تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


ميزانية حكومة الإسلاميين بالمغرب ...بوادر تقشف أم سياسة ترشيد..؟




الرباط- مروة سالم -حبست الحكومة الجديدة في المغرب أنفاس الفاعلين الاقتصاديين والمتتبعين من الذين كانوا يرغبون قياس نية الفريق الحكومي، برئاسة حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وحرصهم على التغيير الفعلي في مجال التدبير المالي.


ميزانية حكومة الإسلاميين بالمغرب ...بوادر تقشف أم سياسة ترشيد..؟
فمشروع قانون المالية لعام 2012، الذي اقترحته الحكومة الجديدة، على بعد أسابيع من تنصيبها من قبل البرلمان، حمل بعض اللمسات الخاصة، وفتح الباب للتساؤل إن كانت الحكومة الحالية، التي يقودها لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي إسلاميون أتوا من صف المعارضة، تسعى إلى نهج سياسة مالية تقشفية، أم أن الأمر لا يعدو أن يتجاوز منطق الترشيد الذي يسمح بقطع الطريق أمام النفقات الخيالية، أو تلك التي يمكن تجاوزها واستبدالها بنفقات استثمارية تعود بالنفع وبالمصلحة العامة على المجتمع.

فحتى قبل إماطة اللثام عن الإجراءات التي جاء بها قانون حكومة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلامي، رفض وزراء هذا الحزب أن يستقلوا سيارات فارهة، كما رفضوا حجز تذاكر الطائرة في الدرجة الأولى، واكتفى عددهم، خلال المهام التي قاموا بها، بالسفر في الدرجة الاقتصادية، من منطلق أن المال هو مال عمومي ولا بد من الحفاظ عليه. مواقف غريبة ضمن ممارسات المسؤولين السابقين الذين تقلدوا مهام وزارية، غير أن خيارات وزراء العدالة والتنمية لم تسلم من انتقادات بعض الجهات، التي اعتبرت أن الأمر مجرد "شعبوية" وأن ما ينتظره المواطن المغربي هو تحسين وضعه الاجتماعي والمادي.

يعترف الوزير المكلف بالميزانية إدريس الأزمي الإدريسي، بأن الظرفية الاقتصادية، سواء العالمية أو الوطنية، التي أعد فيها مشروع قانون مالية 2012 ، لم تكن سهلة، وأنها عسرت مهمة القائمين على الشأن المالي والاقتصادي في البلاد، إلى درجة أن الحكومة تراجعت في عدد من الأرقام والنسب التي حاولت ترويجها منذ أن بدأت اشتغالها.

فالوزير المنتدب المكلف بالميزانية، الأزمي، في تصريح خص به وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. ا)، يشدد على أن ميزانية هذا العام ليست ميزانية تقشف، بقدر ما أنها ميزانية ترشيد وميزانية غلب فيها الطابع الاجتماعي، للوصول إلى تلبية حاجيات فئات عريضة من المجتمع المغربي، مشددا على الدور الذي سيلعبه صندوق التماسك الاجتماعي الذي خصص له مبلغ ملياري درهم، سيمول بالأساس من مساهمات شركات القطاع الخاص التي تحقق أرباحا عالية. كما سيمول الصندوق بنسبة 1.5 في المئة من مداخيل الضريبة على التبغ. اقتراح صفقت له مختلف المكونات بما فيها المنتمية إلى المعارضة، لكن طرحت مجموعة من الاقتراحات العملية حتى لا تختفي روح التضامن والتماسك الاجتماعي للصندوق بمجرد الإعلان عن انطلاق عمله فعليا.

يستحضر الأزمي جيدا الظروف السياسية التي انبثقت فيها الحكومة الجديدة، والحراك الذي لم يسلم منه الشارع المغربي على غرار باقي شوارع الدول العربية، وكذا جملة من الإصلاحات السياسية والدستورية التي اعتمدت، "كل هذه عوامل"، يقول الوزير المنتمي إلى العدالة والتنمية، "ساهمت في بلورة ميزانية راعت الظرفية الاقتصادية العالمية والأزمة التي خيمت على مختلف دول العالم، بما فيها الدول الشريكة للمغرب أي دول الاتحاد الأوربي". كما اعتمدت الحكومة في إعدادها للميزانية على ثلاث فرضيات، تتمثل في معدل نمو الناتج الداخلي الخام بـ 4,2 في المئة، ومعدل التضخم في 2,5 في المئة، وسعر متوسط برميل البترول في 100 دولار.

