تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد


الجزائر نحو تغيير حقيقي نموذجي أو استنساخ عربي فاشل




الجزائر - دخلت الأزمة السياسية في الجزائر شهرها الرابع، ولا أمل يلوح في الأفق يمكن أن يزيل ضبابية المشهد رغم اطاحة الحراك الشعبي بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ووجوه بارزة من نظامه التي يواجه غالبيتها تهما ثقيلة بالفساد تعكس الفرصة التي اضاعتها البلاد من أجل الانتقال إلى مرحلة التطور والرخاء والرفاهية.


وبين اصرار الحراك الشعبي على إحداث تغيير جذري للنظام قبل أية خطوة سياسية، تتمسك قيادة الجيش بمشروعها لحل الأزمة الذي يقوم على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر في الرابع من تموز/ يوليو المقبل، ورفض أية مرحلة انتقالية تقود إلى الفراغ الدستوري. إرادة المؤسسة العسكرية هي الفيصل يقول رشيد عيسى، أكاديمي وناشط سياسي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن الجزائر تواجه خيارين، إما المضي في طريق تغيير حقيقي يكون نموذجا مختلفا عن التجارب المنتكسة في محيطها العربي، أو تكرار تجارب الفشل وكلاهما يرتبطان بإرادة المؤسسة العسكرية التي تبدي حتى الآن مقاومة شديدة إزاء التغيير الحقيقي مكتفية بالإذعان لبعض مطالب إنتفاضة الشارع خصوصا ما يتعلق بتغيير وجوه حقبة بوتفليقة. وفي الواقع هذا التغيير في الواجهة يخدم جماعة قائد أركان الجيش الذين يتطلعون للتخلص من أي قوى منافسة لهم داخل الجيش. ويتساءل عيسى، إلى أي حد يمكن للعسكر أن يديروا ظهورهم نحو القبول بمرحلة انتقالية تقود إلى تغيير نهائي يخرج الجيش من معادلة النفوذ السياسي وهي المعضلة الرئيسية التي تواجهه الانتفاضة الجزائرية. ويقول " من الواضح أن الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الجزائري، يلعب على الوقت ليمرر نصف صفقة لا تجيب عن كل المآزق في الجزائر. فهو يريد أن ينهي حقبة بوتفليقة دون أن ينهي نظام بوتفليقة وآلياته والسلوك السياسي الذي أنتج هذا الوضع". واضاف " من سوء حظ الحراك في الجزائر أنه في مواجهة رئيس أركان يفتقد إلى الإبداع والخيال السياسي. فهو كرس حياته للعمل العسكري ولم يعرف عنه اهتمامه بالسياسة لذلك يبدو منذ أن أصبح رمز السلطة الفعلية أنه يتخبط وغير قادر على صياغة افكار واضحة تقنع الشارع، وريما يعود ذلك أيضا إلى ضعف الفريق الذي يحيط به". مستقبل بين تفاؤل وتشاؤم يرى كمال زايت، المحلل السياسي، أن مستقبل الجزائر بين تفاؤل وتشاؤم، والتفاؤل لديه نابع من الصور الجميلة التي صنعها الحراك الشعبي منذ 22 شباط / فبراير الماضي، والطريقة الحضارية التي انتفض بها الجزائريون ليقول لا لاستمرار نظام بوتفليقة الذي أصبح خطرا على حاضر ومستقبل البلاد، والذي أصبح ايضا إهانة لكل جزائري. ويجزم زايت، أن الملايين التي خرجت الى الشارع غيرت المعادلة ليس فقط داخليا بل حتى على المستوى الإقليمي، وبين الجزائريون أن إسقاط أو تغيير نظام ليس محصورا في معادلتي الحرب الأهلية أو التدخل الأجنبي، وهو ما أعاد بعث الأمل لدى الكثير من الشعوب العربية التي اكتشفت أنه يمكن إحداث التغيير بطريقة هادئة وسلمية. كما أن هذا الحراك كشف عن درجة الوعي المرتفع لدى الكثير من الجزائريين، خاصة لدى فئات معينة مثل الطلبة والمحامين والقضاة والذين انتفضوا