تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


الصيد البري في لبنان ممنوع....واللبنانيون يمارسونه عشوائياً




بيروت - فاديا عازار- ما إن تلوح بوادر الخريف على جبال لبنان حتى ينتشر الصيادون على المفارق وجنبات الطرق العامة وحتى في الأملاك الخاصة والبساتين ..يتربصون بالطيور العابرة ، صغيرة كانت أو كبيرة ، مطلقين النار على كل ما له جناحين ومخلفين خرطوشهم الفارغ على الأرض مع العلم أن الصيد البري ممنوع رسميا في بلاد الأرز.


الصيد البري في لبنان ممنوع....واللبنانيون يمارسونه عشوائياً
رجال وشبان ونساء وحتى أطفال ، يمارسون "هواية" الصيد عن معرفة بأصوله أو عن جهل بها، ويطالبون الجهات الرسمية المعنية بتنظيمه لما له من دور في تنشيط الدورة الإقتصادية في البلاد، فيما أضراره لا تحصى إذا بقي من دون تنظيم .

وكان صدر في لبنان قانون ينظم الصيد في عام 2004 لكنه لا يزال حتى اليوم دون آلية للتطبيق ، وإن كانت مجموعة من القرارات الخاصة بتنظيمه رفعت إلى مجلس شورى الدولة للنظر بشأنها .
هكذا يمارس اللبنانيون هواية الصيد البري، عشوائياً، متسببين بخلل كبير يصيب النظام البيئي فيه ، حسب رأي الناشطين البيئيين، وإن كانت ممارستهم للصيد هي بهدف الشعور بالمتعة.

وقال المهندس المدني ميلاد وديع ناصيف لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب.أ) "بدأت علاقتي مع الصيد منذ سن الخامسة عشرة ، يومها كنت أذهب مع والدي وأنا اليوم أذهب برفقة ابني . فالصيد بالنسبة لي هواية ، تشعرني بالمتعة ، ويسمح لي بممارسة الرياضة في أحضان الطبيعة ، بعد أن فرض علينا نمط الحياة العصري جلوساً لمددٍ طويلة وراء المكاتب وبشكل يومي ".

ينطلق ناصيف في رحلة الصيد من بيروت حوالي الثانية فجراً متوجهاً مع ابنه ذو الأحد عشر ربيعاً إلى منطقة شمال لبنان أو شرقه في رحلة يصفها بأنها ممتعة ، ويصل إلى مكان الصيد الذي يقصده حوالي الخامسة فجراً، حيث "تكون الذروة في حركة الطيور التي تستمر على هذه الحال حتى التاسعة صباحاً ".

وتابع ناصيف " أنه موسم الصيد الخريفي ، خلاله نصطاد مجموعة من الطيور المهاجرة التي تمر في لبنان لتنتقل إلى بلد آخر ، لكننا لا نصطاد الطيور التي تقيم في لبنان ، وخاصة تلك التي لها منافع بيئية كالعقاب وغيره".

ولفت ناصيف إلى وجود "مجموعة من الصيادين الهواة ، اللذين يمارسون "الصيد الجائر" فيقتلون إن استطاعوا كل من حرك جناحيه في سماء لبنان ، دون أن تكون لهم القدرة ولا المعرفة ليفرقوا بين طير وآخر ". مضيفاً "إن هذا الأمر يضر بالبيئة بشكل كبير ".

وقال مصدر مسؤول في وزارة البيئة اللبنانية لوكالة الأنباء الألمانية " إن الصيد ممنوع في لبنان حالياً بانتظار صدور مجموعة من القرارات عن وزير البيئة بعد مراجعة مجلس شورى الدولة ، لكن الواقع على الأرض مختلف واللبنانيون يمارسون الصيد بالرغم من عدم صدور أي قرار ينظم الصيد البري" .

وتابع المصدر "تم في الفترة السابقة تحضير مجموعة من القرارات تتعلق بتنظيم الصيد في لبنان ، من بينها إجراء امتحان للصياد ، وشروط الحصول على رخصة للصيد ، وكيفية ضبط المخالفات ، وأرسلت هذه القرارات إلى مجلس شورى الدولة ، بانتظار أن يبت بها مجلس الشورى ليتمكن وزير البيئة من إصدارها ويتم الانتقال بعدها إلى مرحلة التطبيق ".

وينص قانون تنظيم الصيد الصادر عام 2004 والمعتمد حالياً على منع الصيد منعا باتا في المدن والقرى ومحلات التنزه والحدائق العامة والمحميات الطبيعية والأماكن المصنفة تراثيا، على مسافة لا تقل عن 500 متر من محلات السكن ودور العبادة والمنشآت العامة والخاصة .

كما يمنع القانون ، الصيد بواسطة البوم والدبق والشباك والمصايد والأشراك والطيور العائمة الاصطناعية والطبيعية والطعم والصيد المحبوس والأنوار الكاشفة ، منعا باتا . كما يمنع الصيد بواسطة السموم والغاز والدخان والآلاتالكهربائية .لكن الواقع يشير إلى غير ذلك.

