تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


انقلاب في الواقع اليومي للسوريين نتيجة الاضطرابات المستمرة منذ عام




دمشق- ريم حداد - لا تخفي الهام مدى اشتياقها الى ابنتها التي وجدت عملا في العاصمة السورية بعد تخرجها من كلية الاداب في اللاذقية (غرب)، الا انها تفضل ان تبقى ابنتها بعيدة في دمشق بدل ان تعرضها لمخاطر الطريق الذي لم يعد آمنا، بحسب اعتقادها، منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا قبل عام.


انقلاب في الواقع اليومي للسوريين نتيجة الاضطرابات المستمرة منذ عام
وقالت الهام (52 عاما)، وهي ربة منزل تقطن في مدينة اللاذقية الساحلية في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، انها لم تر ابنتها منذ اكثر من اربعة اشهر. وتضيف "اعتدت على زيارتها لنا في السابق في العطل الاسبوعية، اشتقت اليها كثيرا ولكنني اخشى من ان يعترض مسلحون الحافلة التي تقلها ويصيبها سوء".

وتمنت الام التي اختنق صوتها حزنا "ان تمر هذه الازمة على خير"، معتبرة ان "تضحية" عدم تمكنها من رؤية ابنتها لا تقارن بما يعانيه آخرون.
وعززت اقامة الحواجز حول الابنية الحكومية والامنية في دمشق اثر الانفجارات التي استهدفت مراكز امنية فيها واسفرت عن مقتل العشرات، من الاحساس بالرهبة والتوجس لدى السكان الذين لم يألفوا مثل هذه الاجراءات.
واقامت السلطات جدارا اسمنتيا شاهقا حول وزارة الداخلية في حي كفرسوسة، كما احاطت المنشآت العسكرية ابنيتها بحواجز اصطناعية وقطعت الطرق الفرعية المؤدية الى بعض الفروع الامنية منعا لمرور السيارات.

واكد هشام (48 عاما) الذي يقطن في احدى ضواحي دمشق ان سائقي سيارات الاجرة يمتنعون عن اصطحابه الى مكان سكنه بحجة "خوفهم من الحواجز الامنية" التي تنتشر على مداخل اغلب مدن ريف دمشق. ويوضح هذا المهندس الذي يضطره عمله للتنقل كثيرا لمتابعة ورش البناء "ما ان يسالني السائق عن وجهتي حتى يعتذر قائلا +الله يستر عليك جنبني هذه المناطق+".

وينعكس الوضع الامني على عادات العائلات الدمشقية التي كانت تنتظر يوم العطلة الاسبوعية الجمعة للترويح عن نفسها والخروج الى الارياف للتنزه لا سيما في الزبداني والغوطة اللتين شهدتا اشتباكات دامية انتهت بسيطرة القوات السورية عليهما.
ويتندر الاهالي بقصة تقول ان احدهم رغب باصطحاب عائلته الى الزبداني وفوجىء عند مدخل البلدة بوجود حاجز عسكري يمنعه من الدخول.

وفي رده على سؤال لاحد عناصر الحاجز حول سبب مجيئه، قال انه جاء مع عائلته للتمتع بمنظر الثلج بعيدا عن صخب العاصمة، فرد المجند متهكما "يبدو انك لا تشاهد سوى قناة الدنيا (المقربة من السلطة). عد ادراجك وشاهد قناة الجزيرة". ويسجل تراشق اعلامي منذ بداية الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي تعصف بالبلاد منذ منتصف اذار/مارس 2011، بين السلطة والمعارضين بالتوازي مع اشتباكات وعمليات عسكرية اوقعت الاف القتلى.

ويصف الاعلام الرسمي بعض القنوات الفضائية العربية بانها "مغرضة" وتحرض على "سفك الدم السوري"، فيما يتهم معارضون وناشطون الاعلام السوري بانه "كاذب" ويروج لرواية "العصابات الارهابية المسلحة" للتغطية على "اعمال القمع التي يمارسها النظام بحق المحتجين".

ويرفع الموالون للرئيس السوري بشار الاسد في مسيراتهم لافتات تهاجم قناتي الجزيرة والعربية، ويستبدلان عبارة "خبر عاجل" ب"خبر كاذب".
في المقابل يرفع المعارضون لافتات ينددون فيها بالاعلام الرسمي وقد كتب عليها "هذه الدنيا ملعونة"، بالاشارة الى قناة الدنيا السورية الخاصة القريبة من السلطات.

ويترك الوضع اثره على عادات السكان ونمط حياتهم. اذ قلص انقطاع التيار الكهربائي في جميع المدن السورية من الزيارات العائلية التي اعتاد السكان تبادلها مساء بعد الانتهاء من العمل.
وتعاني المدن السورية، سواء تلك التي تشهد اضطرابات ام تلك التي هي بمنأى عنها، منذ اشهر من تقنين في التيار الكهربائي يتراوح بين 6 ساعات و12 ساعة من الانقطاع، وقد يمتد لاكثر من ذلك في بعض المناطق المتوترة.

ورد وزير الكهرباء السوري عماد خميس الاسبوع الماضي اسباب ساعات التقنين الطويلة الى "ارتفاع الطلب الكبير على الطاقة (...) وغياب حوامل الطاقة الأخرى وتعثر تزويد المحطات بالوقود اللازم لتشغيلها نتيجة استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة للأنابيب التي تزود المحطات بالوقود".

الا ان ناشطين معارضين للنظام السوري اكدوا ان نقص الوقود في البلاد مرده استخدام السلطة المفرط له من اجل تزويد الاليات العسكرية التي ترسلها في جميع انحاء البلاد بهدف قمع الحركة الاحتجاجية.
واطلق ناشطون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "أنا واولادي أولى بالمازوت من الدبابة".

ويشكو سائق سيارة الاجرة ابو فراس، كشأن اغلب السوريين الذين كسرت الازمة حاجز الخوف لديهم، من الاجراءات الحكومية "انهم لا يأبهون بالواقع المعيشي للسكان، فلا رقابة تموينية على الاسعار المشتعلة ولا انتظام في ساعات التقنين".

ويضيف "ان اجهزتهم الامنية لا هم لها سوى ايقاف هذه الحركة" الاحتجاجية، شاكيا من حوادث السرقة والتعدي على الممتلكات الخاصة وعلى الاشخاص "التي لا يعرف مرتكبوها".

ريم حداد
الثلاثاء 13 مارس 2012