
الشقيقان الألمانيين الرحالة مارسيل ومارلون ستافينجو
بدأت أحداث هذه المغامرة عندما قام مارسيل/26 عاما/ بترك عمله ومنزله، فيما اتخذ أخاه، مارلون / 21 عاما/، قرار البحث عن الحرية قبل أن يبدأ دراسته الجامعية. فأعدا العدة والعتاد في شهر نيسان/ إبريل من العام الفائت، وشرعا في رحلتهما يحملان على ظهريهما ستون كيلوجراماً من الأمتعة، شملت احتياجاتهما الضرورية فقط من ملابس وموقد غاز وحقائب للنوم والخيام القابلة للطي، خفيفة الحمل. وكانا يتواصلان مع العائلة والأصدقاء لإخبارهم بالأحداث الجارية وبكل ما يتعرضان له ويواجهانه عبر الإنترنت.
شهد الأخوان خلال هذه الرحلة الكثير والكثير، فقد نمت لحيتيهما وأصبح شعرهما الأشقر كثيفا، كما لم يكونا محل ترحيب في كل أرض وطئتها أقدامهما، ولم يكن كل مكان قصاده بالودود معهما ففي بلغاريا، على سبيل المثال، خرج رجل من سيارة وهدد "مارسيل" بمسدس. وحتى الآن لم يعرف أحدهما ماذا أراد ذاك الغريب المجهول! لكن "مارسيل" على كل الأحوال استطاع أن يهرب في الوقت المناسب من هذا الموقف الخطير.
أما أثناء سيرهما في تركيا، على الحدود مع الأراضي الكردية الملتهبة، فقد استقبلا من قبل بعض الأطفال بوابل من الحجارة فما كان عليهما إلا أن يلوذا بالفرار.
ولا يفوتنا أن نذكر أنه بجانب كل هذا وذاك، كان عليهما أيضاً مواجهة الظواهر الطبيعة والتعامل معها، ففي بلغاريا، مر الأخوان بعاصفة، كانت بالعنف الذي لم يعرفاه طيلة حياتهما حتى ذلك الحين. ويعترف مارلون، الذي يفوق أخاه في البنية بوضوح، قائلاً: "لقد أحسست بالخوف الشديد من أن أفقد حياتي".
ويذكر أنهما كانا يتقدمان في السير نحو هدفهما المحدد بمعدل ما بين خمسة وعشرين إلى أربعين كيلومتراً في اليوم الواحد، مما جعل أقدامهما تشكل حائط صد صلب وواقي بشكل سريع، كما أسهمت رياضة المشي في ذوبان طبقات الدهون لتتحول إلى عضلات كما اختفت آلام الكتفين التي شعرا بها في بداية الأمر.
وبعد أربعة ملايين من الخطوات، كما تم حسابها وتسجيلها عن طريق جهاز ما، انتهيا من مرحلة السير على الأقدام، وعندما وصلا للحدود مع إيران كان عليهما البدء باستخدام وسائل أخرى للانتقال مثل السيارة أو الطائرة.
لكنهما في إيران، هذا البلد المجاور للهند، لم ينجحا في الحصول على تأشيرة الدخول ويرجع ذلك إلى أن السفارة الألمانية في العاصمة الإيرانية، طهران، اعتبرت أن خطة هذين الشقيقين تمثل خطراً جسيماً ! فتوجها عندها بالطائرة من طهران إلى العاصمة الهندية نيودلهي.
وبالرغم من اللحظات الخطيرة والحرجة التي ما زالت تقبع في الذاكرة ولن تنسى بالإضافة إلى كرم الضيافة العظيم في بعض الأماكن أثناء الرحلة، فهناك أشياء لا يصدقها العقل من كثرة الدهشة، ومنها أن هناك أناس غرباء يقومون بدعوتهما بصورة تتسم بالإلحاح دون سابق معرفة لاحتساء قدح من الشاي أو لتناول العشاء.
يقول مارسيل في هذا الصدد: لقد حظينا بالضيافة طوال فترات رحلتنا، فالأتراك تفوقوا على اليونانيين والإيرانيين تفوقوا بدورهم على الأتراك". ويستكمل "مارلون"، الذي أثرت فيه الحمية الغذائية كثيرا، ضاحكاً: " بعد أن تركنا تركيا، جاء وقت لم نعد نستطيع أن نتحمل فيه الشاي الأسود أكثر من ذلك".