وقال إيلي أبو زيد صاحب محل لبيع أسلحة وأدوات الصيد في منطقة جبل لبنان الذي يمارس الصيد بشكل دوري ، لوكالة الأنباء الألمانية " الصيد بالنسبة لي هواية وهو نشاط له أهميته ، لكن السلطات اللبنانية لم تعر أهمية لهذا النشاط ، حيث منعته نهائياً بدلا من تنظيمه ، وهي تعلم أن اللبنانيين لم يمتنعوا عن الصيد بل قاموا بممارسته بشكل عشوائي ".

وطالب أبوزيد بتطبيق قانون الصيد البري في لبنان " لأن ذلك يؤدي إلى ضبط الفوضى المستشرية ، ومنها شراء واستخدام أسلحة الصيد دون الحصول على تراخيص تجيز ذلك ، كما يتم إلزام الصيادين بالتأمين ضد الحوادث ، وتحديد المناطق المسموح ممارسة الصيد فيها وأنواع الطيور المسموح اصطيادها ".
وتابع أبو زيد " إن ما يجري اليوم هو ممارسة حقيقية للفوضى التي تضر بأصحاب محلات بيع أسلحة الصيد والصيادين على حدّ سواء ".

وأشار أبو زيد إلى أن بعض النساء والفتيات اللبنانيات يمارسن الصيد البري بشكل دوري ويذهبن مجموعات مع صيادين ذكور إلى "المصايد " وبعضهن يتقن هذا النشاط بشكل جيد ، مضيفاً إن "ممارسة الصيد يعزز التضامن الاجتماعي والألفةوهي قيم بات المجتمع اللبناني يفتقد إليها في ظل نمط الحياة الحديث الذي يعزز القيم الفردية ".

وقال طوني منصور صاحب محل لبيع أدوات الصيد في منطقة جبل لبنان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)"إن أهم مواسم الصيد هو موسم الخريف الممتد من أيلول/ سبتمبر وحتى تشرين ثان/نوفمبر ، ويتم خلاله اصطياد مجموعة من الطيور المهاجرة وأهمها المطوق ، والسلونج ، والفري ، والدلم ، والسمن ، ودجاج الأرض ".

وتابع منصور " يتم أيضاً اصطياد طير الفري خلال شهر آذار/ مارس ، و عصفور التين خلال شهري تموز/يوليو وآب /أغسطس، بينما لا يجوز الصيد في الشهر الرابع والخامس والسادس من السنة ،لأن هذه الفترة تعتبر فترة تزاوج للطيور ".

ولفت منصور إلى أن "هناك طيورا صارت نادرة في لبنان ولا يجوز صيدها كالشحرور والبلبل والحسون والهدهد ...وغيرها ، ولكن الالتزام بذلك يبقى حكراً على فئة من الصيادين المحترفين الذين يأخذون في الاعتبار المحافظة على البيئة".

وأضاف منصور "إن معظم الصيادين في لبنان يستخدمون الأسلحة النارية المرخصة للصيد، ويستخدم عدد منهم آلات مساعدة لجذب الطيور في الليل أحياناً ، حتى يسهل اصطيادها" ، واصفاً ما يحصل بـ"المجزرة بحق هذه الطيور".

ودعا منصور المسؤولين اللبنانيين إلى استصدار قرار يقضي بإنشاء مدارس إعدادية للصيد يتم فيها توجيه الطلاب وشرح أنواع الطيور المحلية والمهاجرة وأي منها مسموح صيده ، وكيفية استخدام سلاح الصيد .
وتدخل الطيور في روزنامة المطبخ اللبناني وهي من الأطباق الفاخرة الموجودة على قائمة الوجبات في بعض المطاعم وهي مرتفعة الثمن بسبب ندرتها .

وقال بول أبي راشد رئيس جمعية الأرض لبنان التي تعنى بالتربية البيئية والتنمية المستدامة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)"إن حوالي 600 مليون طير آتٍ من أوروبا تمر فوق لبنان في مثل هذه الفترة من كل عام ، وتتعرض هنا للصيد العشوائي ، وذلك بسبب عدم وجود قانون ينظم الصيد في لبنان".
وأضاف أبي راشد "نحن كبيئيين نفضل تنظيم الصيد بقوانين أكثر من منعه لأن لتنظيمه ضرراً أقل على البيئة ، حيث ثبت أنه لا يمكن منع اللبنانيين من الصيد ".

وتابع أبي راشد " عندما يكون الصيد عشوائياً كما هو الحال في لبنان ، يسهم في تدمير السيستام البيئي ، وينتج عنه العديد من المشاكل الزراعية من بينها مشكلة دودة الصندل في غابات الصنوبر ، وتكاثر فأر الحقل في البقاع فضلاً عن تكاثر البعوض والذباب في مختلف القرى والبلدات اللبنانية ".

وفي ظل عدم وجود قرار يسمح بالصيد في لبنان وينظمه ، يذهب بعض صيادو لبنان إلى بلدان أخرى كسوريا أومصر أو بلغاريا أو غيرها لأن بعضهم يرفض الصيد بطريقة غير شرعية ، فضلاً عن أن رحلة الصيد بالنسبة إليهم هي رحلة للاستجمام ، والتخلص من ضغوطات الحياة ، بانتظار أن تقوم حكومتهم بتنظيم هذا القطاع الهام على أكثر من صعيد.

فاديا عازار
الاربعاء 7 ديسمبر 2011