تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


البذخ التفاخري والعلاقات غير الشرعية والافتقار للأمن الاجتماعي تؤخر سن الزواج في لبنان




بيروت - فاديا عازار - يختلف سن الزواج بين مجتمع وآخر وضمن المجتمع الواحد بين فترة زمنية وأخرى تبعاً للتحولات التي تطرأ على المجتمع ، والمعاييرالتي تتحكم فيه والقيم التي تهيمن عليه


عرس أقيم في أحضان الطبيعة
عرس أقيم في أحضان الطبيعة
وتشير بعض الدراسات وملاحظات الوضع السائد أن معدل سن الزواج في لبنان يتراوح بين 29 و31 عاما، وهو معرض للارتفاع في أوساط المدن والانخفاض في الأوساط الريفية ، حيث لا تزال الثقافة المحلية تفرض نفسها إلى حد كبير .

وربما يكون التحول الذي أصاب المجتمع اللبناني على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ساهم إلى حدّ كبير في تأخير سن الزواج ، بالإضافة إلى انتشار التعليم بشكل واسع، وطول فترة الدراسة.

ويعتبر البعض أن افتقار لبنان للأمن الإجتماعي والاهتزازات الأمنية التي يتعرض لها من وقت لآخر يسهمان إلى حد كبير في تأخير سن الزواج ، بالإضافة إلى التحول الذي أصاب القيم المادية وسيطرة الاقتصاد التفاخري.

وقال الدكتور رفيق الكرك أستاذ مادة الأنتروبولوجية في الجامعة اللبنانية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ ) "إن ظاهرة تأخر عمر الزواج في لبنان هي واقع مؤكد بدأت منذ ستينيات القرن الماضي ، حيث تأخر سن الزواج خلال جيل واحد (حوالي25 سنة) عند الذكور بمعدل 8 الى عشر سنوات ، وعند الإناث بمعدل ستة الى 8 سنوات خاصة في الأوساط المدينية ".

وأضاف الكرك "يعتبر التسارع باتجاه فردنة الاقتصاد العائلي سكنياً ، والذي يرتب العديد من الأعباء، من أهم العوامل التي تكبح الإقدام على الزواج ، بالإضافة إلى التمدرس الطويل أي الفترة التي يمضيها الإنسان على مقاعد الدراسة خاصة بالنسبة للشبان والشابات الذين يطمحون إلى مهن ليبرالية عالية (طبيب مهندس...) والتي لا يستطيعون الإنتهاء من فترة دراستها قبل عمر 30 أو 35 سنة".

ويرى البعض أن ظاهرة تأخر سن الزواج في لبنان هي ظاهرة مستجدة ، حيث كان السن الملائم للزواج هو 15 سنة للفتاة و18 سنة للشاب ، قبل منتصف القرن الماضي .

وأشار الكرك إلى "العوامل النفسية الإجتماعية العديدة المتعلقة بالوضع العام الأمني في لبنان ، التي تسبب ما يسمى بالإحباط ، والتي تدفع الشبان إلى الإعتقاد أن مشاريع المستقبل يجب البحث عنها خارج لبنان ، وتدفعهم إلى التردد في الإقدام على الزواج".

وأضاف "يشكل الإستهلاك التفاخري ، أيضاً سبباً إضافياً يؤدي إلى تأخر سن الزواج ، وهو موجود في المجتمعات التي يشكو فيها الناس من عقد نقص متجزرة تجاه بعضهم البعض ، ويتحكم فيها البذخ التفاخري ".

ويوجد في بيروت عدد كبير من الشقق الخالية ، لكن أحداً لا يستطيع تملّكها أو استئجارها بسبب ارتفاع أسعارها بشكل جنوني

وتشير بعض الدراسات إلى أن التأخر في الزواج يؤدي إلى انتشار العلاقات الجنسية غير الشرعية واكتفاء بعض الشبان بهذه العلاقات ، والعزوف كليا عن الزواج ، فضلاً عن زيادة الفروق العمرية بين الأهل والأولاد.

ورأى الكرك أن تأخر سن الزواج يؤدي إلى" انخفاض الخصوبة ،وتحول المجتمع إلى مجتمع هرم ".

