الروائي اللبناني رشيد الضعيف
كان من المنتظر أن تخيّم الأجواء الحوارية العاصفة، كما الطقس العاصف في مدينة بيروت، على أعمال اليوم الثاني من "ملتقى الروائيين العرب" نظراً لاهتمام اللبنانيين خاصة والعرب عامة بالمواضيع التي تتمحور حولها ندوات اليوم الثاني. لكن الندوات مرّت بهدوء فضائحي بسبب الخلل في تنظيمها.
منذ يومين تتناقل في اوساط بيروت الثقافية إشاعة مفادها أن "النادي الثقافي العربي" يواجه مشكلة تنظيمية في تنظيمه لملتقى الروائيين العرب، وأن بعض المدعويين قرروا التغيّب. كان يوم الأربعاء موعداً مع تحقق هذه الإشاعة.
ففي الندوة الأولى التي تحمل عنوان "الرواية والحرب" غابت الروائية ليانا بدر. أما في الندوة الثانية التي حملت عنوان "الرواية والتحولات السياسية" فقد حلّت الكارثة الفضيحة عليها: تغيّب كلّ من الروائيين تركي الحمد ويوسف القعيد، كما تغيّب مدير الندوة جورج دورليان.
"الرواية والحرب"
انعقدت الندوة الثانية من ندوات ملتقى الروائيين العرب بغياب الروائية ليانا بدر. اشترك في الندوة الروائيين اللبناني رشيد الضعيف والعراقي جنان جاسم حلاوة، وأدارتها رفيف صيداوي.
جنان يوسف
تحدث أولاً الكاتب جنان يوسف حلاوة الذي خبر في حياته حروباً عدّة، قبل أن يهاجر الى السويد سنة 1984. تحدّث القاص والروائي العراقي عن تجربته الشخصية في الحرب وعلاقتها بالكتابة.
اعتبر ان التحولات المؤثرة والعميقة تفرض نفسها على الأديب، وتدخل في عمله الكتابي عن وعي أو عن لاوعي. وقال ان التجربة لا تأخذ بالضرورة اسلوب السيرة الذاتية، إنما هي "الأساس الإنساني الذي ينطلق منه الكاتب لإنشاء عمله الإبداعي".
الكاتب عاش بعض هذه التجارب، "قسم منها فرض عليّ وقسم آخر خبرته بإرادتي". فقد روى أنه إبان الحرب العراقية الإيرانية فرض عليه الذهاب الى الجبهة حيث "كنا نحن الجنود نشم رائحة الموت مع الهواء".
عن تلك الأيام كتب "ليل البلاد". اشار الى انه لم يكتب سيرته الذاتية بل كتب عن الجنود رفاقه وعن أجواء الحرب. قال ان روايته هذه "تصف عوالم القسوة والموت والخراب في حرب عبثية لا قيمة لها إلا في أذهان الجنرالات المهووسين بها".
أكد ان درايته بمواقع القتال لعبت دورها في ما سجّله في الرواية، "أما ابطالها فهم جنود عشت معهم قصة الحرب آنذاك".
روى كيف التحق بعد الحرب باليساريين في جبال شمال العراق في حرب "تكتنف العنف نفسه" مع فارق بسيط هو ان "المقاتل مقتنع بايديولوجيا ما". اشار الى ان وقائع القتال بين القوى اليسارية العراقية والمقاتلين الأكراد دخلت في روايته "ليل البلاد" في جزئها الثاني، وبشكل خاص معركة بيشتاشان التي وقعت في قرية بيشتاشان الصغيرة على الحدود العراقية الايرانية.
تحدث عن انتمائه الى المقاومة الوطنية الفلسطينية وبقائه سبع سنوات في صفوفها. "كانت ايام عميقة في صفوف المقاومة الفلسطينية شكلت اساس رواية "دروب وغبار". في روايته هذه ظهرت أماكن صبرا وشاتيلا وعين الحلوة والمية ومية التي تجمع "المنفيين" الفلسطينيين في لبنان.
أما في روايته "اماكن حارة"، فقد وصف مدينة البصرة اثناء القصف الايراني عليها وهروب سكانها منها. وفي روايته "هواء قليل" كانت وقائع "حرب احتلال الاميركان للعراق" الاساس في العمل.
اشار الى انه كتب رواية واحدة لا تعنى بالحرب مباشرة هي "ياكوكتي". غير أن "كل صفاتها تشير الى المصير المأساوي التي ستتعرض له المدينة بعد سنوات".
