كمال الرياحي و غلاف روايتة
كمال الرياحي كاتب تونسي من مواليد 1974 تخرج من المعهد العالي للغات بتونس متحصل على الاستاذية في اللغة والآداب العربية وحصل على شهاد ة الدراسات المعمقة في الأدب العربي الحديث اختصاص النقد الروائي من كلية الآداب بتونس .
يشتغل بالمعهد العالي العربي للترجمة في الجزائر رئيسا لقسم انتاج الترجمة .
كتب القصة القصيرة والرواية والنقد الأدبي والمقال الصحفي.
اشتغل مراسلا صحفيا في الشأن الثقافي للعديد من المنابر الثقافية العربية .مجلات وصحف ومواقع مختصة وفضائيات.
قدم وانتج عددا من البرامج التلفزيونية.
اطلق منذ سنة مشروعا ثقافيا غير ربحي يعنى بمحاورة كبار الأدباء والمفكرين العرب والأجانب في كتاب الجيب.
تحصل على جائزة القصة القصيرة بالقاهرة سنة 2005 وجائزة الكومار الذهبي لأفضل رواية تونسية لسنة 2007 عن روايته المشرط .
توج ضمن الفائزين في مسابقة بيروت39 لسنة 2009
ترجمت أعماله القصصية إلى عدد من اللغات أبرزها الفرنسية والايطالية.
متاهات السرد الروائي
رواية المشرط صدرت في سلسلة معروفة "عيون لمعاصرة"والتي يشرف عليها الناقد التونسي الشهير توفيق بكّار المقيم بباريس.وكانت السلسلة قد نشرت عيون الروايات العربية مثل:موسم الهجرة الى الشمال للطيب صالح واللجنة لصنع الله ابراهيم والمتشائل لأميل حبيبي والزيني بركات للغيطاني وفساد الأمكنة صبري موسى ...فكان نشر المشرط ضمنها تتويجا للرواية التي اهدت السلسلة جائزة الكومار.
وهي تترجم الآن إلى عدد من اللغات الحية أولها الايطالية التي يقوم بها مترجم ذاكرة الجسد وموسم الهجرة الى الشمال الايطالي فرانشيسكو ليجّو
الذي قال في روايته"أعتبر رواية «المشرط» للكاتب التونسي الناشئ كمال الرياحي عملا أدبيا فريدا من حيث البنية السردية التي تستعين شتى أنواع الفنون وتوسع بذلك المقولة السائدة بأن الرواية هي الجنس الأدبي الحاوي لسائر الأجناس الأدبية. فإن هذا النص يمثل - في جملة ما يمثل - زواجا سعيدا بين الكتابة والرسم الذي يضطلع بدور سردي محض بعد أن كان دوره في الكتابة إيقونيا لا يدخل في خضم العملية السردية إلا هامشيا، وذلك دونما كلفة أو عبء على القارئ فإن إدراج اللوحات بوصفها فصلا من فصول الرواية يتماشى مع سياق الكلام ويمد القارئ بمعلومات دقيقة عن أحداث الرواية وصفات شخصياتها.
كما أن «المشرط» يقدم نمطا جديدا للتعامل مع التراث إذ يروح القارئ المصغي لحكايات تمثال ابن خلدون يلج ما بين ثنايا نصوص أدب الرحلة الخيالية القديمة بانتقال طبيعي من الواقع إلى الأسطورة حيث يكون وصف العجائب والغرائب إنما يرمز ويغمز إلى ذلك الواقع اليومي الذي أراد التخلص منه. الأسلوب هنا اعاد خطى كبار الكتاب الروس الذين قلبوا المنطق المعتاد وكشفوا عن لعبة السلطان مهما كان اسمه ونوعه وأمره.
