محمد خلف المزروعي يلقي كلمة الافتتاح في مؤتمر الآثار بالعين
وحضر الافتتاح زكي نسيبة نائب رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، و محمد خميس المهيري مدير عام المجلس الوطني للسياحة والآثار ورؤساء ومدراء الهيئات والدوائر المسؤولة عن الآثار بالدولة، وعدد من الدارسين والباحثين المعنيين بأمور الآثار.
وأكد محمد خلف المزروعي في كلمته بأن أبناء الإمارات جزء من نسيج تاريخهم، فهم يجسدون الموروث الثقافي والفكري والاجتماعي الذي أسهم فيه الأسلاف ممن تركوا بصماتهم على حياتنا اليوم، وهذا ما يحملنا مسؤولية تاريخية كبيرة لنقله وتركه لأبنائنا وأحفادنا فكل محطة تاريخية كان لها تفصيلاتها وحكمتها وانجازاتها في تاريخ أجدادنا.
ومن هنا تنبع أهمية المهمة الجسيمة التي يقوم بها الآثاريون لتحمل مسؤولية ترتبط بالدقة والعمل المثابر والصعب من ساعات وأيام بل وسنوات التنقيب لينفضوا غبار الزمن ويرووا لنا قصتنا.
وأضاف المزروعي "إن عملنا في دولة الإمارات يأتي تجسيداً لرؤية المغفور له زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الراعي الأول للمحافظة على التراث المادي والمعنوي لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات بمبادرته في توجيه علماء الآثار الدانمركيين إلى مدفن هيلي الكبير عام /1962/ فقراره هذا قد فتح نافذة عمرها 4500 سنة أكدت قدرة أبناء هذه الأرض على تعميرها قبل آلاف السنين ، وكان هذا الشاهد الأول على مسيرة إنسانية لحضارة ظلت متواصلة جغرافياً وزمنياً مع الآخرين، وهي محطة من محطات تراث يمتد منذ القدم ويمر على الحضارة العربية الإسلامية ليصل إلى عصر النهضة الحديث " .
وأكد المزروعي بأن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وبدعم من الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة تتبنى رؤية شاملة لصون التراث المادي وغير المادي على حد سواء، وتسخر جميع إمكاناتها لتنظيم العمل الأثري، وتعزيز جهود حماية التراث الثقافي وإدارته والترويج له، والتعاون مع كافة الجهات المعنية في هذا الصدد لحماية الأماكن ذات الأهمية التراثية والثقافية.
وإن شواهد التاريخ القديم والحديث في دولة الإمارات كثيرة ووفيرة تتمثل في مواقع أثرية تمتد من العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية المتأخرة. وبحوثكم ومشاركتكم في هذا المؤتمر الهام ستصب في تعزيز العمل الثقافي الدولي المشترك صوناً للحضارة الإنس
وألقى بعدها محمد عامر النيادي مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كلمة رحب فيها بالحضور في مدينة العين التي تحمل عبق الماضي بكل ما يحفل به من إرث وماضٍ موغل بالقدم ومن مواقع أثرية وتاريخية وجمال طبيعة أخاذ.
وأضاف النيادي إن أهمية هذا المؤتمر تنبع من كونه يناقش آخر المستجدات في مجال الآثار في المناطق ذات الطبيعة الثقافية والمباني التاريخية، وكذلك الجبال التي تنتشر في مجال واسع من تضاريس الدولة الجغرافية ، كما يتناول مواضيع تتعلق بإدارة التراث الإنساني ومكتشفات من العصرين البرونزي والحديدي في بعض ما يتعلق بأنماط الاستيطان البشري فيه ، وكذلك الفترة الإسلامية في العديد من المواقع التي تعود إليها بالدولة.
واختتم محمد النيادي كلمته بالإعراب عن سروره لتزامن انعقاد مؤتمر آثار الإمارات مع إعادة إطلاق حولية الآثار في الإمارات ، وهي دورية علمية متخصصة تحوي النتائج والدراسات التي ستقدم في هذا المؤتمر. وأعرب عن أمله في أن تشكل هذه المجلة رافداً مهماً ومصدراً مرموقاً للمكتبة العربية فيما يتعلق بآثار الإمارات لتسهم بصورة ملموسة في تضييق الفجوة الحضارية للحقب والعصور التي تعاقبت على الدولة.
