غلاف الكتاب الجديد
وعكس ما يريد ترديده أنصار المبادرة منها الا ان الحملة حازت على دعم حزب الشعب اليميني المتشدد ومازال الرأي العام السويسري يواصل الانقسام حولها بعد ان عرضت على التصويت الشعبي اواخر الشهر الماضي وصدر قرار بمنع بناء المآذن في سويسرا باعتبارها لاتدخل في الاطار الرئيسي للعقيدة بل تعد احد مظاهرها ورمز معماري يشير الي الديانة الاسلامية وليس احد ركائزها وهو الامر الذي لاينص القانون السويسري علي حظره.
وعلي خلفية اطلاق اليمين العنصري وبعض المسيحيين الإنجيليين في سويسرا تلك المبادرة التي تتضمن تعديلا في الدستور الفدرالي السويسري بإضافة فقرة إلى حد مواده تنص على حظر بناء المآذن في سويسرا صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب «معارك حول الإسلام فى الغرب.. مبادرة منع المآذن فى سويسرا» الذى كان قد أصدره مرصد الأديان السويسرى والذى تناول قضية المئذنة بالرصد والتحليل، متناولا مشكلة الفتنة التى أثيرت منذ فترة بسبب موضوع حظر بناء المآذن فى سويسرا والترجمة صدرت بالتعاون بين مرصد الأديان السويسرى وموقع إسلام أون لاين، وجاءت بعد مبادرة مؤسسة «الشروق» لمناهضة حظر بناء المآذن فى سويسرا، والتى استجاب وشارك فيها الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر
وينقل الكتاب النقاش السويسري إلى القارئ العربي والمسلم، وهو بمثابة اضاءات على مختلف الإشكالات النظرية والعملية في اشارة الي ان تلك المبادرة اثبتت ان موضوع المظاهر الإسلامية في الغرب أصبح محل اهتمام بالغ خلال السنوات الأخيرة لا سيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذا يوضح كيف إن الأمر لم يعد يقتصر على الحركية الإسلامية هناك( آو الإسلام السياسي) ولا برموز الهوية الإسلامية كما كان الحال مع قضية الحجاب في فرنسا بين سنوات 2004 و2006 أو مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول( صلى الله عليه وسلم) في الدانمارك عام 2005. كما أن المبادرة السويسرية اوضحت أن النقد هذه المرة يطال كل ما يحيل إلى الإسلام كمرجعية دينية وليس بالضرورة أن يكون متعلقا بالمسلمين أنفسهم بل يمكن أن يستهدف مجرد رمز معماري يشير إلى الديانة الإسلامية كمثل المئذنة.
والكتاب يتناول الدراسات التي تؤطر للموضوع من النواحي القانونية والتاريخية والسياسية، لاسيما في عرض دوافع وهوية الذين يقفون وراء مبادرة حظر بناء المآذن من الأحزاب اليمينية في اجابة عن سؤال اساسي : هل إن خوف الأطراف اليمينية السويسرية من "أسلمة" سويسرا كان مبررا؟، وبالتالي هل من معنى لهذه المبادرة في الواقع السويسري؟.
والكتاب يعد دراسة لمجموعة مقالات، جمعها كل من «ستيفان لاتيون» و«باتريك هانى»، ويضم مقالات لأسماء أكاديمية متخصصة فى أكثر من مجال معرفى، مثل التاريخ والقانون، مرورا بالاجتماع الدينى، ووصولا إلى حلقة العلاقات الدولية، حاولوا تقديم رؤية متكاملة تجمع بين الرصد والملاحظة والتحليل لقضية المئذنة فى السياق العام.