وليست الرحلة من الهامش (هامش المجتمع الحضري التونسي) إلى الهامش (هامش المجتمع البشري أو العمران بعبارة خلدونية) إلا فرارا من الواقع ورجوعا إليه في أخر المطاف. الواقع وليس الحقيقة، لأن كل شخصية من الشخصيات المحصورة في «المشرط» يبحثون عن حقيقة الأمر الواقع. ولعل هذا الأمر الواقع لم يقع قط، إذ أن كل ما يتضح بقدر ما تتقدم القراءة هو أن كل حقيقة تختلق حقائق متضاربة إلى درجة أن منطلق التأويلات والتأملات يكاد يتلاشى رغم دقته وحدته.
من خلال هذه العملية التفكيكية للحقيقة والواقع تمكن كمال الرياحي من التوفيق بين مختلف الأساليب والأنماط اللغوية كما نجح في خلق شخصيات ذات ملامح بارزة وخفية في آن واحد شأنها دون تقديم أي قراءة مسبقة للأحداث وللأشخاص، مما يدرجه شرعا وفرعا في عداد فحول الروائيين المعاصرين"
وقد لاقت هذه الرواية احتفاء كبيرا من النقاد العرب في كل مكان فكتبت حولها عشرات الدراسات واحتفل بها في أكثر من بلد عربي وأوروبي.وكانت متنا للكثير من البحوث الجامعية.ووصل الاهتمام بها حتى في الهند وفي بلدان أوروبية كثيرة.وقد طبعت مرتين في تونس في أقل من سنة واحدة.وكسبت قاعدة جماهيرية استثنائية وهناك مساع من بعض المخرجيين السينمائيين إلى تحويلها للسينما.
مشارط النقد!
للرياحي مغامرات نقدية وبحثية تنشغل أساسا بفن الرواية والسيرة الذاتية فأصدر كتابه النقدي الأول في الأردن بعنوان"حركة السرد الروائي ومناخاته" والذي لاحق فيه بالنقد والتحليل عددا من الروايات العربية منها التونسية والمغربية والاردنية والجزائرية.
يقول عنه الدكتور صلاح الدين بو جاه:
ينتمي الرجل إلى جيل من النقّاد يتوق إلى الجمع بين الدقة العلمية المطلوبة والإحالات الدّالة، والعرض الواسع لمحصول القراءات المتنوّعة التي تغني البحوث دون أن تثقل كاهلها بالمكرّر المعاد."
يعد كمال الرياحي من النّقاد الجريئيين الذين لا ترهبهم الأسماء الكبيرة فيدخل نصه متحرّرا من ثقل الصنمية التي تحاط بها بعض الشخصيات الأدبية.
وهذا ما دفعه إلى توجيه نقد لاذع إلى بعض أعمال ابراهيم الكوني في مؤتمرات للرواية وهو نفس الدافع الذي جعلته يهتم بأصوات مغمورة منذ سنوات عندما نبّه الوطن العربي من خلال عدد من الدراسات إلى روائي جزائري شابا مقيم بالمهجر في إيطاليا "عمارة لخوص" والذي أبانت الأيام أنه كاتب مهم وكسب شهرة كبيرة في الغرب بعد ذلك، من خلال روايته"كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" التي ترجمت إلى عدد كبير من اللغات.
أما كتابه النقدي الثاني "الكتابة الروائية عند واسيني الأعرج" فقد خصصه لتجربة الروائي الجزائري وسلط الضوء على رواية لم تكن معروفة في الوطن العربي بسبب صعوبته ومتطلباته في القراءة إذ مثلت فنيتها العالية وتفاعليها مع روايات غربية مثل دون كيشوت لسرفانتس وكارمن لمري ماي عائقا في البداية أمام تلقيها حتى من النقاد، فدخلها كمال الرياحي بجدية الباحث واستطاع ان يفك الكثير من رموزها ليربطها بالمتن الروائي الكاملة لواسيني الأعرج و ترهينها ضمن سياق المدونة الروائية الجزائرية .
