
أسطح عمارات وسط البلد شاهد عيان على الثورة المصرية
ومع انطلاق الثورة المصرية في 25 يناير التي جعلت ميدان التحرير " أكبر ميادين العاصمة " محطا لأنظار العالم ، تحولت أيضا منطقة وسط البلد إلى بقعة جاذبة ليس للمصريين وحسب لكن لمواطنين وباحثين ومسئولين رسميين من كافة بقاع العالم ، وتحول سكان أسطح عمارات وسط البلد من تجسيد للتناقضات الطبقية والاجتماعية في المجتمع المصري إلى شهود عيان على الثورة المصرية ، واتخذت أسطح العمارات خاصة تلك القريبة من ميدان التحرير أهمية أكبر عقب قيام قناصة تابعون لجهاز مباحث أمن الدولة " الذي تم حله مؤخرا " باعتلائها لاطلاق الرصاص على المتظاهرين، وبدا أن سكان هذه الأسطح لم يكونوا فقط شهود عيان على الثورة التي انطلقت من ميدان التحرير ، لكنهم أيضا شهود عيان على تفاصيل ما عرف بـ " الصراع " على اعتلاء أسطحهم التي تنافس حولها قناصة الأمن ببنادقهم ، ومصورو الصحف والتليفزيونات والوكالات الأجنبية متسلحين بكاميراتهم للفوز بلقطة تنقل جزءا من حقيقة ما يحدث .
ولا تتوقف التناقضات الطبقية والاجتماعية عند حد ذلك التناقض الواضح بين سكان أسطح عمارات وسط البلد الذين يسكنون في غرف بحمام مشترك يترواح إيجار الغرفة الواحدة منها ما بين 300 إلى 500 جنيه ، وبين سكان شقق هذه العمارات التي يصل سعر بعضها إلى ملايين الجنيهات ، لكنه يمتد إلى تناقض بين سكان أسطح هذه العمارات أنفسهم . ففي غرفة تجد موظف بالمعاش ، أو ماسح أحذية ، أو بائع متجول ، أو بائع على عربة لبيع أكلة الكبدة المعروفة ، وقد تجد في الغرفة المجاورة باحثا أو موظفا مرموقا أو ناشطا حقوقيا أو تاجرا ، أو ناشطا سياسيا ، حيث تعد هذه الأسطح مكانا جاذبا للنشطاء السياسيين .
وإذا كانت أسطح العمارات القريبة من ميدان التحرير قد تحولت إلى منطقة ملتهبة وخطيرة خلال أحداث الثورة خاصة منذ يوم 28 يناير الذي شهد حوادث قيام قناصة تابعون لأجهزة الأمن بإطلاق الرصاص على المتظاهرين من فوق أسطح العمارات ، فإن أسطح العمارات القريبة من وزارة الداخلية كانت ربما أكثر سخونة وخطورة ، خاصة في تلك الفترة التي شهدت محاولات المتظاهرين اقتحام مبنى جهاز مباحث أمن الدولة الرئيسي بمقر وزارة الداخلية التي تحولت إلى هدف للانتقام خلال الثورة .
يقول حمدي محمد " نجار " / 40 عاما/ الذي يسكن في غرفة في سطح عمارة على مسافة قريبة جدا من وزارة الداخلية لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) : " في يوم 25 يناير لم نشعر بأي شيئ سوى مواجهتنا صعوبة في الوصول إلى العمارة بسبب الحواجز الأمنية ، لكن في اليوم التالي كنا نجلس فوجدنا أشخاص بعضهم مصابين عرفنا أنهم من المتظاهرين يصعدون إلى السطح في فزع ، وقبل أن نتمكن من مساعدتهم ، كان عدد من أفراد الشرطة يصعدون ورائهم وألقوا القبض عليهم . وفي يوم 28 يناير فوجئنا بعساكر الأمن المركزي ومعهم أشخاص يرتدون ملابس مدنية يصعدون إلى السطح ويحتلونه وبدأوا في إطلاق قنابل الغاز والرصاص الحي ، وكنا نكاد أن نختنق من رائحة الغاز التي استمرت آثارها لعدة أيام " .
ويلتقط خيط الحديث جاره في الغرفة المجاورة محمود أحمد " موظف بالمعاش " / 65 عاما/ قائلا " بعد يوم 28 يناير بأيام قليلة كان يأتي إلينا مصورون من جرائد وتليفزيونات لتصوير الأحداث من فوق السطح ، وكانوا أيضا يأتون في الفترة التي شهدت مظاهرات حول وزارة الداخلية " .
