نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الجزائريون يتساءلون : هل القنوات الخاصة بديل للإعلام الحكومي أم تأسيس للرداءة؟




الجزائر - في شقة صغيرة بوسط العاصمة الجزائر ، وبفريق عمل لا يتجاوز العشرين موظفا موزعين بين تقنيين وصحفيين، أسس رياض رجدال، صاحب الـ 43 عاما، قناته التلفزيونيةّ "الجزائرية"، وهي أول قناة شاملة منوعة تهتم بكافة قضايا المجتمع وهي أيضا قناة سياسية اقتصادية ثقافية اجتماعية فنية تبث العديد من البرامج والمسلسلات الدرامية والأفلام دون توقف 24/24 ساعة، لتكون بذلك ثالث قناة خاصة تظهر للوجود في الجزائر، البلد الذي بقي فيه الإعلام المرئي والمسموع، في يد الدولة منذ استقلاله عن فرنسا قبل نحو نصف قرن.


الجزائريون يتساءلون : هل القنوات الخاصة بديل للإعلام الحكومي أم تأسيس للرداءة؟
رغم تراجع سوق الإشهار والإعلانات التليفزيونية في السنوات الأخيرة عقب الأزمة الاقتصادية ولجوء عدد كبير من القنوات العالمية والعربية، إلى اتباع سياسة الترشيد في الأنفاق أو حتى الإغلاق لمواجهة تداعيات قلة الموارد المالية يسير الوضع في الجزائر عكس التيار، حيث قرر عدد من المستثمرين وصحف خاصة، المضي قدما في انشاء قنوات تلفزيونية جديدة تزاحم ما يعرف عند الجزائريين بـ"اليتيمة" (التلفزيون المملوك للحكومة).

ما كان للجزائريين ان يشاهدوا إعلاما سمعيا بصريا بديلا وانتشارا ملفتا لتلك القنوات، لولا رياح "الربيع العربي"، وعلى الرغم من التجربة الناجحة التي عرفتها الجزائر، في فتح مجال الصحافة المكتوبة على الاستثمار الخاص، إلا أن الإعلام الثقيل بقي في يد الدولة، حيث تملك خمس قنوات، هي القناة الرسمية الأرضية ، قناة "الجزائر" باللغة الفرنسية موجهة للجالية الجزائرية في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، والقناة "الثالثة" الموجهة إلى الفضاء العربي، والقناة "الأمازيغية" التي جاءت لترضية سكان ممن يتحدثون اللغة الامازيغية واللهجات المحلية المشابهة الأخرى إضافة إلى قناة "القرآن الكريم" الدينية.

وعانى التلفزيون العمومي الجزائري لسنوات طويلة من نظرة احتقارية يكنها له المشاهد الجزائري، الذي كان بعضه مجذوبا نحو القنوات العربية والخليجية وبعضه الاخر نحو القنوات الفرنسية، ولأن التلفزيون الجزائري كان يفتقد لروح الابداع كون البرامج هي نفسها، والشكل ما زال باهتاً من دون "هوية بصرية" جذّابة وواضحة، ما يجعلها لا تمت إلى العصر بصلة، باستثناء أنها تبثّ بالألوان- على حد قول احد المواطنين.

هذا الوضع دفع الكثير من الجزائريين للتعبير عن انزعاجهم من قناة عمومية يدفعون لها الضرائب ولا يشاهدونها، بل وتتجاهلهم في كثير من الأحيان.
يرى حفيظ دراجي معلق قناة "الجزيرة الرياضية"، أن الإعلام السمعي البصري في الجزائر" لم يدخل ولم يخرج من مرحلة غامضة تعيسة تزيد الوضع تعقيدا وتلوث المشهد الإعلامي والسياسي والثقافي والفني والرياضي" مرجعا ذلك إلى من اسماهم " أناس يمارسون التضليل والابتزاز والترقيع في صناعة قنوات محترمة في مستوى سمعة الجزائر". وأوضح دراجي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أنه ورغم كل هذه النقائص لا يقلل من قدرات الكثير من المهنيين من أصحاب المبادرات مستطردا بالقول " لا أنكر وجود نيات صادقة ومجهودات كبيرة من بعض القنوات لتقديم خدمة إعلامية راقية لمجتمع بحاجة إلى تنوير وتثقيف وتعددية سياسية وإعلامية لاحتواء كل التوجهات والتحولات التي يشهدها المجتمع".