وبدأت بعدها جلسات عمل المؤتمر وكان أولها جلسة حول الآثار والمناظر الطبيعية برئاسة د.مارك بيتش مدير المناطق التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وكانت أوراق العمل مقدمة من قبل: جيوفري كينغ (معهد الدراسات الشرقية والأفريقية/ لندن/ بريطانيا)- إعداد الخرائط المبكرة لشبه الجزيرة العربية من الجانب الأثري: التراث الإغريقي الروماني والإسلامي.
وجولي سكوت-جاكسون (وحدة آثار العصر الحجري والرواسب الطينية "بادماك"/ معهد الآثار في جامعة أكسفورد)- تراث من أقدم العصور: اكتشاف العصر الحجري للإمارات العربية المتحدة.
أدريان باركر (جامعة أكسفورد بروكس/ بريطانيا)- التقلب المناخي من أوائل إلى منتصف الحقبة الهولوسينية في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية: دلائل على سنين الجفاف الكبرى وتأثيراتها خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي.
تحدث جيفري كينغ (معهد الدراسات الشرقية والأفريقية/ لندن/ بريطانيا)- عن إعداد الخرائط المبكرة لشبه الجزيرة العربية من الجانب الأثري: التراث الإغريقي الروماني والإسلامي:
ويُعتبر إعداد الخرائط حول شبه الجزيرة العربية حقلا معقدا وتأكيدا مفيدا على النتائج المستمدة من الدراسات الأثرية. إن أقدم الخرائط الموجودة لشبه الجزيرة العربية هي خريطة بيوتنجر- وهي خريطة عسكرية رومانية، والخرائط التي تمت إعادة رسمها في القرن الرابع عشر الميلادي لتراث بطليموس من الخرائط التي وضعها في القرن الثاني الميلادي. ولهذه الخرائط جذور في المعرفة المستقاة حول الجزيرة العربية والتي تسربت إلى مراكز رسم الخرائط في الإسكندرية وروما وجاءت من نتائج الحملات العسكرية والبعثات التجارية.
لا شك في أن الأمويين كانوا مطلعين على التراث البطلمي من علم الفلك/التنجيم، كما إن من المفترض أيضا أنهم اطلعوا على تراث بطليموس في رسم الخرائط الأرضية، رغم أن خريطة علوية واحدة فقط من هذه الحقبة بقيت صامدة حتى الآن.
وُضعت أولى الخرائط العلوية التي تم إنتاجها في العالم الإسلامي في إطار خرائطي مختلف جدا عما هي الحال في العالم الإغريقي-الروماني. ويترافق الرسم المبكر للخرائط المتعلقة بسواحل شبه الجزيرة العربية عند المسلمين مع "صورة الأرض" التي رسمها ابن حوقل في القرن العاشر الميلادي. ويبدو أن ذلك في جزء منه ناتجا عن تراث الخرائط المندثر لدى الفرس فيما قبل الإسلام، والذي ورثه المسلمون.
ويَبرز تراث مختلف تماما في تقاليد رسم الخرائط المستخدمة في النسخة المخطوطة من المصنف الجغرافي للإدريسي، ومنشأها صقلية في القرن الثاني عشر الميلادي. وتعد بعض النسخ المخطوطة من هذا المصنف محكمة الإتقان وتتطابق بعض الشيء مع ما هو متعارف عليه آثاريا وطوبوغرافيا بأنه مناطق في شرق الجزيرة العربية.
يظهر تراث مختلف كليا من نفس الحقبة تقريبا فيما يتعلق برسم خرائط المسجد الحرام في مكة المكرمة. ولعل هذا ناجم عن صياغة مبكرة في رسم المسجد الحرام واستخدِمت في شهادات الحج للحجاج. ويبدو أن حرفيين مكيين وضعوا هذا السجل البصري الأقدم حول الحرم المكي.
صمدت صياغة خرائطية حضرية مختلفة تماما في مخطوطة مزخرفة لأنيس الحجاجي تعود للقرن السابع عشر الميلادي. وتتضمن هذه المخطوطة رسوما توضيحية لأماكن شوهدت على طول الطريق من غوجارات إلى مكة المكرمة وتدون بالتفاصيل جوانب متعلقة بمدن ساحلية عربية. ويمكن التحقق مما قدمه أنيس الحجاجي عبر مقارنته بالبيانات الآثارية للمدن التي وصف أحوالها. وتعتبَر الصياغة الخرائطية لمناظر المدن التي وضعها الحجاجي هندية في الأصل ومستقلة كليا عن سابقاتها من التقاليد الإسلامية، ومستقلة أيضا عما عاصرها من التقاليد العثمانية في رسم خرائط الجزيرة العربية.
