تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


السوريون يتجهون إلى تعريب الأسماء التجارية ويمارسون انفتاحا اقتصاديا ولا يرون بالأمر تناقضا




دمشق - جوني عبو - تصاب الفتاة السورية ليلى حداد، ذات العشرين ربيعا، بالحيرة كلما حضرت إلى وطنها سوريا خلال العطلة الصيفية من الغرب حيث تقيم وتدرس.. فهي تتقن اللغة الانجليزية التي تتحدثها وتدرس بها، في حين أن لغتها العربية ليست على نفس الدرجة من الإتقان


تعريب الأسماء التجارية في دمشق
تعريب الأسماء التجارية في دمشق
فهي دائما ما تتساءل: هل الأفضل لها أن تستخدم الانجليزية التي تتقنها، أم العربية التي تعلمتها في المنزل، وليس في المدرسة أو الجامعة، فحياتها التعليمية كانت، وما تزال بالانجليزية وكذلك محيطها الاجتماعي، من أصدقاء وزملاء.

تأتي ليلى حداد إلى سوريا لتقضي العطلة الصيفية بين أقارب والديها، وتمثل مسألة اللغة مشكلة لها عندما ترتاد الأسواق التجارية (المولات) الحديثة في العاصمة دمشق، مثل "تاون سنتر" او "الشام سيتي سنتر"، وتريد أن تخاطب أحد البائعين، أو إحدى البائعات اللائي يهيمن حضورهن على مشهد العمل إلى حدا ما في شركات القطاع الخاص في ظل انفتاح اقتصادي سوري يرى البعض أنه ينقصه تطور في اكتساب اللغات الأجنبية، من قبل الموارد البشرية .

تقول ليلى " إذا تحدثت مع البائعين والبائعات باللغة العربية – التي لا أجيدها تماما- الجميع يعتقدون أنني أتصنع الكلام لأبدو كفتاة مغنجة وذات وضع مالي ميسور ومغرمة بالغرب لأنني اضطر لاستخدام مفردات إنجليزية في كل جملة أثناء الكلام.. فعلا أتحدث العربية /المكسرة/ كما يقولون هنا بالعامية، وإذا حدثتهم باللغة الانجليزية، يكون التواصل صعبا، والحل الذي اتبعه هو أن ننظم وقتا أنا ووالدتي سوية حين نقرر الذهاب للتسوق.. فوالدتي تجيد التعرف على أسماء الماركات الأجنبية التي جرى تعريبها وكتابتها بالأحرف العربية".

يذكر أن الحكومة السورية اتخذت عدة قرارات خلال العامين الماضيين بهدف دعم اللغة العربية، كما تقول، في مواجهة "غزو" الأسماء الأجنبية وفرضت مجموعة قيود أبرزها كتابة الأسماء الأجنبية بأحرف عربية وتعريب عدد كبير منها، دون اكتراث بما إذا كانت تلك الأسماء في الأصل مسجلة كنموذج لماركات عالمية.

فالأسماء لا تترجم، كما يقول المتخصصون.
وقد وجهت لجنة تمكين اللغة العربية بريف دمشق خلال الأشهر الأخيرة مئات من الإنذارات لأصحاب المحال التجارية الذين يكتبون أسماء محالهم بلغة غير العربية.

وتنقل بعض المصادر عن مسئولين رسميين تأكيدهم أن اللجنة المعنية ستغلق المحال التي تم إنذارها مسبقاً خلال الجولات التفقدية في الأسواق، وخاصة في ضواحي جرمانا ودوما وحرستا وعربين "ما لم يلتزم أصحابها بتغيير الأسماء الأجنبية أو كتابتها بالأحرف العربية".

ويقول محمد شاهين، المسئول بمحافظة ريف دمشق، إن اللجنة قررت " إغلاق المحال غير الملتزمة بغية إجبار الآخرين على تنفيذ التعليمات"، موضحاً أن المحافظة وضعت خطة وبرنامج عمل على مدار العام بهدف إحياء اللغة العربية والعمل على تمكينها لدى معظم فئات المجتمع .

يبين وزير الثقافة السوري السابق ورئيس لجنة تمكين اللغة العربية الحالي، الدكتور محمود السيد، إن سوريا "تعتز باللغة العربية وحركة التعريب للعلوم التي قامت بها منذ بدء التعليم الجامعي ( أواسط سبعينيات القرن الماضي )، رغبة منها في تعميق ارتباط الطلبة بلغتهم الأم".

