الزواج عبر الانترنت ظاهرة لاتزال غريبة على المجتمع العراقي الفخور بتقاليده الشرقية

وعلى الرغم من أن الأمر لم ينتشر بشكل كبير في مدن المحافظة ، لكنه يعد مؤشرا كبيرا على أن الحياة بدأت تعود الى طبيعتها في هذه المحافظة التي مزقتها أعمال العنف بسبب الجماعات المسلحة المتطرفة ، كما أنه يعتبر تطورا وخروجا عن ظاهرة الزواج التقليدي ، وقد يغير نمط الارتباط والتعارف بين الشباب قبل الزواج.

وقال فارس محي المحمدي 29 عاما " إن تأثير تطور الحياة انعكس على أفكار ومباديء الشباب بصورة واضحة ، فالشاب لم يعد يرغب بالزواج التقليدي الذي يخطط له الأهل ، وانما بدأ يسعى لأن يكون حرا باختياره " .

وأضاف المحمدي أنه تعرف على فتاة عن طريق الانترنت وتبين أنها موظفة حكومية وحصل بينهما اعجاب متبادل لتزداد الثقة بينهما رغم المخاوف التي برزت بينهما في باديء الأمر ، نتيجة فقدان الثقة لأن الانترنت أمر غير مألوف في تطبيع العلاقات المبنية على الشفافية والوضوح".

وتابع " لكن الأمر تطور، وأعتقد انني على الطريق الصحيح وربما في الأسابيع المقبلة أتقدم لخطبة تلك الفتاة " ، لافتا إلى أن علاقات الحب عن طريق الانترنت أسلوب متطور قد يصل الشاب بطريق الصدفة إلى انسانة ربما يلين لها قلبه لكن ليس في جميع الأحوال ".

الا أن عدي صقر (25 عاما - طالب جامعي) يرى أن الزواج التقليدي لايزال الأسلوب الرائج لدى غالبية الشباب العراقي لأنه الأفضل والأحسن، وقال "إن العلاقات عن طريق الانترنت لاتزال حديثة لكن الطابع الشرقي للشاب العراقي يجعله لا يثق بالمرأة التي تتحدث عن طريق الانترنت، وهنا يكمن صلب الموضوع، وهناك قصص أراها وأسمعها في أروقة الجامعة عن علاقات نجحت بين شباب كان الانترنت، صلة التواصل بينهما".

بدوره قال محمد حيدر (28 عاما) "هناك رغبة من قبل الكثير من الشباب أن يكون زواجهم مبني على قصة حب وتعارف مسبق لكن تبقى ارادة الارتباط التقليدي قائمة في حال لم يعثر الشاب على مراده وتقدم به العمر ، لكن الزواج يتطور مفهومه بشكل بارز".

وأوضح أن شبكات الاتصال ومنها الانترنت بدأت تأخذ حيزا لابأس به في توفير مساحة كافية لتعارف الشباب فيما بينهم رغم أن غالبية المجتمع العراقي ترفض هذه الطريقة في الوقت الحالي، ومع ذلك تحصل حالات تعارف حتى لو بالخفاء.

من جانبها ، قالت منيرة محمد (23 عاما) طالبة جامعية "إن استخدام الانترنت داخل المنازل السكنية محدود جدا في بعقوبة مركز المحافظة، كما أن استخدامه من قبل الفتيات يكون محظورا من قبل عوائلهن في أغلب الأوقات الا عند الضرورة ، إلا اذا كانت الفتاة طالبة أو موظفة وبحاجة للانترنت".

وأضافت أنها تسمع أن هناك علاقات نجحت ووصلت إلى مرحلة الزواج بين شباب كان الانترنت السبب في تعارفهم وبناء علاقتهم وتقوية صلتهم، لكنها تعرب عن مخاوفها من هذا الأسلوب قائلة "لكن يبقى الانترنت وسيلة مخيفة لبناء علاقة زوجية صحيحة نظرا لما نسمعه كل يوم عن قصص الابتزاز لفتيات بسبب انجرارهن وراء عواطفهن ووقوعهن في شباك شباب استغلوا الأمر بطريقة سيئة".

وأكدت أن أي علاقة بين فتاة وشاب عن طريق الانترنت ستكون في أغلب الاحيان مجهولة المصير ، وقالت "أرغب أن تكون مباديء الزواج واضحة وأن لايدخل التطور في تغيير نمط ومبادىء الزواج".

ويرى الباحث الاجتماعي ظاهر اللهيبي أن الزواج عن طريق الانترنت شيء حديث وغريب على المجتمع العراقي المحافظ والذي يغلب عليه الطابع العشائري.

وقال اللهيبي "رغم اننا نقرأ ونسمع عن وجود حالات زواج حدثت عن طريق الانترنت الا انها محدودة جدا لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ، لكنها تمثل مرحلة تطور يشمل كل مظاهر الحياة العامة التي بدأت تغير في ملامح العلاقات الانسانية ومنها الزواج " .

وأضاف اللهيبي أن زواج الشباب عن طريق التعارف من خلال الانترنت نسب نجاحه محدودة لأن العلاقات المبنية عليه تكون من قبل أشخاص يقضون وقت الفراغ وليس لبناء علاقات شفافة وصحيحة بعيدا عن المغالطات والألاعيب .

وأعرب عن اعتقاده أن الاكثار من استخدام الانترنت في السنوات المقبلة ربما يكون الخط الذي يرسم حياة آلاف الشباب الذين يلجأون اليه للوصول إلى شريكة حياتهم .

يذكر أن الجماعات المسلحة سيطرت على معظم مناطق محافظة ديالى خاصة في عامي 2006 و2007 وفرضت على السكان نمط حياة معينا حرمت بموجبه استخدام العديد من الاشياء بما فيها الانترنت باعتباره يساهم في انتشار الفساد ويحط من الأخلاق، لكن قوات الامن العراقية شنت العديد من العمليات الأمنية التي أسفرت عن القضاء على هذه الجماعات مما أدى إلى عودة الحياة الى طبيعتها.