
وبعد سقوط نظام بن علي الذي هرب (يوم 14 كانون ثان/يناير الماضي) لاجئا إلى السعودية، ألغت السلطات التونسية قانونا زجريا (صدر سنة 1981) يمنع النساء من التحجّب.
إسلاميون داخل تونس وخارجها رأوا في إلغاء هذا القانون إنهاء لـ"محنة" المحجبات المستمرة منذ ثلاثة عقود و"تصالحا مع الهوية العربية الإسلامية للبلاد"
التجار ومصممو الأزياء الذين كان محظورا عليهم (في عهد بن علي) بيع الحجاب، ركبوا موجة التحجب بعد أن وجدوا فيها (الموجة) فرصة لإنعاش تجارتهم.
وأصبحت الجلابيب وأغطية الرأس الإسلامية من الملابس النسائية الأكثر مبيعا في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الراقية بالبلاد.
ألغت تونس (بعد هروب بن علي إلى السعودية) ''المنشور 108'' الذي يمنع ارتداء "الزيّ الطائفي" (الحجاب) داخل المؤسسات التابعة للدولة (المدارس والجامعات والمستشفيات والإدارات العمومية...).
وكان الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أصدر سنة 1981 هذا المنشور الذي تواصل العمل به في عهد خلفه زين العابدين بن علي.
وجاء إلغاء المنشور بعد تظاهر مئات من الإسلاميين أمام مقر وزارة الداخلية (وسط العاصمة تونس) للمطالبة بإباحة الحجاب باعتباره "شرع الله".
والحجاب في نظر بورقيبة وبن علي ، "رمز للتطرّف الديني والسياسي" ودخيل على الملبس التقليدي التونسي المتوارث منذ مئات السنين.
يقول مراقبون ومنظمات حقوقية إن "الحملات الأمنية والإعلامية" ضد الحجاب استعرت خلال السنوات الخمس الأخيرة (2010/2006) من حكم بن علي الذي أطلق يد الأجهزة الأمنية والإدارية وأعطاها صلاحيات واسعة لتطبيق المنشور 108 خاصة في المدارس الثانوية والجامعات.
وتراوحت هذه الحملات بين إجبار الطالبات على خلع الحجاب بالقوّة أو منعهن (في صورة رفضن نزعه) من دخول المؤسسات التعليمية، وحرمانهن من حق السكن في المبيتات الجامعية التابعة للدولة، ومن اجتياز الامتحانات.
وقالت المحامية والناشطة الحقوقية إيمان الطريقي /30 عاما/ التي تدافع عن حق التونسيات في ارتداء الحجاب في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن العشرات من الفتيات أو عائلاتهن خيّرن (في عهد بن علي) الانقطاع عن الدراسة نهائيا على خلع الحجاب الذي يعتبرنه ''فرضا دينيا".
وأقرّ مصدر أمني في تصريح لـ (د.ب.أ) بأن الشرطة كثفت في السنوات الخمس الأخيرة "وبأوامر من بن علي نفسه" من التضييق على المحجبات اللاتي كن يقتدن عنوة إلى المخافر ويجبرن على نزع الحجاب وتوقيع التزامات بعدم ارتداء "اللباس الطائفي" مجددا.
وحرمت هذه السياسية العديد من المحجبات من العمل في وظائف بالقطاع العام والمشاركة في الحياة العامة.
أعلنت وزارة الداخلية في بيان أصدرته يوم 31 آذار/مارس الماضي السماح باعتماد صور النساء المحجبات في بطاقة الهوية.
وقالت الوزارة إن هذا الإجراء "يندرج في إطار الإصلاحات المتواصلة من أجل تكريس مبادئ وقيم الثورة المجيدة وضمان الاحترام الفعلي للحريّات العامّة والفردية".
وأوضحت في البيان أنها "قرّرت تبسيط الإجراءات المتعلقة بالمواصفات المطلوبة في الصورة المعتمدة في بطاقة التعريف الوطنية والسماح بتسليم بطاقة التعريف الوطنية للمواطنات المتحجّبات".
وكان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين ببن علي أصدر "أمرا" (مرسوما) سنة 1993 حدّد بموجبه "المواصفات المادية والفنية للصورة المضمّنة ببطاقة التعريف الوطنية (الهوية)".
وينصّ الفصل السادس من هذا "الأمر" على وجوب أن يكون شعر المرأة مكشوفا بالكامل في الصور الشمسية التي تقدّمها لمصالح وزارة الداخلية من أجل استخراج بطاقة الهوية.
