تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


رجل من الحدود.... رواية تصور عالم الغموض والسحر والجريمة على حدود الأوروغواي مع البرازيل





مونتيفيديو - كارلوس كاستيوس - من المعروف أن معظم الحدود البرية بين بلدان العالم يوجد بها منطقة ساحرة ومغرية ولا اسم لها.. وتتجمع فيها عوامل كثيرة تساعد على جلب الوحي للمبدعين، كما هو الحال مع الكاتب الأورغوائي "ميلتون فورنارو" الذي انتهى من نشر رواية "رجل من الحدود" الحاصلة على جائزة بلانيتا لعام 2009.


رواية رجل من الحدود حصلت على جائزة بلانيتا لعام 2009
رواية رجل من الحدود حصلت على جائزة بلانيتا لعام 2009
وتدور أحداث العمل في مدينة "تشوي- تشوي" في مكان يحمل اسما واحدا ويكتب بالكاد بطريقة مختلفة وفقا لوضع اللافتات. وهناك يعيش شعب يتنقل باستمرار، حيث يعتقد أن حرف “I” (في الجانب البرازيلي) يصبح حرف “Y” (في الجانب الأوروجوائي) ولا أحد يهتم.

في هذا المكان هناك خيط رفيع ورقيق جدا يفصل بين الخير والشر، بين الطيب والسيئ وبين القانون والخروج عليه. مكان فيه كل شئ مباح، يمكن أن نطلق عليه الحاشية أو الحافة أو التيه.. يحدث فيه كثير من الأشياء لا تراها إلا عين يقظة ولا يدركها إلا إحساس متطور، إنه عالم كعالم النسيان

ونرى في هذا الإطار من الخيال تلامسا مع الواقع اليومي في نقاط كثيرة، نرى الشوارع المعروفة والمليئة بالأتربة تسكنها حكايات عديدة، أبطالها تاجر ناجح أصبح عازفا للناي في بلاط ملك بغداد، وقائد الجيش الجلاد المعذب والقاتل، وموظفون عموميون مرتشون، وسيدة عربية حلوة كمذاق الحلويات الشرقية التي تطهيها، بالإضافة إلى تجار ومهربو المخدرات ومنتهزو الفرص الذين لا مفر منهم، وآلاف الأطفال الحفاة العراة، نماذج تحفل بها أنواع من الفنون يمكن أن نطلق عليها فن "افعل الشر كي تنمو وتعيش".

وفي نهاية الأمر.. ينجح أحد هؤلاء الأطفال المشردين، والمعروف باسم "جواو أريستيديس دي سوزا نيتو" في أن يتحول إلى "سيد الحدود"، عن طريق الغش والخداع والقتل.

أما "فونارو" فكان دائما مفتونا بهذا العالم، عالم الحدود بين أوروجواي والبرازيل، خاصة مدينة "تشوي-تشوي" ذات الطابع الكوزموبوليتاني –الكوني-، والتي يبلغ عدد سكانها (بجانبيها الأورجواني والبرازيلي) حوالي 15.000 نسمة، وبها طريق يعد الحد الطبيعي على شرق الأوروجواي وأقصى جنوب البرازيل.

وأكثر ما يهم هذا الكاتب الأوروجوائي هو التشابه بين الحدود المكسيكية الأمريكية، وبين ما يعرف بالحدود الثلاثية (الأرجنتين والبرازيل وباراجواي).. حيث يوجد العديد من العناصر المشتركة بينها وباقي الحدود البرية للعالم.. خاصة مدينة "تشوي-تشوي" التي يوجد بها عدد كبير من الفلسطينيين، يمثلون ما يقرب من 10% من عدد السكان.

و يكوّن هؤلاء السكان مجتمعا يندمج فيه مجموعة من المهاجرين العرب واليابانيين والألمان واليهود والأتراك.. إلى جانب الأرجنتينيين والبوليفيين والبيروانيين.. وذلك ضمن جنسيات أخرى متعددة. وفي حديث لـ"فورنارو" مع وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" أشار إلى هذا المجتمع قائلا: "أنها ثقافة مختلفة".

