
ويعود تاريخ إنشاء هذه الحركة المعارضة إلى آذار/ مارس 2003 حينما قررت الحكومة الكوبية خلال الفترة التي عرفت باسم "الربيع الأسود" اعتقال 75 شخصا من كبار رموز المعارضة، ولكن هذا الأمر لم يكسبها سوى المزيد من الأعداء الأكثر شراسة ونشاطا.. إنهن زوجات وأمهات وشقيقات هؤلاء السجناء، اللواتي بدأن صفحة جديدة من الكفاح تحت قيادة لاورا بولان ، التي رحلت عن هذا العالم في 14 تشرين أول/ أكتوبر حيث توقف قلبها عن الخفقان بعد اصابتها بسكتة قلبية.
وتقول بولان في أخر حوار أجرته مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من منزلها المتواضع بشارع نيبتونو في قلب العاصمة هافانا "كانوا يقولون لي في السجن إن زوجي يتقدم بشكواه كتابيا وبطريقة هادئة وإن مثيرة المشاكل التي تتصرف بشكل سيء هي أنا"، وذلك في إشارة إلى أنشطة التظاهر والاحتجاجات للمطالبة باطلاق سراح زوجها وباقي السجناء.
وكانت بولان ، وهي في الأساس مدرسة رياضيات، بدأت أنشطتها الاحتجاجية عقب توقيف زوجها هيكتور ماسيدا والحكم عليه بالسجن 20 عاما عقب ادانته وباقي المعتقلين الـ75 الآخرين، بتهم تتعلق بتهديد أمن البلاد وتعريضه للخطر، بالإضافة للتعاون مع الحكومة الأمريكية، التي تعتبر بمثابة العدو الرئيسي للنظام الكوبي بقيادة فيدل وراؤول كاسترو.
ومنذ هذا الحين بدأت بولان في الخروج كل يوم أحد من كنيسة سانتا ريتا بالشارع الخامس بقطاع ميرامار بالعاصمة الكوبية للاصطفاف في صمت مصحوبة بنساء أخريات متشحات بملابس بيضاء (رمز الحزن والعزاء) وهن يحملن في أيديهن زهور الدلبوث (نوع من الأبصال)، ومع مرور الوقت تزايد الاهتمام العالمي بهذه الحركة حتى منحها البرلمان الأوروبي في 2005 جائزة ساخاروف لحرية الفكر.
وعلى الرغم من هذا إلا أن مسيراتهن كانت دائما محلا لانتقادات وهجومات أنصار الشيوعية حيث كان المئات منهم يتجمعن حول السيدات المتشحات البياض ويصرخن في وجوههن بعبارات مثل "هذه شوارع فيدل" و"فلترحلوا عن البلاد" و"أيتها الديدان"، كما أن الشرطة في أحيان أخرى كانت تلجأ لتفريقهن بالقوة
ولا يختلف أداء الإعلام الحكومي في كوبا تجاه هذه الحركة كثيرا عن أداء غيره في الدول التي تفتقر إلى الشفافية من حيث عرضه للأحداث، ففي تغطية التليفزيون الحكومي، الذي تجاهل في الأساس نبأ وفاة بولان ، لإحدى مسيراتهن كان المذيع يقول "خرجن مرة أخرى ليقمن بأعمالهن المأجورة ولكن الشعب أطلق عليهن بائعات الأوطان، إهانة الوطن في المظاهرات دائما ما يكون جزاؤها ردا حاسما من الشعب الثوري".
وتصف الحكومة الكوبية السيدات المتشحات بالبياض، مثل أقاربهن، بالـ "مرتزقة"، وهو المصطلح الذي تستخدمه في التحدث عن المعارضين والمنشقين الذي يحصلون على دعم اقتصادي معلن عنه من السلطات الأمريكية والجماعات المنفية خارج الجزيرة، التي تحظر بها المعارضة ولا يوجد بها سوى حزب واحد هو الحزب الشيوعي الحاكم.
وعلى الرغم من أن الحكومة تصر حتى اليوم على قانونية اعتقال ومحاكمة "مجموعة الـ75" إلا أنها أقدمت في صيف 2010 على إطلاق سراح عناصرها تباعا عقب حوار غير مسبوق مع الكنيسة الكاثوليكية الكوبية، وبعد انتقادات دولية بسبب مصرع السجين أورلاندو زاباتا قبلها بأشهر بسبب إضرابه عن الطعام قرابة 80 يوما.
وكانت بولان بجوار الكاردينال خايمي أورتيجا ووزير الخارجية الإسباني السابق ميجل أنخل موراتينوس من أبطال عملية التفاوض مع الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين التي لم تنته فقط بإطلاق سراح "أسرى الربيع الأسود" بل بالإفراج عن 126 سجينا، لجأ 114 منهم إلى إسبانيا.
ولكن "السيدات المتشحات بالبياض" لم يتوقفن عن مسيراتهن بعد هذه العملية ورحيل أغلب ذويهن للخارج، ولديهن النية في الاستمرار حتى بعد وفاة قائدتهن وذلك للمطالبة بالإفراج عن باقي السجناء الكوبيين السياسيين.
