تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


الانتخابات التشريعية في الجزائر...البرلمان لمن استطاع اليه سبيلا




الجزائر- يوسف تازير- دخلت الانتخابات النيابية في الجزائر المقررة في العاشر من أيار/مايو المقبل، مرحلتها الحاسمة، بعد انتهاء أجال إيداع الترشيحات القانونية، التي تقدم لها نحو 40 حزبا والعشرات من المترشحين الأحرار، لأجل التنافس على 462مقعدا في مجلس النواب، وهي الانتخابات التي وصفت بالتاريخية والمصيرية كونها ستؤسس للجمهورية الثانية في البلاد.


الانتخابات التشريعية في الجزائر...البرلمان لمن استطاع اليه سبيلا
لم يسبق للجزائر أن عاشت مثل هذا الحراك السياسي كالذي تعيشه اليوم، والسبب هو الانتخابات التشريعية التي استقطبت اهتمام ليس فقط أولئك الذين اعتادوا على تعاطي السياسة داخل أروقة مقار الأحزاب والجمعيات وحتى الصالونات، وإنما حتى الذين لم يحلموا بان يكون لهم يوما دورا في المشهد السياسي للبلد.

لكن الراتب المغري (ثلاثة آلاف يورو شهريا) والحصانة البرلمانية والمزايا الأخرى الكثيرة، جعلت الجميع يتسابق على التواجد ضمن القوائم المعنية بالسباق نحو البرلمان، فترشح الوزير والمثقف والرياضي والصحفي والفكاهي ومن لا يحسن القراءة والكتابة وحتى من يغني في الملاهي. فيما فرض القانون الذي يلزم بمنح 30 بالمائة من المناصب للنساء،على الأحزاب والقوائم الحرة، البحث عن مترشحات حتى داخل بيت الزوجية انطلاقا من شعار "الأقربون أولى".
ويبقى اللافت، إحجام العديد من الوزراء والقيادات عن الترشح، حيث اقتصر الأمر على عدد محدود خالف كل التوقعات. وأشارت مصادر أن جهات عليا في السلطة أوصت بمنح الفرصة للجيل الجيد لممارسة حقه في ترسيخ الديمقراطية وتمكينه من إحداث التغيير الذي أصبح طلبا ملحا.


في الوقت الذي ينتظر فيه وصول طلائع الملاحظين الدوليين لمراقبة الانتخابات التشريعية إلى الجزائر الأسبوع المقبل، والذين يرتقب أن يصل عددهم إلى 600 ملاحظ موزعين على منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحتى منظمات غير أمريكية، شرعت الإدارة في دراسة ملفات المترشحين، وهي العملية التي يخشاها الكثير من "النواب المفترضين" على اعتبار أنها قد تجهز على "الحلم" لسبب أو لأخر.

يرى محمد فادن، أستاذ القانون الدستوري وعضو سابق في المجلس الدستوري الجزائري، أن الإدارة أو ما يعرف بمصالح الولاية (المحافظة) ستتولى دراسة الملفات في مدة قانونية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتجاوز عشرة أيام، بعدها يحق لكل مترشح رفض ملفه لسبب معلل، الطعن في هذا القرار خلال ثلاثة أيام لدى المحاكم الإدارية التي يرأسها قضاة، الذين يتعين عليهم الفصل في الملفات المعنية بالطعن خلال خمسة أيام.

ويضيف فادن،أن قرارات المحاكم الإدارية أو القضاة نهائية وملزمة للجميع سواء للإدارة أو للمترشحين ضمن قوائم الأحزاب أو قوائم الأحرار. كما أكد أن القوائم النهائية والرسمية للمترشحين ستعرف عشية انطلاق الحملة الانتخابية في 15 نيسان/ ابريل والتي تستمر حتى السادس من أيار/ مايو .

في انتظار ما ستقرره "مقصلة" المحاكم الإدارية، لا زالت الكثير من الأحزاب تعيش على وقع مخلفات الأزمة الناجمة عن اختيار الأسماء التي رشحتها لسباق كسب العضوية في البرلمان، جراء غياب الإجماع بين المناضلين والناشطين بسبب الاعتماد على مقاييس تفتقد للمنطق السياسي.