ترجمه وراجعه حسام تمام وحاول من خلاله نقل النقاش السويسرى حول هذه المشكلة إلى القارئ العربى بشكل عام، والمسلم بشكل خاص، وهو بمثابة تعريف، وتوضيح لمختلف الإشكالات النظرية والعملية والتحديات والرهانات التى يعكسها موضوع المئذنة، بما فى ذلك الوضع المتجدد للقضايا الإسلامية المتعلقة بالجاليات المسلمة التى تعيش على وقع ثقافة غربية بعيدة عن التقاليد الإسلامية، متمثلا فى إشكالية المئذنة، والتى يرى المترجم فى مقدمته أنها «تفتح الباب واسعا للأسئلة المتعلقة بتأثير المظاهر الدينية الإسلامية فى المجتمعات الغربية ثقافيا، وأيديولوجيا، ودور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، المحليين، والدوليين، فى إثارة النقاشات المتعلقة بوضع المجموعات الدينية الإسلامية فى الغرب، فى نفس الوقت الذى تظهر فيه حقائق الحياة اليومية للمسلمين والمسيحيين أن واقع العلاقات المتبادلة يعد أشد تعقيدا من فكرة الصراع الأيديولوجى».
الذى وردت فيه، محاولين أيضا الابتعاد بها عن العمومية والتناول الإعلامى، وفى نفس الوقت يضعونها خارج النطاق السويسرى الذى بدأت منه.
و يورد حسام تمام فى مقالة تحت عنوان «الرؤية العربية والإسلامية لأزمة المآذن فى سويسرا.. أسباب للصمت»، رؤيته بشأن ردود فعل إيجابية سجلت على قضية المئذنة، حيث لاحظ أن موقف الرأى العام العربى والإسلامى من موضوع المبادرة الشعبية ضد بناء المآذن، هادئ إلى حد كبير، ويتناول الأمر بقدر كبير من التعقل، على غير العادة فى هذه الظروف، ضاربا المثل بردود الفعل العنيفة للإعلام العربى فى قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول، والتى نشرتها صحيفة «جيولاندس بوستن» الدنماركية منذ فترة، ويفسر تمام حالة الهدوء النسبى هذه من الإعلام العربى تجاه قضية المئذنة، بأنها حالة تسببت فيها التغطية الإعلامية السويسرية التى تميزت بالدقة والمصداقية والمواكبة المستمرة لمجريات الحدث، ويعتبر أنها مسئولة على نحو ما عن التغطية الهادئة من قبل الإعلام العربى والإسلامى ومن ثم عن رد فعل الجمهور الذى اختلف كثيرا عن مواقف سابقة تعلق موضوعها برموز الهوية الإسلامية كما فى قضية الحجاب أو فى حالة الفيلم الهولندى «فتنة» على سبيل المثال، كما ينبه «تمام» إلى المفارقة المسجلة فى مواقف التيار السلفى التى تكاد تتناغم مع مواقف اليمينيين السويسريين فى عدم الأهمية الشرعية التى تبرر الاصطفاف لصالح المئذنة.
و الكتاب انخرط في المطابقة بين الحالة الإسلامية السويسرية والحالة الإسلامية الفرنسية بشكل ينفي أي اختلاف بينهما وهذا ما انتقدته بعض المواقع الاسلامية منها موقع اسلام اون لاين من خلال مراسليها بفرنسا الذين اكدوا انه على امتداد الدراسة المركزية للكتاب، والتي أنجزها كل من "باتريك هاني وسمير أمغار"، لم يتم الالتفات إلى تلك الإشارة العابرة عن الاختلاف بين الواقعين كما ورد في جملة هامشية يوردها الناشط في حزب الخضر السويسري "أنطونيو هودجيرز"، حينما تحدث عن "الإسلام البلقاني" الذي يمثل الوجه الأكثر بروزا "للإسلام السويسري"؛ حيث "الإسلام البلقاني" بالنسبة للناشط السويسري في حزب الخضر هو بالأساس "ثقافي"
كما ان أن الدراسات الأساسية للكتاب تناست أو تجاهلت هذا المعطى الأساسي في تحليل حالة الظاهرة الإسلامية في سويسرا وانخرطت في الاستعمال السهل لمقولات المحللين والباحثين الفرنسيين الجاهزة بكثير من العمق وقدر غير ضئيل من الحياد والمهنية ،، والتي لا يمكن إلا أن تنطبق على الواقع الفرنسي كما انها حرمتنا من اكتشاف خصوصية واقع "الإسلام البلقاني - السويسري"، أي لم تمكننا الدراسات المتتابعة من الكشف عن خصوصيات هذا الواقع وآليات عمله، خاصة كشف النظرة "التقليدية البلقانية" البعيدة عن النضالية التي يتسم بها الإسلام المغاربي العربي بفرنسا، وهو نقص مفهوم إذا علمنا أن أيا من دراسات الكتاب لم تنزل إلى الميدان لتقدم لنا معطيات عن هذا "الإسلام البلقاني" السويسري وعن خصائصه واتجاهاته العامة؛ لأنها اكتفت باستعمال المقولات النظرية التي اعتمدها المحللون الفرنسيون.