وما يحدث في هذه المنطقة هو بالتأكيد ما يحدث مع سائر الحدود الأخرى، فعندما يقوم أحد بارتكاب جريمة في الجانب الأوروجوائي يعبر إلى البرازيل ليذوب وسط الجموع هناك. إنها بكل بساطة "خطوة"، لكن هذه "الخطوة" أو هذا "الفعل" له أهميته وجاذبيته من وجهة النظر الروائية أو القصصية، حيث يعتبر ركيزة لتطور الأحداث.

انطلاقا من هذا الفكر والمفهوم للحدود، الذي اعتاد عليه "فورنارو" منذ أربعين عاما، كان يفكر طويلا ويعد جيدا لاستكمال العمل الذي ظل فكرة في رأسه دون كتابة حرف واحد طيلة ما يقرب من ثلاثة أو أربعة أعوام، كان خلالها يتحدث ويراقب بعينين أكثر يقظة، وبعد أن اجتمعت لديه المادة الكافية قام بالانتهاء من هذا العمل في عام واحد.

لقد أطلق الكاتب على عمله "رجل من الحدود"، وتعد الرواية "عملا خياليا بكل ما تحمل الكلمة من معاني".. إلا أن الكاتب يشرح لنا قائلا "الخيال يعد واقعية في حد ذاته" و "كقارئ أستمتع بكتاب الواقعية واضعا قدما واحدة علي الأرض وخيالي يحلق في السماء، وبالتالي فلا داعي لأن تبقى كلا قدماي على الأرض تكفي واحدة".

ويستفيض: "عندما يكتب أحدنا الواقعية يستند إلى أفعال حقيقية أو يعالج خيالا معقولا وقابلا للتصديق. لدي وقائع عن الحدود قمت باستخدامها في رواية "رجل من الحدود". هذه الحكايات تجعلك ترتاب وتفكر في كيفية قيادة عملية التهريب ولا أعلم ما إذا كانت عملية التهريب تتم بهذا الشكل، أو هل يكون وصفها هكذا، لكني أتيت نشئ مشابه، أتيت بخيال يمكن أن أستخدمه في عمل كعملي هذا، ويستحيل علي أن آتي بمثله في مقالة صحافية فحينها سأكون مطالب بذكر المصادر.

لقد ظهرت رواية "رجل من الحدود" في السوق الأوروجوائي في الوقت الذي قامت فيه الشرطة و القضاء وإدارة الجمارك بالقضاء على تنظيم كان يقوم بعمليات تهريب عبر المنطقة الحرة المحلية.

ويعلق "فورنارو" على ما سبق باسما "يبدو أن هذه الرواية كانت نوع من التنبوء بما حدث" إلا أنه اتبع هذا التعليق بقوله: "ما جاء في الكتاب محصلة أشياء رواها لي البعض وأحداث من نسج خيالي وأخرى نابعة من حس مشترك حين فكرت في إمكانية حدوثها بهذه الطريقة".

كان من الضروري أن يقوم "ميلتون فورنارو" بكتابة قصة لا نرى أحداثها في الظروف الطبيعية.

فمن الصعب أن يحدث هذا في أجزاء أخرى من العالم إلا في فضاء جغرافي مثل الحدود، حيث نري أن كل شئ مباح .. مكان ليست القيمة فيه للمال فقط وإنما للقوة والسلطة بغض النظر عن المال.

والفترة الزمنية التي اختارها الكاتب، تتماشى مع اختياره للمكان، وهي حقبة الديكتاتورية الأوروجوائية (1973 – 1985) حيث كانت هناك مساحة كبيرة من الحصانة تتيح لأصحاب النفوذ المرضي عنهم من العسكر بالتصرف والتحرك بحرية، وفيها كان كل شئ مباحا. ويضيف "فورنارو" قائلا "لقد أثار اهتمامي هذه اللحظة التاريخية في أوروجواي التي أتاحت الفرصة وأعطت المساحة للطغيان أن يسيطر على كل شيء".

صدرت رواية "رجل من الحدود" خلال الفترة الحالية في أوروجواي، ويتم دراسة إمكانية نشرها في بلاد أخرى مع إمكانية ترجمتها. وتقوم دار النشر الألمانية "ليتيراريتش أجينتور ميرتن اينه"، ومقرها فرانكفورت، بتوزيع عمل "فورنارو" الأدبي في جميع أنحاء العالم

كارلوس كاستيوس
الاحد 14 مارس 2010