وهو ما أثار اعجاب عدد من النقاد الكبار بالوطن العربي فقارنه د صبري حافظ بكتاب سيزا قاسم يقول:" نادرة هي الكتب النقدية التي تتناول باستفاضة نصا روائيا واحدا، كما هو الحال في (بناء الرواية) دراسة سيزا قاسم المتميزة عن ثلاثية نجيب محفوط. هنا يقدم كمال الرياحي إضافة منهجية وتحليلية واضحة لهذا التقليد النادر في النقد العربي الحديث. إذ يكشف تحليله الدقيق المستبصر في هذا الكتاب، (خصائص الكتابة الروائية عند واسيني الأعرج)، لرواية (حارسة الظلال) عن حساسية أدبية عالية، ومنهجية نقدية جديدة، ورؤية تتسم بالتفرد والخصوصية. فبعد أن يتريث عن عتبات النص الروائي المختلفة، يتناول بتعمق قدرة هذه الرواية على استيعاب استراتيجيات تعبيرية لحقول فنية أخرى من الرسم إلى السينما إلى الصحافة والوثيقة والرسالة وغيرها لأرهاف علاقة النص بالمتلقي وتوسيع آفاق دلالاته. ثم يخصص بعد ذلك فصلا ضافيا لعلاقات الرواية التناصية مع نصوص من السرد العالمي من دون كيخوته وكارمن و لسرد العربي في روايات (الضوء الهارب) لمحمد برادة و(الحوات والقصر) للطاهر وطار مستخلصا من هذا الحوار التناصي مجموعة من خصائص النص البنيوية المتفردة.
أما آخر فصول هذه الدراسة فيتناول فيه الباحث قضايا التجنيس في هذه الرواية وكيف ينحو فيها النص برغم طبيعة السرد التعاقبية بل حتى البوليسية فيه نحو الأسطورة مرة والسيرة أخرى دون أن يتخلى عن قدرته الحوارية على مواصلة جدله مع الواقع.
هذا عمل جدير بالقراءة وبعناية القارئ بكشوفه، والناقد باستقصاءاته التحليلية والمنهجية على السواء.إذ يكشف عن ميلاد ناقد موهوب تتوقع منه الدراسات العربية الكثير إذا ماواصل مسيرته بهذا التريث والاقتدار."
بينما كتب الناقد المغرب يالشهير د سعين يقطين يقول:" " قراءة حاذقة وعاشقة تلك التي أقدم عليها كمال الرياحي بحذق الناقد وعشق المبدع ليتحرك في فضاء رواية واسيني الأعرج " حارسة الظلال " منقّبا عن خصائصها الكتابية ، متتبعا آليات التفاعل النصي من العتبات إلى بناء النص الروائي ، مستكشفا عوالم نص زاخر بالنصوص فارضا بذلك سؤال النوع السردي، كما يتفنّن كمال الرياحي في استجلاء تفاصيل الأشياء وفروقات المواضيع ، ينفذ إلى أعماق النص المحلل فيبين عن قدرة هامة في الرصد والتتبع ، وكفاءة عليا في تجلية غوامض الأمور .
كتاب يضاف على رصيد تحليل السرد الروائي العربي مبرزا أن في السرد دائما عوالم تحتاج إلى الكشف ، ومناطق تدعو أبدا إلى الاستكشاف ."
الرياحي.. سلسلة "ترافلينغ" أو هكذا تحدّث!
في مجال النقد الثقافي والمساهمة فيه فقد أطلق كمال الرياحي سلسلة ترافينغ Travelling
و هي سلسلة حواريّة أدبيّة حديثة يشرف عليها الكاتب ، تصدر في تونس وتوزّع في العالم العربيّ وأوروبا. وقد صدر فيها مؤخّرًا كتاب حواريّ مع الناقد الفرنسيّ المعروف فيليب لوجون، بعنوان "هكذا تحدّث فيليب لوجون". وهو حوار مطوّل مع المنظّر الفرنسيّ حول أدب السيرة الذاتية كما أصدر كتاب آخر بعنوان"هكذا تحدث واسيني الأعرج"ويهتم بعالمه الروائي.
