نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


الموت من أجل فكرة " 2 من2 ".... الموقف من الإغتيالات السياسية غير موحد وطنيا في لبنان




بيروت – الهدهد – ركزت دراسة منى فياض في حلقتها الأولى على الجانب التاريخي للاغتيالات السياسية في لبنان مع وقفة عند الاغتيالات الفكرية والعقائدية واشارات الى من تم اغتيالهم لاسباب لبنانية خارج لبنان كرياض الصلح الذي تمت تصفيته في العاصمة الأردنية على يد أشخاص من الحزب القومي السوري – كما يعتقد – إنتقاما لاعدام أنطوان سعادة بعد محاولته الإنقلابية المدعومة من عسكر سورييا ممثلين – آنذاك – بحسني الزعيم الذي بدأ سلسلة الانقلابات السورية في اواخر الاربعينات وتبدأ الكاتبة والأكاديمية اللبنانية حلقتها الثانية من هذه الدراسة القيمة المقدمة الى مؤتمر" الحركة الثقافية في انطلياس" بالحديث عن اغتيال رئيس وزراء آخر هو رفيق الحريري الذي شكل اغتياله الموجة الثانية من العنف المؤسس وشكل صدمة لم تهز لبنان وحده انما المنطقة بأسرها وتعتقد الباحثة ان ذلك الاغتيال المدوي كان بمثابة الشرارة التي أوجدت حركة استقلالية جذرية تمثلت في انتفاضة 14 آذار – مارس التي ستقدم على مذبح التضحيات بعد تلك الانتفاضة المزيد من الشخصيات السياسية والاعلامية والامنية ممثلة في سمير قصير وجبران تويني وفرنسوا الحاج وجورج حاوي وآخرين