فيما تسبب (استيراد) كل مقولات التحليل للواقع الإسلامي الفرنسي وتطبيقها قسرا على واقع الجالية المسلمة بسويسرا في ايهام القارئ
أننا أمام مشروع "أسلمة فاشل"، وبالتالي فإن الدراسات الأساسية استوردت من حيت لا تدري آلية "التخويف من الإسلام"، وذلك بتطبيق منهج مقارنة خاطئ أدى إلى فهم مغالط، بصرف النظر عن إرادة الخط العام للدراسات التي يحتويها الكتاب، والتي تنحو إلى التدليل الحيادي على بطلان ادعاءات اليمين المتطرف السويسري في دعوته لحظر المآذن.
وفى عودة الي فصول الكتاب حاول «رشيد بن زين» في مجال التأريخ بمقالة تحت عنوان «المئذنة فى التاريخ الإسلامى» أن يصل إلى مكانة المئذنة فى التقاليد الإسلامية بوصفها مكونا معماريا لاحقا لخبرة الفتح الإسلامى فى المناطق المسيحية فى سوريا وفلسطين ومصر، بحيث يظهر التأثير التاريخى الذى لعبته أبراج الكنائس الأولى فى تحويل المئذنة إلى مكون معمارى ارتبط بالمسجد ارتباطا صارما زاد من أهميته الدور الذى تمثله المئذنة فى إلقاء الأذان والدعوة إلى الصلاة.
كما قدم كل من «باتريك هانى» و«سمير أمغار» مقالة موسعة بعنوان «فتح الغرب لن يحدث.. تأملات اجتماعية لتوسعية الإسلام» تتحدث عن المكون الإسلامى فى البيئة الغربية، أو ما يسميه الباحثان «الإسلام السياسى للأقلية»، حيث تتأثر الجاليات المسلمة فى دول الغرب كما المسلمون فى المجتمعات العربية بمعايير الثقافة الغربية لا سيما ما تعلق منها بالخصائص الديمغرافية من جهة، وبتمدد التيار السلفى من جهة ثانية. وعلى الرغم من انبثاق حركة تدين واسعة هناك، لكن يبدو أنه تدين فردانى يميل أكثر فأكثر إلى الابتعاد عن التعبئة وراء القضايا الخلافية وعن الثقافة الإسلامية المضادة، ويفضل التواصل مع الثقافة الكونية المتعولمة، مما يقلل من حدة الفكرة المنتشرة عن دور المسجد باعتباره ساحة للتعبئة والتشدد، ويظهره كفضاء للاتصال مع المحيط.