تناقضات طبقية
فوق سطح عمارة أخرى قريبة من مبنى وزارة الداخلية لم يختلف الوضع كثيرا ، سوى في غلبة لغة التناقضات الطبقية والاجتماعية بين سكان غرف الأسطح الضيقة وبين سكان العمارة ، بل بين سكان السطح وبعضهم البعض ، فتجد صفين متواجهين من الغرف الضيقة لديهم جميعا حمام واحد مشترك . في إحدى الغرف يسكن سيد / 53 عاما/ ويعمل بائع على " عربة كبدة " وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال ، ويقول لوكالة الأنباء الألمانية : " أدفع إيجار الغرفة 300 جنيه ، وليس لدي دخل ثابت ، والشغل على عربية الكبدة مش ماشي اليومين دول ، وكنت قد قدمت على شقة بالمحافظة من سنة 2006 ولم أحصل عليها حتى الآن ، كما تقدمت للحصول على ترخيص بكشك لبيع السجاير والمنتجات الأخرى ولم أحصل عليه أيضا " . وحول ما عاشه خلال الثورة يقول " كنا نشاهد القناصة على الأسطح المجاورة ، وظللنا أيام نشم رائحة قنابل الغاز ، ولم نكن نجرؤ على الخروج من الغرفة إلى السطح خوفا من الرصاص " .
وفي الغرفة المجاورة يسكن محمد الناشط السياسي بإحدى الحركات الاحتجاجية المعروفة ، والذي يقول لوكالة الأنباء الألمانية : " سكني في وسط البلد مفيد في كونه يجعلني قريبا من الأحداث السياسية ، وخلال الثورة كنت أقوم بإخفاء بيانات ومنشورات الحركة في غرفتي ، لنقوم بتوزيعها في اليوم التالي بميدان التحرير " ، ويضيف " قمت من هنا من فوق السطح بتصوير أكثر من فيديو لقناصة الداخلية وهم يطلقون الرصاص على المتظاهرين من فوق الأسطح المجاورة " .
في الغرفة المجاورة للناشط السياسي ، يسكن عادل عطا / 41 عاما/ " يعمل فني صيانة هواتف محمولة " ، يقول لوكالة الأنباء الالمانية : " أضطر للسكن في غرفة ضيقة جدا مساحتها لا تزيد عن مترين في مترين ، حتى أكون قريبا من مكان عملي " ، ويضيف " عشت أيام صعبة جدا خلال الثورة ، وكنا نشم رائحة الغاز طوال الوقت ، وبصراحة في الأول كنت مش مهتم بما يحدث ، لكن بعد يوم 28 يناير عندما شاهدت الشرطة تضرب الناس بالرصاص من فوق الأسطح ، بدأت أهتم وأسأل ، وظللت بعدها أتابع ما يحدث " .
ثورة الأسطح
أمتار قليلة تفصل الأسطح عن ميدان التحرير ، مما جعلها تتمتع بموقع استراتيجي خلال الثورة ، ولم تكن فقط مكانا استراتيجيا لمتابعة الأحداث ، أو تصويرها ، لكنها أيضا كانت مكانا استراتيجيا بالنسبة لعم محمد ماسح الأحذية الذي يسكن إحدى غرفها ، والذي كان ينزل بصندوق تلميع الأحذية إلى الميدان ليمارس عمله في ميدان التحرير بعد أن هدأت الأوضاع نسبيا ، نفس هذه الميزة الاستراتيجية استفاد منها أحد النشطاء السياسيين الذي طلب عدم ذكر اسمه ، والذي يقول لوكالة الأنباء الالمانية : " غرفتي تحولت خلال الثورة إلى غرفة عمليات ومخزن لللافتات والبيانات ، التي كنا نقوم بتوزيعها في ميدان التحرير ، كما كنا نستفيد من السطح في تصوير الأحداث " .
فيما يقول عم محمد ماسح الأحذية: " كنت أعمل في الميدان ومنطقة وسط البلد منذ سنوات ، وطبعا العمل توقف خلال الثورة ، لكن بعد أن هدأت الأوضاع وتوقف ضرب الرصاص ، وفي خلال فترة الاعتصام الهادئ بالميدان عدت إلى مزاولة عملي ، وكنت أقوم بتلميع أحذية الوافدين على الميدان ، حيث كان معظم الناس يحرصون على تلميع أحذيتهم قبل المغادرة " .