وعدّلت وزارة الداخلية (بعد الثورة) هذا الفصل وسمحت بـ"قبول صور المحجّبات ببطاقة التعريف الوطنية" شرط "إظهار الوجه والعينين في الصورة".
في نيسان/ أبريل الماضي فاجأت المغنية التونسية إيمان الشريف التي حققت بعض أغانيها شهرة واسعة في البلاد، التونسيين بـ"لوك جديد" إذ ظهرت خلال برنامج "بلا مجاملة" الذي يبثه تلفزيون "حنبعل" الخاص مرتردية الحجاب لأول مرة.
ورفضت الشريف التي اعتادت من قبل تقديم حفلات وهي عارية الظهر والكتفين، الاستجابة لطلب مقدّم البرنامج الذي دعاها إلى تقديم مقطع من إحدى أغانيها.
وقالت إنها لن تغني مستقبلا إلا أمام جمهور من النساء وأنها بصدد التحضير لعرض إنشاد ديني خاص بالنساء فقط.
ومنذ آب /أغسطس الماضي، أصبحت المذيعة سندة الغربي مقدمة برامج الأطفال في المحطة الثانية بالتلفزيون الرسمي التونسي أول مذيعة محجبة في التلفزيون الذي كان يحظر تماما في عهد بن علي بث صور للنساء المحجبات. وظهرت الغربي لأول مرة مرتدية الحجاب في برنامج أطفال أذيع فيعيد الفطر الماضي.
وذكرت صحف محليّة أن إدارة التلفزيون منعت بث برامج سندة الغربي بعد تحجّبها، إلا أنها عدلت عن قرارها بعد أن تعرّضت (الإدارة) لانتقادات شديدة من قبل صحف وتيارات إسلامية.
ترى الباحثة التونسية اللائكية "رجاء بن سلامة" أستاذة اللغة والآداب والحضارة العربية بجامعة تونس ورئيسة تحرير مجلة "الأوان" الالكترونية أن انتشار الحجاب "قد يهدّد الحقّ في عدم التّحجّب".
وتخشى أن يتحوّل الحجاب مع مرور الوقت إلى "فريضة لا تفرضها الدّولة كما في بعض البلدان بل يفرضها المجتمع".
وتقول الباحثة إن الحجاب "تصحبه ثقافة تكرّس أنماطا علائقيّة منافية لحقوق المرأة، منها الدّعوة إلى تعدّد الزّوجات وطاعة المرأة زوجها، وغير ذلك من الأمور المنافية للمساواة والكرامة البشريّة".
زحف الحجاب على الفضاءات العامة في تونس دفع صالح الزغيدي، عضو "جمعية الدفاع عن العلمانية في تونس إلى التساؤل:"هل نحن سائرون في بلادنا نحو تديين شوارع مدننا وقرانا، ونحن ذلك البلد الذي لم يعرف الحجاب من قبل"
وقال الزغيدي في تصريح لـ(د.ب.أ):"لا والدتي ولا عمّتي ولا خالتي، وكلّهنّ متوفيات، وكلهنّ أّمّيات ومن قرية صغيرة، عرفن الحجاب أو حملنه".
بعد أن تم حسم الجدل بشأن ارتداء الحجاب في تونس بدأت بوادر جدل محتدم حول "النقاب"
طيب البكوش وزير التربية في الحكومة الانتقالية أعلن في نيسان/ أبريل الماضي أن للطالبات الحرية في ارتداء الحجاب داخل المدارس لكنه أبدى ''رفضه المطلق للنقاب على الطريقة الأفغانية'' الذي قال إنه ''لا مجال للسماح به في المدارس".
نفس الموقف عبر عنه الشيخ عثمان بطيخ مفتي تونس الذي صرّح للتلفزيون الرسمي التونسي بأن النقاب ليس من الإسلام في شيء وأنه (النقاب) "لباس طائفي".
مدرسون في معاهد ثانوية وجامعات رفضوا (نهاية السنة الدراسية المنقضية) قبول طالبات منقبات، لكن وجدوا أنفسهم مضطرين للسماح لهنّ باجتياز الامتحانات (بعد أن رفضن نزعه) حتى لا يخسرن العام الدراسي. وأثارت أستاذة رياضيات بجامعة صفاقس (274 كلم جنوب العاصمة تونس) جدلا كبيرا بين الطلبة وأساتذة الجامعة بعد أن أصبحت تتردد على الجامعة منقبة.