وتهدف هذه السلسلة إلى إرساء دعائم فنّ الحوار الأدبيّ، وإلى تعريف القارئ العربيّ أينما كان بأعلام الفكر والأدب. وتوفّر هذه السلسلة مادّة ثقافيّة غنيّة للباحثين الأكاديميين في شتى المجالات التي ستتطرّق إليها ابتداءً من فن السيرة الذاتيّة، مرورًا بالرواية والنقد، والسينما والمسرح والتاريخ والشعر والقصّة وانتهاءً بانفتاح عوالم أخرى جديدة تُغني المكتبة الأدبيّة العربيّة.وينتظر ان ضمنها هذا العام كتابين آخرين الأول مع المفكّر نصر حامد أبو زيد والثاني مع الشاعر المغربي محمد بنّيس.
وكل هذا النشاط لا يمكن أن يثني الرياحي عن تأصيل هويته الابداعية فينشغل هذه الأشهر بكتابة روايته الجديدة التي وضع لها عنوانا"الغوريلا.. آخر أطفال الزعيم" والتي كتب فصلها الأول في الأمارات العربية المتحدة في جزيرة صير بني ياس ضمن فعاليات مختبر الكتابة الذي عقدته الجائزة العالمية للرواية العربي بوكر.وقد قرأ فيها الرياحي الفصل الأول منها وهي رواية يتعالق فيها العجائبي بالواقعي لتقرأ الراهن الاجتماعي والسياسي التونسي من قبل أحد اللقطاء الذي تسلّق برج الساعة في قلب اهم شوارع العاصمة التونسية.وقد انطلقت الرواية من حادثة حقيقية حدثت في الصيف الماضي بتونس ولكن الرواية تمضي بعيدا في التخييل.
تفاصيل الحياة الشاقة!
حدثنا كمال الرياحي عن عمله في المعهد العالي العربي للترجمة في الجزائر والذي يشتغل به رئيسا لقسم انتاج الترجمة تحت رئاسة مديرته د إنعام بيوض.
وأكّد ان المعهد التابع للأمانة العامة لجامعة الدول العربية يقدّم خدمة أكاديمية كبيرة وفرصة نادرة للباحثين في اختصاص الترجمة باسناد شهادة الماجستير في الترجمة الفورية والترجمة الآلية والترجمة الأدبية.
و ينكب قسم الترجمة منذ أشهر على سد الفراغ الذي تعيشه المكتبة العربية في ما يخص أدب الأطفال والشباب خاصة ويقوم المعهد بترجمة سلسلة من الكتب من الفرنسية إلى العربية من جميع ثقافات العالم ولكبار الكتاب المختصين.
ويقول الرياحي أن د انعام بيوض مديرة المعهد تحرص على أن تقدم هذا المشروع إلى جانب كتاب مهم سيصدر قريبا بلغات عديدة بعنوان "نور على نور" الذي يمثل مشروعا حضاريا كبيرا لأنه سيقدم الاسلام الحق للعالم في ظل ما عرف هذه السنوات بصراع الحضارات وما لحق الاسلام من تشويه وقراءات باطلة. يتكون الكتاب من صندوق فخم يحتوي على 10 مصنفات يعالج كل مصنف إحدى القيم الإنسانية الموجودة في القرآن الكريم وهي: المساواة، العدل، التسامح، الإحسان، العمل، السلم، الكرم، الأخوة، الوفاء بالعهد، والمحبة.
وينتظر أن يكون لهذا الكتاب الذي سيصدره المعهد العالي العربي للترجمة قريبا جدا في طبعة فنية راقية، اضافة حقيقية إلى المكتبة العالمية زيادة على ما ينتظر منه في تجسير العلاقة بين المسلمين وبقية الشعوب والأديان.وهو بذلك يضطلع بدور استراتيجي وحضاري مهم.