وتقول برتا سولر، التي تولت قيادة الحركة عقب وفاة بولان "سنستمر، صحيح أن لاورا ليست معنا جسديا ولكنها معنا روحيا ونورها يضيء لنا الطريق، لدينا في المجموعة الكثير من النساء اللواتي لم يكن أزاوجهن في مجموعة الـ75 ولا يزالوا محتجزين، ولا يمكننا ترك هؤلاء النساء".
وتؤكد سولر، التي أفرج عن زوجها أنخل مويا خلال شباط /فبراير الماضي، وجود 100 سيدة تنتمي لمنظمة المتشحات البياض، بعضهن ليس لديه أقارب معتقلين ولكنهن يدعمن القضية، في الوقت الذي تتهم الحكومة الكوبية خلاله المنتميات إلى هذه الحركة بأنهن يبحثن عن منفعة اقتصادية أو طريقة سريعة للرحيل نحو الولايات المتحدة كلاجئات سياسيات.
وأضافت سولر "لا يزال يوجد في السجون الكوبية 60 سجينا سياسيا بتهمة التعبير عن آرائهم ومعارضة الحكومة، وآخرون بسبب رغبتهم في الهرب من قمع هذا النظام، هؤلاء الرجال لديهم حق السير في شوارع بلادهم وليس أن يبقوا خلف القضبان في الأسر".
ومن ناحيتها تتحدث المفوضية الكوبية لحقوق الإنسان والتصالح القومي برئاسة إليزاردو سانشيز، وهي منظمة غير معترف بها قانونيا من قبل النظام ولكنه على الرغم من هذا لا يتعرض لها بشكل قوي، عن وجود 50 سجينا سياسيا تقريبا في كوبا، لكن الحكومة الكوبية تقول أن جميعهم خضعوا لمحاكمات تمت إدانتهم فيها عن طريق قوانين سارية.
ومن جانبه يرى الناشط الكوبي جييرمو فارينياس، الفائز بجائزة ساخاروف عام 2010 أن "لاورا بولان هزت أعمدة النظام الكوبي لأنها بعد الموجة القمعية التي شنتها الحكومة في 2003 نجحت بصحبة من معها في بدء صراع مدني، وهذا دفع الرجال إلى الشعور بالحرج والإقدام على الخروج معهن، مما جعل المعارضة السلمية تظل حية".
وأضاف فارينياس "هذه السنوات الثمان التي استمر خلالها كفاح حركة السيدات المتشحات بالبياض للإفراج عن أزواجهن وأشقائهن وأبنائهن، كانت دليلا دامغا على صحة ما قاله خوسيه مارتي، محرر كوبا من الاستعمار الإسباني، إن أي قضية عادلة لا يمكن أن تنتصر إذا لم تتغذى من روح سيدة".
وتقول بولان في أخر حوار أجرته مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من منزلها المتواضع بشارع نيبتونو في قلب العاصمة هافانا "كانوا يقولون لي في السجن إن زوجي يتقدم بشكواه كتابيا وبطريقة هادئة وإن مثيرة المشاكل التي تتصرف بشكل سيء هي أنا"، وذلك في إشارة إلى أنشطة التظاهر والاحتجاجات للمطالبة باطلاق سراح زوجها وباقي السجناء.
وكانت بولان ، وهي في الأساس مدرسة رياضيات، بدأت أنشطتها الاحتجاجية عقب توقيف زوجها هيكتور ماسيدا والحكم عليه بالسجن 20 عاما عقب ادانته وباقي المعتقلين الـ75 الآخرين، بتهم تتعلق بتهديد أمن البلاد وتعريضه للخطر، بالإضافة للتعاون مع الحكومة الأمريكية، التي تعتبر بمثابة العدو الرئيسي للنظام الكوبي بقيادة فيدل وراؤول كاسترو.
ومنذ هذا الحين بدأت بولان في الخروج كل يوم أحد من كنيسة سانتا ريتا بالشارع الخامس بقطاع ميرامار بالعاصمة الكوبية للاصطفاف في صمت مصحوبة بنساء أخريات متشحات بملابس بيضاء (رمز الحزن والعزاء) وهن يحملن في أيديهن زهور الدلبوث (نوع من الأبصال)، ومع مرور الوقت تزايد الاهتمام العالمي بهذه الحركة حتى منحها البرلمان الأوروبي في 2005 جائزة ساخاروف لحرية الفكر.
