تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


بحر وفضاء وابداع ... ألمانيا تعيد اكتشاف تاريخ مستوطناتها الفنية




روستوك ( ألمانيا) - أندرياس هايمان - تنقض طيور النورس على الكثبان الرملية بينما يجلس زوجان على مقعد شاطيءمصنوع من أعواد القش، وعلى مسافة يجلس هواة صيد الأسماك منتظرين في صبر غمزة السنارة، وهذا منظر مألوف في أهرنشووب وهي بلدة ساحرة ساحلية بولاية ميكلنبرج فوربومرن الواقعة على ساحل بحر البلطيق الألماني.


بحر وفضاء وابداع ... ألمانيا تعيد اكتشاف تاريخ مستوطناتها الفنية
وتوجد بالبلدة تسهيلات فندقية تستوعب 2300 ضيف، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن البلدة تستضيف 350 ألف زائر سنويا يقضون ليلة فيها، وهذا الرقم صغير مقارنة ببلدات أخرى بالمنطقة، غير أنه يوضح التحول الذي طرأ على أهرنشووب منذ أن تم تأسيس أول مستوطنة للفنانين فيها في القرن التاسع عشر عندما كانت قرية هادئة يعمل سكانها في صيد الأسماك.

ولم يجيء الفنانون إلى القرية من أجل الاستمتاع بالسباحة في مياه بحر البلطيق، وتوضح مؤرخة الفنون روث نيجيندانك أن ما خلب لب هؤلاء الفنانين هو هذا الضوء الشمالي الرائع كما جذبتهم الطبيعة الودودة للسكان المحليين، إلى جانب بالطبع أن البلدة كانت قريبة من الشاطىء والبحر، ووصف أحد مؤسسي المستوطنة وهو الرسام بول موللر البلدة في أول انطباع له عنها بأنها " صورة من التناغم ".

وهذا بالضبط ما يبحث عنه المؤسسون، فهم يريدون مكانا في الهواء الطلق يبعدهم عن الجوانب التجارية في حياة الفنان وأيضا يريدون وجود خط للسكك الحديدية يربطهم بالمدينة، وقد لبت بلدة أهرنشووب هذه المتطلبات، وظلت على حالها حتى نشوب الحرب العالمية الأولى.

وقد ظللت أهرنشووب مكانا لاستضافة الفنانين حتى وقتنا هذا، ويقول هانز جوتزي عمدة البلدة إنه يقيم في المستوطنة الفنية 750 شخصا فقط، ولكن توجد ثلاث من القاعات العامة لعرض الأعمال الفنية والعديد من قاعات العرض المملوكة لأفراد، ويضيف قائلا : " إننا كلما افتتحنا معرضا يأتي الزوار من جميع أنحاء ألمانيا لمشاهدته "، ومن الشائع أن يتم بيع بعض القطع الفنية التي رسمت بإلهام من جو المنطقة مقابل مئات الآلاف من الدولارات خلال المزاد السنوي للأعمال الفنية الذي يقام بالقرية.

ولا تزال بضعة بيوت أصلية للفنانين قائمة بما فيها البيت الذي أقام فيه الرسام موللر كامبف مدرسته للرسم، وثمة مبنى آخر داخل المستوطنة هو بونتي شتوبي الذي شيد عام 1922 على طراز باوهاوس وهو مدرسة فنية ألمانية تجمع في المعمار بين الحرف اليدوية والفنون الجميلة، واستخدم هذا المبنى كمكان للالتقاء لرسامي البلدة، كما يعد كونستاكتن " أحد المنازل الرائعة في البلدة وتم ترميمه بحيث أصبح يبدو على نفس الشكل الذي كان عليه في اليوم الذي بنى فيه، ومن المقرر افتتاح متحف أهرنشووب للفنون عام 2013.

وتعد بلدة شوان المستوطنة الفنية الثانية بالمنطقة، وتبعد بمسافة 20 كيلومترا جنوبي مدينة روستوك غير أنها تبدو وكأنها تنتمي لدولة أخرى، فشوان تمتد على طول غابة وتحيط بها حقول لا تبدو لها نهاية من بذور اللفت والقمح، وهو ما جذب المجموعة الأصلية من الفنانين لتأسيس مستوطنة فيها عام 1880.

وكان للسماء الواسعة المفتوحة والحقول بالمنطقة تأثير كبير على الأعمال الفنية التي أبدعها الرسامون، وينطبق هذا بشكل خاص على الفنان فرانز بونكي، وولد بونكي في شوان عام 1857 ويعد أحد أهم الفنانين الذين أبدعوا داخل المستوطنة الفنية.

وتعرض بعض الأعمال التي أنتجت خلال الأعوام المبكرة من تاريخ المستوطنة في متحف كونستميوهلي المحلي الذي يقع داخل منزل مشيد نصفه بالأخشاب يعلو سطحه قرميد أحمر فاتح، وحتى الخمسينيات من القرن الماضي كانت طاحونة تعمل داخل المبنى الذي يمكن الوصول إليه أيضا عن طريق البحر، ويقول مدير المتحف هيكو برونر إن قاربا يسير بالمجداف ينطلق من روستوك ويصل أمام المبنى في رحلة تستغرق ست ساعات.

وتم افتتاح المتحف عام 2002 وجمع حتى الآن أكثر من مئة لوحة والعديد من الرسومات، وتقول ليزا جيورس وهي خبيرة في شئون مستوطنة شوان للفنانين إنه قبل افتتاح المتحف كان تاريخ مستوطنة الفنانين بشوان في طريقه للنسيان، وتشير إلى أن أحد أسباب تراجع أهمية شوان هو أن فن تصوير المناظر الطبيعية على الواقع لم يكن محل تقدير في ألمانيا الشرقية السابقة.

وينظم المتحف حاليا معرضا لمجموعة من الأعمال الفنية السابقة لفنانين من مقاطعة ورسفيدي بولاية ساكسونيا السفلى ويستمر حتى 23 تشرين أول/أكتوبر المقبل، وتعرض ثمانية من الأعمال الفنية تشمل قطعا من إبداع فريتز ماكنسن وهنريش فوجيلر وباولا مودرسوهن بيكر.

وتعرب جيورس عن اعتقادها بأن العمل الفني الذي أبدعه فنانو شوان يستحق مزيدا من التقدير، وتقول إنه على الرغم من أنه يوجد فنانون أكثر في أهرنشووب مقارنة بشوان إلا أنه لا يوجد فيها فنانون عظام على مستوى بارتلز، ويذكر أن رودلف باتلز الذي يطلق عليه أحيانا لقب " مونيه ميكلنبرج " على اسم الفنان الفرنسي الكبير كلود مونيه ولد في شوان عام 1872، ومن بين أفضل لوحاته تلك التي تصور أطفالا يسيرون وسط ظلام الليل في ضوء قناديل يمسكونها.

أندرياس هايمان
الاحد 9 أكتوبر 2011