أغتيال الحريري شرارة حركت نوازع الاستقلال
أغتيال الحريري شرارة حركت نوازع الاستقلال
العنف المؤسس الثاني
شكّل إغتيال الحريري صدمة أساسية هزّت كيان الدولة اللبنانية ومجتمعها \ هاتها، وكان الصاعق الذي أطلق حركة استقلالية جذرية أعادت إحياء مطلب سيادية الدولة اللبنانية إلى الواجهة. شكّل اغتياله ركيزة أسطورة مؤسسة لاستعادة لبنان حرّ سيّد مستقل أدّت الى تفجير انتفاضة 14 آذار ولكي تبدأ معها قافلة جديدة من الاغتيالات والتفجيرات غير المسبوقة في تاريخ لبنان في محاولات للترهيب المتتابعة التي وطالت الوجوه الصحافية والسياسية التي ناضلت من أجل الدفاع عن الانتفاضة واهدافها في تدعيم الاستقلال الثاني والحفاظ على الحرية والدستور والسيادة. وذهب ضحيتها مناضل تاريخي مثل جورج حاوي وصحافيين لامعيين وقيادين مثل سمير قصير وجبران التويني. الى جانب عدد من السياسيين من نفس الاتجاه السياسي
اغتيالات الانتفاضة
كان اغتيال سمير قصير أحد أبرز الصحافيين اللبنانيين وكاتب عمود يومي في النهار والأستاذ الجامعي والمؤرخ صدمة كبيرة وضربة للانتفاضة. أشارت البي بي سي في اليوم التالي لاغتياله :" ويقول فيسك إن الأيادي الملطخة بالدماء امتدت للبنان ثانية لتهاجم واحدا من أبرز صحفييه، ومن أشجع العناصر في انتقاداتها للنظام السوري". وهو من مؤسسي اليسار الديموقراطي وأحد أبرز قادة انتفاضة الاستقلال الذي من شدة انخراطه فيها تحسب انها اتتفاضته الشخصية. "فمنذ اليوم الاول، عشية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقبل دفنه، تلقف بسرعته المعهودة، نداء "انتفاضة الاستقلال" ليباشر التحضير لوضعه موضع التنفيذ. لقد قرأ بسرعة خطورة الحدث، وقرّر أن الوقت ليس للتنظير وراء المكاتب وتبادل الافكار ببرودة وسلبية، أو حتى لتدبيج المقالات او لبكاء الشهيد ورفاقه. انه وقت العمل. وانطلق الى الساحة ينظّم صفوف المعتصمين ويدعوهم الى الاستعداد لمواجهة طويلة ستستدعي منهم الجهد والوقت والصبر والنشاط, ببساطة طالبهم بالبقاء هناك وعدم العودة الى منازلهم. فوصل الليل بالنهار متابعا وضع الشباب المنتفض: حاجاته والاستعدادات. اهتم بالاتصالات والخيم والامدادات والتجهيزات والمنبر والاغاني والهتافات والاعلام.. وتابع كل ذلك بشغف العاشق للحرية، المؤمن بقضيته دون حساب. فكنت تراه آخر الليل، مفترشا الساحة بين الشباب، منهكا ولكنه فخور كان بما يراه، غير مصدق هذه الاعجوبة، على حد تعبيره، المتحققة يوميا دون افتعال. ولم ينس في تنقله، على مدار الساعة،بين مكتبه في "النهار" و"ساحته" قربها ومكتب اليسار واجتماعات المتابعة، ان يترك لخياله العنان في ابتداع الافكار وتنفيذها فورا دون تردد. فكان شال المعارضة باللونين الاحمر والابيض، وكان شعار الانتفاضة "05 إستقلال"، وكانت الاعلام، والمنصة، والتجهيزات الصوتية، وكان الاتصال بجميع وسائل الاعلام المحلية والعالمية، وكان تجهيز موقع الانترنت والعمل على اطلاقه" .
اغتيال جورج حاوي تلى اغتيال سمير قصير مباشرة في محاولة للتوازن بين إرعاب الجسم الصحافي المعارض والجسم السياسي المعارض في نفس الوقت. جورج حاوي غير المعروف عنه سوى حواريته: "الذي كاد يكون متفرغا لمحاورة الاخرين، داخل حزبه كما داخل الاحزاب الاخرى، وفي مواقع القيادة داخل لبنان وفي جواره القريب والبعيد، بدءا من سوريا وحتى اليمن، وانطلاقا من فلسطين وحتى السودان، مرورا بمصر والجزائر والمغرب قبل ان نصل الى احزاب الحركة الشيوعية في العالم. ورايه مفتوح على الاجتهادات وهو قابل للنقاش دائما وقابل لان يتطور فيتحول في اتجاه التسوية. انه ملك التسويات والحلول الوسط، بل انه مبتدع مثل هذا الخط حتى في القضايا المبدئية" . وهو اغتيل غداة كتابته مقالة في جريدة الرأي الكويتية ومقابلة قبل حين مع قناة الجزيرة الفضائية تكلم فيهما بصراحة وحس نقدي كبيرين. وينبغي أن نحفظ لجورج حاوي نداءه الشهير الذي اطلق من خلاله اكبر عملية مقاومة وطنية شاملة ضد الاحتلال الاسرائيلي في 16\9\1882 هو ومحسن ابرهيم.
كان جبران تويني آخر شهداء الصحافة، هو الذي طالما شعر انه "مشروع شهيد"، كما كان يردد دائماً:" مجنون في المهنة والسياسة. ينفعل، يندفع، يتطرف ويتراجع، لم لا؟ يسأل السؤال ويجيب "نعم أخطأت كثيراً في حياتي، وأسدد الفاتورة وحدي وأعض على جراحي. يمثل الجيل الثالث في النهار. عرفت عنه معارضته للتدخل السوري في لبنان، واعلن في نهاية آب 2005 انه تلقى معلومات دقيقة من لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بان اسمه مدرج على لائحة الاغتيال، وكان قد مر على اغتيال الصحفي سمير قصير حوالي الشهرين. وقرر بعد ذلك تمضية معظم وقته في باريس برفقة زوجته واحيانا ابنتيه. لطالما اتهم جبران بالتهور السياسي وكان يجيب: يقولون اني متهور ولا اجيد التصرف الدبلوماسي، انا اقول اني اعرف ان طريق الوزارة وطريق النيابة بدمشق، هذا اعرفه ولا اريده والناس لا تصدق انني لا اريد هذه الاشياء. اختلف جبران مع الجنرال العائد من المنفى الباريسي، علما انه الوحيد الذي كان بين مستقبليه في مطار بيروت ثم في ساحة الشهداء، وقال في مقابلة مع النهار في 17 ايار 2005 ان المطلوب من ميشال عون التروي والنظر في تحالفاته لأنه لا يجوز ان يتحالف مع من يتآمروا على الوطن.
تحدى التويني نصائح الكثيرين له بالبقاء في باريس وقرر العودة مؤخرا الى بيروت. قرر مساء السبت 10\12\2005 زيارة مي شدياق حيث تخضع لعلاج في احدى مستشفيات الفرنسية . قالت له مي شدياق: لقد تأخروا. مضى شهران ولم يسقط شهداء جدد . ضحك جبران ومضى عائدا الى بيروت في مساء اليوم التالي. ولم يكن يدري ان اسمه مدرج على راس اللائحة وهناك من يرصده بدقة."انا متمرد والصحافة قد تكلفني حياتي.. انا مجنون صحافي" هذه العبارة طالما رددها جبران .