وأشار إلى أن الحفاظ على "سياج اللغة العربية" من أهم ما تخطو به الدول العربية، مبيناً أن اللغة العربية قادرة على استيعاب التطور في أيامنا هذه "وهي تتمتع بقدرتها على مواكبة كل جديد”

ويقول وليد عبد النور، مدير بنك "بيبلوس سوريا"، انه ما من شك في أن اللغة العربية "هامة وضرورة المحافظة عليها هدف وواجب" لكن هذا شيء وتعلم لغات أجنبية شيء آخر لا ضرر منه في عصر يعتمد على العلوم الحديثة التي يرتبط معظمها بالتكنولوجيا ومصطلحاتها الخاصة، ونظام عمل متكامل.

وأضاف "نحن وكل البنوك وشركات التأمين، فيما اعتقد لا يمكن أن نفضل موظفا يجيد اللغة العربية فقط على آخر يتقن إلى جانب العربية، الفرنسية، أو الألمانية، أو الانجليزية.. ولذلك نحن نجد صعوبة في إيجاد موظفين محليين يجيدون لغات أجنبية".

"لعل الجيل الجديد أدرك هذا، فمعظم من هم دون الخامسة والعشرين يجيدون الانجليزية باعتبارها اليوم لغة العمل في شتى أنحاء العالم، لكنهم، عادة، في هذه المرحلة السنية غير مؤهلين لتولي مناصب قيادية".

ويطالب مسؤولون كبار في الحكومة السورية المنشآت السياحية باستبدال الأسماء الأجنبية بأخرى عربية، إضافة إلى عدم الموافقة على ترخيص المشاريع السياحية ما لم تكن تحمل اسماً عربياً صريحاً.

وتكتسب هذه القضية أهمية بالغة بالنسبة للمؤسسات التي اشترت ماركات عالمية، مع اشتراط استخدام الاسم الأصلي، باعتبارها فرعا من فروع الشركة العالمية الأم.

يقول المهندس حسن خيتي، صاحب وكالة مقاهي " لوديون " الفرنسية في سوريا، "لست أنا من أقرر الاسم.. هذا /براند نيم/ عالمي ومسجل، فكيف أعرِّبه؟.. كل ما أستطيع فعله هو أن أكتب الاسم بالأحرف العربية.. هذه الماركات مثل الأسماء، إذا كان فلان اسمه نيكولا مثلا، هل أستطيع أن أناديه عبود؟ هذا غير وارد"

أما عمار صباغ، وكيل شركة "كارفور" الفرنسية الأكثر شهرة في عالم تجارة التجزئة في سوريا، فيقول: "في البداية، قبل حوالي سنتين عندما باشرنا افتتاح المول (المركز التجاري) في مدينة حلب، طلبت بعض الجهات الرسمية منا كشركة وشركاء أن نغير الاسم، أو أن نكتبه باللغة العربية.. كان هذا مفاجأة كبيرة لنا، ومربكة.. نحن اتفقنا مع الشركة الأم على الاسم."

وأضاف: "من المفترض أن يشجع مناخ الاستثمار ، الاستثمارات لا أن يطيح بها.. بضعة أشهر حتى اقتنعت الجهات المعنية أن تغيير الاسم مطلب غير قانوني، وغير منطقي ولا يعطي الانطباع للمستثمرين بالأقدام على خطوات شجاعة وخلق فرص عمل".

ويشرح سامر الحاج تحسين، مدرس اللغة العربية، أن أي لغة في العالم، مهما كانت درجة مرونتها، "لا تستطيع أن تستغني عن التزاوج في بعض الأحيان في مفرداتها وإدخال مفردات ومصطلحات إلى لغتنا، أو اللغات الأخرى، لا يعني إنقاصا من أهميتها أو قدرها".

وأضاف: "وبصراحة الموضوع هو أن أدوات ووسائل الإنتاج تأتي إلينا ومعها لغتها.. من منا، على سبيل المثال، يستخدم في حياته اليومية الكلمات المعربة لوسائل الاتصالات أو تكنولوجيا المعلومات؟ هل تقول الناس اليوم التلفزيون، أو الرائي، الكومبيوتر، أو الحاسوب؟.. وما إلى هنالك.. ثم أن كلمة /انتفاضة/ دخلت قاموس أو كسفورد".