وعلى الرغم من هذا إلا أن مسيراتهن كانت دائما محلا لانتقادات وهجومات أنصار الشيوعية حيث كان المئات منهم يتجمعن حول السيدات المتشحات البياض ويصرخن في وجوههن بعبارات مثل "هذه شوارع فيدل" و"فلترحلوا عن البلاد" و"أيتها الديدان"، كما أن الشرطة في أحيان أخرى كانت تلجأ لتفريقهن بالقوة
ولا يختلف أداء الإعلام الحكومي في كوبا تجاه هذه الحركة كثيرا عن أداء غيره في الدول التي تفتقر إلى الشفافية من حيث عرضه للأحداث، ففي تغطية التليفزيون الحكومي، الذي تجاهل في الأساس نبأ وفاة بولان ، لإحدى مسيراتهن كان المذيع يقول "خرجن مرة أخرى ليقمن بأعمالهن المأجورة ولكن الشعب أطلق عليهن بائعات الأوطان، إهانة الوطن في المظاهرات دائما ما يكون جزاؤها ردا حاسما من الشعب الثوري".
وتصف الحكومة الكوبية السيدات المتشحات بالبياض، مثل أقاربهن، بالـ "مرتزقة"، وهو المصطلح الذي تستخدمه في التحدث عن المعارضين والمنشقين الذي يحصلون على دعم اقتصادي معلن عنه من السلطات الأمريكية والجماعات المنفية خارج الجزيرة، التي تحظر بها المعارضة ولا يوجد بها سوى حزب واحد هو الحزب الشيوعي الحاكم.
وعلى الرغم من أن الحكومة تصر حتى اليوم على قانونية اعتقال ومحاكمة "مجموعة الـ75" إلا أنها أقدمت في صيف 2010 على إطلاق سراح عناصرها تباعا عقب حوار غير مسبوق مع الكنيسة الكاثوليكية الكوبية، وبعد انتقادات دولية بسبب مصرع السجين أورلاندو زاباتا قبلها بأشهر بسبب إضرابه عن الطعام قرابة 80 يوما.
وكانت بولان بجوار الكاردينال خايمي أورتيجا ووزير الخارجية الإسباني السابق ميجل أنخل موراتينوس من أبطال عملية التفاوض مع الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين التي لم تنته فقط بإطلاق سراح "أسرى الربيع الأسود" بل بالإفراج عن 126 سجينا، لجأ 114 منهم إلى إسبانيا.
ولكن "السيدات المتشحات بالبياض" لم يتوقفن عن مسيراتهن بعد هذه العملية ورحيل أغلب ذويهن للخارج، ولديهن النية في الاستمرار حتى بعد وفاة قائدتهن وذلك للمطالبة بالإفراج عن باقي السجناء الكوبيين السياسيين.
وتقول برتا سولر، التي تولت قيادة الحركة عقب وفاة بولان "سنستمر، صحيح أن لاورا ليست معنا جسديا ولكنها معنا روحيا ونورها يضيء لنا الطريق، لدينا في المجموعة الكثير من النساء اللواتي لم يكن أزاوجهن في مجموعة الـ75 ولا يزالوا محتجزين، ولا يمكننا ترك هؤلاء النساء".
وتؤكد سولر، التي أفرج عن زوجها أنخل مويا خلال شباط /فبراير الماضي، وجود 100 سيدة تنتمي لمنظمة المتشحات البياض، بعضهن ليس لديه أقارب معتقلين ولكنهن يدعمن القضية، في الوقت الذي تتهم الحكومة الكوبية خلاله المنتميات إلى هذه الحركة بأنهن يبحثن عن منفعة اقتصادية أو طريقة سريعة للرحيل نحو الولايات المتحدة كلاجئات سياسيات.
وأضافت سولر "لا يزال يوجد في السجون الكوبية 60 سجينا سياسيا بتهمة التعبير عن آرائهم ومعارضة الحكومة، وآخرون بسبب رغبتهم في الهرب من قمع هذا النظام، هؤلاء الرجال لديهم حق السير في شوارع بلادهم وليس أن يبقوا خلف القضبان في الأسر".
ومن ناحيتها تتحدث المفوضية الكوبية لحقوق الإنسان والتصالح القومي برئاسة إليزاردو سانشيز، وهي منظمة غير معترف بها قانونيا من قبل النظام ولكنه على الرغم من هذا لا يتعرض لها بشكل قوي، عن وجود 50 سجينا سياسيا تقريبا في كوبا، لكن الحكومة الكوبية تقول أن جميعهم خضعوا لمحاكمات تمت إدانتهم فيها عن طريق قوانين سارية.
ومن جانبه يرى الناشط الكوبي جييرمو فارينياس، الفائز بجائزة ساخاروف عام 2010 أن "لاورا بولان هزت أعمدة النظام الكوبي لأنها بعد الموجة القمعية التي شنتها الحكومة في 2003 نجحت بصحبة من معها في بدء صراع مدني، وهذا دفع الرجال إلى الشعور بالحرج والإقدام على الخروج معهن، مما جعل المعارضة السلمية تظل حية".
وأضاف فارينياس "هذه السنوات الثمان التي استمر خلالها كفاح حركة السيدات المتشحات بالبياض للإفراج عن أزواجهن وأشقائهن وأبنائهن، كانت دليلا دامغا على صحة ما قاله خوسيه مارتي، محرر كوبا من الاستعمار الإسباني، إن أي قضية عادلة لا يمكن أن تنتصر إذا لم تتغذى من روح سيدة".