إسلاميون داخل تونس وخارجها رأوا في إلغاء هذا القانون إنهاء لـ"محنة" المحجبات المستمرة منذ ثلاثة عقود و"تصالحا مع الهوية العربية الإسلامية للبلاد"
التجار ومصممو الأزياء الذين كان محظورا عليهم (في عهد بن علي) بيع الحجاب، ركبوا موجة التحجب بعد أن وجدوا فيها (الموجة) فرصة لإنعاش تجارتهم.
وأصبحت الجلابيب وأغطية الرأس الإسلامية من الملابس النسائية الأكثر مبيعا في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الراقية بالبلاد.
ألغت تونس (بعد هروب بن علي إلى السعودية) ''المنشور 108'' الذي يمنع ارتداء "الزيّ الطائفي" (الحجاب) داخل المؤسسات التابعة للدولة (المدارس والجامعات والمستشفيات والإدارات العمومية...).
وكان الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أصدر سنة 1981 هذا المنشور الذي تواصل العمل به في عهد خلفه زين العابدين بن علي.
وجاء إلغاء المنشور بعد تظاهر مئات من الإسلاميين أمام مقر وزارة الداخلية (وسط العاصمة تونس) للمطالبة بإباحة الحجاب باعتباره "شرع الله".
والحجاب في نظر بورقيبة وبن علي ، "رمز للتطرّف الديني والسياسي" ودخيل على الملبس التقليدي التونسي المتوارث منذ مئات السنين.
يقول مراقبون ومنظمات حقوقية إن "الحملات الأمنية والإعلامية" ضد الحجاب استعرت خلال السنوات الخمس الأخيرة (2010/2006) من حكم بن علي الذي أطلق يد الأجهزة الأمنية والإدارية وأعطاها صلاحيات واسعة لتطبيق المنشور 108 خاصة في المدارس الثانوية والجامعات.
وتراوحت هذه الحملات بين إجبار الطالبات على خلع الحجاب بالقوّة أو منعهن (في صورة رفضن نزعه) من دخول المؤسسات التعليمية، وحرمانهن من حق السكن في المبيتات الجامعية التابعة للدولة، ومن اجتياز الامتحانات.
وقالت المحامية والناشطة الحقوقية إيمان الطريقي /30 عاما/ التي تدافع عن حق التونسيات في ارتداء الحجاب في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن العشرات من الفتيات أو عائلاتهن خيّرن (في عهد بن علي) الانقطاع عن الدراسة نهائيا على خلع الحجاب الذي يعتبرنه ''فرضا دينيا".
وأقرّ مصدر أمني في تصريح لـ (د.ب.أ) بأن الشرطة كثفت في السنوات الخمس الأخيرة "وبأوامر من بن علي نفسه" من التضييق على المحجبات اللاتي كن يقتدن عنوة إلى المخافر ويجبرن على نزع الحجاب وتوقيع التزامات بعدم ارتداء "اللباس الطائفي" مجددا.
وحرمت هذه السياسية العديد من المحجبات من العمل في وظائف بالقطاع العام والمشاركة في الحياة العامة.
أعلنت وزارة الداخلية في بيان أصدرته يوم 31 آذار/مارس الماضي السماح باعتماد صور النساء المحجبات في بطاقة الهوية.
وقالت الوزارة إن هذا الإجراء "يندرج في إطار الإصلاحات المتواصلة من أجل تكريس مبادئ وقيم الثورة المجيدة وضمان الاحترام الفعلي للحريّات العامّة والفردية".
وأوضحت في البيان أنها "قرّرت تبسيط الإجراءات المتعلقة بالمواصفات المطلوبة في الصورة المعتمدة في بطاقة التعريف الوطنية والسماح بتسليم بطاقة التعريف الوطنية للمواطنات المتحجّبات".
وكان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين ببن علي أصدر "أمرا" (مرسوما) سنة 1993 حدّد بموجبه "المواصفات المادية والفنية للصورة المضمّنة ببطاقة التعريف الوطنية (الهوية)".
وينصّ الفصل السادس من هذا "الأمر" على وجوب أن يكون شعر المرأة مكشوفا بالكامل في الصور الشمسية التي تقدّمها لمصالح وزارة الداخلية من أجل استخراج بطاقة الهوية.
