وأطلق الناشطون اليمنيون هذه الحملة مطلع نيسان/ابريل تحت وسم أين الفلوس عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.
ولاقت هذه الحملة استجابة واسعة من قبل الناشطين والمدونين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن سعادتهم وتأييدهم للحملة الهادفة لترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد المالي المتواجد في العديد من المنظمات الإغاثية، وفقا لما يقوله الناشطون.
وباتت حملة أين الفلوس حديث العديد من المتابعين اليمنيين، نظرا لتميز فكرتها وأهدافها خصوصا أنها مستقلة وليست مرتبطة بأي طرف.
وجاءت هذه الحملة لأول مرة رغم دخول اليمن العام الخامس في ظل الحرب المتواصلة بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة أنصار الله الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم من إيران.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 22 مليون يمني (من أصل 28 مليونا) باتوا بحاجة ماسة للمساعدات، في الوقت الذي بات فيه الملايين على حافة المجاعة.
وكان هذا الواقع الإنساني الصعب المستمر في التدهور دافعا للعديد من شباب اليمن الذين قرروا إطلاق حملة إلكترونية بهدف معرفة مصير الأموال الطائلة التي أنفقت في البلاد التي يعاني الملايين من أفرادها من الجوع.
يقول عبدالواحد حمود العوبلي، وهو باحث اقتصادي يمني ومهتم بقضايا الفساد، إن الفساد هو سبب مصائب بلاده من أولها لآخرها، وهو من يغذي الحرب ويطيل أمدها.
وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) أن حملة أين الفلوس التي يشارك فيها بشكل فعال، جاءت بعد أن صحونا ذات صباح على أخبار تقول إن مقدار ما قدمته السعودية والإمارات العربية المتحدةمنفردتين كمساعدات لليمن وصل 19 مليار دولار.
وتابع "هذا يدل على فداحة الفاتورة التي يدفعها الشعب، في حين لا يوجد لهذه الأموال أي مردود على أرض الواقع".
وأردف العوبلي" نرى أصفارا كبيرة أمام أرقام بالعملة الصعبة تمثل المساعدات التي تزيد يوما بعد يوم؛ فيما نجد بالجانب الآخر تزايدا في أعداد من يعاني من سوء التغذية والحاجة الملحة للمساعدة دون حل أي مشكلة من المشاكل التي تتحدث عنها المنظمات الأممية التي تنفذ مشاريعها في اليمن".
وأفاد بأن هذه الحملة حققت الكثير من الأهداف فعليا، لافتا إلى أنها نجحت في فرض أبجديات الشفافية ونشر التقارير المالية والفنية للمشاريع التي تقوم بها المنظمات على مواقعها الإلكترونية.
وبين أنه على الرغم أن المنظمات ترفض حتى اللحظة الإفصاح عما تقوم به؛ "لكن أتصور أن الخطوات التصعيدية للحملة ستفرض مجموعة من الإجراءات الخاصة بالشفافية ومساءلة المنظمات".
وشدد على أن العمل الإنساني في اليمن لن يعود بعد الحملة كما كان قبلها.
وذكر الباحث الاقتصادي أن كل الأطراف في اليمن مشاركة ومتسببة في سلبية العمل الإغاثي؛ بل ومتواطئة للتغطية على فساد المسؤولين في هذا المجال.
ولفت إلى أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجهات الحكومية اليمنية التي لم تقم بفرض أي نوع من أنواع الرقابة على المنظمات.
وقال إنه لا يتم تطبيق حتى أبجديات الرقابة أو الشفافية كتلك المطبقة من قبل نفس المنظمات في فروعها بكل أنحاء العالم، إضافة إلى التقصير الواضح في فرض سياسات معينة لإنفاق الأموال تتناسب مع احتياجات المواطنين، وترك الامور تسير وفقا لأهواء واجندات المنظمات أو من يديرها.
حملة وصلت إلى ملايين الأفراد
أسابيع قليلة فقط مرت على هذه الحملة، واستطاعت الوصول إلى ملايين الأشخاص من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تفاعلت بعض المنظمات الإغاثية مع الحملة وقامت بنشر معلومات عن أنشطتها كتحقيق لعامل الشفافية الذي هدفت إليه حملة أين الفلوس.
ويقول الناشط في القضايا الاجتماعية فداء الدين يحي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن الحملة لازالت تسعى لتحقيق هدفها المتمثل في تعزيز الشفافية والضغط على المنظمات لنشر تقاريرها المالية والتنفيذية التفصيلية بشكل علني.
وأضاف يحي، وهو من أبرز المنظمين والناشطين في حملة أين الفلوس، أن الححملة وصلت إلى ملايين الناس حسب إحصائيات الوسم الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعبر يحي عن سعادته وتفاؤله بالحملة التي قال إنها تشكّل وعيا جيدا في اليمن التي تعيش أسوأ الظروف الإنسانية.
ولفت إلى أن القائمين على الحملة انتقلوا إلى مرحلة جديدة حاليا، وذلك بجمع توقيعات على عريضة تطالب هذه المنظمات بالشفافية.
وذكر أنه استناداً على التوقيعات سيتم التخاطب مع الجهات والدول المانحة لتقوم بدورها بالضغط على المنظمات لتفصح عن مصير الأموال التي استلموها باسم الشعب اليمني.
وشدد الناشط اليمني بالقول "سنتعايش مع هذه الحملة وستصبح جزءا من حياتنا اليومية حتى تتحقق الرقابة المجتمعية وتخضع هذه المنظمات لمعايير الشفافية.
مشكلة وحل
اتساع رقعة الجوع في اليمن رغم تواصل المساعدات الهائلة، جعل البعض يشير إلى أن أطراف الصراع المحلية هي السبب الأكبر في تفشي التدهور الإنساني.
وقال المواطن محمد سيف لـ (د. ب. أ)، إن هناك مساعدات كبيرة تصل اليمن بشكل متكرر من قبل المانحين والمنظمات الدولية، إلا أن أطراف النزاع هي من تتحكم في توزيعها على من تريد وإهمال عدد كبير من المستحقين.
وأضاف أن العديد من الأطراف اليمنية تقوم بنهب المساعدات وبيعها في الأسواق من أجل الحصول على المال، وترك نسبة كبيرة من المحتاجين يواجهون الجوع.
وبين أن حملة أين الفلوس تحمل أهدافًا إيجابية، إلا أنها لن تحقق أهدافها بسبب تحكم أطراف الصراع بعملية المساعدات وعدم رضاها بمبدأ الشفافية الذي سيفضح النهب والسرقة للمعونات.
وأشار إلى الأطراف اليمنية شمالا وجنوبيا هي التي صنعت بشكل رئيسي مشكلة التدهور الإنساني وبيدها أيضا الحل لذلك عن طريق توزيع المساعدات بشكل عاجل والعمل بشكل جاد على إنهاء الحرب.


الصفحات
سياسة









