تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد


القطيعة مع الجميع: ترامب يهز أركان النظام العالمي





واشنطن/ برلين -

كريستين جاكي ومايكل فيشر -خلال عامين فقط من فترة ولايته الأولى التي تمتد لأربع أعوام، استطاع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أن يقلب النظام العالمي الحالي رأسا على عقب: ألغى اتفاقيات دولية وقعتها بلاده منذ فترات طويلة، وأثار غضب حلفائه، وأعلن القطيعة مع نتائج قمم منظمات عالمية. فيما يلي تقييم لسياساته، خلال النصف الأول من فترة ولايته الحالية.
في البداية، تمثل الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمية كبرى في تفاعل الأحداث على مسرح السياسة العالمية، ولهذا تتبع الدول سياسات خارجية طويلة الأجل، ولا تشهد تغييرا كبيرا مع انتخاب كل رئيس جديد، وكذلك الحال بالنسبة للشراكات والأحلاف الاستراتيجية التي تعقدها، كما جرت العادة أن تحل المنازعات التي تنشأ بين الدول بالطرق الدبلوماسية.


 
لكن في الوقت الراهن، يواجه العالم رئيسا أمريكيا يحطم الاتفاقيات الدبلوماسية بصورة لم تعرفها القوى العظمى الأولى في العالم من قبل، كما يشكك في جدوى تحالفات استراتيجية عقدتها بلاده منذ عشرات السنين، ويقلل من شأن شركائه ويغازل خصوم الولايات المتحدة القدامي. ولا يقتصر انتقاد ترامب اللاذع للجميع من الخصوم والحلفاء، على العالم الافتراضي من خلال تدويناته المتلاحقة على تويتر، بل يمتد الأمر إلى عالم الواقع.
وأصبحت السمة الرئيسية في سياسات ترامب، التخلي عن المسار الدبلوماسي المحتشم وحل الصراعات بصورة مباشرة وعلانية وأمام أعين العالم أجمع، في مسار مستمر لتحطيم التابوهات الواحد تلو الأخرى، بصورة تهز النظام الدولي. ومع ذلك ، فمن وجهة نظر أنصاره، فقد أوفى الرئيس ببعض تعهداته، دون أن يعتبر كثيرا لسمعة الولايات المتحدة، أو هشاشة البنية الحالية لمنظومة المجتمع الدولي.
أمة واحدة بدلا من أمم متحدة
في ذلك اليوم البارد من شهر كانون ثان/ يناير قبل عامين، عقب مراسم تنصيبه، أعلن ترامب بكل وضوح وبدون مواربة أولوياته خلال أول خطاب رئاسي له، مؤكدا الفكرة التي حققت له الفوز، ولم يكل إلى الآن من تكرارها: "أمريكا أولا". بنسبة لعملاق العقارات الجمهوري، "الأولوية للشأن الوطني، قبل النظام العالمي. الوطنية لها الأولوية فوق العلاقات متعددة الأطراف، وهو النهج الذي لوح به مرة أخرى في ثاني مداخلة له أمام الأمم المتحدة، في أيلول/ سبتمبر الماضي. ويمضي ترامب في استراتيجيته بدون أي شعور بالتزام نحو تحالفات أو اتفاقيات ظلت بلاده ملتزمة بها لعقود طويلة.