لقد سمح الانفتاح الاقتصادي في سوريا في السنوات الأخيرة بدخول آلاف الأسماء التجارية والماركات العالمية التي تشمل مختلف القطاعات الصناعية والتجارية، فضلا عن أن المدارس والجامعات الخاصة في البلاد، جميعها تدرس المناهج التعليمية الأجنبية لكنها ملزمة أيضا بموجب القانون بتدريس المناهج التعليمية التي تقرها الحكومة، ما يشكل عبئا على الطلاب ويرهقهم في دراسة منهجين، يختلف كل منهما عن الآخر كلية

يقول أبو علي خياطة، أحد أصحاب المحال التجارية بسوق الصالحية الشهير وسط دمشق، إن "قرار تعريب الأسماء، أو كتابتها باللغة العربية بشكل اكبر بنسبة 30 بالمئة، الحد الأدنى، من الأحرف الأجنبية، أثار امتعاض واحتجاج أصحاب العديد من هذا الحي التجاري البارز في قلب العاصمة، وحفاظا على جمالية اللوحات على واجهات المحال،اكتفى بعضهم بكتابة الاسم الأجنبي بأحرف عربية”.

وفي رأي أكاديمي، يرى رئيس مجمع اللغة العربية، الدكتور مروان المحاسني، أن هذه التصرفات "هي بمثابة لعب أطفال وضعف نفسي، وطريقة احتيالية حيث يبقي صاحب المحل على الكلمة الأجنبية، لكن يكتبها بأحرف عربية مدعيا أنه فتح بابا للغة العربية، لكنه بالحقيقة يستخف باللغة وبعقول الناس".

أما الشرط الثاني بالإنذار فكان "كتابة اسم المحل على اللوحة بالأسماء العربية، ولا مانع من كتابة هذه الأسماء بلفظها العربي بأحرف لاتينية في ذيل الكتابة العربية على ألا تتجاوز مساحة المحل التي تشغله الكتابة بأحرف لاتينية أكثر من نصف المساحة العربية ".

ويقول مدير محل "راديانت مان" إنهم دفعوا "مبالغ كبيرة ليعملوا حماية الملكية لاسمهم (حوالي 2000 دولار أمريكي)” وسيدفعون الكثير أيضا لتوفير الحماية للاسم الجديد في حال ترجموه للعربية ( الرجل المشرق )” لذا فقد آثروا أن يكتبوا على اللوحة /راديانت مان/ بتكلفة لا تتجاوز 300 دولار، إضافة لكون الاسم الأجنبي سلس وجميل أكثر من العربي".

وفي سياق متصل، يقول المغترب السوري حنا صليبا الذي يملك عدة مطاعم عربية في أوروبا: "لم يجبرني احد هناك على تغيير أسماء مطاعمي من أسماء عربية إلى أخرى أجنبية، ولم يتدخل أحد على الإطلاق.. كل المطاعم التي نملكها أنا وشركائي تحمل أسماء عربية".

ويعترف بعض المسئولين السوريين بصعوبة ضبط الحالة مع التوسع الكبير للمدن وانتشار الأسماء والماركات، خاصة إذا تعود الناس على اسم محل بعينه وفجأة يتم تغييره، بالتأكيد هذا سيلحق ضررا فادحا بحق المالك، فليس لدى الناس هذه الأيام الكثير من الوقت للتدقيق في الأشياء لأن الخيارات كثيرة.

يتساءل البعض هل أصبحت فعلاً لغتنا العربية ضيقة لهذا الحد !! حتى أنها لم تعد تصلح لتسمية منتج أو شركة أو مصنع أو حتى محل ! وهي لغة وسعت كل معنى ولفظ، في حين يرى آخرون أنه ليست هناك علاقة بقدرة اللغة على الاستيعاب، وأن المنطق يقول إن هذه أسماء مسجلة وهي حق للآخر كـ "علامة مسجلة"، فهل يصلح، بذريعة "تمكين لغتنا" أن نغير اسم "ماكدونالدز" ‘لى إسم آخر، على سبيل المثال/ أو "كريستيان ديور" أو "بوس" أو "شانيل".

يقول معظم الأهالي في سوريا إنه لم يعد بمقدور أبنائهم الحصول على فرصة عمل تأمن لهم مستقبلهم، ما لم يتقن أحدهم لغة أجنبية ، حتى إن درجة "مقبول" في اللغة الاجنبية ليست كافية في ظل المنافسة المحتدمة في "عالم معولم" تقوده مجموعة أزرار،لا ينتجها العالم العربي، ولا أي من دوله

جوني عبو
الاربعاء 11 أغسطس 2010