تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


لماذا تتأخر الجزائر سياحيا عن تونس والمغرب ..؟ موسم هجرة الجزائريين إلى بلاد الجيران




الجزائر - يوسف تازير- مع إقبال كل صيف يتكرر المشهد في الجزائر...مئات الآلاف يحزمون أمتعتهم ويغادرون باتجاه أوروبا وأمريكا وأسيا لكن خصوصا نحو الجارة تونس لقضاء أيام أو بضعة أسابيع بحثا عن الراحة و الاستجمام، وهي الفرصة التي على ما يبدو لم تتح لهم في وطنهم بالرغم من توفر كل المقومات التي تجعل منه بلدا سياحيا بامتياز.


مصطافون جزائريون
مصطافون جزائريون
يتساءل كثيرون عن ما الذي يمنع الجزائر، هذا البلد الذي يمتدّ شريطه الساحلي على أكثر من 1200 كيلومتر وصحراؤه على أكثر من 2000 كيلومتر و مؤهلات طبيعية استثنائية، من بلوغ مستوى تونس و المغرب على الأقل، مفضلا البقاء على هامش التطور السياحي.

تظهر بيانات اقتصادية أن نسبة السياح المتدفقين على الجزائر، من إجمالي السياح في العالم، لا تتجاوز 2 بالمئة سنويا، وهو ما يجعلها مصنفة من حيث حصة السياحة في الناتج المحلي الخام في الرتبة 147 من مجموع 174 دولة، وقطاع السياحة يمثل فقط 9ر3 بالمئة من قيمة الصادرات و5ر9 بالمئة من نسبة الاستثمارات المنتجة و1ر8 بالمئة من الناتج المحلي الخام. ببساطة الجزائر لم يزرها سوى 9ر1 مليون (اغلبهم من المغتربين المقيمين بأوروبا) من بين 800 مليون سائح في العالم خلال العام الماضي.

يقول وزير السياحة السابق شريف رحماني، الذي اكتفى بحقيبة وزارة البيئة فقط بموجب التعديل الوزاري الأخير، إن الجزائر ترغب في تدارك ما ضيعته في القطاع السياحي خلال أزمة العنف التي عرفتها البلاد أو ما يصطلح عليه بـ"العشرية السوداء". ويضيف بنبرة يشوبها التحسّر "لا يعقل أن تبقى الجزائر على الهامش ، مع المؤهلات التي تمكنها من افتكاك مكانة في حوض المتوسط". فشل سياسات الحكومة و تداعيات الأزمة الأمنية أهم أسباب تراجع قطاع السياحة

لكن ربما ما تحاشى الوزير الاعتراف به هو تعثر كل السياسات الحكومية الموجهة للنهوض بالقطاع بالرغم من الأغلفة المالية المعتبرة المخصصة لذلك. فأين يكمن الخلل؟

لا يتردد الإعلامي علاوة حاجي، في ربط وضعية السياحة المزرية في الجزائر بتداعيات الأزمة الأمنية التي عصفت بها خلال تسعينيات القرن الماضي، والتي أثرت بشكل سلبي على صورتها في الخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور السلبي الذي لعبته بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي رسمت صورة قاتمة للجزائر خلال تلك الفترة، ما أدى إلى تقلص أعداد السياح الذين يقصدونها بنسب كبيرة.

لكن الإشكالية التي تعيق تطور السياحة في الجزائر لا تنحصر حتما في الجانب الأمني-يضيف حاجي- وإنما ترتبط أيضا بالخدمات السياحية الباهظة وثقافة المواطن السياحية التي تطورت سلبا بالنسبة للسياحة ونقص الاحترافية، مبرزا نقص الهياكل الأساسية في الفندقة والمرافق السياحية، كأكبر المشاكل ، إذ أن الطاقة الاستيعابية لجميع الفنادق الموجودة في الجزائر لا تتجاوز 85 ألف سرير، 66 بالمئة منها تابعة لفئة الفنادق غير المصنفة. في حين القدرة الاستيعابية بتونس تزيد عن 230 ألف سرير و أكثر من 150 ألف بالمغرب.

ليست تلك العوامل وحدها التي جعلت الجزائر تعجز عن جذب السياح، فهناك من يتهم السفراء و القناصلة بلعب دور سلبي في الترويج لوجهة بلادهم، متسائلين عن ما يقولونه في الاجتماعات و اللقاءات التي يحضرونها.
يتحدث حكيم و هو خبير في مجال النشاط السياحي، عن مفارقة وقف عليها لدى الوكالات السياحية المحلية التي تعمل-حسب قوله- على توفير كل المعلومات و الصور عن الإرث والمواقع السياحية للعديد من الدول ما عدا الجزائر.

و تشير أرقام رسمية أن عدد الجزائريين الذين قصدوا تونس الصيف الماضي تجاوز مليوني سائح مقابل 15 ألف في النصف الأول من العام الماضي نحو تركيا و10 ألاف إلى مصر و 7900 إلى الإمارات العربية. وبلغ عدد المتوجهين إلى مدينة مراكش المغربية ما يقارب 17 ألفا.