وتحت عنوان «منع المآذن فى الدستور الفيدرالى» تأتى مقالة «أروين تانر» لتقدم قراءة قانونية شاملة للمبادرة المذكورة، من حيث مطابقتها للنصوص الواردة فى الدستور الفيدرالى السويسرى فيما تعلق منها بالحقوق الأساسية وكذلك الاتفاقات الدولية بشأن حقوق الإنسان ، خاصة لو وضعنا فى الاعتبار أن الحظر يمس مجال حرية التعبير الدينى للجالية المسلمة فى سويسرا، كما أن الأهمية القانونية للمبادرة تظهر من خلال مبدأ المعاملة بالمثل الذى يرفعه اليمين المتطرف بشأن وضع الكنائس فى البلاد الإسلامية.
فيما تستحضر «لور جرجس» تطور مساحات وعلاقات التفاعل بين دور العبادة المسيحية فى العالم الإسلامى وبين دول الشرق الأوسط. فالسلطة السياسية والفاعلون الإسلاميون، بجانب المجموعات المسيحية والواقع الاجتماعى والاقتصادى فى الدول العربية، هى عوامل تسهم فى تحديد نمط وحجم هذا التفاعل الذى يتراوح بين الاعتراف الكلى والجزئى بالكنائس المسيحية من دولة إلى أخرى.
ويصنف «أوليفيه موس» الجدل المصاحب لموضوع المئذنة فى سويسرا فى إطار ما صار يعرف «بالنقد الموجه إلى الإسلام»، والذى نشأ عقب تفكك المعسكر الشيوعى، وتعمق أكثر بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر. فى هذا السياق تتغذى المخاوف المرتبطة بالإسلام بشكل ذاتى بحيث تتجمع كل القضايا التى يكون الإسلام والمسلمون موضوعا لها فى خانة التهديد بالتوسع والانتشار.
ويختتم الكتاب توضيح لكل من "اوليفييه و"باتريك هاني" يشير الي أن حقائق التفاعل بين المسلمين والمسيحيين هي اشد تعقيدا مما تطرحه المبادرة حول المآذن، في ذات الوقت الذي تكشف فيه الرؤية السويسرية في قضية منع بناء المآذن إن "الإسلام أصبح الآن أوروبيا" بحيث يطرح مسائل لها علاقة بجوهر الهوية الأوروبية التي تتأثر بسياق العولمة وانفتاح الحدود وتمدد الفواصل بين الأديان والثقافات.
ما نريد قوله إن (استيراد) كل مقولات التحليل للواقع الإسلامي الفرنسي وتطبيقها قسرا على واقع الجالية المسلمة بسويسرا يوهم فعلا أننا أمام مشروع "أسلمة فاشل"، وبالتالي فإن الدراسات الأساسية استوردت من حيت لا تدري آلية "التخويف من الإسلام"، وذلك بتطبيق منهج مقارنة خاطئ أدى إلى فهم مغالط، بصرف النظر عن إرادة الخط العام للدراسات التي يحتويها الكتاب، والتي تنحو إلى التدليل الحيادي على بطلان ادعاءات اليمين المتطرف السويسري في دعوته لحظر المآذن.
النتيجة الثانية لمنهجية التحليل الخاطئة في الكتاب أنها ومن حيث فسرت الواقع الإسلامي السويسري على أنه يطابق الواقع الإسلامي الفرنسي حرمتنا من اكتشاف خصوصية واقع "الإسلام البلقاني - السويسري"، أي لم تمكننا الدراسات المتتابعة من الكشف عن خصوصيات هذا الواقع وآليات عمله، خاصة كشف النظرة "التقليدية البلقانية" البعيدة عن النضالية التي يتسم بها الإسلام المغاربي العربي بفرنسا، وهو في اعتقادي نقص مفهوم إذا علمنا أن أيا من دراسات الكتاب لم تنزل إلى الميدان لتقدم لنا معطيات عن هذا "الإسلام البلقاني" السويسري وعن خصائصه واتجاهاته العامة؛ لأنها اكتفت باستعمال المقولات النظرية التي اعتمدها المحللون الفرنسيون.