تختلف جميع هذه التقاليد الإسلامية والحضرية المتصلة برسم الخرائط عما كان سائدا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وعما تم رسمه من خرائط لشبه الجزيرة العربية فيما بعد على أيدي البرتغاليين والهولنديين والبريطانيين.
وقال جولي سكوت-جاكسون (وحدة آثار العصر الحجري والرواسب الطينية "بادماك"/ معهد الآثار في جامعة أكسفورد)- موروث ضارب في القدم: اكتشاف العصر الحجري للإمارات العربية المتحدة:
بعد الاكتشافات المهمة التي أنجزتها وحدة "بادماك" في 2006 و2007 لعدد من الأدوات الحجرية المتناثرة على السطح والعائدة إلى العصر الحجري في إمارة الشارقة (تحت رعاية د. صباح جاسم، مدير الآثار في إمارة الشارقة) وإمارة رأس الخيمة (بتصريح من د. كريستيان فيلده من دائرة الآثار في إمارة رأس الخيمة)، أجري مسح تصويري آمن وتصميم مفصل باتباع نظام المعلومات الجغرافية وتحليل للقطع الأثرية في مواقع بمنطقة فيلي التابعة للشارقة خلال عامي 2008 و2009. وبناء على حصيلة البيانات، تقرر إعداد مقترح للتنقيب الأثري عام 2010 في أحد مواقع العصر الحجري المحددة ذات المستويات العالية في إمارة الشارقة. وقبل التقدم بهذا المقترح، عدنا مرة أخرى لزيارة منطقة فيلي للتأكد من بيانات نظام المعلومات الجغرافية، لنجد أن هذا الموقع الحجري البالغ الأهمية أصبح مفقودا بسبب عمليات التطوير. وعلى المستوى الإقليمي، توفر الأدوات الحجرية المتناثرة على السطح والعائدة إلى العصر الحجري أدلة دامغة على الاستيطان البشري خلال العصر الحجري في الإمارات. لكن لها أهمية عالمية أيضا، نظرا لأن اكتشاف هذه الأدوات العائدة لذلك العصر في الإمارات تدعم الفرضية القائلة بأن أشباه البشر اتخذوا مسارا جنوبيا خارج أفريقيا وعبر شبه الجزيرة العربية. لذلك، فإن أنماط توزيع الأدوات الحجرية تدلل على الاستخدام المبكر للطبيعة من قبل أشباه البشر. وتسلط هذه الورقة الضوء على الحاجة الملحة لتحديد وتدوين وحماية الموروث الأقدم في الإمارات العربية المتحدة، وتقترح أساليب عملية لتحقيق ذلك.
وتحدث أدريان باركر (جامعة أكسفورد بروكس/ بريطانيا)- التقلب المناخي من أوائل إلى منتصف الحقبة الهولوسينية (الحديثة) في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية: دلائل على سنين الجفاف الكبرى وتأثيراتها خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي فقال :
تشير دلائل جديدة مقدمة في هذه الورقة إلى تقلبات مناخية حادة، لا سيما خلال فترات قحط ملحوظة، كان لها وقع عميق على سبل العيش خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. وبعد فترة ممتدة من القحط الشديد في أواخر العصر الجليدي (قبل 22 ألف إلى 11 ألف سنة مقيسة من العصر الحالي)، ظهرت بداية الأحوال الجوية الرطبة والمطيرة في أوائل الحقبة الهولوسينية التي شهدت تطور البحيرات وزيادة تدفق الوديان وغطت المساحات المعشبة الشبيهة بالسافانا معظم أراضي جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. وتخلل أوائل الفترة الرطبة من الحقبة الهولوسينية العديد من سنوات القحط الممتد (سنين الجفاف الكبرى). وجرى تقييم التأثيرات المترتبة لتلك السنوات على مناطق شبه الجزيرة العربية ومجتمعات العصر الحجري الحديث. وكان الأبرز في ذلك التحول الذي ظهر بعد بداية القحط المناخي خلال منتصف الحقبة الهولوسينية (قبل 6 آلاف عام)، حين اختفى معظم السكان الذين كانوا من البدو شبه الرحل والرعاة وجامعي الثمار من أجزاء واسعة من هذه المنطقة، وهي الحقبة التي اصطلِح على تسميتها بـ"الألفية المظلمة". وتزامنت إعادة الاستيطان البشري خلال العصر البرونزي مع عودة الظروف المناخية المطيرة ضمن شبكة من المستوطنات الزراعية الواقعة على ضفاف الواحات والتي ظهرت على طول السفوح المحاذية لجبال الحجر الشمالية.