اعتبر الكاتب ان الحرب تركت آثاراً عميقة على حياته وحياة اهله واصدقائه، و"لا تزال الآثار ماثلة في نفوسنا نحن العراقيون".
وختم الكاتب عرضه بالتذكير بانه يكتب عن اشخاص عرفهم، و"لكن اعود الى معاينتي الشخصية لوصف السياقات والامكنة". وأكد انه يتجنب تماماً اسلوب المصادفات الروائية، "فأنا اكتب دائماً كتابات تصوّر الحياة لكنها لا تشبهها لأن الرواية لا تشبه الحياة، فهي جزء منها. هي فنّ فحسب".
رشيد الضعيف
بدأ الكاتب والشاعر اللبناني رشيد الضعيف كلمته بحكم شخصي: "أنا هُزمت". قال أنه بدأ بـ"أنا" لأنه لا يريد أن يعمم، فخلال 15 سنة من سنوات الحرب التي عاشها لبنان "كنت أشعر كل يوم بأنني أهزم أكثر فأكثر". رأى انه في بدايه الحرب كان يصارع من أجل الدولة والاشتراكية، و"اكتشفنا ان كل ما كنّا نحلم به ذهب هباءً". هذا جعله يتحقق "بالملموس" من المقولة الفلسفية التي تقول ان البشر لا يصنعون التاريخ بل هم عملاء له، وهو يصنع نفسه عبرنا. الكاتب تحدّث عن أثر الحرب في رواياته كما يراه هو نفسه.
قال: "انا هزمت، ولكنني في الوقت نفسه اقول: أنا اشبه الملايين والملايين يشبهونني". اعتبر ان اول شيء في الهزيمة هو سقوط المعتقدات، "سقوط ما كنت اعتقد انه حقيقة". اشار الى سقوط المفاهيم التي كان يرى بها العالم "على الأقل كما كنت استخدم هذه المفاهيم"، هو الذي كان شيوعياً وماركسياً. تساءل عن النظرية التي كان يراها "وسيلة لتغيير العالم" مؤكداً: "هذا لا يعني انني عدت الى طائفتي، بل هذا زادني بعداً عن الطوائف وبعداً عن الدين"، فالدين برأيه كان وسيلة تقتتل عبرها الطوائف، وكان الملحدون أقل من يقتلون.
اشار الى ان "سقوط معتقداتي أثر في كتابتي: لم يعد هناك بطل ايجابي يبني المجتمع" مؤكداً ان "كل الشخصيات التي حاولت رسمها في رواياتي هي شخصيات مهزومة لا أحبها"، واطلق حكماً على هذه الشخصيات: "احاول ان ارسم شخصيات مهزومة لأبتعد عنها".
اكد الضعيف انه لا يقول ان الماركسية سقطت، ولكن "ماركسيتي هي التي سقطت"، مستطرداً في القول ان هناك ضرورة لأن نكون تاريخيين و"لأن لا نعيش للميتافيزيقيا، وان نعيش لنبني اوطاننا ونبني حياتنا". ذكر ان هذا التفكير انعكس على طريقته في الكتابة، "فأنا لا انتقد طبقة ولا دين ولا طائفة، ولا أحد، إنما أسائل المبادئ الأخلاقية التي تبنى عليها السياسة".
الكاتب الذي اعترف بجرأته في الكتابة اعتبر "ان الجرأة لا تصنع أدباً". فهو عندما يقول مثلاً ان "الفراش هو مكان صراع بين الحداثة والتقليد" يطرح اسئلة على الإتيقا، اي على الأسسس الأخلاقية، مشيراً الى ان وصف ما يجري بين الرجل والمرأة لا يثير اهتمامه، فالمهم هو طرح الأسئلة على "المبادئ التي نبني عليها حضارتنا وثقافتنا ونبني عليها السياسة".
تساءل الكاتب عمّا تبقى له بعد سقوط ماركسيته وعدم ارتداده الى التديّن موضحاً ان اسئلته انعكست في كل ما يكتب. "تبيّن لي ان الحرب تعرّي الإنسان. الحرب عرّتنا واظهرتنا على حقيقتنا". تساءل عن كيفية تمظهر الدين طوائفاً في التاريخ. اسئلته الكثيرة ادّت الى انه "لم أبنِ شخصية بنت شيئاً، بنت مجتمعاً، بطلاً ايجابياً".