وكنا نتمنى فعلا لو قدمت دراسة سوسيولوجية بين طيات الكتاب تسبر أغوار واقع الجالية المسلمة البلقانية في سويسرا، وعدم الاكتفاء باعتماد تنظيرات المحللين الفرنسيين "للإسلام الفرنسي"، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتمادها على واقع مغاير للواقع الفرنسي
وعلي خلفية اطلاق اليمين العنصري وبعض المسيحيين الإنجيليين في سويسرا تلك المبادرة التي تتضمن تعديلا في الدستور الفدرالي السويسري بإضافة فقرة إلى حد مواده تنص على حظر بناء المآذن في سويسرا صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب «معارك حول الإسلام فى الغرب.. مبادرة منع المآذن فى سويسرا» الذى كان قد أصدره مرصد الأديان السويسرى والذى تناول قضية المئذنة بالرصد والتحليل، متناولا مشكلة الفتنة التى أثيرت منذ فترة بسبب موضوع حظر بناء المآذن فى سويسرا والترجمة صدرت بالتعاون بين مرصد الأديان السويسرى وموقع إسلام أون لاين، وجاءت بعد مبادرة مؤسسة «الشروق» لمناهضة حظر بناء المآذن فى سويسرا، والتى استجاب وشارك فيها الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر
وينقل الكتاب النقاش السويسري إلى القارئ العربي والمسلم، وهو بمثابة اضاءات على مختلف الإشكالات النظرية والعملية في اشارة الي ان تلك المبادرة اثبتت ان موضوع المظاهر الإسلامية في الغرب أصبح محل اهتمام بالغ خلال السنوات الأخيرة لا سيما عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذا يوضح كيف إن الأمر لم يعد يقتصر على الحركية الإسلامية هناك( آو الإسلام السياسي) ولا برموز الهوية الإسلامية كما كان الحال مع قضية الحجاب في فرنسا بين سنوات 2004 و2006 أو مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول( صلى الله عليه وسلم) في الدانمارك عام 2005. كما أن المبادرة السويسرية اوضحت أن النقد هذه المرة يطال كل ما يحيل إلى الإسلام كمرجعية دينية وليس بالضرورة أن يكون متعلقا بالمسلمين أنفسهم بل يمكن أن يستهدف مجرد رمز معماري يشير إلى الديانة الإسلامية كمثل المئذنة.
والكتاب يتناول الدراسات التي تؤطر للموضوع من النواحي القانونية والتاريخية والسياسية، لاسيما في عرض دوافع وهوية الذين يقفون وراء مبادرة حظر بناء المآذن من الأحزاب اليمينية في اجابة عن سؤال اساسي : هل إن خوف الأطراف اليمينية السويسرية من "أسلمة" سويسرا كان مبررا؟، وبالتالي هل من معنى لهذه المبادرة في الواقع السويسري؟.
والكتاب يعد دراسة لمجموعة مقالات، جمعها كل من «ستيفان لاتيون» و«باتريك هانى»، ويضم مقالات لأسماء أكاديمية متخصصة فى أكثر من مجال معرفى، مثل التاريخ والقانون، مرورا بالاجتماع الدينى، ووصولا إلى حلقة العلاقات الدولية، حاولوا تقديم رؤية متكاملة تجمع بين الرصد والملاحظة والتحليل لقضية المئذنة فى السياق العام.