وأكد محمد خلف المزروعي في كلمته بأن أبناء الإمارات جزء من نسيج تاريخهم، فهم يجسدون الموروث الثقافي والفكري والاجتماعي الذي أسهم فيه الأسلاف ممن تركوا بصماتهم على حياتنا اليوم، وهذا ما يحملنا مسؤولية تاريخية كبيرة لنقله وتركه لأبنائنا وأحفادنا فكل محطة تاريخية كان لها تفصيلاتها وحكمتها وانجازاتها في تاريخ أجدادنا.
ومن هنا تنبع أهمية المهمة الجسيمة التي يقوم بها الآثاريون لتحمل مسؤولية ترتبط بالدقة والعمل المثابر والصعب من ساعات وأيام بل وسنوات التنقيب لينفضوا غبار الزمن ويرووا لنا قصتنا.
وأضاف المزروعي "إن عملنا في دولة الإمارات يأتي تجسيداً لرؤية المغفور له زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الراعي الأول للمحافظة على التراث المادي والمعنوي لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات بمبادرته في توجيه علماء الآثار الدانمركيين إلى مدفن هيلي الكبير عام /1962/ فقراره هذا قد فتح نافذة عمرها 4500 سنة أكدت قدرة أبناء هذه الأرض على تعميرها قبل آلاف السنين ، وكان هذا الشاهد الأول على مسيرة إنسانية لحضارة ظلت متواصلة جغرافياً وزمنياً مع الآخرين، وهي محطة من محطات تراث يمتد منذ القدم ويمر على الحضارة العربية الإسلامية ليصل إلى عصر النهضة الحديث " .
وأكد المزروعي بأن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وبدعم من الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة تتبنى رؤية شاملة لصون التراث المادي وغير المادي على حد سواء، وتسخر جميع إمكاناتها لتنظيم العمل الأثري، وتعزيز جهود حماية التراث الثقافي وإدارته والترويج له، والتعاون مع كافة الجهات المعنية في هذا الصدد لحماية الأماكن ذات الأهمية التراثية والثقافية.
وإن شواهد التاريخ القديم والحديث في دولة الإمارات كثيرة ووفيرة تتمثل في مواقع أثرية تمتد من العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية المتأخرة. وبحوثكم ومشاركتكم في هذا المؤتمر الهام ستصب في تعزيز العمل الثقافي الدولي المشترك صوناً للحضارة الإنس
وألقى بعدها محمد عامر النيادي مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كلمة رحب فيها بالحضور في مدينة العين التي تحمل عبق الماضي بكل ما يحفل به من إرث وماضٍ موغل بالقدم ومن مواقع أثرية وتاريخية وجمال طبيعة أخاذ.
وأضاف النيادي إن أهمية هذا المؤتمر تنبع من كونه يناقش آخر المستجدات في مجال الآثار في المناطق ذات الطبيعة الثقافية والمباني التاريخية، وكذلك الجبال التي تنتشر في مجال واسع من تضاريس الدولة الجغرافية ، كما يتناول مواضيع تتعلق بإدارة التراث الإنساني ومكتشفات من العصرين البرونزي والحديدي في بعض ما يتعلق بأنماط الاستيطان البشري فيه ، وكذلك الفترة الإسلامية في العديد من المواقع التي تعود إليها بالدولة.
واختتم محمد النيادي كلمته بالإعراب عن سروره لتزامن انعقاد مؤتمر آثار الإمارات مع إعادة إطلاق حولية الآثار في الإمارات ، وهي دورية علمية متخصصة تحوي النتائج والدراسات التي ستقدم في هذا المؤتمر. وأعرب عن أمله في أن تشكل هذه المجلة رافداً مهماً ومصدراً مرموقاً للمكتبة العربية فيما يتعلق بآثار الإمارات لتسهم بصورة ملموسة في تضييق الفجوة الحضارية للحقب والعصور التي تعاقبت على الدولة.
وبدأت بعدها جلسات عمل المؤتمر وكان أولها جلسة حول الآثار والمناظر الطبيعية برئاسة د.مارك بيتش مدير المناطق التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وكانت أوراق العمل مقدمة من قبل: جيوفري كينغ (معهد الدراسات الشرقية والأفريقية/ لندن/ بريطانيا)- إعداد الخرائط المبكرة لشبه الجزيرة العربية من الجانب الأثري: التراث الإغريقي الروماني والإسلامي.