تحدّث عن اثر البلاغة في كتابته طارحاً اسئلة على "انهار الدماء" والكره و"التضخم في الشهادة" ("كنا نبيع الشهداء. كان يسقط لنا شهداء في الخلاف على الشهداء"). فبرأيه أن "البلاغة اكثر من اللغة. هي تعكس نظرة الإنسان الى العالم أكثر من لغته. في بلاغتنا النظرة الفلسفية للوجود". اشار الى انه حاول الكتابة بـ"بلاغة مختلفة"، بقدر ما يستطيع، وحاول الكتابة بلغة جديدة "بعيدة عن بلاغة الإطناب والطرب اللغوي". اوضح انه حاول الكتابة بلغة تستتر خلف الاحداث ولا تستعرض نفسها ، و"ذلك حتى اخفف من النظرة التي تحملها البلاغة للعالم".
اعترض على البلاغة السائدة التي تحكمها النظرة الثنائية للأشياء: خير وشر، ابيض واسود، ما ادى برأيه الى "غياب السيكولوجيا والتعقيد في العالم" مؤكداً انه "هناك ملايين الحالات بين الصالح والشرير".
"الرواية والتحولات السياسية"
كان من المنتظر ان تكون الندوة الثالثة من ندوات ملتقى الروائيين العرب حدثاً مهماً نظراً لأهمية موضوعها في العالم العربي: "الرواية والتحولات السياسية". لكن فشل هذه الندوة كان مدوياً. غاب الروائيين تركي الحمد ويوسف القعيد. غاب مدير الندوة جورج دورليان، فحلّت مكانه رفيف صيداوي. لم يحضر سوى الروائي اللبناني جورج شامي.
كلمة وحيدة ابتعد فيها الكاتب عن موضوع الندوة الاساسي: الرواية. فضّل ان يتحدث عن القسم الثاني من العنوان: التحولات السياسية. فكان ان القى كلمة تستعرض برتابة التطورات السياسية منذ قيام دولة اسرائيل. ولم يتطرق لال علاقة التحولات السياسية بالأدب بشكل عام أو بكتابته الشخصية بشكل خاص! فقط اشار الى ان هناك "نحساً" يلاحقه في كافة مراحل حياته التي عاصر خلالها كافة التيارات الفكرية التي ولدت في العالم العربي على امتداد سني عمره الثمانين!
منذ يومين تتناقل في اوساط بيروت الثقافية إشاعة مفادها أن "النادي الثقافي العربي" يواجه مشكلة تنظيمية في تنظيمه لملتقى الروائيين العرب، وأن بعض المدعويين قرروا التغيّب. كان يوم الأربعاء موعداً مع تحقق هذه الإشاعة.
ففي الندوة الأولى التي تحمل عنوان "الرواية والحرب" غابت الروائية ليانا بدر. أما في الندوة الثانية التي حملت عنوان "الرواية والتحولات السياسية" فقد حلّت الكارثة الفضيحة عليها: تغيّب كلّ من الروائيين تركي الحمد ويوسف القعيد، كما تغيّب مدير الندوة جورج دورليان.
"الرواية والحرب"
انعقدت الندوة الثانية من ندوات ملتقى الروائيين العرب بغياب الروائية ليانا بدر. اشترك في الندوة الروائيين اللبناني رشيد الضعيف والعراقي جنان جاسم حلاوة، وأدارتها رفيف صيداوي.
جنان يوسف
تحدث أولاً الكاتب جنان يوسف حلاوة الذي خبر في حياته حروباً عدّة، قبل أن يهاجر الى السويد سنة 1984. تحدّث القاص والروائي العراقي عن تجربته الشخصية في الحرب وعلاقتها بالكتابة.
اعتبر ان التحولات المؤثرة والعميقة تفرض نفسها على الأديب، وتدخل في عمله الكتابي عن وعي أو عن لاوعي. وقال ان التجربة لا تأخذ بالضرورة اسلوب السيرة الذاتية، إنما هي "الأساس الإنساني الذي ينطلق منه الكاتب لإنشاء عمله الإبداعي".
الكاتب عاش بعض هذه التجارب، "قسم منها فرض عليّ وقسم آخر خبرته بإرادتي". فقد روى أنه إبان الحرب العراقية الإيرانية فرض عليه الذهاب الى الجبهة حيث "كنا نحن الجنود نشم رائحة الموت مع الهواء".