ترجمه وراجعه حسام تمام وحاول من خلاله نقل النقاش السويسرى حول هذه المشكلة إلى القارئ العربى بشكل عام، والمسلم بشكل خاص، وهو بمثابة تعريف، وتوضيح لمختلف الإشكالات النظرية والعملية والتحديات والرهانات التى يعكسها موضوع المئذنة، بما فى ذلك الوضع المتجدد للقضايا الإسلامية المتعلقة بالجاليات المسلمة التى تعيش على وقع ثقافة غربية بعيدة عن التقاليد الإسلامية، متمثلا فى إشكالية المئذنة، والتى يرى المترجم فى مقدمته أنها «تفتح الباب واسعا للأسئلة المتعلقة بتأثير المظاهر الدينية الإسلامية فى المجتمعات الغربية ثقافيا، وأيديولوجيا، ودور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، المحليين، والدوليين، فى إثارة النقاشات المتعلقة بوضع المجموعات الدينية الإسلامية فى الغرب، فى نفس الوقت الذى تظهر فيه حقائق الحياة اليومية للمسلمين والمسيحيين أن واقع العلاقات المتبادلة يعد أشد تعقيدا من فكرة الصراع الأيديولوجى».
الذى وردت فيه، محاولين أيضا الابتعاد بها عن العمومية والتناول الإعلامى، وفى نفس الوقت يضعونها خارج النطاق السويسرى الذى بدأت منه.
و يورد حسام تمام فى مقالة تحت عنوان «الرؤية العربية والإسلامية لأزمة المآذن فى سويسرا.. أسباب للصمت»، رؤيته بشأن ردود فعل إيجابية سجلت على قضية المئذنة، حيث لاحظ أن موقف الرأى العام العربى والإسلامى من موضوع المبادرة الشعبية ضد بناء المآذن، هادئ إلى حد كبير، ويتناول الأمر بقدر كبير من التعقل، على غير العادة فى هذه الظروف، ضاربا المثل بردود الفعل العنيفة للإعلام العربى فى قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول، والتى نشرتها صحيفة «جيولاندس بوستن» الدنماركية منذ فترة، ويفسر تمام حالة الهدوء النسبى هذه من الإعلام العربى تجاه قضية المئذنة، بأنها حالة تسببت فيها التغطية الإعلامية السويسرية التى تميزت بالدقة والمصداقية والمواكبة المستمرة لمجريات الحدث، ويعتبر أنها مسئولة على نحو ما عن التغطية الهادئة من قبل الإعلام العربى والإسلامى ومن ثم عن رد فعل الجمهور الذى اختلف كثيرا عن مواقف سابقة تعلق موضوعها برموز الهوية الإسلامية كما فى قضية الحجاب أو فى حالة الفيلم الهولندى «فتنة» على سبيل المثال، كما ينبه «تمام» إلى المفارقة المسجلة فى مواقف التيار السلفى التى تكاد تتناغم مع مواقف اليمينيين السويسريين فى عدم الأهمية الشرعية التى تبرر الاصطفاف لصالح المئذنة.
و الكتاب انخرط في المطابقة بين الحالة الإسلامية السويسرية والحالة الإسلامية الفرنسية بشكل ينفي أي اختلاف بينهما وهذا ما انتقدته بعض المواقع الاسلامية منها موقع اسلام اون لاين من خلال مراسليها بفرنسا الذين اكدوا انه على امتداد الدراسة المركزية للكتاب، والتي أنجزها كل من "باتريك هاني وسمير أمغار"، لم يتم الالتفات إلى تلك الإشارة العابرة عن الاختلاف بين الواقعين كما ورد في جملة هامشية يوردها الناشط في حزب الخضر السويسري "أنطونيو هودجيرز"، حينما تحدث عن "الإسلام البلقاني" الذي يمثل الوجه الأكثر بروزا "للإسلام السويسري"؛ حيث "الإسلام البلقاني" بالنسبة للناشط السويسري في حزب الخضر هو بالأساس "ثقافي"
كما ان أن الدراسات الأساسية للكتاب تناست أو تجاهلت هذا المعطى الأساسي في تحليل حالة الظاهرة الإسلامية في سويسرا وانخرطت في الاستعمال السهل لمقولات المحللين والباحثين الفرنسيين الجاهزة بكثير من العمق وقدر غير ضئيل من الحياد والمهنية ،، والتي لا يمكن إلا أن تنطبق على الواقع الفرنسي كما انها حرمتنا من اكتشاف خصوصية واقع "الإسلام البلقاني - السويسري"، أي لم تمكننا الدراسات المتتابعة من الكشف عن خصوصيات هذا الواقع وآليات عمله، خاصة كشف النظرة "التقليدية البلقانية" البعيدة عن النضالية التي يتسم بها الإسلام المغاربي العربي بفرنسا، وهو نقص مفهوم إذا علمنا أن أيا من دراسات الكتاب لم تنزل إلى الميدان لتقدم لنا معطيات عن هذا "الإسلام البلقاني" السويسري وعن خصائصه واتجاهاته العامة؛ لأنها اكتفت باستعمال المقولات النظرية التي اعتمدها المحللون الفرنسيون.