تلفزيون "النهار تي في"، هو قناة جزائرية مستقلة تابعة لجريدة "النهار الجديد" ويديرها الإعلامي محمد مقدم المعروف في الجزائر باسم انيس رحماني. انطلقت القناة في بثها التجريبي في السادس من آذار/ مارس 2012، واتخذت القناة مقرها الرئيس بالعاصمة الأردنية عمان، ليبدأ البث من هناك على قمر نايل سات، لكون الحكومة الجزائرية لم تسمح بعد بإطلاق قنوات تلفزيونية خاصة. وتهتم القناة بالشأن الإخباري والسياسي في الجزائر، حيث أن برامجها مزيج بين نشرات الأخبار والرياضة وأخبار الاقتصاد، وكذا أخبار الصحف المحلية.

قناة اخرى خرجت من رحم جريدة يومية. قناة "الشروق تي في" التابعة لصحيفة "الشروق" انطلق بثها التجريبي في عيد الثورة (الأولمن نوفمبر) وذكرى تأسيس جريدة الشروق اليومي، اتخذت مكتبا بالجزائر.. بينما يبدأ البث من عمان وبيروت وسيتوسع إلى دبي والدوحة على نايل سات.

يرى مراقبون، ان هاتين القناتين، تستفيدان من دعم للدولة بشكل غير مباشر، وذلك عبر الإشهار العمومي في الجريدتين ما سمح لقناتهما في الاستمرار مقارنة بقنوات اخرى تعاني من شح الموارد المالية وقلة الإعلانات.
قناة إخبارية جزائرية أخرى، انضمت إلى حلبة صراع القنوات الإخبارية العربية "نوميديا نيوز"، تأسست في 11 كانون أول/ ديسمبر عام 2012 كأول وكالة وجريدة إلكترونية جزائرية تملك 22 مكتبا في العالم ومعتمدة لدى هيئة الأمم المتحدة بمكتبها في جنيف والبرلمان الأوروبي بمكتبها في بروكسل.

وانطلقت " نوميديا نيوز" في بثّها التجريبي بعرض مختلف تقاريرها المصورة التي التقطتها كاميراتها عبر العالم على القمر الصناعي نايل سات. التقارير التي يجري بثّها على القناة تمثّل خلاصة عمل مراسليها من واشنطن إلى بكين مرورا بمختلف العواصم الأوروبية والعربية، وتبث القناة برنامج إخباريّ تتخلّله نشرات ومواجيز وبرامج وثائقية.

والتحقت قناة جديدة بمجموعة القنوات الخاصة هي "دزاير تي في" المملوكة لرجل الأعمال الجزائري،علي حداد، انطلقت المرحلة التجريبية من بثها في 15 أيار/ مايو الماضي، ويعمل بالقناة صحفيون قادمون من مختلف القنوات الإعلامية، من صحافة مكتوبة وإذاعة وتلفزيون. والقناة عامة ومنوعة، لم تصل بعد إلى بث يغطي الـ24 ساعة، ويعمل الفريق الصحفي على تغذيتها ببرامج متعددة لتكون في مستوى أذواق الجزائريين، حسب مسؤوليها. قناة "الأطلس تي في"، التي شرعت في بث برامجها قبيل شهر رمضان بأيام فقط، وهي تشمل السياسة والفن والدراما وبرامج الاطفال والطبخ والدين.
وحصلت القنوات الجديدة على موافقة الحكومة واعتبرتها قنوات أجنبية تنشط بالجزائر، قبل ان يتم استصدار قانون ينظم القطاع.

ويرى العديد من المراقبين، أن لا معنى من وجود قنوات خاصة لا تتوفر على البث المباشر، وهي لا تنشط في الجزائر إلا بسجل تجاري اجنبي وبرخصة من وزارة الاتصال على أنها مكتب قناة أجنبية " هذا غير معقول " حسب قول صحفي جزائري فضل عدم الكشف عن هويته، مضيفا أن التراخيص النهائية ستتأخر كثيرا بسبب الانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها في ربيع 2014 والتي تريد السلطات أن تبقيها تحت رحمتها حتى لا تكون أمام مفاجآت غير سارة ولحاجتها إلى هذه القنوات حتى لا تغرد خارج السرب، ولكن كل تأخير ستكون انعكاساته سلبية على المشهد وسيكون من الصعب تداركه.

يجزم المخرج والناقد السينمائي الجزائري، سليم أقار لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، أنه لا وجود لقنوات تلفزيونية جزائرية متكاملة من حيث البرامج، فأغلب الشبكات فارغة ولا تنفرد إلا بعمل مميز على الأكثر، أما الباقي فهو مجرد حشو للفراغ ، مشيرا إلى أن المشاهد الجزائري أصبح مشتتا بين القنوات العمومية، والخاصة وهو يبحث عن سلسلة برامج تشده للمتابعة.