ولم تجد بعض التشكيلات السياسية حرجا في الاعتماد والمراهنة على من يملكون المال رغم افتقادهم للكفاءات الأخرى، حرصا منها على تحقيق مكاسب مادية قد لا تتاح لها أبدا، فوضعتهم في أحسن المراكز على حساب أصحاب النضال الطويل والقناعات الراسخة. ويبدو أن هذه الأحزاب أدركت أن ممارسة السياسة غير ممكنة بعيدا عن الأموال أو "الشكارة" المصطلح الذي أصبح متداولا بقوة في الجزائر خلال الأيام الأخيرة.

يقول احد المترشحين رفض الكشف عن هويته، انه اثر الانسحاب في أخر لحظة وبيع مكانته لمن يملك المال، بعدما اقتنع في النهاية أن حظوظه في الفوز ليست وافرة.
واضطر مرشح أخر، لدفع ما قيمته 100 ألف يورو لتصدر قائمة احد الأحزاب بولاية ورقلة الغنية بحقول النفط، فيما دفع نائب سابق بولاية جيجل على الساحل الشرقي، 25 ألف يورو لقيادة قائمة حزب غير ذلك الذي أوصله إلى البرلمان في المرة الأولى.

ويرجح أن رئاسة الجمهورية، طلبت من كل أسلاك الأمن التحقيق في شبهات تقديم أموال مقابل الترتيب فيالقوائم الانتخابية، ومنح الاعتماد لبعض المرشحين من قبل أحزاب لتشكيلقوائم انتخابية وشراء التوقيعات بالنسبة للقوائم الحرة.

وذكرت مصادر صحفية بأن كل أسلاك الأمن والدرك تلقت برقية عاجلة من الرئاسة، تشددعلى إعداد تقارير حول الوضعية اليومية لترتيب القوائم الانتخابية، والتحريبشأن الشكاوى التي ترد في الموضوع، وهو ما يخالف قواعد المنافسة السياسية النزيهة.
وبدأت التحقيقات بالتحري حول عدد رجال الأعمالوالأثـرياء، في كل القوائم الانتخابية وكذلك تأثيرهم على ترتيب قوائمالمرشحين لمقاعد البرلمان.
ويبدو أن السلطة السياسية في الجزائر تتخوف حقيقة من سيطرة رجال المال والأعمال على البرلمان القادم، المطالب بإعداد دستور جديد للبلاد بعد إخضاعه لمراجعة عميقة.

لم تكن للغة المال وحدها كلمة الفيصل في تحديد هوية النواب المستقبليين، فعاملي العروشية والولاء لعبا دورا لم يخف على احد في تحديد منتسبي القوائم ورؤوسها.
واختار موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية شقيقه، لترأس قائمة الحزب بالعاصمة الجزائر، فيما لم يجد الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية ذو التوجهات الإسلامية، أحسن من زوجته لتتصدر قائمة العاصمة، وهو ما يعني أنها تمتلك كل الحظوظ للفوز بمنصب نائب.

وبسبب الخيارات المفروضة و"غير المقنعة"، أعلن العديد من مترشحي جبهة العدالة والتنمية استقالتهم والانسحاب من السباق الانتخابي. غير أن جاب الله
دافع عن ترشيح زوجته وقال انه جاء بناء على ما تتمتع به من قدرات وكفاءات وهي من الشروط الأساسية التي وضعها الحزب للترشح.

وأكد جاب الله إن قوائم المترشحين تم ضبطها من قبل اللجان الولائية وكذا اللجنة الوطنية بناءً على معايير تم ضبطها على مستوى القيادة ، أهمها الكفاءة العلمية واستقامة السلوك ودرجة الولاء لمبادئ الحزب، إلى جانب سمعة المترشح.

من جهته، ندد جمال بن عبد السلام، رئيس حزب جبهة الجزائر الجديدة، بسيطرة عقلية العروشية على الممارسة السياسية، مما حال دون تمكن تشكيلته من إعداد قائمة المرشحين للانتخابات التشريعية في ولاية تندوف الواقعة جنوب غرب الجزائر.

واعترف بن عبد السلام، احد خصوم جاب الله، في حركة الإصلاح الوطني، أن عوائق اجتماعية تتلخص أساسا في التقاليد والذهنيات، عرقلت ترشيح اكبر عدد من النساء ضمن قوائم الحزب، ليستقر العدد عند 183 امرأة بعدما كان الهدف في البداية هو تقديم نفس العدد من النساء والرجال.