فيما تسبب (استيراد) كل مقولات التحليل للواقع الإسلامي الفرنسي وتطبيقها قسرا على واقع الجالية المسلمة بسويسرا في ايهام القارئ
أننا أمام مشروع "أسلمة فاشل"، وبالتالي فإن الدراسات الأساسية استوردت من حيت لا تدري آلية "التخويف من الإسلام"، وذلك بتطبيق منهج مقارنة خاطئ أدى إلى فهم مغالط، بصرف النظر عن إرادة الخط العام للدراسات التي يحتويها الكتاب، والتي تنحو إلى التدليل الحيادي على بطلان ادعاءات اليمين المتطرف السويسري في دعوته لحظر المآذن.
وفى عودة الي فصول الكتاب حاول «رشيد بن زين» في مجال التأريخ بمقالة تحت عنوان «المئذنة فى التاريخ الإسلامى» أن يصل إلى مكانة المئذنة فى التقاليد الإسلامية بوصفها مكونا معماريا لاحقا لخبرة الفتح الإسلامى فى المناطق المسيحية فى سوريا وفلسطين ومصر، بحيث يظهر التأثير التاريخى الذى لعبته أبراج الكنائس الأولى فى تحويل المئذنة إلى مكون معمارى ارتبط بالمسجد ارتباطا صارما زاد من أهميته الدور الذى تمثله المئذنة فى إلقاء الأذان والدعوة إلى الصلاة.
كما قدم كل من «باتريك هانى» و«سمير أمغار» مقالة موسعة بعنوان «فتح الغرب لن يحدث.. تأملات اجتماعية لتوسعية الإسلام» تتحدث عن المكون الإسلامى فى البيئة الغربية، أو ما يسميه الباحثان «الإسلام السياسى للأقلية»، حيث تتأثر الجاليات المسلمة فى دول الغرب كما المسلمون فى المجتمعات العربية بمعايير الثقافة الغربية لا سيما ما تعلق منها بالخصائص الديمغرافية من جهة، وبتمدد التيار السلفى من جهة ثانية. وعلى الرغم من انبثاق حركة تدين واسعة هناك، لكن يبدو أنه تدين فردانى يميل أكثر فأكثر إلى الابتعاد عن التعبئة وراء القضايا الخلافية وعن الثقافة الإسلامية المضادة، ويفضل التواصل مع الثقافة الكونية المتعولمة، مما يقلل من حدة الفكرة المنتشرة عن دور المسجد باعتباره ساحة للتعبئة والتشدد، ويظهره كفضاء للاتصال مع المحيط.
وتحت عنوان «منع المآذن فى الدستور الفيدرالى» تأتى مقالة «أروين تانر» لتقدم قراءة قانونية شاملة للمبادرة المذكورة، من حيث مطابقتها للنصوص الواردة فى الدستور الفيدرالى السويسرى فيما تعلق منها بالحقوق الأساسية وكذلك الاتفاقات الدولية بشأن حقوق الإنسان ، خاصة لو وضعنا فى الاعتبار أن الحظر يمس مجال حرية التعبير الدينى للجالية المسلمة فى سويسرا، كما أن الأهمية القانونية للمبادرة تظهر من خلال مبدأ المعاملة بالمثل الذى يرفعه اليمين المتطرف بشأن وضع الكنائس فى البلاد الإسلامية.