وطالبوا بالتغيير السلمي. كما شدد على أن هذه الانتفاضة الشعبية اعادت للجزائري شعوره بالاعتزاز والفخر، واعادت له احساسه بالوطنية، بعد أن ظلت هذه الوطنية حبيسة نظام سياسي احتكرها لنفسه وجعل منها سجلا تجاريا، منوها بأن هذه الثورة الشعبية من شأنها أن تحرك الطاقات الراكدة في هذا الشعب من أجل تحقيق نهضة طالما انتظرها، وبناء دولة ديمقراطية تكرس فيها الحريات الفردية والجماعية، دولة يسودها القانون، ولا سيد فيها إلا الشعب. وفِي المقابل يشير إلى التشاؤم الذي مصدره الانشقاقات التي بدأت تسود الحراك، ومحاولات الاختراق، وانتشار ظاهرة التخوين والاتهامات بالعمالة، التي أصبحت أسهل الحلول، فالكثير من الشخصيات السياسية التي يشهد لها بالنضال والتضحية منذ سنوات طويلة، والتي تكبدت تضحيات وتعرضت لمضايقات وتحرشات من النظام وأذنابه لمدة سنوات وعانت من التشويه، وجدت نفسها متهمة ومطاردة ومشوهة بدون سبب، اللهم إلا كونها تتمتع بمصداقية ورصيد يؤهلها للعب أدوار في المرحلة المقبلة. ويلفت زايت، إلى أن فترة سنوات حكم الرئيس السابق خلفت حالة من الدمار الاجتماعي، وحطمت كل الوسائط من أحزاب وجمعيات ومنظمات، وخلقت حالة من الشك والريبة في كل شيء وأي شيء، وأصبح من الصعب التوصل إلى اتفاق أو توافق حول أي اسم أو حول أي مشروع، فحالة الثورة خلقت وضعا غريبا، حالة من العدمية والرفض لكل شيء، فما يُطالب به اليوم يصبح غير كاف غدا، والسقف في ارتفاع مستمر، ولا مخرج من هذه الأزمة يلوح في الأفق إلى الآن. ويحذر من أن البلاد مقبلة على أزمة اقتصادية خانقة بداية من العام المقبل، وكلما تأخر الفصل في الأزمة السياسية القائمة كلما تأخر الشروع في البحث عن حلول لهذه الأزمة التي ستكون فاتورتها غالية، والتي سيسددها الشعب، والمؤسف هو أن الأزمة التي ستضرب أطنابها ستجعل البعض أو الكثيرين يحنون إلى العهد السابق، أي إلى حكم بوتفليقة، في رد فعل سطحي ومتسرع يجهل أو يتجاهل أن سنوات حكم بوتفليقة وطريقة تسييره هي التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة بسبب غياب التخطيط وبرنامج اقتصادي حقيقي، وتشجيع سياسة الإنفاق ببذخ والتبذير، وصرف الأموال في شراء السلم الاجتماعي، والتي أوصلت البلد إلى حافة الإفلاس! إفلاس الدولة يعترف عبد الوهاب بوكروح، مدير الموقع الاخباري الالكتروني " الجزائر اليوم"، المتخصص في الشؤون الاقتصادية، بأن الاقتصاد الجزائري يعيش وضعية صعبة للغاية نتيجة التراجع القوي لأسعار النفط منذ منتصف 2014، وفشل الحكومات المتعاقبة في تحويل الفرصة التي توفرت قبل ذلك وعلى مدار عشرية كاملة من التحسن الذي عرفته أسعار الهيدروكاربونات وتكوين إحتياطي مهم من النقد الأجنبي. ويعتقد بوكروح، أن هذه الحالة الصعبة كانت نتيجة حتمية لغياب الشفافية في تسيير المال العام، وتفشي الفساد على نطاق واسع، فضلا عن غياب كلى لمشروع اقتصادي واضح المعالم للرئيس المستقيل ( عبد العزيز بوتفليقة) طيلة عشريتين من حكمه. كما نوه أن هذا التسيير الارتجالي للاقتصاد الجزائري أدى إلى شبه إفلاس منذ 2017، ما دفع بالحكومة إلى قرار التمويل غير التقليدي الذي هو في الحقيقة عبارة عن غطاء لإفلاس الدولة. ويذكر بوكروح، بلجوء الحكومة الجزائرية إلى طباعة ما يعادل 55 مليار دولار في أقل من سنة ونصف بعيدا عن كل آليات الرقابة