نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


حتى الحيوانات لم تسلم ... الحصار الاسرائيلي يهدد أشهر حديقة حيوانات في غزة بالإغلاق




غزة - عماد الدريملي - يجد صاحب أشهر حديقة حيوانات في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ نحو ثلاثة أعوام نفسه مجبراً على عرض حديقته للبيع كحل لأزمته المالية المتفاقمة ، ويقول أحمد برغوت مدير حديقة حيوانات مرح لاند في غزة إن ما يشهده قطاع غزة من حصار مشدد وإغلاق للمعابر التجارية من شأنه القضاء على مختلف المشاريع التجارية حتى الناجحة منها


حديقة حيوان مرح لاند في غزة
حديقة حيوان مرح لاند في غزة
وقضى برغوث عدة أعوام حتى تمكن من تجهيز الحديقة التي أنشأها للترويح عن الأطفال عبر جلب نحو 18 نوعاً من الحيوانات والطيور ذات الشعبية بين عامة الناس إضافة إلى عدد من الألعاب المسلية للأطفال.

ورغم أن مشروعه لا يمكن مقارنته بغيره من الحدائق المشابهة في العالم، إلا أن ذلك لم يحل دون تأثره بتردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع المحاصر مما دفعه للتخلي عن مشروعه وعرضه للبيع.

يقول إنه يشعر أن الحديقة جزء من حياته لا يمكن التخلي عنه لكنه في الوقت نفسه يفشل في إيجاد حلول لأزماته الاقتصادية المتراكمة.

ويضيف أنه كان اضطر لبيع مولد الحديقة الكهربائي من نوع كبير الحجم لدفع تكاليف عدد من أنواع الحيوانات جلبها لتعويض ما فقده من حيوانات قتلت خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل 14 شهراً.

وبينما نجح برغوث في تهريب عدد من أصناف الحيوانات خاصة القرود عبر الأنفاق بين قطاع غزة ومصر فإن ضعف الإقبال على حديقته والتدهور الاقتصادي المستمر منعه من الخروج من أزمته.

لكن هذه الأزمة تفاقمت لدى برغوت مع دخول قطاع غزة في أزمة حادة من انقطاع التيار الكهربائي بسبب توقف الاتحاد الأوروبي عن دفع أموال السولار الصناعي اللازم لتشغيل محطة كهرباء القطاع الساحلي الوحيدة.

اليوم يعجز برغوت عن شراء مولد كهربائي جديد كما أن الناس لا تقبل على حديقته وقت المساء بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

يقول " الناس هنا لا تجد ما تأكله فكيف لها أن تبحث عن الترفيه وإن تمكنت من ذلك فإنها تكتفي بمرة واحدة في العام ولا تكررها لضعف مواردها المالية".

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة الذي يقطنه مليون ونصف شخص منذ حزيران/يونيو 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على الأوضاع فيه.

يضع برغوث رسوما مخفضة لا تتجاوز دولار أمريكي واحد لدخول الفرد إلى حديقته لكن ذلك لا يغري كثيرا من سكان قطاع غزة الذي يعاني معدلات قياسية في الفقر والبطالة.

وتضم الحديقة أنواعا من الحيوانات الحقيقة نادرة الوجود في الأراضي الفلسطينية مثل الأسود والقردة والنمور وأنوع أخرى جذابة من الطيور.

وغالبية هذه الأنواع دخلت قطاع غزة عبر أنفاق التهريب بين القطاع ومصر بتكلفة قياسية.

وهذه الحديقة واحدة من ثلاث حدائق في القطاع كان يعول عليها صاحبها أن تكون مشروعا استثمارياً ناجحاً رغم افتقاد حديقته لأنواع الحيوانات المميزة التي لم يتمكن من إدخالها جراء الحصار.

وهو كان استعاض قبل ستة شهور بفشل مساعيه في استحضار حمار وحشي إلى الحديقة بحيلة صبغ حمار عادي ما أثار له سمعة لافتة.

وقتها رسم برغوت على حمارين عاديين لهما أذنان طويلة ورأسيهما متدليان فضلا عن الشعر الكثيف في جسديهما خطوطا سوداء جعلتهما يبدوان كحمارين وحشيين مخططين.

ويقول برغوث إنه جرب عدة حيل وطرق من أجل الاستمرار في عمل حديقته وإسعاد أطفال غزة لكن يستدرك بأن المصاعب الاقتصادية تظل تحاصره.

وتواجه مشاريع صغيرة مثيلة خطر الإفلاس بسبب عدم قدرة أصحابها على الاستمرار في تشغيل مشاريعهم وتطويرها.

ومع تأكيد المعنيين على أن هذه المشاريع الصغيرة هي الأقدر على النجاح في ظل إقفال الشركات التجارية الكبرى إلا أن عدم الاستقرار المالي والاقتصادي وضعف التخطيط للمستقبل يحد من نجاح هذه المشاريع التي سرعان ما تنهار و تكبد أصحابها خسائر مالية.

ويقول معين رجب أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة إن الحصار الإسرائيلي طال بتداعياته السلبية مختلف المشاريع الاقتصادية في القطاع سواء الصغيرة جدا أو الصغيرة وكذلك الكبيرة.

ويشير رجب إلى أن المشاريع الصغيرة رغم حيويتها في التعاطي مع المصاعب فإنها أقل قدرة على مواجهة ظروف الحصار وإغلاق المعابر التجارية في ظل ضيق التمويل وضعف الموارد ما يدفعها تدريجيا إلى خسائر كبيرة لا تصمد أمامها.

ويؤكد أن أصعب ما يواجهه أصحاب هذه المشاريع هو انعدام الأفق أمام إمكانية تحقيق انتعاش اقتصادي يخفف من خسائرهم المتفاقمة.

وتصيب الصدمة العدد القليل من رواد حديقة "مرح لاند" المستمرين عليها عند قراءة لافتة على بواباتها بأنها معروضة للبيع فيما يبقي صاحبها برغوت يأمل في انفراج أزمتها قبل الاضطرار لبيعها أو ربما إغلاقها.

ويشير إلى أنه لم يتمكن حتى من الحصول على مشتري للحديقة لما تمثله من مخاطرة تجارية.

لكنه يبقي يؤكد تمسكه بأهمية تلبية حاجة سكان قطاع غزة لمستوى ولو في الحد الأدنى من الترفيه في ظل ما يعانونه من حصار مستمر وتداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ويقول فضل أبو هين الأخصائي النفسي ومدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات في غزة: إن تراكمات ممارسات الاحتلال والانفلات الأمني والحصار أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على أهالي القطاع وخصوصاً الأطفال.

ويضيف أبو هين أن "أهالي القطاع بحاجة ماسة إلى مساحات خضراء ومنتزهات وأماكن ترفيهية (..) الأماكن الموجودة الآن محدودة وغير أمنة في ظل الأوضاع الصعبة".

ونصح الأخصائي النفسي الجهات الفلسطينية المختصة والجهات الدولية الداعمة بإنشاء وتوفير أماكن ووسائل ترفيهية كافية يلجأ إليها أطفال غزة لتكون لهم ملاذاً للتخفيف من حدة المخاوف والتوترات التي علقت في نفوسهم جراء تراكمات الظروف القاهرة التي يعانوها

عماد الدريملي
السبت 27 مارس 2010