كما شدد الوزير على ضرورة الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية من خلال الرفع من الادخار العمومي قصد تمويل الاستثمار العمومي مع الحفاظ على إطار ماكرو اقتصادي سليم عبر التحكم في عجز الميزانية حيث لا يجب أن تتجاوز نسبة 3% من الناتج الداخلي الخام، ثم تحسين بنية الميزانية.

وعمليا، تراهن الحكومة على تحسين مداخليها وتقليص المصاريف، إنها معادلة صعبة تحتاج اتخاذ إجراءات جريئة من قبيل الحد من بعض النفقات المرتبطة بالبنايات والفندقة وكذا تلك الخاصة بالدراسات، والتي كانت تكلف ميزانية الدولة مبالغ هامة.

أما تحسين المداخيل، فيتأتى بتوسيع الوعاء الجبائي عبر محاربة التملص الضريبي، وفي هذا الصدد، رفعت وزارة المالية شعار "لا للتملص الضريبي" وأن الجميع سواسية أمام القانون، واعتبر الوزير المكلف بالميزانية أنه لن يتم التساهل في هذا المضمار، معتبرا أداء الضريبة واجب وطني لا يمكن التملص منه.

وبالنظر إلى الحركات الاحتجاجية المستمرة لحاملي الشهادات والشهادات العليا، فإن الحكومة قررت امتصاص أفواج العاطلين بتخصيص أزيد من 26 ألف منصب شغل، مقابل حوالي 18 ألف منصب شغل معدل الفترة الممتدة بين 2008 و2011، غير أن هناك من المتتبعين من يعتبر عدد المناصب المعلن عنها غير كافية للقضاء على معضلة البطالة التي باتت تنخر المجتمع المغربي. وفي المقابل، تراهن الحكومة على التشغيل في القطاع الخاص بمختلف الصيغ، وتقدم تشجيعا للمقاولات التي تتمكن من إدماج شباب، إلى جانب تشجيع هؤلاء على إقامة مشاريع خاصة بهم.

كما يرى الوزير الأزمي أنه من غير المنطقي أن تستمر الدولة في تخصيص غلاف مالي هام لدعم المواد الأساسية على رأسها المحروقات النفطية والسكر والدقيق، في إشارة منه إلى ضرورة الاهتمام بالاستثمار الذي يعد أساس دورة التنمية الاقتصادية. وفي هذا المجال، قررت الحكومة تخصيص مبلغ 188 مليار درهم للاستثمار، وتراهن في الوقت نفسه على إصلاح نظام المقاصة في البلاد، للقطع مع تخصيص دعم لفئات لا تستحق الدعم.

ودائما في مجال الاستثمار، وبالنظر إلى الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوربي، تراهن الحكومة الجديدة على جلب استثمارات إضافية من دول الاتحاد، إيمانا منها أن الوضع المتقدم من شأنه أن يساهم في خلق ديناميكية للاستثمارات الأوروبية بالمغرب. فبعد سنتين من الانكماش الناتج عن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، تفيد وزارة الاقتصاد والمالية، أن التدفقات الاستثمارية المباشرة الأجنبية سجلت انتعاشا عام 2010، وعرفت ارتفاعا بنسبة 28 في المائة مقارنة مع سنة 2009 لتبلغ 32,3 مليار درهم.

إن الحكومة الحالية التي يقودها إسلاميون تجد نفسها أمام اختيار مالي كبير، خصوصا أن الظروف الحالية سواء الداخلية أو الخارجية تبقى جد صعبة. وإذا كان الاقتصاد الوطني يراهن في جزء كبير على القطاع الفلاحي، فإن انحباس المطر، وظهور بوادر سنة فلاحية جافة، زاد من تعقيد مهمة الحكومة، التي يراهن عليها المجتمع بمختلف فئاته بأنها ستقدم الجديد.

مروة سالم
الثلاثاء 3 أبريل 2012