ويعد المعهد لاطلاق العدد الاول من مجلة تعنى بالترجمة أيضا وعقد مجموعة من الورشات التدريبية للترجمة بحضور عدد من كبار المترجمين.
يشتغل بالمعهد العالي العربي للترجمة في الجزائر رئيسا لقسم انتاج الترجمة .
كتب القصة القصيرة والرواية والنقد الأدبي والمقال الصحفي.
اشتغل مراسلا صحفيا في الشأن الثقافي للعديد من المنابر الثقافية العربية .مجلات وصحف ومواقع مختصة وفضائيات.
قدم وانتج عددا من البرامج التلفزيونية.
اطلق منذ سنة مشروعا ثقافيا غير ربحي يعنى بمحاورة كبار الأدباء والمفكرين العرب والأجانب في كتاب الجيب.
تحصل على جائزة القصة القصيرة بالقاهرة سنة 2005 وجائزة الكومار الذهبي لأفضل رواية تونسية لسنة 2007 عن روايته المشرط .
توج ضمن الفائزين في مسابقة بيروت39 لسنة 2009
ترجمت أعماله القصصية إلى عدد من اللغات أبرزها الفرنسية والايطالية.
متاهات السرد الروائي
رواية المشرط صدرت في سلسلة معروفة "عيون لمعاصرة"والتي يشرف عليها الناقد التونسي الشهير توفيق بكّار المقيم بباريس.وكانت السلسلة قد نشرت عيون الروايات العربية مثل:موسم الهجرة الى الشمال للطيب صالح واللجنة لصنع الله ابراهيم والمتشائل لأميل حبيبي والزيني بركات للغيطاني وفساد الأمكنة صبري موسى ...فكان نشر المشرط ضمنها تتويجا للرواية التي اهدت السلسلة جائزة الكومار.
وهي تترجم الآن إلى عدد من اللغات الحية أولها الايطالية التي يقوم بها مترجم ذاكرة الجسد وموسم الهجرة الى الشمال الايطالي فرانشيسكو ليجّو
الذي قال في روايته"أعتبر رواية «المشرط» للكاتب التونسي الناشئ كمال الرياحي عملا أدبيا فريدا من حيث البنية السردية التي تستعين شتى أنواع الفنون وتوسع بذلك المقولة السائدة بأن الرواية هي الجنس الأدبي الحاوي لسائر الأجناس الأدبية. فإن هذا النص يمثل - في جملة ما يمثل - زواجا سعيدا بين الكتابة والرسم الذي يضطلع بدور سردي محض بعد أن كان دوره في الكتابة إيقونيا لا يدخل في خضم العملية السردية إلا هامشيا، وذلك دونما كلفة أو عبء على القارئ فإن إدراج اللوحات بوصفها فصلا من فصول الرواية يتماشى مع سياق الكلام ويمد القارئ بمعلومات دقيقة عن أحداث الرواية وصفات شخصياتها.
كما أن «المشرط» يقدم نمطا جديدا للتعامل مع التراث إذ يروح القارئ المصغي لحكايات تمثال ابن خلدون يلج ما بين ثنايا نصوص أدب الرحلة الخيالية القديمة بانتقال طبيعي من الواقع إلى الأسطورة حيث يكون وصف العجائب والغرائب إنما يرمز ويغمز إلى ذلك الواقع اليومي الذي أراد التخلص منه. الأسلوب هنا اعاد خطى كبار الكتاب الروس الذين قلبوا المنطق المعتاد وكشفوا عن لعبة السلطان مهما كان اسمه ونوعه وأمره.
وليست الرحلة من الهامش (هامش المجتمع الحضري التونسي) إلى الهامش (هامش المجتمع البشري أو العمران بعبارة خلدونية) إلا فرارا من الواقع ورجوعا إليه في أخر المطاف. الواقع وليس الحقيقة، لأن كل شخصية من الشخصيات المحصورة في «المشرط» يبحثون عن حقيقة الأمر الواقع. ولعل هذا الأمر الواقع لم يقع قط، إذ أن كل ما يتضح بقدر ما تتقدم القراءة هو أن كل حقيقة تختلق حقائق متضاربة إلى درجة أن منطلق التأويلات والتأملات يكاد يتلاشى رغم دقته وحدته.
