وقائع جلسة المحكمة الصورية للاستماع الى ضحايا العنف
واعتبرت المحكمة، التي ترأستها فطوم قدامة، أن حماية المرأة من العنف مسؤولية يجب أن يتحملها الجميع، أفرادا ومؤسسات، مع التركيز على دور التربية والإعلام في التحسيس والتوعية بالحقوق التي يكفلها لها القانون.
وهذه هي المرة الحادية عشر التي تنعقد فيها هذه المحكمة الرمزية،منذ انطلاقها قبل سنوات، و تهدف حسب منظميها إلى "تحسيس المسؤولين، وأصحاب القرار ، والرأي العام، بخطورة العنف الممارس على النساء، وبتكلفته الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، وبقصور القوانين الحالية عن حماية النساء منه، وبضرورة وضع قانون لمناهضة العنف ضد النساء، يضمن الوقاية والحماية، وعدم الإفلات من العقاب."
وشارك في هذه المحكمة عدد من القضاة والقاضيات، والمحامون والمحاميات،إضافة إلى مختصين ومختصات، وممثلين عن المجتمع الحقوقي والمدني.
وأمام أنظار الحاضرين والحاضرات، تقدمت سبع نسوة، من ضحايا العنف ليدلين بشهادات حية عن معاناتهن، تقطر ألما وحسرة وحرقة، وتفضح بعض السلوكات الذكورية العنيفة، التي تتسم بالبطش والتعسف حد المس بسلامتهن الجسدية.
كل واحدة تجر وراءها قصة طويلة من العذاب، ومسلسلا من الحرمان من أبسط حقوقهن في الحياة الزوجية.
أول ضحية، تتقدم من الميكروفون، ممسكة بوليدها الصغير، لتحكي مأساتها من خلال دموعها، لتقول إنها خرجت إلى الشارع مبكرا، نظرا لظروفها الخاصة، وتعرفت على شاب اقترنت به وسنها لايتجاوز الثالثة عشر، وأنجبا معا لحد الساعة ثلاثة أولاد.
المشكل أن ذلك الزواج تم بدون أوراق ثبوتية، وكلما تطالب به هذه المرأة الآن هو تمكينها من تلك الأوراق لتسجيل الأولاد في المدرسة، لكن الزوج يرفض الأمر بشدة، ويعنفها، ويعتدي عليها بالضرب، حسب شهادتها.
وحين سئلت ماهي مهنة الزوج،أجابت بسرعة: "النصب والاحتيال،" مضيفة أنها عندما تجمع بعض الفلوس من المحسنين،يستولي عليها بالقوة لإنفاقها، في شرب الخمر، ثم يعود مع خيوط الفجر ليطردها هي والأولاد من البيت التي تكتريه في مدينة سلا، المجاورة للرباط.
ضحية أخرى، شابة صغيرة، أخذت تقص حكايتها، كأنها تستعرض وقائع سيناريو سينمائي، لتقول إن مشغلها وضع لها مخدرا في كأس حليب،ففقدت وعيها، وحين استفاقت من غفوتها، وجدت قطرات من الدم في ملابسها الداخلية، لتكتشف أنه اغتصبها، وحين هددت بمتابعته أمام القضاء، طلب منحه مهلة من أجل الاستعداد للاقتران بها، ولكنها كانت مجرد حيلة للإفلات من الملاحقة، وما زال المسلسل مستمرا في المحاكم، ولم تنل حقها بعد، خاصة وأن ذلك الاغتصاب نتج عنه حمل، وتبعه إجهاض.
رحمة،وهذا هو إسم ضحية اخرى، لم "يرحمها" زوجها،رغم أن له معها ثلاثة بنات، ورغم عشرة عمر امتدت ل13سنة، كل ذلك لم يشفع لها عنده، فانهال عليها بالضرب، وهو في حالة سكر،حتى كادت تفقد عينيها، فاعتقله الأمن، وحكم عليه القضاء بالسجن، لكنها تنازلت له، أملا في تحسين سلوكه، وحفاظا على العش الزوجي، وسرعان ماعاد إلى عدوانيته، بل إنه يعترض طريقها، وهو مسلح بسكين، ليحتجزها في بيت اخر، غير البيت العائلي، ويمارس عليها كل أنواع السادية.