اقار، قام بوضع تقييم أولي لتلك القنوات، فأكد ان هناك فرقا كبيرا بين قناة وأخرى، فمثلا قناة "الجزائرية"، كانت تتميز بجودة في الصورة، غير أنها تراجعت بشكل كبير، عكس "الشروق" التي أصبحت تتوفر على صورة جيدة، أما بالنسبة لقناة "الأطلس" فهي جد متميزة من حيث نوعية الصورة. ويعتبر اقار ان القنوات الخاصة لا تزال متأخرة من حيث نوعية الديكور، أما مساحة التصوير فلا تختلف بين قناة وأخرى. وبالنسبة للإخراج فتبقى القنوات العمومية الأكثر تميزا، حيث تتوفر مؤسسة التلفزيون الجزائري على استديوهات متعددة للتصوير، وتملك من الخبرة في الإخراج ما لا تتوفر عليه بعض القنوات الخاصة.

سفيان مالوفي، مدير ومؤسس وكالة "ميديا أند سيرفي" المتخصصة في الدراسات التسويقية وقياس نسب المشاهدة بالجزائر، يرى أنه من السابق لأوانه الحكم على جودة البرامج فهي تحدد بعديا، وهو ما يستوجب بذل مجهود نوعي في إنتاج البرامج وفي طريقة برمجتها في الشبكة حسب الأهداف التسويقية المحددة مسبقا. بالإضافة إلى تحسين طريقة الترويج لهذه البرامج للتأسيس لإستراتيجية "المواعيد التلفزيونية" التي تعتبر أحسن طريقة لتحسين نسب المشاهدة.

ويعتقد مالوفي، أن الحديث عن استقطاب المشاهد وجعله وفيا لقناة تلفزيونية ما يقود إلى الحديث عن الأثر النوعي لشبكة البرامج للقنوات التلفزيونية لدى المشاهدين، وهو ما يحتم على هذه القنوات التعامل مع معاهد متخصصة في هذا النوع من الدراسات من أجل تحقيق المقاربة الضرورية للتقييم النوعي لأي برنامج.

يقول مالك وهو شاب في العقد الثالث يشتغل في إحدى المصالح الادارية الحكومية، أن إطلاق القنوات الجزائرية الجديدة لم يخرجهم عن التلفزيون الحكومي " نفس لغة الخشب، نفس التسطيح لعقل المشاهد، ترى من يقف وراء هذه المهازل التي تؤسس للرداءة وتكرس تجهيل عامة الشعب الجزائري؟".

أما حسينة، وهي امرأة متزوجة وماكثة بالبيت، فأشارت أن تلك القنوات " لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تزد المشهد الإعلامي الجزائري البائس إلا بؤسا" مضيفة أن حالة هذه القنوات لا تختلف عن وضعية الدوري المحترف لكرة القدم الذي ليس لها من الاحتراف إلا الاسم، فالإعلام الخاص-حسبها- اثبت بالدليل القاطع انه ما زال هاويا وفي المرحلة التحضيرية وتلزمه عقود من الزمن ليصير محترفا ومن ثم منافسا للإعلام العربي.
لكن ومع ذلك هناك ما استبشر خيرا بـ"تحرر" التلفزيون، ويقول رضا وهو شاب مقيم بانجلترا عاد هذا الصيف لقضاء العطلة وسط أهله، أنه تفاجأ لما عاد للجزائر واكتشف ان البلاد أصبحت تتوفر على هذا الكم من القنوات.

وأضاف " صراحة لم أكن أتوقع ذلك، أنا منبهر، أنا سعيد لبلدي. يجب الصبر على تلك القنوات ليس بين عشية وضحاها تصنع امبراطوريات إعلاميه على الطريقة الأمريكية أو الأوروبية لقد مررنا بأكثر من 50 سنة انغلاق ولم نتعلم شيئا في الصناعة السينمائية والتلفزيونية".

موقف رضا يتقاسمه الكثير من الجزائريين، فهم تيقنوا من ان القنوات الجديدة يلزمها المزيد من الوقت لتقديم منتوج إعلامي في المستوى وان على السلطات التي طالما خشيت فتح السمعي بصري أن تخطو خطوة اخرى في مجال حرية التعبير والصحافة.

د ب ا
الاربعاء 28 غشت 2013