وتروي الناشطة السياسية جانيت عبدالعليم تجربتها مع السكن في غرفة فوق سطح إحدى عمارات وسط البلد قائلة لوكالة الأنباء الألمانية : " سكنت أكثر من سنتين في غرفة فوق سطح إحدى العمارات القريبة من ميدان التحرير ، وتزوجت بنفس الغرفة ، وكنا أنا وزوجي نقوم بكتابة اللافتات فيها ، كما أنها كانت محطة دائمة لأصدقائنا النشطاء ، حيث كنا نجتمع فيها قبيل المظاهرات " ، وتضيف " كان السكن في هذه الغرفة مفيد جدا ويجعلنا قريبين من الأحداث ، بما يمكنا من التحرك السريع في حال حدوث أي شيئ " .
ولا تتوقف التناقضات الطبقية والاجتماعية عند حد ذلك التناقض الواضح بين سكان أسطح عمارات وسط البلد الذين يسكنون في غرف بحمام مشترك يترواح إيجار الغرفة الواحدة منها ما بين 300 إلى 500 جنيه ، وبين سكان شقق هذه العمارات التي يصل سعر بعضها إلى ملايين الجنيهات ، لكنه يمتد إلى تناقض بين سكان أسطح هذه العمارات أنفسهم . ففي غرفة تجد موظف بالمعاش ، أو ماسح أحذية ، أو بائع متجول ، أو بائع على عربة لبيع أكلة الكبدة المعروفة ، وقد تجد في الغرفة المجاورة باحثا أو موظفا مرموقا أو ناشطا حقوقيا أو تاجرا ، أو ناشطا سياسيا ، حيث تعد هذه الأسطح مكانا جاذبا للنشطاء السياسيين .
وإذا كانت أسطح العمارات القريبة من ميدان التحرير قد تحولت إلى منطقة ملتهبة وخطيرة خلال أحداث الثورة خاصة منذ يوم 28 يناير الذي شهد حوادث قيام قناصة تابعون لأجهزة الأمن بإطلاق الرصاص على المتظاهرين من فوق أسطح العمارات ، فإن أسطح العمارات القريبة من وزارة الداخلية كانت ربما أكثر سخونة وخطورة ، خاصة في تلك الفترة التي شهدت محاولات المتظاهرين اقتحام مبنى جهاز مباحث أمن الدولة الرئيسي بمقر وزارة الداخلية التي تحولت إلى هدف للانتقام خلال الثورة .
يقول حمدي محمد " نجار " / 40 عاما/ الذي يسكن في غرفة في سطح عمارة على مسافة قريبة جدا من وزارة الداخلية لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) : " في يوم 25 يناير لم نشعر بأي شيئ سوى مواجهتنا صعوبة في الوصول إلى العمارة بسبب الحواجز الأمنية ، لكن في اليوم التالي كنا نجلس فوجدنا أشخاص بعضهم مصابين عرفنا أنهم من المتظاهرين يصعدون إلى السطح في فزع ، وقبل أن نتمكن من مساعدتهم ، كان عدد من أفراد الشرطة يصعدون ورائهم وألقوا القبض عليهم . وفي يوم 28 يناير فوجئنا بعساكر الأمن المركزي ومعهم أشخاص يرتدون ملابس مدنية يصعدون إلى السطح ويحتلونه وبدأوا في إطلاق قنابل الغاز والرصاص الحي ، وكنا نكاد أن نختنق من رائحة الغاز التي استمرت آثارها لعدة أيام " .
ويلتقط خيط الحديث جاره في الغرفة المجاورة محمود أحمد " موظف بالمعاش " / 65 عاما/ قائلا " بعد يوم 28 يناير بأيام قليلة كان يأتي إلينا مصورون من جرائد وتليفزيونات لتصوير الأحداث من فوق السطح ، وكانوا أيضا يأتون في الفترة التي شهدت مظاهرات حول وزارة الداخلية " .
