تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


مدينة جراتس تتخلص من عباءة فيينا وتدخل مظلة الإبداع




جراتس(النمسا) -إليزابيث سووس سيدة متعقلة غير أنها تشعر بالخوف من شيء واحد وهو حشرة العثة، ولهذا السبب اعتادت سووس أن تنظر بحرص ودقة إلى أية حشرات زاحفة على جدران متجرها الصغير الكائن في شارع فاربيرجاسي بمدينة جراتس التي تعد ثاني أكبر مدينة نمساوية.


مدينة جراتس تتخلص من عباءة فيينا وتدخل مظلة الإبداع
وتعمل السيدة سووس مصممة أزياء وبالتالي تعد حشرة العثة العدو الطبيعي للأقمشة التي تستخدمها خاصة القماش التقليدي الصوفي العازل للماء المصنوع من غزول ممشطة والذي يأتي من ولاية ستيريا النمساوية التي عاصمتها مدينة جراتس، ويقتصر استخدام هذه النوعية من القماش والتي تلقى تقديرا على مر الأزمنة على صناعة الملابس التقليدية وهو ما تعتبره سوس شيئا مخجلا حيث ترى أن هذا القماش يمكن استخدامه في صناعة الملابس التي يمكن ارتداؤها على مدار العام.

وهي تنتج الجواكيت المصنوعة من هذا القماش الصوفي التقليدي بألوان متعددة مثل الأخضر المتوهج والقرمزي والبرتقالي والأحمر والأرجواني الفاتح، ويمكن العثور على قطع من الملابس بألوان أكثر هدوءا معلقة في متجرها، وهذه التصميمات تنتج كلها بأعداد صغيرة فقط ويتكلف الرداء العادي المصنوع من القماش التقليدي في المجموعة نحو 300 يورو.

وليست سووس هي المصممة الشابة الوحيدة التي تعرض ملابس جديدة متألقة داخل الأزقة القاتمة بمدينة جراتس التي تتمتع بوضعها المميز داخل قائمة التراث الثقافي العالمي، وتتضمن قائمة زملائها من المصممين خليطا متنوعا من هؤلائك الذين يبيعون الحلي وغيرها من القطع المتعلقة بالأزياء والأكسسوارات إلى جانب المصممين في مجال الصناعة والمعمار.

وقد وجد هذا الجيل المبدع مجموعة من الظروف المثالية في مدينة جراتس الواقعة على نهر مور، ويقول المؤرخ ولفجانج بيترماندل إن مدينة جراتس تزهو بقائمة من المعالم في مقدمتها أربع جامعات بالإضافة إلى مجموعة من الكليات والمؤسسات الأكاديمة، وتنعكس الصورة الأكاديمية للمدينة على سكانها حيث يبلغ عدد الطلاب 50 ألفا من بين تعدادها البالغ 260 ألف نسمة.

وتستمتع إليزابيث سووس أيضا بالإقامة في جراتس، وقضت فترة من الزمن في الإقامة بالخارج غير أنها كانت حريصة على العودة إلى المدينة التي ولدت فيها، وتقول عنها إنها تحب أن تلتقي بالناس الذين تعرفهم كما أنها تثمن العيش في مدينة ذات طابع محلي أصيل.

ولا تزال جراتس بعيدة عن المقارنة بفيينا العاصمة غير أنها تخرج بشكل مستمر من ظلال العاصمة النمساوية وتفخر بما تتمتع به من معالم للجذب، وتمتلك جراتس أكبر عدد من المتاجر الكبرى في النمسا وأكثرها تقليدية بالإضافة إلى وجود زيوجهاوس وهو أكبر مستودع قائم وأصلي في العالم للأسلحة حيث توجد به 32 ألف قطعة سلاح.

كما توجد بجراتس كاتدرائية ودار للأوبرا ومسرح بالإضافة إلى العديد من الحدائق وأسواق الشوارع والتي تشتهر بعضها بعرض مجموعة من الأطعمة الشهية مثل زيت بذور القرع العسلي الذي تشتهر به ولاية أستريا.

وتقف قلعة شلوسبيرج التي تعد من أبرز معالم المدينة شامخة وعالية كأنها ملكة متوجة، ويساعد مصعد بداخلها على نقل الزوار بسرعة إلى القمة، ويمكن للسياح أيضا أن يركبوا عربات تسير على كابلات هوائية تعبر المنطقة الجبلية أو أن يصعدوا درجات سلم يبلغ عددها 260 درجة.

ولا تعد جراتس مكانا عتيق الطراز لكن المنظر الأفقي لأسطح المنازل يبدو بعيدا عن الحداثة المفرطة، وتتميز المدينة بالحي القديم بأزقته الملتوية وساحاته العديدة، ومع ذلك تتمتع جراتس ببعض المباني الحديثة ذات التصميم المبتكر تم بناؤها من الخرسانة والزجاج والصلب.

ويوضح بيتر ماندل أن الهدف كان دائما محاولة المزج بين المعاصرة وبين وضع الحي القديم كمنطقة ذات أهمية ثقافية عالمية.

وتعد قاعة عرض الأعمال الفنية ذات التصميم المبتكر بالمدينة وتقع على ضفة النهر من بين المباني التي قد تبدو خارج نطاق المكان ومع ذلك نجحت في الإندماج في المكان الذي يحيط به معمار ينتمي إلى عصر الباروك.

وهذا المبنى الضخم المشيد من الزجاج الاصطناعي والصلب وهو من تصميم المعماريين البريطانيين بيتر كوك وكولين فورنير يبدو منظره بشكل أفضل من أعلى، وأطلق المعماريان البريطانيان عليه اسم " الصديق القادم من الفضاء "، غير أن بعض الزوار يشبهونه بعضو بشري عملاق، كما أنه يضم مقهى نجح في إثبات أنه ملتقى يلقى إقبالا كبيرا من أهالي المدينة.

وأصبحت جراتس التي اعتادت أن تعلن عن نفسها باعتبارها " الوصفة السرية للحب " أكثر ثقة بمزاياها، وهو سلوك شجعها عليه وضع التراث الثقافي الأوروبي الذي حصلت عليه عام 2003 إلى جانب حصولها على شرف لقب " مدينة التصميم ".

وبعد مرور عامين على جهود إقناع منظمة اليونسكو بجدارتها المستحقة للحصول على هذا الوضع أصبحت جراتس الآن عضوا في مجموعة

" المدن المبدعة " وهي مظلة للمدن متنوعة الثقافات من بينها بيونس أيرس وومونتريال وشنغهاي.

د ب ا
الاحد 28 أغسطس 2011