عن تلك الأيام كتب "ليل البلاد". اشار الى انه لم يكتب سيرته الذاتية بل كتب عن الجنود رفاقه وعن أجواء الحرب. قال ان روايته هذه "تصف عوالم القسوة والموت والخراب في حرب عبثية لا قيمة لها إلا في أذهان الجنرالات المهووسين بها".
أكد ان درايته بمواقع القتال لعبت دورها في ما سجّله في الرواية، "أما ابطالها فهم جنود عشت معهم قصة الحرب آنذاك".
روى كيف التحق بعد الحرب باليساريين في جبال شمال العراق في حرب "تكتنف العنف نفسه" مع فارق بسيط هو ان "المقاتل مقتنع بايديولوجيا ما". اشار الى ان وقائع القتال بين القوى اليسارية العراقية والمقاتلين الأكراد دخلت في روايته "ليل البلاد" في جزئها الثاني، وبشكل خاص معركة بيشتاشان التي وقعت في قرية بيشتاشان الصغيرة على الحدود العراقية الايرانية.
تحدث عن انتمائه الى المقاومة الوطنية الفلسطينية وبقائه سبع سنوات في صفوفها. "كانت ايام عميقة في صفوف المقاومة الفلسطينية شكلت اساس رواية "دروب وغبار". في روايته هذه ظهرت أماكن صبرا وشاتيلا وعين الحلوة والمية ومية التي تجمع "المنفيين" الفلسطينيين في لبنان.
أما في روايته "اماكن حارة"، فقد وصف مدينة البصرة اثناء القصف الايراني عليها وهروب سكانها منها. وفي روايته "هواء قليل" كانت وقائع "حرب احتلال الاميركان للعراق" الاساس في العمل.
اشار الى انه كتب رواية واحدة لا تعنى بالحرب مباشرة هي "ياكوكتي". غير أن "كل صفاتها تشير الى المصير المأساوي التي ستتعرض له المدينة بعد سنوات".
اعتبر الكاتب ان الحرب تركت آثاراً عميقة على حياته وحياة اهله واصدقائه، و"لا تزال الآثار ماثلة في نفوسنا نحن العراقيون".
وختم الكاتب عرضه بالتذكير بانه يكتب عن اشخاص عرفهم، و"لكن اعود الى معاينتي الشخصية لوصف السياقات والامكنة". وأكد انه يتجنب تماماً اسلوب المصادفات الروائية، "فأنا اكتب دائماً كتابات تصوّر الحياة لكنها لا تشبهها لأن الرواية لا تشبه الحياة، فهي جزء منها. هي فنّ فحسب".
رشيد الضعيف
بدأ الكاتب والشاعر اللبناني رشيد الضعيف كلمته بحكم شخصي: "أنا هُزمت". قال أنه بدأ بـ"أنا" لأنه لا يريد أن يعمم، فخلال 15 سنة من سنوات الحرب التي عاشها لبنان "كنت أشعر كل يوم بأنني أهزم أكثر فأكثر". رأى انه في بدايه الحرب كان يصارع من أجل الدولة والاشتراكية، و"اكتشفنا ان كل ما كنّا نحلم به ذهب هباءً". هذا جعله يتحقق "بالملموس" من المقولة الفلسفية التي تقول ان البشر لا يصنعون التاريخ بل هم عملاء له، وهو يصنع نفسه عبرنا. الكاتب تحدّث عن أثر الحرب في رواياته كما يراه هو نفسه.
قال: "انا هزمت، ولكنني في الوقت نفسه اقول: أنا اشبه الملايين والملايين يشبهونني". اعتبر ان اول شيء في الهزيمة هو سقوط المعتقدات، "سقوط ما كنت اعتقد انه حقيقة". اشار الى سقوط المفاهيم التي كان يرى بها العالم "على الأقل كما كنت استخدم هذه المفاهيم"، هو الذي كان شيوعياً وماركسياً. تساءل عن النظرية التي كان يراها "وسيلة لتغيير العالم" مؤكداً: "هذا لا يعني انني عدت الى طائفتي، بل هذا زادني بعداً عن الطوائف وبعداً عن الدين"، فالدين برأيه كان وسيلة تقتتل عبرها الطوائف، وكان الملحدون أقل من يقتلون.