وعدّلت وزارة الداخلية (بعد الثورة) هذا الفصل وسمحت بـ"قبول صور المحجّبات ببطاقة التعريف الوطنية" شرط "إظهار الوجه والعينين في الصورة".
في نيسان/ أبريل الماضي فاجأت المغنية التونسية إيمان الشريف التي حققت بعض أغانيها شهرة واسعة في البلاد، التونسيين بـ"لوك جديد" إذ ظهرت خلال برنامج "بلا مجاملة" الذي يبثه تلفزيون "حنبعل" الخاص مرتردية الحجاب لأول مرة.
ورفضت الشريف التي اعتادت من قبل تقديم حفلات وهي عارية الظهر والكتفين، الاستجابة لطلب مقدّم البرنامج الذي دعاها إلى تقديم مقطع من إحدى أغانيها.
وقالت إنها لن تغني مستقبلا إلا أمام جمهور من النساء وأنها بصدد التحضير لعرض إنشاد ديني خاص بالنساء فقط.
ومنذ آب /أغسطس الماضي، أصبحت المذيعة سندة الغربي مقدمة برامج الأطفال في المحطة الثانية بالتلفزيون الرسمي التونسي أول مذيعة محجبة في التلفزيون الذي كان يحظر تماما في عهد بن علي بث صور للنساء المحجبات. وظهرت الغربي لأول مرة مرتدية الحجاب في برنامج أطفال أذيع فيعيد الفطر الماضي.
وذكرت صحف محليّة أن إدارة التلفزيون منعت بث برامج سندة الغربي بعد تحجّبها، إلا أنها عدلت عن قرارها بعد أن تعرّضت (الإدارة) لانتقادات شديدة من قبل صحف وتيارات إسلامية.
ترى الباحثة التونسية اللائكية "رجاء بن سلامة" أستاذة اللغة والآداب والحضارة العربية بجامعة تونس ورئيسة تحرير مجلة "الأوان" الالكترونية أن انتشار الحجاب "قد يهدّد الحقّ في عدم التّحجّب".
وتخشى أن يتحوّل الحجاب مع مرور الوقت إلى "فريضة لا تفرضها الدّولة كما في بعض البلدان بل يفرضها المجتمع".
وتقول الباحثة إن الحجاب "تصحبه ثقافة تكرّس أنماطا علائقيّة منافية لحقوق المرأة، منها الدّعوة إلى تعدّد الزّوجات وطاعة المرأة زوجها، وغير ذلك من الأمور المنافية للمساواة والكرامة البشريّة".
زحف الحجاب على الفضاءات العامة في تونس دفع صالح الزغيدي، عضو "جمعية الدفاع عن العلمانية في تونس إلى التساؤل:"هل نحن سائرون في بلادنا نحو تديين شوارع مدننا وقرانا، ونحن ذلك البلد الذي لم يعرف الحجاب من قبل"
وقال الزغيدي في تصريح لـ(د.ب.أ):"لا والدتي ولا عمّتي ولا خالتي، وكلّهنّ متوفيات، وكلهنّ أّمّيات ومن قرية صغيرة، عرفن الحجاب أو حملنه".
بعد أن تم حسم الجدل بشأن ارتداء الحجاب في تونس بدأت بوادر جدل محتدم حول "النقاب"
طيب البكوش وزير التربية في الحكومة الانتقالية أعلن في نيسان/ أبريل الماضي أن للطالبات الحرية في ارتداء الحجاب داخل المدارس لكنه أبدى ''رفضه المطلق للنقاب على الطريقة الأفغانية'' الذي قال إنه ''لا مجال للسماح به في المدارس".
نفس الموقف عبر عنه الشيخ عثمان بطيخ مفتي تونس الذي صرّح للتلفزيون الرسمي التونسي بأن النقاب ليس من الإسلام في شيء وأنه (النقاب) "لباس طائفي".
مدرسون في معاهد ثانوية وجامعات رفضوا (نهاية السنة الدراسية المنقضية) قبول طالبات منقبات، لكن وجدوا أنفسهم مضطرين للسماح لهنّ باجتياز الامتحانات (بعد أن رفضن نزعه) حتى لا يخسرن العام الدراسي. وأثارت أستاذة رياضيات بجامعة صفاقس (274 كلم جنوب العاصمة تونس) جدلا كبيرا بين الطلبة وأساتذة الجامعة بعد أن أصبحت تتردد على الجامعة منقبة.