من خلال هذه العملية التفكيكية للحقيقة والواقع تمكن كمال الرياحي من التوفيق بين مختلف الأساليب والأنماط اللغوية كما نجح في خلق شخصيات ذات ملامح بارزة وخفية في آن واحد شأنها دون تقديم أي قراءة مسبقة للأحداث وللأشخاص، مما يدرجه شرعا وفرعا في عداد فحول الروائيين المعاصرين"
وقد لاقت هذه الرواية احتفاء كبيرا من النقاد العرب في كل مكان فكتبت حولها عشرات الدراسات واحتفل بها في أكثر من بلد عربي وأوروبي.وكانت متنا للكثير من البحوث الجامعية.ووصل الاهتمام بها حتى في الهند وفي بلدان أوروبية كثيرة.وقد طبعت مرتين في تونس في أقل من سنة واحدة.وكسبت قاعدة جماهيرية استثنائية وهناك مساع من بعض المخرجيين السينمائيين إلى تحويلها للسينما.
مشارط النقد!
للرياحي مغامرات نقدية وبحثية تنشغل أساسا بفن الرواية والسيرة الذاتية فأصدر كتابه النقدي الأول في الأردن بعنوان"حركة السرد الروائي ومناخاته" والذي لاحق فيه بالنقد والتحليل عددا من الروايات العربية منها التونسية والمغربية والاردنية والجزائرية.
يقول عنه الدكتور صلاح الدين بو جاه:
ينتمي الرجل إلى جيل من النقّاد يتوق إلى الجمع بين الدقة العلمية المطلوبة والإحالات الدّالة، والعرض الواسع لمحصول القراءات المتنوّعة التي تغني البحوث دون أن تثقل كاهلها بالمكرّر المعاد."
يعد كمال الرياحي من النّقاد الجريئيين الذين لا ترهبهم الأسماء الكبيرة فيدخل نصه متحرّرا من ثقل الصنمية التي تحاط بها بعض الشخصيات الأدبية.
وهذا ما دفعه إلى توجيه نقد لاذع إلى بعض أعمال ابراهيم الكوني في مؤتمرات للرواية وهو نفس الدافع الذي جعلته يهتم بأصوات مغمورة منذ سنوات عندما نبّه الوطن العربي من خلال عدد من الدراسات إلى روائي جزائري شابا مقيم بالمهجر في إيطاليا "عمارة لخوص" والذي أبانت الأيام أنه كاتب مهم وكسب شهرة كبيرة في الغرب بعد ذلك، من خلال روايته"كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" التي ترجمت إلى عدد كبير من اللغات.
أما كتابه النقدي الثاني "الكتابة الروائية عند واسيني الأعرج" فقد خصصه لتجربة الروائي الجزائري وسلط الضوء على رواية لم تكن معروفة في الوطن العربي بسبب صعوبته ومتطلباته في القراءة إذ مثلت فنيتها العالية وتفاعليها مع روايات غربية مثل دون كيشوت لسرفانتس وكارمن لمري ماي عائقا في البداية أمام تلقيها حتى من النقاد، فدخلها كمال الرياحي بجدية الباحث واستطاع ان يفك الكثير من رموزها ليربطها بالمتن الروائي الكاملة لواسيني الأعرج و ترهينها ضمن سياق المدونة الروائية الجزائرية .