وعلينا أن نذكر أن الشقيقين أمضيا مدة ثماني أشهر بنفقات وتكاليف تقدر بثلاثة آلاف يورو أي ما يوازي أربعة آلاف دولار، ففي قليل من المناسبات بلغ مجموع ما أنفقاه أكثر من ستة يورو في اليوم الواحد، بما يعادل ثمانية دولارات.... هذا بخلاف نفقات الإقامة في الفنادق ورحلات الطيران.
وعن هذه التجربة يقول الشقيقان "نحمل معنا من الأسفار والرحلات ما نحمله من آلام وذكريات لا تنسى أو تمحوها الأيام"، ومن بين هذه الذكريات هو ما تركه فاراناسي "Varanasi" في قلب وذاكرة الشقيقين الألمان.
تقع فاراناسي، على ضفاف نهر الجانج، ويحج إليه الهندوس حيث أن المؤمنين من الهندوس يذهبون إلى هناك للموت، ثم ينثر رماد رفاتهم في النهر، لكن النفايات، والكتل البشرية، والجثث المتفحمة سرعان ما أثقلت على الشقيقين، لذا نرى مارسيل يعلق بنظرة جدية قائلاً: "لقد كانت تجربة قاسية" .
عاش الأخوان الرحالة المعنى الحقيقي للصراع بين الأديان في "فاراناسي" .... حيث كانا شاهد عيان لموجة واسعة من الانفجارات، توفي على إثرها نحو عشرين شخصاً ، وقبل ذلك بدقيقتين كان من المحتمل أن يسقطا هما أيضاً ضحايا لهذا الانفجار.
وما أجمل دفء الوطن بعد كل ما مرا به وواجهاه، حيث شعر الشقيقان بفرحة العودة، في نهاية المطاف، إلى جيلسنكيرشن، مدينتهما الواقعة في منطقة حوض الرور شرق ألمانيا .
كانت الرحلة طويلة .... سارا وعاشا فيها مارلون ومارسيل كما يحلو لهما ... وكان لديهما الكثير من الوقت للتأمل والتفكير والاستمتاع بالحرية! لكنهما تعلما من جديد المعنى الحقيقي للرفاهية، كما تعلما المعنى الحقيقي للترف حيث يقول "مارلون": ما من مانع في بعض الأحيان من أن نحتسي فنجان من القهوة المفلترة أو نتناول بعضا من البطاطا المقلية أو الاستمتاع بحمام من الماء الدافئ والنوم في سرير مريح" ! ثم يضيف شقيقه: وكذلك بعض من شطائر الجبن لا يضر".
شهد الأخوان خلال هذه الرحلة الكثير والكثير، فقد نمت لحيتيهما وأصبح شعرهما الأشقر كثيفا، كما لم يكونا محل ترحيب في كل أرض وطئتها أقدامهما، ولم يكن كل مكان قصاده بالودود معهما ففي بلغاريا، على سبيل المثال، خرج رجل من سيارة وهدد "مارسيل" بمسدس. وحتى الآن لم يعرف أحدهما ماذا أراد ذاك الغريب المجهول! لكن "مارسيل" على كل الأحوال استطاع أن يهرب في الوقت المناسب من هذا الموقف الخطير.
أما أثناء سيرهما في تركيا، على الحدود مع الأراضي الكردية الملتهبة، فقد استقبلا من قبل بعض الأطفال بوابل من الحجارة فما كان عليهما إلا أن يلوذا بالفرار.
ولا يفوتنا أن نذكر أنه بجانب كل هذا وذاك، كان عليهما أيضاً مواجهة الظواهر الطبيعة والتعامل معها، ففي بلغاريا، مر الأخوان بعاصفة، كانت بالعنف الذي لم يعرفاه طيلة حياتهما حتى ذلك الحين. ويعترف مارلون، الذي يفوق أخاه في البنية بوضوح، قائلاً: "لقد أحسست بالخوف الشديد من أن أفقد حياتي".
ويذكر أنهما كانا يتقدمان في السير نحو هدفهما المحدد بمعدل ما بين خمسة وعشرين إلى أربعين كيلومتراً في اليوم الواحد، مما جعل أقدامهما تشكل حائط صد صلب وواقي بشكل سريع، كما أسهمت رياضة المشي في ذوبان طبقات الدهون لتتحول إلى عضلات كما اختفت آلام الكتفين التي شعرا بها في بداية الأمر.