أما زينب، فلم تتوقع يوما أن زوجها، الذي انجبت معه ثلاثة أبناء، يمكن أن يصب عليها عمدا خلال شهر رمضان، إناءا ساخنا مليئا ب" الحريرة"(الحساء)، فاحترق نصف جسدها، ومنحها الطبيب المعالج شهادة طبية تثبت عجزها لمدة 90يوما،
وكلما طرقت أبواب السلطة المحلية في مدينتها البعيدة لاتجد أذانا صاغية، بدليل أن ملفها مازال لم يجد طريقه بعد إلى الحسم.
إمرأة أخرى، وقفت بجلبابها ذي اللون البني، لتسرد مأساتها بنبرات غاضبة، ذلك أن الزوج، وبعد ان كبر الأولاد وتزوجوا، وأخذوا يشقون طريقهم في الحياة، عبر لها عن رغبته في أن "يرتاح" على طريقته الخاصة، وهي أن يخرجها من البيت العائلي إلى الشارع،ليبقى وحده فيه، ثم تتساءل:" هل هذا حق؟ وهل جزاء المرأة المكافحة التي وقفت إلى جانب زوجها، أن يكون الطرد من منزلها هومصيرها، رغم أنها ساهمت فيه ماديا من خلال عملها كموظفة؟"
وهكذا تواصلت بقية الشهادات لنساء اخريات مكلومات ومجروحات، كل ما يطالبن به هو أن ينصفهن القضاء، ويحميهن من عنف الرجل، وإمعانه في التنكيل بهن وبأولادهن، الذين يجدون أنفسهم عرضة للتمزق وللضياع.
ولدى إعطاء الكلمة للدفاع،انبرى أحد المحامين، وهو الأستاذ عبد الرحيم الجامعي، ليدعو المرأة، أينما كانت في المكتب، أو المطبخ، أو المعمل، أو الحقل لإعلان العصيان، ولو لدقيقة واحدة يوما ما للاحتجاج ضد العنف الممارس عليهن،لكي يكتشف الجميع حينئذ حجم الخسائر التي تنجم عن إحجام المرأة في المشاركة في كل أنشطة الحياة العامة.
وذكر الجامعي في مرافعته أن الدولة أثبتت عجزها عن حماية النساء اللواتي أدلين بشهاداتهن امام هيئة محكمة النساء،"فالشرطة لاتستمع، والقضاء عاجز، والنيابة العامة في غفلة عن وظيفتها، والأحكام القضائية لاتشعرهن بالاطمئنان."
وطالبت هيئة الدفاع أيضا اعتبار العنف الممارس ضد النساء جريمة لا تتقادم،بمرور السنين، ومتابعة القضاء للجاني بغض النظر عن تنازل الضحية، والدعوة الى التشدد في الحكم، إذا كان المعتدي زوجا أو تحت تأثير المخدرات.
وأدانت النيابة العامة كل السلوكات التي تمس المرأة في كينونتها وأمومتها وانوثتها وإنسانيتها وكرامتها.
وقال عبد العزيز رويبح،ممثل الحق العام، إن تلك الخروقات المرتكبة ضد النساء، يعاقب عليها القانون الجنائي، مذكرا بأن هذا القانون نفسه" قانون ذكوري"،مادام يلتمس تخفيف الحكم ضد الرجل بدعوى الحفاظ على تماسك الأسرة واستقرارها.
وطالب المشاركون في جلسة محكمة النساء باتخاذ تدابير وإجراءات زجرية في حق كل من يعتدي على المرأة سواء في بيت الزوجية، أوالأماكن المغلقة، مثل المكاتب والمعامل وغيرها.
وتوجت محكمة النساء أعمالها بإصدار توصيات بإصدار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء، بجميع أشكاله،ويتضمن مجموعة من المقترحات، ضمنها:
ــ الدعم المالي للنساء ضحايا العنف، لمواجهة نتائج هذا العنف، ومنحهن إمكانية تقديم دعاويهن، وإعداد ملفاتهن الطبية، وللحصول على إقامة آمنة، إلى حين التخلص من العنف..إلخ
ــ حماية النساء ضحايا العنف، وإعادة تربية المعنفين، حتى لايكرروا ممارستهم الإجرامية، وتكوين شرطة قضائية كفأة، وقادرة على التصدي لهذا النوع من العنف بالاستعانة بخبراء أثناء البحث والتحقيق.
ــ منح التسهيلات الكافية للنساء المستغلات ضحايا العنف في مجالهن المهني، لكي يستطعن الدفاع عن أنفسهن.