وهو ما أثار اعجاب عدد من النقاد الكبار بالوطن العربي فقارنه د صبري حافظ بكتاب سيزا قاسم يقول:" نادرة هي الكتب النقدية التي تتناول باستفاضة نصا روائيا واحدا، كما هو الحال في (بناء الرواية) دراسة سيزا قاسم المتميزة عن ثلاثية نجيب محفوط. هنا يقدم كمال الرياحي إضافة منهجية وتحليلية واضحة لهذا التقليد النادر في النقد العربي الحديث. إذ يكشف تحليله الدقيق المستبصر في هذا الكتاب، (خصائص الكتابة الروائية عند واسيني الأعرج)، لرواية (حارسة الظلال) عن حساسية أدبية عالية، ومنهجية نقدية جديدة، ورؤية تتسم بالتفرد والخصوصية. فبعد أن يتريث عن عتبات النص الروائي المختلفة، يتناول بتعمق قدرة هذه الرواية على استيعاب استراتيجيات تعبيرية لحقول فنية أخرى من الرسم إلى السينما إلى الصحافة والوثيقة والرسالة وغيرها لأرهاف علاقة النص بالمتلقي وتوسيع آفاق دلالاته. ثم يخصص بعد ذلك فصلا ضافيا لعلاقات الرواية التناصية مع نصوص من السرد العالمي من دون كيخوته وكارمن و لسرد العربي في روايات (الضوء الهارب) لمحمد برادة و(الحوات والقصر) للطاهر وطار مستخلصا من هذا الحوار التناصي مجموعة من خصائص النص البنيوية المتفردة.
أما آخر فصول هذه الدراسة فيتناول فيه الباحث قضايا التجنيس في هذه الرواية وكيف ينحو فيها النص برغم طبيعة السرد التعاقبية بل حتى البوليسية فيه نحو الأسطورة مرة والسيرة أخرى دون أن يتخلى عن قدرته الحوارية على مواصلة جدله مع الواقع.
هذا عمل جدير بالقراءة وبعناية القارئ بكشوفه، والناقد باستقصاءاته التحليلية والمنهجية على السواء.إذ يكشف عن ميلاد ناقد موهوب تتوقع منه الدراسات العربية الكثير إذا ماواصل مسيرته بهذا التريث والاقتدار."
بينما كتب الناقد المغرب يالشهير د سعين يقطين يقول:" " قراءة حاذقة وعاشقة تلك التي أقدم عليها كمال الرياحي بحذق الناقد وعشق المبدع ليتحرك في فضاء رواية واسيني الأعرج " حارسة الظلال " منقّبا عن خصائصها الكتابية ، متتبعا آليات التفاعل النصي من العتبات إلى بناء النص الروائي ، مستكشفا عوالم نص زاخر بالنصوص فارضا بذلك سؤال النوع السردي، كما يتفنّن كمال الرياحي في استجلاء تفاصيل الأشياء وفروقات المواضيع ، ينفذ إلى أعماق النص المحلل فيبين عن قدرة هامة في الرصد والتتبع ، وكفاءة عليا في تجلية غوامض الأمور .
كتاب يضاف على رصيد تحليل السرد الروائي العربي مبرزا أن في السرد دائما عوالم تحتاج إلى الكشف ، ومناطق تدعو أبدا إلى الاستكشاف ."
الرياحي.. سلسلة "ترافلينغ" أو هكذا تحدّث!
في مجال النقد الثقافي والمساهمة فيه فقد أطلق كمال الرياحي سلسلة ترافينغ Travelling
و هي سلسلة حواريّة أدبيّة حديثة يشرف عليها الكاتب ، تصدر في تونس وتوزّع في العالم العربيّ وأوروبا. وقد صدر فيها مؤخّرًا كتاب حواريّ مع الناقد الفرنسيّ المعروف فيليب لوجون، بعنوان "هكذا تحدّث فيليب لوجون". وهو حوار مطوّل مع المنظّر الفرنسيّ حول أدب السيرة الذاتية كما أصدر كتاب آخر بعنوان"هكذا تحدث واسيني الأعرج"ويهتم بعالمه الروائي.