وبعد أربعة ملايين من الخطوات، كما تم حسابها وتسجيلها عن طريق جهاز ما، انتهيا من مرحلة السير على الأقدام، وعندما وصلا للحدود مع إيران كان عليهما البدء باستخدام وسائل أخرى للانتقال مثل السيارة أو الطائرة.
لكنهما في إيران، هذا البلد المجاور للهند، لم ينجحا في الحصول على تأشيرة الدخول ويرجع ذلك إلى أن السفارة الألمانية في العاصمة الإيرانية، طهران، اعتبرت أن خطة هذين الشقيقين تمثل خطراً جسيماً ! فتوجها عندها بالطائرة من طهران إلى العاصمة الهندية نيودلهي.
وبالرغم من اللحظات الخطيرة والحرجة التي ما زالت تقبع في الذاكرة ولن تنسى بالإضافة إلى كرم الضيافة العظيم في بعض الأماكن أثناء الرحلة، فهناك أشياء لا يصدقها العقل من كثرة الدهشة، ومنها أن هناك أناس غرباء يقومون بدعوتهما بصورة تتسم بالإلحاح دون سابق معرفة لاحتساء قدح من الشاي أو لتناول العشاء.
يقول مارسيل في هذا الصدد: لقد حظينا بالضيافة طوال فترات رحلتنا، فالأتراك تفوقوا على اليونانيين والإيرانيين تفوقوا بدورهم على الأتراك". ويستكمل "مارلون"، الذي أثرت فيه الحمية الغذائية كثيرا، ضاحكاً: " بعد أن تركنا تركيا، جاء وقت لم نعد نستطيع أن نتحمل فيه الشاي الأسود أكثر من ذلك".
وعلينا أن نذكر أن الشقيقين أمضيا مدة ثماني أشهر بنفقات وتكاليف تقدر بثلاثة آلاف يورو أي ما يوازي أربعة آلاف دولار، ففي قليل من المناسبات بلغ مجموع ما أنفقاه أكثر من ستة يورو في اليوم الواحد، بما يعادل ثمانية دولارات.... هذا بخلاف نفقات الإقامة في الفنادق ورحلات الطيران.
وعن هذه التجربة يقول الشقيقان "نحمل معنا من الأسفار والرحلات ما نحمله من آلام وذكريات لا تنسى أو تمحوها الأيام"، ومن بين هذه الذكريات هو ما تركه فاراناسي "Varanasi" في قلب وذاكرة الشقيقين الألمان.
تقع فاراناسي، على ضفاف نهر الجانج، ويحج إليه الهندوس حيث أن المؤمنين من الهندوس يذهبون إلى هناك للموت، ثم ينثر رماد رفاتهم في النهر، لكن النفايات، والكتل البشرية، والجثث المتفحمة سرعان ما أثقلت على الشقيقين، لذا نرى مارسيل يعلق بنظرة جدية قائلاً: "لقد كانت تجربة قاسية" .
عاش الأخوان الرحالة المعنى الحقيقي للصراع بين الأديان في "فاراناسي" .... حيث كانا شاهد عيان لموجة واسعة من الانفجارات، توفي على إثرها نحو عشرين شخصاً ، وقبل ذلك بدقيقتين كان من المحتمل أن يسقطا هما أيضاً ضحايا لهذا الانفجار.
وما أجمل دفء الوطن بعد كل ما مرا به وواجهاه، حيث شعر الشقيقان بفرحة العودة، في نهاية المطاف، إلى جيلسنكيرشن، مدينتهما الواقعة في منطقة حوض الرور شرق ألمانيا .
كانت الرحلة طويلة .... سارا وعاشا فيها مارلون ومارسيل كما يحلو لهما ... وكان لديهما الكثير من الوقت للتأمل والتفكير والاستمتاع بالحرية! لكنهما تعلما من جديد المعنى الحقيقي للرفاهية، كما تعلما المعنى الحقيقي للترف حيث يقول "مارلون": ما من مانع في بعض الأحيان من أن نحتسي فنجان من القهوة المفلترة أو نتناول بعضا من البطاطا المقلية أو الاستمتاع بحمام من الماء الدافئ والنوم في سرير مريح" ! ثم يضيف شقيقه: وكذلك بعض من شطائر الجبن لا يضر".