ــ تخصيص أقسام داخل المحاكم خاصة بقضايا العنف ضد النساء، وإنشاء مراكز لاستقبال وإيواء النساء ضحايا العنف من طرف الدولة والمجالس البلدية، وتقديم الدعم الكافي للمراكز المنشأة من طرف الجمعيات النسائية.
وهذه هي المرة الحادية عشر التي تنعقد فيها هذه المحكمة الرمزية،منذ انطلاقها قبل سنوات، و تهدف حسب منظميها إلى "تحسيس المسؤولين، وأصحاب القرار ، والرأي العام، بخطورة العنف الممارس على النساء، وبتكلفته الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، وبقصور القوانين الحالية عن حماية النساء منه، وبضرورة وضع قانون لمناهضة العنف ضد النساء، يضمن الوقاية والحماية، وعدم الإفلات من العقاب."
وشارك في هذه المحكمة عدد من القضاة والقاضيات، والمحامون والمحاميات،إضافة إلى مختصين ومختصات، وممثلين عن المجتمع الحقوقي والمدني.
وأمام أنظار الحاضرين والحاضرات، تقدمت سبع نسوة، من ضحايا العنف ليدلين بشهادات حية عن معاناتهن، تقطر ألما وحسرة وحرقة، وتفضح بعض السلوكات الذكورية العنيفة، التي تتسم بالبطش والتعسف حد المس بسلامتهن الجسدية.
كل واحدة تجر وراءها قصة طويلة من العذاب، ومسلسلا من الحرمان من أبسط حقوقهن في الحياة الزوجية.
أول ضحية، تتقدم من الميكروفون، ممسكة بوليدها الصغير، لتحكي مأساتها من خلال دموعها، لتقول إنها خرجت إلى الشارع مبكرا، نظرا لظروفها الخاصة، وتعرفت على شاب اقترنت به وسنها لايتجاوز الثالثة عشر، وأنجبا معا لحد الساعة ثلاثة أولاد.
المشكل أن ذلك الزواج تم بدون أوراق ثبوتية، وكلما تطالب به هذه المرأة الآن هو تمكينها من تلك الأوراق لتسجيل الأولاد في المدرسة، لكن الزوج يرفض الأمر بشدة، ويعنفها، ويعتدي عليها بالضرب، حسب شهادتها.
وحين سئلت ماهي مهنة الزوج،أجابت بسرعة: "النصب والاحتيال،" مضيفة أنها عندما تجمع بعض الفلوس من المحسنين،يستولي عليها بالقوة لإنفاقها، في شرب الخمر، ثم يعود مع خيوط الفجر ليطردها هي والأولاد من البيت التي تكتريه في مدينة سلا، المجاورة للرباط.
ضحية أخرى، شابة صغيرة، أخذت تقص حكايتها، كأنها تستعرض وقائع سيناريو سينمائي، لتقول إن مشغلها وضع لها مخدرا في كأس حليب،ففقدت وعيها، وحين استفاقت من غفوتها، وجدت قطرات من الدم في ملابسها الداخلية، لتكتشف أنه اغتصبها، وحين هددت بمتابعته أمام القضاء، طلب منحه مهلة من أجل الاستعداد للاقتران بها، ولكنها كانت مجرد حيلة للإفلات من الملاحقة، وما زال المسلسل مستمرا في المحاكم، ولم تنل حقها بعد، خاصة وأن ذلك الاغتصاب نتج عنه حمل، وتبعه إجهاض.
رحمة،وهذا هو إسم ضحية اخرى، لم "يرحمها" زوجها،رغم أن له معها ثلاثة بنات، ورغم عشرة عمر امتدت ل13سنة، كل ذلك لم يشفع لها عنده، فانهال عليها بالضرب، وهو في حالة سكر،حتى كادت تفقد عينيها، فاعتقله الأمن، وحكم عليه القضاء بالسجن، لكنها تنازلت له، أملا في تحسين سلوكه، وحفاظا على العش الزوجي، وسرعان ماعاد إلى عدوانيته، بل إنه يعترض طريقها، وهو مسلح بسكين، ليحتجزها في بيت اخر، غير البيت العائلي، ويمارس عليها كل أنواع السادية.
أما زينب، فلم تتوقع يوما أن زوجها، الذي انجبت معه ثلاثة أبناء، يمكن أن يصب عليها عمدا خلال شهر رمضان، إناءا ساخنا مليئا ب" الحريرة"(الحساء)، فاحترق نصف جسدها، ومنحها الطبيب المعالج شهادة طبية تثبت عجزها لمدة 90يوما،
وكلما طرقت أبواب السلطة المحلية في مدينتها البعيدة لاتجد أذانا صاغية، بدليل أن ملفها مازال لم يجد طريقه بعد إلى الحسم.