رغم تحذيرات المؤسسات المالية الدولية والخبراء المحليين من الانعكاسات المدمرة للقرار على الاقتصاد المحلي الذي لا يتوفر على أدوات مواجهة الضغوط التضخمية التي ستنجم عن زيادة الكتلة النقدية في اقتصاد لا يتوفر على هامش كبير لزيادة الانتاجية فضلا عن إعتماده بشكل مطلق على الخارج في ضمان 70 % من حاجات السوق المختلفة من سلع وخدمات. وأمام تسارع تآكل احتياطات البلاد من النقد الاجنبي، يتجه الاقتصاد الجزائري نحو الشلل في حال لم تتخذ الحكومة إجراءات استباقية من خلال اصلاحات قد تكون مؤلمة جدا. وهو القرار الذي سيكون من الصعب اتخاده-حسب بوكروح- إذا لم يتم التوافق على الذهاب السريع نحو انتخابات رئاسية في اسرع وقت، وتعيين حكومة قادرة على اتخاذ قرارات مقبولة من أوساط الاقتصاد أو الأوساط السياسية والمجتمعية. فرصة تاريخية للمرور إلى مرحلة جديدة يعتقد حسان حويشة، الاعلامي المتابع للشأن السياسي والاقتصادي، أن الجزائر أمام فرصة تاريخية للمرور إلى مرحلة سياسية جديدة بمؤسسات منتخبة بنزاهة وشفافية يكون خلالها الجيش هو الضامن والمرافق لتحقيق وتطبيق مطالب الحراك الشعبي. ويتوقع حويشة، أن تحدث الكثير من التغيرات على النسيج الاجتماعي الجزائري خصوصا إذا كان هناك فعلا انتقال نحو دولة حق وقانون سينجر عنها تداعيات على الحياة الاجتماعية للجزائريين. ويتابع بالقول " حاليا لم تظهر آثار سلبية فورية واضحة على الجوانب الإجتماعية للجزائريين بسبب السعر المرجعي لبرميل النفط الذي يبقى مقبولا جدا بالنسبة للجزائر. وأيضا لعدم توقف الأنشطة الاقتصادية المحلية في البلاد جراء المسيرات أو بعد اعتقال رجال أعمال كبار من قبل القضاء. يبقى أن الواضح حاليا هو انخفاض قيمة الدينار الجزائري في التعاملات الرسمية أمام الدولار وهذه ليست جديدة وبدأت قبل سنتين أو أكثر". وحذر حويشة، من الخطر القادم على المديين المتوسط والقريب، إذ يتوقع انحسار الاستثمارات الأجنبية بسبب ضبابية الوضع السياسي في البلاد، وتآكل احتياطات الصرف الذي يقدر أنه لن يصمد لما بعد عام 2021، في حالة استمرار الأوضاع على حالها وهنا يمكن الحديث عن إنهيار كبير للقدرة الشرائية للجزائريين. غير أنه يقر بأنه في حال نجاح الحراك في الوصول بالبلاد إلى انتخابات شفافة تفرز مؤسسات قوية، فإن سياسة الدعم الاجتماعي في الجزائر ستراجع بشكل جذري مع التوجه لدعم مباشر لمستحقيه فقط، وهنا يمكن أن تتغير الكثير من عادات الجزائريين الذين يعيش كثير منهم على الدعم الاجتماعي رغم عدم أحقيته به، وسيدفع الآلاف إلى العمل والكد بعيدا عن محاولات الكسب السهل. ويشيد حويشة، بالحراك الذي أظهر بعض الجوانب الايجابية التي لم تكن مرئية لدى الجزائريين وهي تغير منظورهم للحياة السياسية إذ أصبحت السياسة في صلب اهتمام مختلف الشرائح الاجتماعية، إضافة لبروز روح المبادرة على غرار حملات التنظيف، ومساعدة الآخر والتضامن وغيرها. كما ساهم هذا الحراك في إبراز أن الجزائري الذي غالبا ما روجت عنه صور نمطية بأنه يميل للعنف والانفعال، ليس ذلك الشخص الذي كان يروج ويسوق له، والدليل أن 98 % من المسيرات كان سلميا في معظم الولايات وبشهادة القاصي والداني، وهذا أمر بالغ الأهمية يمكن استغلاله في المرحلة المقبلة في حال توفر قيادة سياسية في المستوى.

أمين صالح
الثلاثاء 28 مايو 2019