تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


جورجي أمادو أستخدم الصفات الذكورية العربية لخلق أكثر الثنائيات إغراءً في الأدب البرازيلي




بيروت - حسن عبّاس – من منطقة باهيا البرازيلية المحببة على قلب الكاتب البرازيلي جورجي أمادو، يخرج الثنائي المكوّن من فتاة برازيلية هجينة ومن شاب عربي. إنهما نسيب وغابرييلا بطلا روايته "غابرييلا، قرنفل وقرفة". أما سرّ النجاح فيكمن في تقصي عناصر الذكورية العربية.
عوامل الإثارة التي يكتنفها هذا الثنائي كانت موضوع تحليل عرضته باللغة الفرنسية كلوديا فلّوه بالدوينو فيريرا، أستاذة الأدب الفرنسي والتعبير الفرنسي في جامعة برازيليا. أما اللقاء معها، فقد نظمته السفارة البرازيلية في لبنان وجامعة القديس يوسف بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية، في إطار برنامج بيروت عاصمة عالمية للكتاب، وذلك في إحدى قاعات الجامعة.


الكاتب البرازيلي جورجي امادو
الكاتب البرازيلي جورجي امادو
الكاتبة، وهي برازيلة متحدّرة من أصول عربية، عملت على استخلاص جاذبية وإغراء المرأة البرازيلية الممتزجة بخصوصيات الإثارة العربية، مظهرة أن عالم جورجي أمادو يغوص في الثقافة العربية.
في البداية تحدّثت الكاتبة عن التاريخ الثقافي للبرازيل. فهي منطقة اكتشفها عام 1500م البحّار البرتغالي بيدرو الفاريس كابرال، فاصبحت مستعمرة برتغالية لأكثر من 300 سنة، حتى إعلانها استقلالها عام 1822. تمتاز البرازيل عن باقي المستعمرات في اميركا اللاتينية بأنها، وعلى الرغم من إدخال المستعمرين طريقتهم في الحياة اليها، فقد بقيت منطقة للامتزاج الثقافي حيث تذوب فيها ثقافات عدّة.
البرازيل التي يتحدث بعض المؤرخين عن وصول البحارة الفينيقيين اليها عام 1100 قبل الميلاد تحمل حضارة خاصة تتكوّن من تفاعل اساطير السكان الأصليين مع أفكار المستعمرين الحديثة. كما تحمل ثقافتها بعض العناصر التي تسرّبت من ثقافة المهاجرين العرب الذين وصلوا اليها من سوريا ومن لبنان ومن مناطق عربية أخرى.
يرى أمادو، "البرازيلي ذو القلب العربي" كما تصفه فيريرا، في العالم العربي عالماً مثالياً للإكتشاف، وقد استطاع من خلال الرونق الذي تضفيه شخصيات رواياته العربية خلق عالم فريد.

في روايته "غابرييلا، قرنفل وقرفة"، يحمل نسيب، أحد مكوّنات الثنائي المثير، عالم آبائه في قلبه، وترافقه في تحركاته رائحة الأرز إضافة الى مياه الأنهار البرازيلية.
نسيب هو شاب متحدّر من أصول سورية. كان عمرة أربع سنوات عندما وصل الى البرازيل مع والديه المهاجرين. يطلق عليه البرازيليون لقب "التركي" بحسب عادة البرازيليين حينها. وهذا كان مما يثير امتعاضه، فكان يردّ على من ينعته بالتركي: تركي هو أمك، أنا برازيلي.
كان نسيب رافضاً فكرة الزواج لأنه كان يرى آلام الأزواج المخدوعين. وفي أحد الأيام، استيقظ ليجد أن قريبة له قد رحلت الى مكان مجهول. يقوم بالبحث عنها دون أن يجدها. ويقوده بحثه الى لقاء فتاة مغمورة بالغبار، تنتظر قدرها في سوق تجارة الخدم. يأخذها الى منزله للعمل كخادمة وطباخة.
ذات ليلة وصول الخادمة الجديدة غابرييلا الى منزله، يذهب نسيب كعادته الى الحانة. وعندما يعود الى المنزل يراها ممددة امامه، فيأخذ بتأمل مفاتنها التي ظهرت عندما اغتسلت وبدّلت ثيابها. ينتهي الأمر بأن يتزوج نسيب من خادمته.