إمرأة أخرى، وقفت بجلبابها ذي اللون البني، لتسرد مأساتها بنبرات غاضبة، ذلك أن الزوج، وبعد ان كبر الأولاد وتزوجوا، وأخذوا يشقون طريقهم في الحياة، عبر لها عن رغبته في أن "يرتاح" على طريقته الخاصة، وهي أن يخرجها من البيت العائلي إلى الشارع،ليبقى وحده فيه، ثم تتساءل:" هل هذا حق؟ وهل جزاء المرأة المكافحة التي وقفت إلى جانب زوجها، أن يكون الطرد من منزلها هومصيرها، رغم أنها ساهمت فيه ماديا من خلال عملها كموظفة؟"
وهكذا تواصلت بقية الشهادات لنساء اخريات مكلومات ومجروحات، كل ما يطالبن به هو أن ينصفهن القضاء، ويحميهن من عنف الرجل، وإمعانه في التنكيل بهن وبأولادهن، الذين يجدون أنفسهم عرضة للتمزق وللضياع.
ولدى إعطاء الكلمة للدفاع،انبرى أحد المحامين، وهو الأستاذ عبد الرحيم الجامعي، ليدعو المرأة، أينما كانت في المكتب، أو المطبخ، أو المعمل، أو الحقل لإعلان العصيان، ولو لدقيقة واحدة يوما ما للاحتجاج ضد العنف الممارس عليهن،لكي يكتشف الجميع حينئذ حجم الخسائر التي تنجم عن إحجام المرأة في المشاركة في كل أنشطة الحياة العامة.
وذكر الجامعي في مرافعته أن الدولة أثبتت عجزها عن حماية النساء اللواتي أدلين بشهاداتهن امام هيئة محكمة النساء،"فالشرطة لاتستمع، والقضاء عاجز، والنيابة العامة في غفلة عن وظيفتها، والأحكام القضائية لاتشعرهن بالاطمئنان."
وطالبت هيئة الدفاع أيضا اعتبار العنف الممارس ضد النساء جريمة لا تتقادم،بمرور السنين، ومتابعة القضاء للجاني بغض النظر عن تنازل الضحية، والدعوة الى التشدد في الحكم، إذا كان المعتدي زوجا أو تحت تأثير المخدرات.
وأدانت النيابة العامة كل السلوكات التي تمس المرأة في كينونتها وأمومتها وانوثتها وإنسانيتها وكرامتها.
وقال عبد العزيز رويبح،ممثل الحق العام، إن تلك الخروقات المرتكبة ضد النساء، يعاقب عليها القانون الجنائي، مذكرا بأن هذا القانون نفسه" قانون ذكوري"،مادام يلتمس تخفيف الحكم ضد الرجل بدعوى الحفاظ على تماسك الأسرة واستقرارها.
وطالب المشاركون في جلسة محكمة النساء باتخاذ تدابير وإجراءات زجرية في حق كل من يعتدي على المرأة سواء في بيت الزوجية، أوالأماكن المغلقة، مثل المكاتب والمعامل وغيرها.
وتوجت محكمة النساء أعمالها بإصدار توصيات بإصدار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء، بجميع أشكاله،ويتضمن مجموعة من المقترحات، ضمنها:
ــ الدعم المالي للنساء ضحايا العنف، لمواجهة نتائج هذا العنف، ومنحهن إمكانية تقديم دعاويهن، وإعداد ملفاتهن الطبية، وللحصول على إقامة آمنة، إلى حين التخلص من العنف..إلخ
ــ حماية النساء ضحايا العنف، وإعادة تربية المعنفين، حتى لايكرروا ممارستهم الإجرامية، وتكوين شرطة قضائية كفأة، وقادرة على التصدي لهذا النوع من العنف بالاستعانة بخبراء أثناء البحث والتحقيق.
ــ منح التسهيلات الكافية للنساء المستغلات ضحايا العنف في مجالهن المهني، لكي يستطعن الدفاع عن أنفسهن.
ــ تخصيص أقسام داخل المحاكم خاصة بقضايا العنف ضد النساء، وإنشاء مراكز لاستقبال وإيواء النساء ضحايا العنف من طرف الدولة والمجالس البلدية، وتقديم الدعم الكافي للمراكز المنشأة من طرف الجمعيات النسائية.


الصفحات
سياسة








