
اننا نتناول صراعا تدور أحداثه في قطاع جزيرة كاليرو"Isla Calero"، على الجانب الأيمن من حدود نهر سان خوان ، والذي يمتد بنحو 140 كم ويشكل فاصلا حدوديا طبيعيا بين الدولتين.
وقد اتخذت حكومة كوستاريكا خيار اللجوء إلى مسار القانون الدولي، فطرقت باب منظمة الدول الأمريكية ومحكمة العدل الدولية ، لكنها حتى الآن لم تصل إلى أية نتيجة.
إن مرور الوقت ووجود جنود نيكاراجوا في منطقة النزاع، التي يطالب كلا البلدين بأحقيته في ملكيتها، باتا يشكلان عوامل الشعور باليأس الذي أصاب بعض القطاعات السياسية في كوستاريكا، ومن ثم لم تستطع مداراة رغبتها بأن تلجأ الحكومة لاستخدام القوة في مواجهة هذا الاعتداء ومن أجل التصدي للغارات.
لكن ما حدث هو أن البلاد أصابها الشلل .... ففي الأول من كانون أول /ديسمبر الماضي، أكملت كوستاريكا عامها الثاني والستين دون جيش! وهو أحد التدابير التي اتخذتها دولة أمريكا الوسطى الصغيرة والتي تبلغ مساحتها حوالي 51100 كيلومترا مربعا فودعت بذلك الخدمة العسكرية والجيش.
وقد قام الزعيم السياسي المتنحي، خوسيه فيجيريس "Jose Figueres"، في الأول من كانون أول/ ديسمبر عام 1948، باتخاذ أجرأ قرار حين ألغى، دستورياً، وجود القوات المسلحة كمؤسسة دائمة وبالتبعية فقد ألغى الجيش.
هذه الخطوة فاجأت في حينها الأقرباء قبل الغرباء بل أذهلت العالم بأسره، حيث أن إلغاء الجيش قد جاء بعد شهور قليلة من تحقيق خوسيه فيجيريس انتصاراً مهما خلال تمرد مسلح للدفاع عن نزاهة الاقتراع والتصويت .... تلك المواجهة التي خلفت ما لا يقل عن 2000 قتيل.
وبعد مرور أكثر من ستة عقود، جاء على لسان بعض المحللين السياسيين أن ما حدث إلى جانب كونه "مثالا" أعطته البلاد للعالم، فهو في حد ذاته "صفقة" كبيرة قامت بتوجيه الميزانية التي كانت مخصصة للإنفاق على الشئون العسكرية، لصالح توفير حياة كريمة ودعم برامج الرعاية الاجتماعية التعليم والصحة.
بمرور الوقت، تم جني ثمار قرار إلغاء القوات المسلحة، حيث ساعد بكل "الفخر" حكام هذه الأمة الصغيرة على أن تثبت لغيرها من الأمم الأخرى كيف يمكن لأي بلد أن يعيش دون جيش، ودون ما يسمى بإعداد العدة، ذلك الحمل والثقل الذي تقوم به الكثير من الدول، ولاسيما في أمريكا اللاتينية، والذي يطلق عليه النزعة العسكرية أو الخدمة العسكرية الإجبارية أو التجنيد الإلزامي.
وبعد اثنين وستين عاما،ً أصبحت كوستاريكا البلد الأكثر تقدماً بين دول أمريكا الوسطى، وتأتي في مصاف الستة أماكن الأولى في أمريكا اللاتينية حيث سجلت أفضل مؤشرات التنمية البشرية.
بل وتجاوزت نسبة محو الأمية الـ 90 %، وتم تعميم خدمات الرعاية الصحية وأصبح التعليم الابتدائي مجانيا وإلزاميا، أما الفقر فقد وصلت نسبته في الاستطلاع الأخير لرأي الأسر إلى 3ر21 %.
وبهذا أصبحت كوستاريكا رغم صغر حجمها بلدا رائدا في أمريكا الوسطى من حيث الصادرات (حيث تبلغ صادرتها حوالي ثمان مليارات دولار سنويا) ، ويحتل كذلك المركز الثالث في العالم من حيث مؤشرات الأداء البيئي، والثالث في أمريكا اللاتينية من حيث مؤشر نوعية وجودة الحياة.