اشار الى ان "سقوط معتقداتي أثر في كتابتي: لم يعد هناك بطل ايجابي يبني المجتمع" مؤكداً ان "كل الشخصيات التي حاولت رسمها في رواياتي هي شخصيات مهزومة لا أحبها"، واطلق حكماً على هذه الشخصيات: "احاول ان ارسم شخصيات مهزومة لأبتعد عنها".
اكد الضعيف انه لا يقول ان الماركسية سقطت، ولكن "ماركسيتي هي التي سقطت"، مستطرداً في القول ان هناك ضرورة لأن نكون تاريخيين و"لأن لا نعيش للميتافيزيقيا، وان نعيش لنبني اوطاننا ونبني حياتنا". ذكر ان هذا التفكير انعكس على طريقته في الكتابة، "فأنا لا انتقد طبقة ولا دين ولا طائفة، ولا أحد، إنما أسائل المبادئ الأخلاقية التي تبنى عليها السياسة".
الكاتب الذي اعترف بجرأته في الكتابة اعتبر "ان الجرأة لا تصنع أدباً". فهو عندما يقول مثلاً ان "الفراش هو مكان صراع بين الحداثة والتقليد" يطرح اسئلة على الإتيقا، اي على الأسسس الأخلاقية، مشيراً الى ان وصف ما يجري بين الرجل والمرأة لا يثير اهتمامه، فالمهم هو طرح الأسئلة على "المبادئ التي نبني عليها حضارتنا وثقافتنا ونبني عليها السياسة".
تساءل الكاتب عمّا تبقى له بعد سقوط ماركسيته وعدم ارتداده الى التديّن موضحاً ان اسئلته انعكست في كل ما يكتب. "تبيّن لي ان الحرب تعرّي الإنسان. الحرب عرّتنا واظهرتنا على حقيقتنا". تساءل عن كيفية تمظهر الدين طوائفاً في التاريخ. اسئلته الكثيرة ادّت الى انه "لم أبنِ شخصية بنت شيئاً، بنت مجتمعاً، بطلاً ايجابياً".
تحدّث عن اثر البلاغة في كتابته طارحاً اسئلة على "انهار الدماء" والكره و"التضخم في الشهادة" ("كنا نبيع الشهداء. كان يسقط لنا شهداء في الخلاف على الشهداء"). فبرأيه أن "البلاغة اكثر من اللغة. هي تعكس نظرة الإنسان الى العالم أكثر من لغته. في بلاغتنا النظرة الفلسفية للوجود". اشار الى انه حاول الكتابة بـ"بلاغة مختلفة"، بقدر ما يستطيع، وحاول الكتابة بلغة جديدة "بعيدة عن بلاغة الإطناب والطرب اللغوي". اوضح انه حاول الكتابة بلغة تستتر خلف الاحداث ولا تستعرض نفسها ، و"ذلك حتى اخفف من النظرة التي تحملها البلاغة للعالم".
اعترض على البلاغة السائدة التي تحكمها النظرة الثنائية للأشياء: خير وشر، ابيض واسود، ما ادى برأيه الى "غياب السيكولوجيا والتعقيد في العالم" مؤكداً انه "هناك ملايين الحالات بين الصالح والشرير".
"الرواية والتحولات السياسية"
كان من المنتظر ان تكون الندوة الثالثة من ندوات ملتقى الروائيين العرب حدثاً مهماً نظراً لأهمية موضوعها في العالم العربي: "الرواية والتحولات السياسية". لكن فشل هذه الندوة كان مدوياً. غاب الروائيين تركي الحمد ويوسف القعيد. غاب مدير الندوة جورج دورليان، فحلّت مكانه رفيف صيداوي. لم يحضر سوى الروائي اللبناني جورج شامي.
كلمة وحيدة ابتعد فيها الكاتب عن موضوع الندوة الاساسي: الرواية. فضّل ان يتحدث عن القسم الثاني من العنوان: التحولات السياسية. فكان ان القى كلمة تستعرض برتابة التطورات السياسية منذ قيام دولة اسرائيل. ولم يتطرق لال علاقة التحولات السياسية بالأدب بشكل عام أو بكتابته الشخصية بشكل خاص! فقط اشار الى ان هناك "نحساً" يلاحقه في كافة مراحل حياته التي عاصر خلالها كافة التيارات الفكرية التي ولدت في العالم العربي على امتداد سني عمره الثمانين!


الصفحات
سياسة