وتهدف هذه السلسلة إلى إرساء دعائم فنّ الحوار الأدبيّ، وإلى تعريف القارئ العربيّ أينما كان بأعلام الفكر والأدب. وتوفّر هذه السلسلة مادّة ثقافيّة غنيّة للباحثين الأكاديميين في شتى المجالات التي ستتطرّق إليها ابتداءً من فن السيرة الذاتيّة، مرورًا بالرواية والنقد، والسينما والمسرح والتاريخ والشعر والقصّة وانتهاءً بانفتاح عوالم أخرى جديدة تُغني المكتبة الأدبيّة العربيّة.وينتظر ان ضمنها هذا العام كتابين آخرين الأول مع المفكّر نصر حامد أبو زيد والثاني مع الشاعر المغربي محمد بنّيس.
وكل هذا النشاط لا يمكن أن يثني الرياحي عن تأصيل هويته الابداعية فينشغل هذه الأشهر بكتابة روايته الجديدة التي وضع لها عنوانا"الغوريلا.. آخر أطفال الزعيم" والتي كتب فصلها الأول في الأمارات العربية المتحدة في جزيرة صير بني ياس ضمن فعاليات مختبر الكتابة الذي عقدته الجائزة العالمية للرواية العربي بوكر.وقد قرأ فيها الرياحي الفصل الأول منها وهي رواية يتعالق فيها العجائبي بالواقعي لتقرأ الراهن الاجتماعي والسياسي التونسي من قبل أحد اللقطاء الذي تسلّق برج الساعة في قلب اهم شوارع العاصمة التونسية.وقد انطلقت الرواية من حادثة حقيقية حدثت في الصيف الماضي بتونس ولكن الرواية تمضي بعيدا في التخييل.
تفاصيل الحياة الشاقة!
حدثنا كمال الرياحي عن عمله في المعهد العالي العربي للترجمة في الجزائر والذي يشتغل به رئيسا لقسم انتاج الترجمة تحت رئاسة مديرته د إنعام بيوض.
وأكّد ان المعهد التابع للأمانة العامة لجامعة الدول العربية يقدّم خدمة أكاديمية كبيرة وفرصة نادرة للباحثين في اختصاص الترجمة باسناد شهادة الماجستير في الترجمة الفورية والترجمة الآلية والترجمة الأدبية.
و ينكب قسم الترجمة منذ أشهر على سد الفراغ الذي تعيشه المكتبة العربية في ما يخص أدب الأطفال والشباب خاصة ويقوم المعهد بترجمة سلسلة من الكتب من الفرنسية إلى العربية من جميع ثقافات العالم ولكبار الكتاب المختصين.
ويقول الرياحي أن د انعام بيوض مديرة المعهد تحرص على أن تقدم هذا المشروع إلى جانب كتاب مهم سيصدر قريبا بلغات عديدة بعنوان "نور على نور" الذي يمثل مشروعا حضاريا كبيرا لأنه سيقدم الاسلام الحق للعالم في ظل ما عرف هذه السنوات بصراع الحضارات وما لحق الاسلام من تشويه وقراءات باطلة. يتكون الكتاب من صندوق فخم يحتوي على 10 مصنفات يعالج كل مصنف إحدى القيم الإنسانية الموجودة في القرآن الكريم وهي: المساواة، العدل، التسامح، الإحسان، العمل، السلم، الكرم، الأخوة، الوفاء بالعهد، والمحبة.
وينتظر أن يكون لهذا الكتاب الذي سيصدره المعهد العالي العربي للترجمة قريبا جدا في طبعة فنية راقية، اضافة حقيقية إلى المكتبة العالمية زيادة على ما ينتظر منه في تجسير العلاقة بين المسلمين وبقية الشعوب والأديان.وهو بذلك يضطلع بدور استراتيجي وحضاري مهم.
ويعد المعهد لاطلاق العدد الاول من مجلة تعنى بالترجمة أيضا وعقد مجموعة من الورشات التدريبية للترجمة بحضور عدد من كبار المترجمين.


الصفحات
سياسة








