تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


مسار سياحي ديني على خطى "التطهيريين" من جنوب فرنسا الى شمال شرق إسبانيا




بيرجا (إسبانيا) - مانويل ماير - خلال العصور الوسطى، اضطر أتباع جماعة التطهيريين في جنوب فرنسا للهرب بجلودهم من الملاحقة والاضطهاد الديني الذي تعرضوا له في مسار امتد عبر جبال البرانس وصولا إلى إقليم كتالونيا (شمال شرق إسبانيا).


مسار سياحي ديني على خطى "التطهيريين" من جنوب فرنسا الى شمال شرق إسبانيا
وبناء على تعليمات وأوامر صريحة من البابا انوسنسيو الثالث قام فرسان المعبد أو الهيكل، من فرنسا وألمانيا بتعقب أتباع هذه الحركة المسيحية التي تؤمن بالتطهير ويطلق المؤمنون بها على أنفسهم لقب "الرجال الطيبيون" أو نظرا لأن الكنيسة اعتبرتهم خطرا محدقا على الديانة المسيحية واتهمتهم بالهرطقة.

ولكن الأمر اختلف اليوم حيث تحول مسار الهروب والملاحقة إلى طريق للحج يؤمه مشاءون مخلصون على خطى المئتي تطهيري الأوائل ليقطعوا الطرق نفسها البالغ طولها 220 كيلو مترا من المدينة القديمة التي ترجع للعصور الوسطى قاطعين جبال البرانس عبر دروب سحيقة ووديان كثيفة وعرة مرورا ببلدان ريفية بسيطة وصولا إلى بلدة بيرجا بإقليم كتالونيا في إسبانيا .

تبلغ مدة الرحلة على طريق بالكتالونية أو بالفرنسية وبالعربية (طريق الرجال الطيبيين) اثنى عشر يوما سيرا على الأقدام , وتعتبر المرحلة الأشهر من الرحلة الممتدة من مونتساجير وتستغرق يومين فيما تعتبر هذه البلدة أهم أماكن تحصن التطهيريين ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر طريق مرتفع شديد الوعورة ملييء بالنتوءات الصخرية ويصل هذا الطريق بين البلدة الصغيرة والحصن الذي يحمل نفس الاسم .

وتشي التجربة التي عاشها التطهيريون في مونتساجير بحجم الاضطهاد والمعاناة التي تعرضوا لها على يد الكنيسة الكاثوليكية بسبب معتقداتهم التي كانت تتضمن ازدواجية الطبيعة البشرية بين الخير والشر مما يجعل النفس البشرية دائما في أسر الشيطان الذي يستحوذ على الروح ويسجنها في عالم الشر .

في السادس عشر من آذار/ مارس من عام 1244 تم إحراق 255 شخصا بمنفيهم من رجال ونساء وأطفال , نصبت لهم محارق كبيرة عند سفح الجبل بعد حصار استمر قرابة عشرة أشهر فيما تم وضع نصب ضخم في نفس المكان تذكيرا بهذه الواقعة الدامية .

بعد ذلك يمتد الطريق بنفس الوعورة والطبيعة القاسية الجرداء وصولا إلى بلدة جورجي دولا فراو حيث تبدأ أشجار الصنوبر في الظهور على ارتفاع 250 مترالتحيط ببلدة قمص التي يحيط بها وادي سولت . أما الجزء الجبلي من الرحلة فيشمل المرور عبر غابة من البلوط والصنوبر تقع على جوانبها بلدات وقرى صغيرة تتميز بروعة الطبيعة فيها مثل اوسكو واورلو وصولا إلى هوسبيتاليت على الحدود مع إمارة أندورا .

بوصول الرحلة الشاقة إلى وادي كمباكاردوس يسود شعور بالتوحد والانعزال يعززه المراعي الخضراء الممتدة مع منحدراته وجداوله (سلسلة من الأنهار الصغيرة)، يفضي الوادي إلى بلدة بوتيلا بلانكا (أندورا) التي تعتبر ذروة ارتفاع رحلة الحج والمطاردة التاريخية حيث تقع البلدة على ارتفاع 2519 متراحيث يوجد لوح جرانيتي مثل نقط التقاء لحدود ثلاثة بلاد هي فرنسا وإسبانيا وأندورا .

تحتل بلدة بيلفير دي سيردينيا , موقعا متميزا على نهر سيرجي القريب من مدينة لييدا الكتالونية , ولذلك جعل منها التطهيريون ملاذا لهم أثناء عملية الملاحقة التي تعرضوا لها في العصور الوسطى وقد احتفظت كنيسة البلدة المعروفة باسم القديسي سانتا ماريا وسان جوام الفرنسية بطابعها القوطي المتميز بتأثير "عمارة البيرنية" المختلفة عن غيرها من باقي مدن سيردينيا أو باقي المراكز التي توقف فيها التطهيريون .

تمتد المحمية الطبيعية كادي مويكسيرو التي تأسست عام 1983 بين بلدة بيرجيدا والت اورجيل وسيردينيا ،،أما بلدات جريكسير أو باجا ،\للرحالة والسائحين جسورها العريقة وشرفاتها البديعة ذات الأقواس المعقودة و أسقفتها المعلقة بالإضافة إلى أديرتها وكنائسها التي تعود إلى القرن التاسع الميلادي . استقر الكثيرون من التطهيريين في باجا ولا يزال مبنى البلدية شاهدا على عمارة العصور الوسطى التي ازدهرت في عهدهم وتعتبر البلدة مكانا ملائما تماما لقضاء الليل.

مولي ديل كاسو والتي يجود بالقرب منه طاحونة مياه تعود للقرن الرابع عشر حيث يتاح للزائر تناول عشاء نباتي خفيف طازج مجلوب من حقول المنطقة ، على مناضد خشبية في ضوء الشموع، وحيث تقام الاحتفالات والمهرجانات طوال شهري تموز/ يوليو و آب/أغسطس . وتتميز بأنشطة مثل تسلق الجبال ومسابقات الطهي والعروض المسرحية والأسواق بخلاف الاستعراضات الراقصة في بلدات مثل برولانس و سولسونا وجوسا ديل كادي وبيلفر بيرجا ويقطعها جبل بيدرافوركا الشهير الذي يمتد في بلدة جوسول والتي تضم أطلال قلعة سنيور بينوس . التي استخدمها التطهيريون كملاذ لهم انطلاقا من جوسول.

وبعد مسيرة تمتد لعدة ساعات تصل الرحلة إلى دير كيرالت ، ببلدة بيرجا، والتي تعتبر نقطة الختام في هذه الحج الشاق والممتع عبر العصور الوسطى. يقبع الدير حاليا فوق قمة جبل يبلغ ارتفاعه 1200 متر وقد تم تشييده في القرن 18 , ويوجد به تمثال لعذراء مادونا يعود لأربعة قرون قبل تشييد الدير.s[

مانويل ماير
الاثنين 25 يوليو 2011