وفي لقاء مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، صرحت الرئيسة لاورا تشينشيا "Laura Chinchilla" قائلة: "يعد إلغاء الجيش من أهم القرارات التي تبنتها البلاد منذ ما يقرب من 62 عاماً. ويهدف إلى الالتزام بالحياة الاجتماعية، والالتزام بالتنمية، ومحاولة البعد عن إغراءات الاستبدادية والنهوض بالشعب، فكلما تعرضنا لأي نوع من الاستفزاز نرد عليه باستخدام أداة واحدة وهي القانون الدولي".
وأضافت "مما لا شك فيه، أن ما حدث أتاح للبلاد فرصة لتحقيق مستويات من التنمية أعلى من مثيلاتها في منطقة أمريكا الوسطى، مما يوضح لنا ماهية الفارق بين كوستاريكا وباقي دول أمريكا الوسطى ..... فنحن لم نواجه مواقف مؤلمة، كالتي تعرضت لها بعض دول المنطقة، ولم نتعرض لمحاولات (انقلاب) عسكري، أو صراعات داخلية تزهق فيها الكثير من أرواح الأبرياء".
يذكر أنه بعد إلغاء القوات المسلحة، يقوم الأمن في كوستاريكا، في واقع الأمر، على قوة عامة تتكون من بعض رجال الشرطة يبلغ عددهم حوالي 11000 فرد. هذه القوة لا تستخدم طائرات عادية أو طائرات هليكوبتر ولا تتعامل مع البحرية أو الدبابات أو مع أي نوع من أنواع الأسلحة والذخيرة .... وليس هناك أي رتب أو درجات فلا يوجد ما يسمى كولونيل أو جنرال أو عقيد ...... فقد أصبحت هذه الألقاب جميعاً في طي النسيان وانتهى العمل في المجال العسكري إلى الأبد.
وفي هذا الصدد يقول خوسيه ماريا تيخيرينو ، وزير الأمن العام، وهو محام ونائب عام سابق: "هذا ما يجعلنا نشعر بالفخر، ولكن علينا توضيح أن عدم وجود جيش لا يعني أننا بلا حول ولا قوة، منذ فترة طويلة ونحن نرى أن وزراء الأمن من المدنيين وقد شغل هذا المنصب من قبل الرئيسة الحالية تشينشيا نفسها، ومن قبلها جانينا ديل فيكيو وهي أستاذة جامعية.
في أعقاب النزاع الحدودي الذي نشب في تشرين أول/ أكتوبر مع نيكاراجوا، قال تيخيرينو: "هناك حاجة إلى إضفاء الطابع المهني على الشرطة وإعداد شرطة حدود "مسلحة تسليحا جيدا ومدربة" لضمان احترام حدود البلاد والمحافظة عليها. ومع كل ذلك، أوضح أن هذا لا يعني إمكانية عودة الجيش في أي وقت من الأوقات.
وتابع الوزير موضحا: "وكما حدث في الماضي، سيكون سلاح كوستاريكا الرئيسي والأساسي هو القانون الدولي والميزانية التي توجهها الدولة إلى الأمن، في مجملها، تتوافق بالكاد مع 69ر0 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي (240ر29 مليون دولار أمريكي) ، و03ر0% من الموازنة العامة للدولة".
وكذلك ذكر الوزير في حديثه "الربح" ويعني بهذه الكلمة أو التعبير إلغاء الجيش، حين قال: "تمت إنهاء السلطة السياسية للعسكريين، والسماح بتخصيص تلك الموارد لمشاريع الاستثمار الاجتماعي والتعليم والصحة، وزيادة الإنتاج والاقتصاد."
ويرى تخيرينو: "أنه بالرغم من نزاع كوستاريكا مع جارتها، وصرخات بعض القطاعات التي لا تزال تؤمن بالحل العسكري، فلم يعد يشكل الجيش أي نوع من الإغراء بالنسبة لنا في كوستاريكا و سيظل القانون الدولي بنصوصه وأدواته هو من يضع الحدود في شمال البلاد".