وجولي سكوت-جاكسون (وحدة آثار العصر الحجري والرواسب الطينية "بادماك"/ معهد الآثار في جامعة أكسفورد)- تراث من أقدم العصور: اكتشاف العصر الحجري للإمارات العربية المتحدة.
أدريان باركر (جامعة أكسفورد بروكس/ بريطانيا)- التقلب المناخي من أوائل إلى منتصف الحقبة الهولوسينية في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية: دلائل على سنين الجفاف الكبرى وتأثيراتها خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي.
تحدث جيفري كينغ (معهد الدراسات الشرقية والأفريقية/ لندن/ بريطانيا)- عن إعداد الخرائط المبكرة لشبه الجزيرة العربية من الجانب الأثري: التراث الإغريقي الروماني والإسلامي:
ويُعتبر إعداد الخرائط حول شبه الجزيرة العربية حقلا معقدا وتأكيدا مفيدا على النتائج المستمدة من الدراسات الأثرية. إن أقدم الخرائط الموجودة لشبه الجزيرة العربية هي خريطة بيوتنجر- وهي خريطة عسكرية رومانية، والخرائط التي تمت إعادة رسمها في القرن الرابع عشر الميلادي لتراث بطليموس من الخرائط التي وضعها في القرن الثاني الميلادي. ولهذه الخرائط جذور في المعرفة المستقاة حول الجزيرة العربية والتي تسربت إلى مراكز رسم الخرائط في الإسكندرية وروما وجاءت من نتائج الحملات العسكرية والبعثات التجارية.
لا شك في أن الأمويين كانوا مطلعين على التراث البطلمي من علم الفلك/التنجيم، كما إن من المفترض أيضا أنهم اطلعوا على تراث بطليموس في رسم الخرائط الأرضية، رغم أن خريطة علوية واحدة فقط من هذه الحقبة بقيت صامدة حتى الآن.
وُضعت أولى الخرائط العلوية التي تم إنتاجها في العالم الإسلامي في إطار خرائطي مختلف جدا عما هي الحال في العالم الإغريقي-الروماني. ويترافق الرسم المبكر للخرائط المتعلقة بسواحل شبه الجزيرة العربية عند المسلمين مع "صورة الأرض" التي رسمها ابن حوقل في القرن العاشر الميلادي. ويبدو أن ذلك في جزء منه ناتجا عن تراث الخرائط المندثر لدى الفرس فيما قبل الإسلام، والذي ورثه المسلمون.
ويَبرز تراث مختلف تماما في تقاليد رسم الخرائط المستخدمة في النسخة المخطوطة من المصنف الجغرافي للإدريسي، ومنشأها صقلية في القرن الثاني عشر الميلادي. وتعد بعض النسخ المخطوطة من هذا المصنف محكمة الإتقان وتتطابق بعض الشيء مع ما هو متعارف عليه آثاريا وطوبوغرافيا بأنه مناطق في شرق الجزيرة العربية.
يظهر تراث مختلف كليا من نفس الحقبة تقريبا فيما يتعلق برسم خرائط المسجد الحرام في مكة المكرمة. ولعل هذا ناجم عن صياغة مبكرة في رسم المسجد الحرام واستخدِمت في شهادات الحج للحجاج. ويبدو أن حرفيين مكيين وضعوا هذا السجل البصري الأقدم حول الحرم المكي.
صمدت صياغة خرائطية حضرية مختلفة تماما في مخطوطة مزخرفة لأنيس الحجاجي تعود للقرن السابع عشر الميلادي. وتتضمن هذه المخطوطة رسوما توضيحية لأماكن شوهدت على طول الطريق من غوجارات إلى مكة المكرمة وتدون بالتفاصيل جوانب متعلقة بمدن ساحلية عربية. ويمكن التحقق مما قدمه أنيس الحجاجي عبر مقارنته بالبيانات الآثارية للمدن التي وصف أحوالها. وتعتبَر الصياغة الخرائطية لمناظر المدن التي وضعها الحجاجي هندية في الأصل ومستقلة كليا عن سابقاتها من التقاليد الإسلامية، ومستقلة أيضا عما عاصرها من التقاليد العثمانية في رسم خرائط الجزيرة العربية.
تختلف جميع هذه التقاليد الإسلامية والحضرية المتصلة برسم الخرائط عما كان سائدا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وعما تم رسمه من خرائط لشبه الجزيرة العربية فيما بعد على أيدي البرتغاليين والهولنديين والبريطانيين.