تناقضات طبقية
فوق سطح عمارة أخرى قريبة من مبنى وزارة الداخلية لم يختلف الوضع كثيرا ، سوى في غلبة لغة التناقضات الطبقية والاجتماعية بين سكان غرف الأسطح الضيقة وبين سكان العمارة ، بل بين سكان السطح وبعضهم البعض ، فتجد صفين متواجهين من الغرف الضيقة لديهم جميعا حمام واحد مشترك . في إحدى الغرف يسكن سيد / 53 عاما/ ويعمل بائع على " عربة كبدة " وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال ، ويقول لوكالة الأنباء الألمانية : " أدفع إيجار الغرفة 300 جنيه ، وليس لدي دخل ثابت ، والشغل على عربية الكبدة مش ماشي اليومين دول ، وكنت قد قدمت على شقة بالمحافظة من سنة 2006 ولم أحصل عليها حتى الآن ، كما تقدمت للحصول على ترخيص بكشك لبيع السجاير والمنتجات الأخرى ولم أحصل عليه أيضا " . وحول ما عاشه خلال الثورة يقول " كنا نشاهد القناصة على الأسطح المجاورة ، وظللنا أيام نشم رائحة قنابل الغاز ، ولم نكن نجرؤ على الخروج من الغرفة إلى السطح خوفا من الرصاص " .
وفي الغرفة المجاورة يسكن محمد الناشط السياسي بإحدى الحركات الاحتجاجية المعروفة ، والذي يقول لوكالة الأنباء الألمانية : " سكني في وسط البلد مفيد في كونه يجعلني قريبا من الأحداث السياسية ، وخلال الثورة كنت أقوم بإخفاء بيانات ومنشورات الحركة في غرفتي ، لنقوم بتوزيعها في اليوم التالي بميدان التحرير " ، ويضيف " قمت من هنا من فوق السطح بتصوير أكثر من فيديو لقناصة الداخلية وهم يطلقون الرصاص على المتظاهرين من فوق الأسطح المجاورة " .
في الغرفة المجاورة للناشط السياسي ، يسكن عادل عطا / 41 عاما/ " يعمل فني صيانة هواتف محمولة " ، يقول لوكالة الأنباء الالمانية : " أضطر للسكن في غرفة ضيقة جدا مساحتها لا تزيد عن مترين في مترين ، حتى أكون قريبا من مكان عملي " ، ويضيف " عشت أيام صعبة جدا خلال الثورة ، وكنا نشم رائحة الغاز طوال الوقت ، وبصراحة في الأول كنت مش مهتم بما يحدث ، لكن بعد يوم 28 يناير عندما شاهدت الشرطة تضرب الناس بالرصاص من فوق الأسطح ، بدأت أهتم وأسأل ، وظللت بعدها أتابع ما يحدث " .
ثورة الأسطح
أمتار قليلة تفصل الأسطح عن ميدان التحرير ، مما جعلها تتمتع بموقع استراتيجي خلال الثورة ، ولم تكن فقط مكانا استراتيجيا لمتابعة الأحداث ، أو تصويرها ، لكنها أيضا كانت مكانا استراتيجيا بالنسبة لعم محمد ماسح الأحذية الذي يسكن إحدى غرفها ، والذي كان ينزل بصندوق تلميع الأحذية إلى الميدان ليمارس عمله في ميدان التحرير بعد أن هدأت الأوضاع نسبيا ، نفس هذه الميزة الاستراتيجية استفاد منها أحد النشطاء السياسيين الذي طلب عدم ذكر اسمه ، والذي يقول لوكالة الأنباء الالمانية : " غرفتي تحولت خلال الثورة إلى غرفة عمليات ومخزن لللافتات والبيانات ، التي كنا نقوم بتوزيعها في ميدان التحرير ، كما كنا نستفيد من السطح في تصوير الأحداث " .
فيما يقول عم محمد ماسح الأحذية: " كنت أعمل في الميدان ومنطقة وسط البلد منذ سنوات ، وطبعا العمل توقف خلال الثورة ، لكن بعد أن هدأت الأوضاع وتوقف ضرب الرصاص ، وفي خلال فترة الاعتصام الهادئ بالميدان عدت إلى مزاولة عملي ، وكنت أقوم بتلميع أحذية الوافدين على الميدان ، حيث كان معظم الناس يحرصون على تلميع أحذيتهم قبل المغادرة " .
وتروي الناشطة السياسية جانيت عبدالعليم تجربتها مع السكن في غرفة فوق سطح إحدى عمارات وسط البلد قائلة لوكالة الأنباء الألمانية : " سكنت أكثر من سنتين في غرفة فوق سطح إحدى العمارات القريبة من ميدان التحرير ، وتزوجت بنفس الغرفة ، وكنا أنا وزوجي نقوم بكتابة اللافتات فيها ، كما أنها كانت محطة دائمة لأصدقائنا النشطاء ، حيث كنا نجتمع فيها قبيل المظاهرات " ، وتضيف " كان السكن في هذه الغرفة مفيد جدا ويجعلنا قريبين من الأحداث ، بما يمكنا من التحرك السريع في حال حدوث أي شيئ " .