تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


القوة الإعلامية التونسية تستقيل من قوة السلطة بعد موجة من الاتهامات المتبادلة




تونس - صوفية الهمامي - جدل واتهامات متبادلة بين الاعلام والحكومة التونسية، وعنف لفظي وجسدي مسلط على الصحفيين من قبل المواطنين والبوليس في الشوارع ، فالحكومة ترى ان الصحفيين هم المسؤولون عن كل ما يحدث من عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي والاجتماعي والنفسي لدى المواطنين، بنقلهم للاعتصامات المرخصة والغير شرعية والحديث بإطناب عن تطور الجريمة في تونس سيما ظبط الاسلحة والعمليات الإرهابية التي جدت بالتراب التونسي دون أدنى مسؤولية او حرفية.


القوة الإعلامية التونسية تستقيل من قوة السلطة بعد موجة من الاتهامات المتبادلة
كما تتهم الحكومة الاعلام بالتقصير في تغطية أنشطتها، وان تمت التغطية فهي لا تبث ولا تذاع في الأوقات المناسبة، بالتالي ترى الحكومة ان الصحافة مرآة لكنها مقلوبة لاتعكس حقيقة واقع المجتمع بل تعطي نظرة خاطئة ومشوهة لهذا الواقع بل ومضللة .
اما الاعلام الذي تحول من التصحر الى فوضى الحرية، فيرى أن الصحافة هي مرآة المجتمع التي تنعكس فيها كل المخاضات والصراعات التي تكتمن داخله، ومن خلالها يمكن فهم ما يجري ظاهريا وباطنيا.

الاعلام العمومي والمقصود به الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء المفترض فيها جميعا أنها تابعة للدولة وليس لأي حكومة أو حزب، هو المتهم الاول من قبل الحكومة يؤكد انه تخلص نهائيا من عقدة التطبيل والتمجيد وحجب الاخبار وترديد بلاغات الدولة وبياناتها التي كانت تفرض عليه، وتحرر من دكتاتورية الحزب الحاكم وزعيمه الذي يرى في وسائل الاتصال العمومية مساحتها الحصرية، كما يؤكد الاعلام انه لن يفرط فرصة استقلاليه.
حاليا تدور نقاشات بين النقابة التونسية للصحفيين والهيئة المستقلة لاصلاح الاعلام والاتصال وبين الحكومة، حول كيفية ضمان استقلالية الاعلام العمومي قانونيا وماليا وتحريريا حتى تكون بمنأى عن أي تجاذبات سياسية، ولمزيد حماية الصحفي تطالب النقابة بتفعيل المراسيم 115 و 116 المفعلة بذاتها بعد نشرها بالرائد الرسمي للبلاد التونسية غير ان الحكومة لا تريد تفعيلها.

رئيس الهيئة المستقلة لاصلاح الاعلام كمال العبيدي يقول إنّ "استقلالية الإعلام ليست بالأمر الهين فمفهوم المرفق العمومي لا يزال يلفه الكثير من الغموض كما أنّ التصريحات المتضاربة حول الإعلام الحكومي والإعلام العمومي يدل على غموض هذا المفهوم وهذا مردّه ما تميّز به الإعلام العمومي في العهد السابق".
وفي مداخلته خلال الندوة التي نظمها راديو ألبي بي سي بتونس حول إصلاح منظومة الاعلام العمومي بتونس قال الصحفي محمد كريشان :"ما يمكن أن يطمئن الحكومة التونسية الحالية أو أي حكومة مقبلة أن استقلالية مؤسسات الإعلام العمومية لا تعني أنها ستتحول عدوة لها آليا وإنما ستصبح في القانون والممارسة على مسافة واحدة من جميع الفرقاء السياسيين مع ترك المهنية داخل هذه المؤسسات تعمل وفق قواعدها المتعارف عليها وهو ما سيكسبها حتما المصداقية والاحترام في نظر الرأي العام بعد عقود من الازدراء والتندر".

الطرح قد يكون صحيحا إلى حد ما في دول منحت قوانينها كل الحرية لصحافييها في التقصي والحصول على المعلومة ونشرها دون رقابة موضوعية أو ذاتية، لكن الوضع يختلف جذريا في دول وأنظمة شمولية حيث لامكان ا للرأي الاخر، وهو الامر الذي عاشه الاعلام التونسي ازيد من خمسين سنة، فما الذي كسبه الاعلام التونسي من الثورة وكيف له الخروج من الشمولية الى الحرية الإعلامية المسؤولة ..
رئيس تحرير صحيفة الرسالة محمد بوعود يقول في هذا الشان : "اعتقد ان ما كسبه الاعلام التونسي لا يتجاوز عقدة الرقيب التي انقشعت الى غير رجعة، واوجد غيابها حالة من التنوع والجرأة على المشهد الاعلامي التونسي الذي لم يكن مهيئا لهذه الجرعة الزائدة من الحرية.
فقد انعكس ذلك على اداء الإعلاميين الذين لم يتمكنوا من التخلص بسهولة من النسق الذي كان قائما طوال الخمسين سنة، وهم الان يحاولون جاهدين رسم آفاق جديدة لعمل إعلامي يوازي نظرائهم في الدول المتقدمة".