يواجه جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهما الحزبان الحاكمان إلى جانب حركة مجتمع السلم، المحسوبة على التيار الإخواني، موجة غير مسبوقة من الغضب الداخلي، بسبب قوائم المترشحين التي لم تنل فيما يبدو رضا الكثير من المناضلين الذين شعروا بان القيادة خذلتهم بعدما اختارت مترشحين ليسوا بالضرورة على علاقة بالحزب.

وتعرض احمد ايحيى، الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، والذي يشغل أيضا منصب رئيس الوزراء، إلى حملة انتقادات عنيفة لم يعرفها منذ بداية مشواره السياسي، عندما أعلنت القيادية السابقة نورية حفصي، الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، عن حركة تصحيحية تستهدف رأس اويحيى نفسه.

ووصفت حفصي التي رفضت الترشح في المركز الثاني عن قائمة الحزب بولاية سعيدة، رئيس الوزراء بالجنرال الذي حول حزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى ثكنة يسيرها وفق هواه منتقدة غياب الديمقراطية داخل هياكل الحزب. وتوعدت حفصي بالتخلص من اويحيى بعد الانتخابات التشريعية مشددة على ان

وكان اويحيى نجح قبل سنوات في إفشال مخطط للإطاحة به من قبل قياديون اختاروا في النهاية الانسحاب بعد فشل خطوتهم.
ولا يبدو الحال أحسن لدى الغريم حزب جبهة التحرير الوطني "العتيد"، إذ يوجد الأمين العام،عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، محل انتقادات عارمة من المناضلين البسطاء والحرس القديم، بسبب قوائم الترشيحات التي ضمت أسماء لغرباء ودخلاء عن الحزب.

ودعا بوجمعة هيشور، الوزير السابق إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب لسحب الثقة من بلخادم متهما إياه بالسعي لتحطيم جبهة التحرير الوطني خدمة لمصالحه تحسبا لترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2014. ويدور الحديث عن دعوة بعض المسؤولين لجمع التوقيعات للمطالبة بعقد دورة استثنائية للجنة المركزية للنظر في مستقبل الحزب،غير أن هذا الهدف يبقى صعب التحقيق بالنظر لقرب موعد الانتخابات. والأكيد أن نتائج انتخابات العاشر من أيار/مايو هي التي ستحدد مستقبل بلخادم، مثلما ستحدد مستقبل اويحيى والكثير من القيادات السياسية الأخرى.

بعيدا عن مشاكل الأحزاب، تصر اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات المشكلة من ممثلين للأحزاب السياسية، على أنها لن تكون دمية يتلاعب بها من يشاء، وأنها ستسهر على أن تكون الانتخابات القادمة فعلا مصيرية وحاسمة ونزيهة.

وجمدت اللجنة نشاطاتها مرتين، احتجاجا على عدم تجاوب السلطات مع مطالبها التي تمكنها من أداء واجبها كاملا.
وأكد محمد صديقي، رئيس اللجنة أن الأخيرة مصرة على أداء مهامها في الحفاظ على سلامة العملية الانتخابية وقطع يد الإدارة والوقوف في وجه كل التجاوزات الممكن حدوثها وكشفها للرأي العام المحلي. كما كشف أن اللجنة راسلت الرئيس بوتفليقة وأنها تعتزم مراسلته ثانية إذا لم تتم الاستجابة لطلباتها.

ونوه صديقي أن اللجنة سجلت بعض التجاوزات ولدت لدى أعضائها شعورا بأن الإدارة لا ترغب في توفير ظروف نزاهة الانتخابات، "شبهة" تأمل السلطة أن لا تتردد طويلا، وهي التي تريد أن تجعل من موعد العاشر من أيار/ مايو عرسا لا مهزلة..عرسا يكون صانعه الرئيسي المواطن الذي ينتظر من الحكومة القادمة أن تجد حلا بأسرع وقت لمشكلات تراجع القدرة الشرائية والسكن والبطالة وغياب الأمن وتفشي الرشوة والمحسوبية.

يوسف تازير
الخميس 12 أبريل 2012