في 2017، أعلن ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس لمكافحة التغير المناخي، وبعد عام سلك المسلك نفسه تجاه مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، كما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها.
على النقيض من ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في رد فعل على القرارات التي اتخذها ترامب، أن بلاده تعول على "التحالفات متعددة الأطراف"، مع شبكة من الشركاء الاستراتيجيين، على أمل أن تملأ ألمانيا الفراغ الذي خلقه انسحاب الولايات المتحدة من تلك المحافل الدولية، بسبب قرار رئيس يصر على عدم الالتزام بالاتفاقيات المعمول بها منذ سنين.
حرب تجارية بدلا من تحرير التجارة
مع هتاف "أمريكا أولا"، أدار ترامب المسار التجاري من خلال سياسات لا تقل عدائية وعنفا، شاكيا من ضخامة حجم العجز التجاري لدى بلاده، و"مدى الاستغلال الوقح الذي تتعرض له من قبل دول أخرى". في ربيع 2018، أعلن أن البيت الأبيض بصدد فرض رسوم جمركية استثنائية على واردات الصلب والألومينيوم من الاتحاد الأوروبي. كما هاجم الصين ودخل معها في صراع استمر حتى شهور قليلة. فبعد ختام قمة مجموعة العشرين الأخيرة في بوينوس أيرس، توصل العملاق الأسيوي والولايات المتحدة لاتفاق هدنة. وعلى الرغم من ذلك، ماتزال الخلافات مطروحة على الطاولة، ولا يستبعد تجدد التصعيد بينهما.
ولم يسلم الاتحاد الأوروبي من اتهامات ترامب، الذي هدد بفرض رسوم جمركية إضافية على وارادات بلاده من السيارات. وفيما يتعلق بمحيط الولايات المتحدة وجيرانها التقليديين، كندا والمكسيك، تفاوض وألغى اتفاقا تجاريا يتضمن مميزات لبلاده. ويمثل التوجه الهجومي لترامب فيما يتعلق بالسياسات التجارية، عاملا مهما لإثارة الشكوك ونشر حالة من انعدام اليقين في وضع الاقتصاد العالمي، هو ما كان له تأثير سلبي بالغ على معدلات النمو.
عودة حالة احتقان الحرب النووية
حقيقة الأمر أن التهديد النووي كان مسألة منتهية منذ وقت طويل. فالرؤوس النووية المخزونة في أوروبا، 20 منها في ألمانيا، باتت تعد من آثار حقبة الحرب الباردة، ولكن في الوقت الراهن، خطر الحرب النووية أصبح محدقا. ويرى الخبراء أن وقوع هجوم بأسلحة نووية بات وشيكا أكثر من أي وقت مضى.
هناك سببان لذلك: الأول انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، والثاني تهديده بإنهاء نزع السلاح النووي الموقع مع روسيا منذ ثلاثة عقود، ويحظر الصواريخ متوسطة المدى المحملة برؤوس نووية. ومازال الأوروبيون يحاولون انقاذ الاتفاق النووي مع إيران. وفي حالة انهياره، فهناك خطر باندلاع سباق تسلح في الشرق الأوسط، ستكون السعودية، الخصم التقليدي لإيران طرفا فيه. وبطبيعة الحال فإن عواقب هذا السباق الخطير سوف تكون وخيمة على منطقة أنهكتها بالفعل الصراعات المسلحة.
إن انهيار معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى بين الولايات المتحدة وروسيا، من شأنه أن يضع محل شك منظومة الرقابة على التسليح بالكامل في أوروبا، والتي استمر العمل بها منذ حقبة الحرب الباردة.
انهيار الغرب
تمثل سياسات ترامب تهديدا لقيم الحضارة الغربية، على سبيل المثال: مجموعة السبع الصناعية التي أنشئت خلال عقد السبعينييات، وتعد محفلا على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للدول الغربية، وكانت أول مشاركة لترامب في قمة المجموعة، التي عقدت في صقلية، كارثية، واختتمت بدون التوصل لاتفاق بشأن حماية المناخ. أما المشاركة الثانية له في قمة كندا فكانت بمثابة فضيحة، فبعد غضب ترامب من مضيفه رئيس وزراء الكندي جاستن ترودو، أعلن الرئيس على تويتر وهو مازال في الطائرة وقبل الهبوط في واشنطن، القطيعة مع نتائج القمة، ليتحول اللقاء الذي استمر ليومين إلى مجرد مسرحية هزلية.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي مازال ملتزما بتعهدات بلاده تجاه حلف الأطلسي، إلا أنه خلال قمة الحلف الأخيرة، أعرب عن استيائه من تواضع مساهمات شركائه في الحلف، مقارنة بما تقدمه واشنطن، واتهم ترامب، دولاً في حلف شمال الأطلسي بالتقصير في تحمل نفقاتها العسكرية، مطالباً إياها بـ"تسديد" متأخرات للولايات المتحدة، وكانت دول حلف الأطلسي تعهدت بتخصيص 2% من إجمالي ناتجها المحلي للنفقات الدفاعية بحلول عام 2024. كما هدد ترامب باتخاذ ما يراه مناسبا إذا استدعى الأمر. والمحصلة، ان الأوروبيين أيضا باتوا ينظرون لمصلحتهم ويركزون على ما يخصهم، حيث تطالب دول من بينها إسبانيا وألمانيا بإنشاء جيش أوروبي موحد، وهناك إجماع شبه تام على ضرور التخلص من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، علما بأنه في الوقت الحالي تتحمل أكثر من ثلثي ميزانية الدفاع الخاصة بالحلف.
هل مازالت الولايات المتحدة تلعب دور شرطي العالم؟
قالها ترامب بكل وضوح: "الولايات المتحدة لا يمكنها ان تستمر في لعب دور شرطي العالم". جات تلك التصريحات خلال زيارته المفاجئة خلال عطلة عيد الميلاد للقوات الأمريكية في العراق. وأكد ترامب أنه ليس من الانصاف تحمل الولايات المتحدة بمفردها أعباء هذه المهمة. وقد تسبب قراره بسحب ألفي جندي أمريكي من سورية، وتسليم مهمة قتال تنظيم داعش لآخرين، في موجة من الاحتجاجات على الصعيد الدولي، وحالة من عدم اليقين في منطقة الشرق الأوسط.
كما يدرس ترامب في الوقت الراهن تخفيض حجم القوات الأمريكية في أفغانستان بصورة كبيرة، مما تسبب في حالة قلق كبير سواء في بلاده أو حلفائها الدوليين، ويفكر كثيرون أن من حسن حظ الولايات المتحدة أن رئيسها لم يدخلها في حرب جديدة، على الأقل حتى الآن. ومع ذلك ، يرى العديد من الخبراء أنه من غير المسؤول والخطير للغاية سحب الجنود الأمريكيين قبل الأوان من النزاعات التي لم يتم حسمها.

كريستين جاكي ومايكل فيشر
الاحد 3 فبراير 2019