كما يرى بوعود حسب قوله : "ان خسائر الاعلام التونسي لا تقل حجما عن مكاسبه، فما نشهده يوميا من مشاكل داخل المؤسسات الإعلامية وما تطفأ على السطح من سلبيات وما ظهر من ترد في الأداء وضعف في التكوين لدى شريحة واسعة من الصحفيين الذين تدربوا وسط مناهج تعليمية ومهنية لا ترقى الى المستوى الأدنى المطلوب للأداء الاعلامي، اضافة الى ذلك فان قطاع الاعلام كغيره من القطاعات يواجه صعوبات عديدة كالتوزيع وغياب الاشهار والدعم وعدم وضوع العلاقات الشغلية داخله وكثرة وتنوع العناوين اضافة الى غلاء الورق وضيق السوق"
.
الحقوقي وعميد المحامين السابق البشير الصيد ندد بالاعتداءات التي يتعرض لها بعض الصحفيين، واعتبرها اخطر ما يهدد الانتقال الديمقراطي في تونس، وجاء في حديثه : "هذه مؤامرة ممتدة جذورها في كل أنحاء الوطن العربي، فالاعلاميون الصادقون يتعرضون الى ابشع الاعتداءات الرامية الى تخويفهم وترويعهم من طرف جهات استعمارية.

وعلى الجميع وخاصة من ابناء وبنات الحراك العربي الثوري ان ينتبهوا الى ذلك، لانه لا يمكن تحقيق انتقال ديمقراطي، ولا يمكن تحقيق الحرية والديمقراطية والابداع الا بتوفر اعلام حقيقي ومستقل وصادق ووطني، الاعتداءات التي حصلت على الصحفيين التونسيين فاقت ما تعرضوا له في عهد بن علي ".
ويعزي رؤوف بالي رئيس جمعية الصحفيين الشبان عدم تحرر وتطور الاعلام العمومي بالقدر المطلوب الى ضعف اداء نقابة الصحفيين التونسيين والى تدخل الادارة في الخط التحريري للمؤسسات العمومية ، فضلا عن الظروف الاجتماعية التي يعيشها الصحفيون .

ومما جاء في حديث رؤوف بالي : "لقد ظل تطوير الاعلام بشكل حقيقي وادخال اصلاحات جذرية رهين الظروف الاجتماعية التي يعيشها الصحفيون والظروف المهنية التي بقيت على حالها، فضلا عن قوة الجذب الى الوراء التي حالت دون الانطلاقة الحقيقية لأعلام وطني ومسؤول، هذا اضافة الى عدم تحرر الاعلام العمومي خاصة من سلطة الادارة وتدخلها المستمر في ما يهم المحتوى الاعلامي ومضامينه وهو ما يجعلنا في مرحلة حاسمة في مرحلة الاعلام، حيث ان هناك احتمال وارد ان تسعى الحكومة الحالية الى استغلال عدم الفصل بين الادارة والتحرير وتوظيفه لفائدة اعادة سيطرة السلطة على الاعلام العمومي .
من جانب اخر نجد ن الهياكل الموجودة في القطاع اضعف من ان تقوم بمهمة الدفاع عنه، حيث عجزت نقابة الصحفيين مثلا عن الانتصار لأي معركة نقابية منذ انتخاب المكتب التنفيذي بعد الرافع عشر من يناير، في حين عجزت الهيئة المستقلة لاصلاع الاعلام عن تحقيق اي مكسب للقطاع منذ تعيينها وبالتالي يظل المشكل الأساس للقطاع هو عجز هياكله عن مواكبة الاحداث وعن تمثيل الصحفيين بصفة فعلية وبعيدا عن المزايدات".

ومن وجهة نظر الاعلامي نصر الدين بن حديد فان الصحافة التونسية تاثرت مثل غيرها من القطاعات الاخرى، سواء السياسية او الاجتماعية باندلاع الثورة بل اكثر من ذلك وجد الاعلام نفسه صعوبة في فهم الثورة ومن ثم تقديمها فتراوحت المحاولات في الاول بين سعي للحاق بالثورة ومحاولة الركوب عليها الا ما ندر.
لقد سعت الصحافة التونسية يقول بن حديد : على اعتبارها قطاع نوعي او كأفراد للاستفادة من الثورة، لكننا نلاحظ ان الغالبية العظمى من الصحفيين حافظت على نفس الاسلوب وغيرت فقط في الاتجاه، في السابق كان مديح بن علي وشتم أعدائه والان تمدح الثورة بنفس الاسلوب ويشتم من نراهم اعداء الثورة.
يضيف بن حديد : "لقد حصل انفجار ضخم وخطير بل هو تسونامي في مقالات القدح والذم والشتم الرخيص، والأخطر هو سكوت الهياكل الممثلة للقطاعات الإعلامية مثل نقابة الصحفيين ونقابة رؤساء المؤسسات الصحفية، والأخطر من ذلك هو سقوط الادعاء العام الذي عليه وجوبا ان يتناول هذه القضايا بمعزل عن تقديم شكوى من عدمها.

كما ان الارتفاع الحاصل في عدد وسائل الاعلام ، ساهم بشكل محدود في استيعاب نسبة البطالة ولكنه مكن طاقات صحفية من البروز في ميادين لم تكن ميادينهم".
الأكيد ان المشهد الصحفي يمثل ركيزة للمشهد الديمقراطي والتحول السياسي للبلاد التونسية وعلى الجميع ان ياخذ هذا القطاع مأخذ الجد دون تهميشه وكذلك دون السعي لتطويعه من اي جهة سياسية....



صوفية الهمامي
الجمعة 2 مارس 2012