وقد اتخذت حكومة كوستاريكا خيار اللجوء إلى مسار القانون الدولي، فطرقت باب منظمة الدول الأمريكية ومحكمة العدل الدولية ، لكنها حتى الآن لم تصل إلى أية نتيجة.
إن مرور الوقت ووجود جنود نيكاراجوا في منطقة النزاع، التي يطالب كلا البلدين بأحقيته في ملكيتها، باتا يشكلان عوامل الشعور باليأس الذي أصاب بعض القطاعات السياسية في كوستاريكا، ومن ثم لم تستطع مداراة رغبتها بأن تلجأ الحكومة لاستخدام القوة في مواجهة هذا الاعتداء ومن أجل التصدي للغارات.
لكن ما حدث هو أن البلاد أصابها الشلل .... ففي الأول من كانون أول /ديسمبر الماضي، أكملت كوستاريكا عامها الثاني والستين دون جيش! وهو أحد التدابير التي اتخذتها دولة أمريكا الوسطى الصغيرة والتي تبلغ مساحتها حوالي 51100 كيلومترا مربعا فودعت بذلك الخدمة العسكرية والجيش.
وقد قام الزعيم السياسي المتنحي، خوسيه فيجيريس "Jose Figueres"، في الأول من كانون أول/ ديسمبر عام 1948، باتخاذ أجرأ قرار حين ألغى، دستورياً، وجود القوات المسلحة كمؤسسة دائمة وبالتبعية فقد ألغى الجيش.
هذه الخطوة فاجأت في حينها الأقرباء قبل الغرباء بل أذهلت العالم بأسره، حيث أن إلغاء الجيش قد جاء بعد شهور قليلة من تحقيق خوسيه فيجيريس انتصاراً مهما خلال تمرد مسلح للدفاع عن نزاهة الاقتراع والتصويت .... تلك المواجهة التي خلفت ما لا يقل عن 2000 قتيل.
وبعد مرور أكثر من ستة عقود، جاء على لسان بعض المحللين السياسيين أن ما حدث إلى جانب كونه "مثالا" أعطته البلاد للعالم، فهو في حد ذاته "صفقة" كبيرة قامت بتوجيه الميزانية التي كانت مخصصة للإنفاق على الشئون العسكرية، لصالح توفير حياة كريمة ودعم برامج الرعاية الاجتماعية التعليم والصحة.
بمرور الوقت، تم جني ثمار قرار إلغاء القوات المسلحة، حيث ساعد بكل "الفخر" حكام هذه الأمة الصغيرة على أن تثبت لغيرها من الأمم الأخرى كيف يمكن لأي بلد أن يعيش دون جيش، ودون ما يسمى بإعداد العدة، ذلك الحمل والثقل الذي تقوم به الكثير من الدول، ولاسيما في أمريكا اللاتينية، والذي يطلق عليه النزعة العسكرية أو الخدمة العسكرية الإجبارية أو التجنيد الإلزامي.
وبعد اثنين وستين عاما،ً أصبحت كوستاريكا البلد الأكثر تقدماً بين دول أمريكا الوسطى، وتأتي في مصاف الستة أماكن الأولى في أمريكا اللاتينية حيث سجلت أفضل مؤشرات التنمية البشرية.
بل وتجاوزت نسبة محو الأمية الـ 90 %، وتم تعميم خدمات الرعاية الصحية وأصبح التعليم الابتدائي مجانيا وإلزاميا، أما الفقر فقد وصلت نسبته في الاستطلاع الأخير لرأي الأسر إلى 3ر21 %.
وبهذا أصبحت كوستاريكا رغم صغر حجمها بلدا رائدا في أمريكا الوسطى من حيث الصادرات (حيث تبلغ صادرتها حوالي ثمان مليارات دولار سنويا) ، ويحتل كذلك المركز الثالث في العالم من حيث مؤشرات الأداء البيئي، والثالث في أمريكا اللاتينية من حيث مؤشر نوعية وجودة الحياة.