و تنفي الوكالات السياحية في الجزائر عن نفسها تهمة " تصدير السياح الجزائريين" إلى الخارج ، وتؤكد أنها تتعامل مع الموضوع وفق مخطط عمل واحد، و القرار الأخير يعود للزبون أو بالأحرى السائح .

وعزا مسئول في نقابة الوكالات السياحية الجزائرية سبب تفضيل الجزائريين للوجهة الخارجية بدلا من الوجهة المحلية بدرجة كبيرة إلى الأسعار، إذ أن تكلفة الإقامة في دول كتونس وحتى تركيا مثلا لمدة أسبوع كامل اقل تكلفة بكثير من تكلفة نفس المدة بالجزائر.

وأضاف أن العديد من المركبات السياحية في الجزائر تلجأ إلى مضاعفة أسعار الإيواء والخدمات المرافقة لها في فصل الصيف خلاف ما يحدث في الدول التي تستثمر بشكل جيد في القطاع السياحي. و يرى جزائريون أن التكاليف الباهظة لأجل قضاء عطلة صيفية أو حتى عطلة نهاية الأسبوع، يمكن استغلالها في قضاء أسبوع أو أكثر في تونس، وحتى المغرب.

وبرأي أمين، موظف بمؤسسة خاصة ، فإن المتأمل في الأسعار المقترحة بالجزائر، يعتقد نفسه وكأن البلد ينافس جزر المالديف والباهاماس وميامي وبرشلونة وماليزيا، في حين أن الخدمات المقدمة لا تستحق دينارا واحدا، موضحا أن تكاليف الإقامة ليوم واحد بفندق الشيراتون بالعاصمة أو بمدينة وهران (غرب البلاد) أكبر بكثير من تكاليف الإقامة بفندق 3 أو 4 نجوم لمدة أسبوع بتونس ، فضلا عن خدمات وجو عام أفضل بكثير.

وأشارت السيدة جميلة إلى غياب الأمن في المدن الساحلية حيث تنتشر السرقة والاعتداءات الجسدية لأجل هاتف نقال أو محفظة نقود و هو مالا يساعد بتاتا على التوجه إليها.

ولا تختلف آراء الجزائريين ممن فضّلوا السفر إلى الخارج للاستمتاع بالعطلة الصيفية، حيث يشكّل نقص المرافق هاجسا حقيقيا للعائلات، وحتى الأشخاص الذين يستعدون للسفر بشكل فردي. ويعيب هؤلاء "انعدام بنية سياحية بالجرائر، لان السياحة ليست بحرا وفندقا. كما أنها ليست أيضا التغني على مدار السنة بالإمكانيات التي تزخر بها الجزائر، بقدر ما هي مسألة توفير الأمن والهدوء والنظافة".

التهاب أسعار الفنادق و المركبات السياحية دفع بالعديد من العائلات الجزائرية إلى الاستثمار في السياحة على طريقتها الخاصة من خلال انتشار ظاهرة استئجار البيوت والمنازل في المدن الساحلية بصفة خاصة، حيث تعرض هذه العائلات شققا من غرفتين إلى ثلاث غرف مجهزة بأسعار تتراوح مابين 300 و 500 يورو للشهر و هو اقل بكثير مما تعرضه الفنادق المسماة ب"الفخمة".

أمال بتحسين الأوضاعتأمل الحكومة الجزائرية في توجيه الاستثمارات الأجنبية في المجال السياحي خارج حدود محيط العاصمة، التي سجلت مشاريع بقيمة 4 مليار دولار كاستثمارات عربية في شكل قرى سياحية من الطراز الفخم ، حيث تخطط وزارة السياحة لإنجاز 9 فنادق كبيرة بجنوب البلاد، مع إيداع ملفات أكثر من 40 مشروع استثمار سياحي من الحجم الصغير والمتوسط على مستوى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار قبل تحويلها إلى المجلس الوطني للاستثمار، من ضمن 333 مشروع سياحي تنتظر الضوء الأخضر من قبل السلطات العمومية للانطلاق في عملية الانجاز، بعدما تحصل أصحابها على الأوعية العقارية لتنفيذ مشاريعهم.

وتتوقع الجزائر على المدى المتوسط انجاز مشاريع سياحية وفندقية من شأنها أن تمكن من استحداث 110 ألف فرصة عمل دائم وتوفير 75 ألف سرير، بغرض تحقيق هدف استقطاب 5ر2 مليون سائح في آفاق 2015، و 11 مليون سائح بحلول 2025 .

غير أن الطموحات و الآمال قد تصطدم ببيروقراطية الإدارة التي غالبا ما كانت سببا في عزوف المستثمرين عن تنفيذ مشاريع "كانت ستغير وجه الجزائر" سواء كانوا محليين أو أجانب فضلوا الرحيل إلى وجهات أخرى "ارحم".

يوسف تازير
الاربعاء 9 يونيو 2010