اغتيالات السياسيين
سبق اغتيال الحريري ورفاقه وشهداء ثورة الارز من السياسيين عدد كبير من الاغتيالات التي طالت الجسم السياسي اللبناني؛ فيما يبدو توزيع "عادل" طال اليمين واليسار، المسيحيين والمسلمين، وطال تقريباً جميع العائلات السياسية بدءاً من معروف سعد الذي بدأت مع اغتياله الحرب الأهلية العام 1975. وتلاه كمال جنبلاط في بداية الحرب. وأيضاً رشيد كرامي الذي كان رئيساً للوزراء عندما اغتيل قبيل انتهاء الحرب. واغتيل بشير الجميل ورينه معوض وهما في رئاسة الجمهورية. كما اختطف الإمام موسى الصدر وغُيِّب إثر زيارة إلى ليبيا لم يعد منها. وتعرّض داني شمعون واطفاله وزوجته في عملية اغتيال بشعة. كما قتل طوني فرنجية ومعظم عائلته في مذبحة إهدن الشهيرة. لكن أصعب مرحلة مرّ فيها لبنان وأكثرها دموية لجهة استهداف السياسيين بشكل مباشر ومتتابع ومن دون هوادة بدأت مع اغتيال الرئيس الحريري و باسل فليحان. ثم تلى ذلك اغتيال جورج حاوي، جبران التويني، وبيير الجميل، وليد عيدو وانطوان غانم. هذا عدا عن محاولات الاغتيال الفاشلة وعن التهديد المستمر للسياسيين من اتجاه 14 آذار بشكل أساسي.
اغتيال العسكريين والامنيين
عندما تم اغتيال رئيس العمليات في الجيش اللبناني، فرنسوا الحاج ، تصدرت الصحف العنوان التالي: اغتيال فرنسوا الحاج المرشح لخلافة سليمان في قيادة الجيش. فلقد لعب الجيش اللبناني دورا أساسيا في الحفاظ على المؤسسة العسكرية كضمانة لكل المؤسسات الأخرى ولجميع اللبنانيين. وتصرف الجيش بما يليق بلبنان واللبنانيين وحال دون أي صدام في الشارع إضافة الى أنه وقف موقفا تاريخيا في الرابع عشر من آذار 2005 . وفي كل المراحل الدقيقة التي مر فيها لبنان، وعلى الرغم من الاغتيالات والتفجيرات المتتالية، كان الجيش صمام الأمان.
ومن هنا شكل اغتيال العميد فرنسوا الحاج نوع من استهداف لهذه المؤسسة ولدورها. ولقد قيل في اغتياله أنه انتقام من أصوليين بسبب الدور الذي لعبه في معارك مخيم نهر البارد التي انتهت بانتصار كبير حققه الجيش اللبناني على عصابة "فتح الأسلام" بزعامة شاكر العبسي. لكن الصحف كتبت أن معظم الدلائل تشير الى أن عملية الاغتيال ليست من صنع هواة وأن الموضوع أكبر بكثير من عملية انتقام من الضابط الكبير وأن لا بد من وضع الجريمة في إطارها الحقيقي أي مستقبل لبنان ومؤسساته؛ فلقد سمحت معارك مخيم نهر البارد، التي استمرت أكثر مما يجب بسبب النقص في الأسلحة والمعدات الضرورية لمثل هذا النوع من المعارك، بإظهار التماسك والتعاون بين الحكومة ومؤسسة الجيش وكان للعنيد الحاج دوراً كبيراً في القضاء على التمرد الأصولي في مخيم نهار البارد.
اغتيل بعد ذلك مباشرة المسؤول في فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي وسام عيد . يذكر ان لفرع المعلومات دور كبير في التحقيق الذي تقوم به الامم المتحدة حول اغتيال الحريري. وكما تذكر البي بي سي يعتبر النقيب عيد احد المسؤولين الرئيسيين في التحقيقات الجارية في "جميع التفجيرات الارهابية" التى حصلت في لبنان كما اعلن ريفي من موقع الانفجار. وقد تولى عيد هذه المهمة بعد اصابة سلفه العقيد سمير شحادة عام 2006 ايضا في انفجار عبوة ناسفة. وكان شحادة يقود التحقيق في اغتيال الحريري من جانب الحكومة اللبنانية، الا انه هاجر من لبنان بعد محاولة الاغتيال التي طالته. ويندرج أيضاً هذا الاغتيال في عملية الترهيب والقمع لهذه الأجهزة التي تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على الأمن الداخلي للبد.

د . منى فياض
الخميس 19 نونبر 2009