وربما أدى الانفتاح والتغير الذي أصاب نمط الحياة في المجتمع اللبناني ، إلى بروز عادات جديدة فتحت المجال أمام تحرّر الفتيات اللواتي خرقن ما كان محرّماً من قبل، ليؤكدن أنهن لن يتزوجن ألا بعد التأكد من إمكانية نجاح مؤسسة الزواج ، وفي حال الفشل ،لا مانع من الإنفصال .

وقالت الباحثة الإجتماعية سهام فرح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "ربما تكون عملية التأخر في عمر الزواج هي نوع من أنواع الثورة على التربية والعادات والتقاليد في المجتمع الذكوري ، وبعض النسوة يتأخرن في الزواج بهدف الثورة على المألوف ".

ويعتبر البعض أن تأخر سن الزواج في لبنان سببه مجموعة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على حياة اللبنانيين، ويأتي في مقدمتها انخراط المرأة في الحياة العصرية .

وأضاقت فرح"إن انفتاح المرأة وتعليمها وتحررها وانخراطها في الحياة العصرية منحها القدرة على فرض شروطها على الرجل ، الذي لا زال إلى حد بعيد رجلاً شرقياً ".

ورأت فرح " أن عمر الزواج يختلف بين فئة إجتماعية وأخرى ، ويكون مبكراً والزامياً حسب العادات والتقاليد عند المسلمين من ذوي الدخل المحدود وهدفه الإنجاب المبكر ، بينما لدى المسلمين الميسورين والمسيحين عامة يتأخر عمر الزواج ، حيث تسعى المرأة لتحقيق ذاتها وممارسة حقوقها الفكرية والثقافية على قدم المساواة مع الرجل ، فتحصل على مراكز هامة في المجتمع تحقق من خلالها استقلالاً مادياً و معنويا ".

وتابعت " لقد شكل انخراط المرأة في العمل ، وتحررها الاقتصادي ، سبباً مهماً في امتناعها عن الانخراط في مؤسسة الزواج في عمر مبكر حيث تفضل البقاء وحيدة على أن تتشارك الحياة مع رجل فرض عليها "مشيرةً إلى "أن المرأة تشغل أكثرمن 50 المئة من المراكز الهامة في المجتمع اللبناني ".

وقال الطالب الجامعي سرج قيصرليان لوكالة الانباء الألمانية(د.ب. أ ) " لا أفكر في الزواج قبل سن الثامنة والعشرين أو الثلاثين ، حتى أتمكن من إنهاء دراستي وتأمين متطلبات الزواج التي هي كثيرة هذه الأيام ".

ويلاحظ المراقبون ان العديد من العلاقات تبنى بهدف الزواج ولكن عــدم توفر المنزل وقلة فرص العمل كما أن عدم تلائم المخصصات مع غلاء المعيشة يعطلّ العديد من مشاريع الزواج.

وقالت مساعدة طبيب الأسنان انطوانيت جرجس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ )"تزوجت عندما كان عمري 21 سنة ، وهو عمر مبكر بالنسبة لهذا العصر وأنا اليوم في سن الخامسة والعشرين ، ولكني أؤكد أن الزواج المتأخر أصبح ضرورة في زمننا هذا".

وتابعت "في الماضي كانت الفتاة تتزوج في سن الرابعة عشرة ، ولكن العائلة الموسعة التي كانت تشغل الوحدة السكنية ، كانت تتشارك عملية التنشئة وتأمين المعاش ..، أما اليوم فالمسؤولية تقع على عاتق شخص واحد وهذا أمر متعب إذا تزوج الإنسان في عمر مبكر، فضلاً عن أنه لا غنى عن تحصيل الشهادات العلمية من أجل أن تكون لنا القدرة على المشاركة في الحياة العامة على الأقل".

وأضافت "من خلال تجربتي ، أعتقد أن العمر الأنسب للزواج بالنسبة للفتاة هو بين الـ 27 والـ 28 سنة وبالنسبة للشاب بين الـ 34 والـ 35 سنة ، وهو العمر الذي يصبح الإنسان فيه قادراً على تحمل المسؤولية ".

ومهما اختلف سن الزواج ، يبقى هذا الميثاق بين الرجل والمرأة ، حاجة إنسانية واجتماعية باعتباره الفعل التأسيسي للعائلة التي بدونها ينقرض الجنس البشري

فاديا عازار
الاربعاء 10 نوفمبر 2010