وفي لقاء مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، صرحت الرئيسة لاورا تشينشيا "Laura Chinchilla" قائلة: "يعد إلغاء الجيش من أهم القرارات التي تبنتها البلاد منذ ما يقرب من 62 عاماً. ويهدف إلى الالتزام بالحياة الاجتماعية، والالتزام بالتنمية، ومحاولة البعد عن إغراءات الاستبدادية والنهوض بالشعب، فكلما تعرضنا لأي نوع من الاستفزاز نرد عليه باستخدام أداة واحدة وهي القانون الدولي".
وأضافت "مما لا شك فيه، أن ما حدث أتاح للبلاد فرصة لتحقيق مستويات من التنمية أعلى من مثيلاتها في منطقة أمريكا الوسطى، مما يوضح لنا ماهية الفارق بين كوستاريكا وباقي دول أمريكا الوسطى ..... فنحن لم نواجه مواقف مؤلمة، كالتي تعرضت لها بعض دول المنطقة، ولم نتعرض لمحاولات (انقلاب) عسكري، أو صراعات داخلية تزهق فيها الكثير من أرواح الأبرياء".
يذكر أنه بعد إلغاء القوات المسلحة، يقوم الأمن في كوستاريكا، في واقع الأمر، على قوة عامة تتكون من بعض رجال الشرطة يبلغ عددهم حوالي 11000 فرد. هذه القوة لا تستخدم طائرات عادية أو طائرات هليكوبتر ولا تتعامل مع البحرية أو الدبابات أو مع أي نوع من أنواع الأسلحة والذخيرة .... وليس هناك أي رتب أو درجات فلا يوجد ما يسمى كولونيل أو جنرال أو عقيد ...... فقد أصبحت هذه الألقاب جميعاً في طي النسيان وانتهى العمل في المجال العسكري إلى الأبد.
وفي هذا الصدد يقول خوسيه ماريا تيخيرينو ، وزير الأمن العام، وهو محام ونائب عام سابق: "هذا ما يجعلنا نشعر بالفخر، ولكن علينا توضيح أن عدم وجود جيش لا يعني أننا بلا حول ولا قوة، منذ فترة طويلة ونحن نرى أن وزراء الأمن من المدنيين وقد شغل هذا المنصب من قبل الرئيسة الحالية تشينشيا نفسها، ومن قبلها جانينا ديل فيكيو وهي أستاذة جامعية.
في أعقاب النزاع الحدودي الذي نشب في تشرين أول/ أكتوبر مع نيكاراجوا، قال تيخيرينو: "هناك حاجة إلى إضفاء الطابع المهني على الشرطة وإعداد شرطة حدود "مسلحة تسليحا جيدا ومدربة" لضمان احترام حدود البلاد والمحافظة عليها. ومع كل ذلك، أوضح أن هذا لا يعني إمكانية عودة الجيش في أي وقت من الأوقات.
وتابع الوزير موضحا: "وكما حدث في الماضي، سيكون سلاح كوستاريكا الرئيسي والأساسي هو القانون الدولي والميزانية التي توجهها الدولة إلى الأمن، في مجملها، تتوافق بالكاد مع 69ر0 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي (240ر29 مليون دولار أمريكي) ، و03ر0% من الموازنة العامة للدولة".
وكذلك ذكر الوزير في حديثه "الربح" ويعني بهذه الكلمة أو التعبير إلغاء الجيش، حين قال: "تمت إنهاء السلطة السياسية للعسكريين، والسماح بتخصيص تلك الموارد لمشاريع الاستثمار الاجتماعي والتعليم والصحة، وزيادة الإنتاج والاقتصاد."
ويرى تخيرينو: "أنه بالرغم من نزاع كوستاريكا مع جارتها، وصرخات بعض القطاعات التي لا تزال تؤمن بالحل العسكري، فلم يعد يشكل الجيش أي نوع من الإغراء بالنسبة لنا في كوستاريكا و سيظل القانون الدولي بنصوصه وأدواته هو من يضع الحدود في شمال البلاد".