراجات النارية من طراز إم زد والتي يمكن رؤيتها حتى الآن تجوب الشوارع الكوبية بجوار الحافلات العامة واللوريات المصنوعة في ألمانيا الشرقية، ولا تزال الدراجات النارية تعد رمزا للمكانة الاجتماعية في بلد يعاني من المتاعب الاقتصادية، وفي مدينة سانتياجو دي كوبا التي تقع على الطرف الشرقي من الجزيرة الكوبية تستخدم الدراجات النارية كمشروع خاص لنقل الركاب بالأجر.

وقد عثر رجل الأعمال الألماني روبرت الذي يعيش في هافانا على سوق رائجة لقطع الغيار المستوردة للدراجات النارية من طراز إم زد، ويقول إن هذه النوعية من النشاط التجاري في
كوبا آخذة في الازدهار ويريد الزبائن شراء كل شيء : العجلات والفرامل ومقياس السرعة.

ويضيف إنه يبيع قطع الغيار إلى أكثر من عشرين من الفنيين ويتلقى طلبات تساوي آلاف الدولارات، مشيرا إلى أن بعض الفنيين لديه كثير من الدرجات النارية التي تحتاج إلى الإصلاح لدرجة أنهم يكدسونها انتظارا لعملية الإصلاح

فيسنت بوفيدا
الاحد 21 نوفمبر 2010