تبحث فيريرا عن الدافع الكامن وراء اختيار أمادو لرجل عربي في روايته لا لرجل آخر من جنسية أخرى.
ترى أن غابريلا تقترب من اسطورة أفروديت، رمز الخصوبة. وهي فتاة بسيطة وجاهلة، دائمة الاهتمام بتغذية نسيب وبصناعة الأطباق التي يحبها. هي امرأة تحتاج الى حماية رجل. فمنطق البطريركية ظاهر في سياق العلاقة.
عندما التقى نسيب بها لأول مرّة، كانت متسخة وترتدي ثياباً رثة، ولا يظهر جمالها. لم يعرها اهتماماً في البداية. أدار ظهره وانصرف عنها. عندها قالت له غابرييلا شيئاً ذكره بوالدته. التفت اليها وسألها عن اسمها، فقالت له: غابرييلا في خدمتك. غابرييلا، بحسب فيريرا، تجسّد الأم بمظهر فتاة جميلة ومثيرة. إنها فتاة ما قبل تاريخية، ولذلك جذبته. إنها تجمع صورة الأم وصورة المرأة التي ستصبح الزوجة.
استخدم أمادو صوراً مثالية موجودة في ذهن العربي خالقاً امتحاناً مهماً لتمازج الثقافات وتمازج الأعراق.
في وسائل إغراء غابرييلا لنسيب الكثير مما يثير خيالات الرجل العربي. تستخدم العطور المستخرجة من الطبيعة لا من المصانع، كالقرنفل، وهو تجسيد للأنثوي.
لقد كان أمادو مدركاً لأهمية العطر بالنسبة الى الشعب الذي ينتمي اليه نسيب. فبالنسبة للعرب القدماء يرتبط العطر بالحب والإثارة والشهوة. وتعتقد الكاتبة أن أمادو تأثر بأحاديث الشيخ النفزاوي عن أهمية علاقة الرائحة بالإغراء، وتستشهد بمقطع طويل من كتابه "الروض العاطر في نزهة الخاطر".






غلاف الترجمة العربية لغابرييلا قرفة وقرنفل
غلاف الترجمة العربية لغابرييلا قرفة وقرنفل
أما المقطع الذي تستشهد به، فهو نصيحة أحد الحكماء لمسيلمة الكذاب للتخلص من شرّ سجاح التميمية التي كانت تنافسه على النبوة مهددة إياه وقومه بقومها بني تميم. والمقطع كما يذكره النفزاوي في كتابه هو: "إذا كان صبيحة غد اضرب خارج بلادك قبّة من الديباج الملوّن وافرشها بأنواع الحرير وانضحها نضحاً عجيباً بأنواع المياه الممسّكة من الورد والزهر والنسرين والفشوش والقرنفل والبنسج وغيره فإذا فعلت ذلك فادخل تحت المباخر المذهبة بأنواع الطيب مثل عود الأقمار والعنبر الخام والعود الرطب والعنبر والمسك وغير ذلك من أنواع الطيب وارخ أطناب القبّة حتى لا يخرج منها شيء من ذلك البخور فإذا امتزج الماء بالدخان فاجلس على كرسيّك وارسل لها واجتمع بها في تلك القبّة أنت وهي لا غير فإذا اجتمعت بها وشمّت تلك الرائحة ارتخى منها كلّ عضو وتبقى مدهوشة فإذا رأيتها في تلك الحالة راودها عن نفسها فإنّها تعطيك فإذا نكحتها نجوت من شرّها وشرّ قومها".
إذن فالجامع بين هذا الثنائي هو رغبات الرجل الشرقي وخيالاته الجنسية التي تلتقي بطلب امرأة ضعيفة تقدّم للرجل كل الإهتمام وتطلب حمايته. إنه نموذج مبني على خيالات محض شرقية.
في نهاية الرواية، وبعد زواج نسيب منها، لا تتعوّد غابرييلا على حياة المرأة المتزوجة. لا تتعوّد على فكرة تحوّلها من خادمة مهتمة بمخدومها الى زوجة. تنتهي بخيانة نسيب.


حسن عباس
الجمعة 11 ديسمبر 2009