فيما تستحضر «لور جرجس» تطور مساحات وعلاقات التفاعل بين دور العبادة المسيحية فى العالم الإسلامى وبين دول الشرق الأوسط. فالسلطة السياسية والفاعلون الإسلاميون، بجانب المجموعات المسيحية والواقع الاجتماعى والاقتصادى فى الدول العربية، هى عوامل تسهم فى تحديد نمط وحجم هذا التفاعل الذى يتراوح بين الاعتراف الكلى والجزئى بالكنائس المسيحية من دولة إلى أخرى.
ويصنف «أوليفيه موس» الجدل المصاحب لموضوع المئذنة فى سويسرا فى إطار ما صار يعرف «بالنقد الموجه إلى الإسلام»، والذى نشأ عقب تفكك المعسكر الشيوعى، وتعمق أكثر بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر. فى هذا السياق تتغذى المخاوف المرتبطة بالإسلام بشكل ذاتى بحيث تتجمع كل القضايا التى يكون الإسلام والمسلمون موضوعا لها فى خانة التهديد بالتوسع والانتشار.
ويختتم الكتاب توضيح لكل من "اوليفييه و"باتريك هاني" يشير الي أن حقائق التفاعل بين المسلمين والمسيحيين هي اشد تعقيدا مما تطرحه المبادرة حول المآذن، في ذات الوقت الذي تكشف فيه الرؤية السويسرية في قضية منع بناء المآذن إن "الإسلام أصبح الآن أوروبيا" بحيث يطرح مسائل لها علاقة بجوهر الهوية الأوروبية التي تتأثر بسياق العولمة وانفتاح الحدود وتمدد الفواصل بين الأديان والثقافات.
ما نريد قوله إن (استيراد) كل مقولات التحليل للواقع الإسلامي الفرنسي وتطبيقها قسرا على واقع الجالية المسلمة بسويسرا يوهم فعلا أننا أمام مشروع "أسلمة فاشل"، وبالتالي فإن الدراسات الأساسية استوردت من حيت لا تدري آلية "التخويف من الإسلام"، وذلك بتطبيق منهج مقارنة خاطئ أدى إلى فهم مغالط، بصرف النظر عن إرادة الخط العام للدراسات التي يحتويها الكتاب، والتي تنحو إلى التدليل الحيادي على بطلان ادعاءات اليمين المتطرف السويسري في دعوته لحظر المآذن.
النتيجة الثانية لمنهجية التحليل الخاطئة في الكتاب أنها ومن حيث فسرت الواقع الإسلامي السويسري على أنه يطابق الواقع الإسلامي الفرنسي حرمتنا من اكتشاف خصوصية واقع "الإسلام البلقاني - السويسري"، أي لم تمكننا الدراسات المتتابعة من الكشف عن خصوصيات هذا الواقع وآليات عمله، خاصة كشف النظرة "التقليدية البلقانية" البعيدة عن النضالية التي يتسم بها الإسلام المغاربي العربي بفرنسا، وهو في اعتقادي نقص مفهوم إذا علمنا أن أيا من دراسات الكتاب لم تنزل إلى الميدان لتقدم لنا معطيات عن هذا "الإسلام البلقاني" السويسري وعن خصائصه واتجاهاته العامة؛ لأنها اكتفت باستعمال المقولات النظرية التي اعتمدها المحللون الفرنسيون.
وكنا نتمنى فعلا لو قدمت دراسة سوسيولوجية بين طيات الكتاب تسبر أغوار واقع الجالية المسلمة البلقانية في سويسرا، وعدم الاكتفاء باعتماد تنظيرات المحللين الفرنسيين "للإسلام الفرنسي"، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتمادها على واقع مغاير للواقع الفرنسي


الصفحات
سياسة