وقال جولي سكوت-جاكسون (وحدة آثار العصر الحجري والرواسب الطينية "بادماك"/ معهد الآثار في جامعة أكسفورد)- موروث ضارب في القدم: اكتشاف العصر الحجري للإمارات العربية المتحدة:
بعد الاكتشافات المهمة التي أنجزتها وحدة "بادماك" في 2006 و2007 لعدد من الأدوات الحجرية المتناثرة على السطح والعائدة إلى العصر الحجري في إمارة الشارقة (تحت رعاية د. صباح جاسم، مدير الآثار في إمارة الشارقة) وإمارة رأس الخيمة (بتصريح من د. كريستيان فيلده من دائرة الآثار في إمارة رأس الخيمة)، أجري مسح تصويري آمن وتصميم مفصل باتباع نظام المعلومات الجغرافية وتحليل للقطع الأثرية في مواقع بمنطقة فيلي التابعة للشارقة خلال عامي 2008 و2009. وبناء على حصيلة البيانات، تقرر إعداد مقترح للتنقيب الأثري عام 2010 في أحد مواقع العصر الحجري المحددة ذات المستويات العالية في إمارة الشارقة. وقبل التقدم بهذا المقترح، عدنا مرة أخرى لزيارة منطقة فيلي للتأكد من بيانات نظام المعلومات الجغرافية، لنجد أن هذا الموقع الحجري البالغ الأهمية أصبح مفقودا بسبب عمليات التطوير. وعلى المستوى الإقليمي، توفر الأدوات الحجرية المتناثرة على السطح والعائدة إلى العصر الحجري أدلة دامغة على الاستيطان البشري خلال العصر الحجري في الإمارات. لكن لها أهمية عالمية أيضا، نظرا لأن اكتشاف هذه الأدوات العائدة لذلك العصر في الإمارات تدعم الفرضية القائلة بأن أشباه البشر اتخذوا مسارا جنوبيا خارج أفريقيا وعبر شبه الجزيرة العربية. لذلك، فإن أنماط توزيع الأدوات الحجرية تدلل على الاستخدام المبكر للطبيعة من قبل أشباه البشر. وتسلط هذه الورقة الضوء على الحاجة الملحة لتحديد وتدوين وحماية الموروث الأقدم في الإمارات العربية المتحدة، وتقترح أساليب عملية لتحقيق ذلك.
وتحدث أدريان باركر (جامعة أكسفورد بروكس/ بريطانيا)- التقلب المناخي من أوائل إلى منتصف الحقبة الهولوسينية (الحديثة) في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية: دلائل على سنين الجفاف الكبرى وتأثيراتها خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي فقال :
تشير دلائل جديدة مقدمة في هذه الورقة إلى تقلبات مناخية حادة، لا سيما خلال فترات قحط ملحوظة، كان لها وقع عميق على سبل العيش خلال العصرين الحجري الحديث والبرونزي في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. وبعد فترة ممتدة من القحط الشديد في أواخر العصر الجليدي (قبل 22 ألف إلى 11 ألف سنة مقيسة من العصر الحالي)، ظهرت بداية الأحوال الجوية الرطبة والمطيرة في أوائل الحقبة الهولوسينية التي شهدت تطور البحيرات وزيادة تدفق الوديان وغطت المساحات المعشبة الشبيهة بالسافانا معظم أراضي جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. وتخلل أوائل الفترة الرطبة من الحقبة الهولوسينية العديد من سنوات القحط الممتد (سنين الجفاف الكبرى). وجرى تقييم التأثيرات المترتبة لتلك السنوات على مناطق شبه الجزيرة العربية ومجتمعات العصر الحجري الحديث. وكان الأبرز في ذلك التحول الذي ظهر بعد بداية القحط المناخي خلال منتصف الحقبة الهولوسينية (قبل 6 آلاف عام)، حين اختفى معظم السكان الذين كانوا من البدو شبه الرحل والرعاة وجامعي الثمار من أجزاء واسعة من هذه المنطقة، وهي الحقبة التي اصطلِح على تسميتها بـ"الألفية المظلمة". وتزامنت إعادة الاستيطان البشري خلال العصر البرونزي مع عودة الظروف المناخية المطيرة ضمن شبكة من المستوطنات الزراعية الواقعة على ضفاف الواحات والتي ظهرت على طول السفوح المحاذية لجبال الحجر الشمالية.


الصفحات
سياسة








