تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


بيروت خيمتهم ونجمتهم ... المدينة التي ألهمت الشعراء منذ عصور بعيدة تجمع قصائدهم في كتاب




بيروت، حسن عبّاس – بيروت، هذه المدينة المتوسطية والعربية، شكلت على مرّ التاريخ مصدراً ملهماً للشعراء من أقطار الدنيا. فهي كانت ملتقى حضارات عدّة على مساحتها الجغرافية الضيقة. وكانت في تاريخها الحديث الحضن الذي ضمّ شعراء العرب عندما تخلت عنهم اوطانهم التي هيمنت عليها أنظمة القمع والاستبداد. فكانت بيروت الأمل والدفء ومرتع أحلام كثيراً ما كانت متخيّلة لا تتوافق مع الواقع. ولكنها دوماً كانت المكان الذي يحفّز شاعرية الشعراء، فتستخرج من ارواحهم أجمل القصائد.


بيروت من جهة الروشة وصخرتها الشهيرة
بيروت من جهة الروشة وصخرتها الشهيرة
الشعر الذي الهمته بيروت هو موضوع كتاب الشاعر اللبناني شوقي بزيع المعنون "بيروت في قصائد الشعراء – دراسة ومختارات". يبدأ الكتاب بمقدمة يستعرض فيها بزيع ابرز المحطات البيروتية، قبل عرضه مجموعة من الأشعار التي تتمحور حول المدينة وفي ما يلي بعض مختارات الكتاب الجديد


محمود درويش
(من مواليد البروة، شمال فلسطين (1941 2008))

قصيدة بيروت
تفاحة للبحر، نرجسة الرخام،
فراشة حجرية بيروت، شكل الروح في المرآة
وصف المرأة الأولى، ورائحة الغمام
بيروت من تعب ومن ذهب، وأندلس وشام
فضة، زبد، وصايا الأرض في ريش الحمام
وفاة سنبلة، تشرد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت،
لم أسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي..
وتنام..
من مطر على البحر اكتشفنا الاسم، من طعم الخريف
وبرتقال القادمين من الجنوب، كأننا أسلافنا نأتي الى بيروت
كي نأتي الى
بيروت..
من مطر بنينا كوخنا، والريح لا تجري فلا نجري، كأن الريح
مسمار على الصلصال، تحفر قبونا فننام مثل النمل في القبو
الصغير
كأننا كنا نغني خلسة:
بيروت خيمتنا
بيروت نجمتنا
سبايا نحن في هذا الزمان الرخو
اسلمنا الغزاة الى أهالينا
فما كدنا نعض الأرض حتى انقض حامينا
على الأعراس والذكرى فوزعنا أغانينا على الحراس
من ملك على عرش
الى ملك على نعش
سبايا نحن في هذا الزمان الرخو
لم نعثر على ما يجعل السلطان شعبياً
ولم نعثر على ما يجعل السجان ودياً
ولم نعثر على شيء يدل على هويتنا
سوى دمنا الذي يتسلق الجدران..
ننشد خلسة:
بيروت خيمتنا
بيروت نجمتنا
... ونافذة تطل على رصاص البحر
يسرقنا جميعاً شارع وموشح
بيروت شكل الظل
اجمل من قصيدتها وأسهل من كلام الناس
تغريبا بألف بداية مفتوحة وبأبجديات جديدة:
بيروت خيمتنا الوحيدة
بيروت نجمتنا الوحيدة
هل تمددنا على صفصافها لنقيس أجساداً محاها البحر عن أجسادنا
جئنا الى بيروت من أسمائنا الأولى
نفنش عن نهايات الجنوب وعن وعاء القلب...
سال القلب سال..

*****

جميل صدقي الزهاوي
(شاعر عراقي (1863 1936))

مديح بيروت
آباء بيروت للأبناء قد غرسوا
فذاق أبناء بيروت من الثمر
رأيت أبناءها قوماً أولي همم
ما في عزائمهم شيء من الخور
يا أهل بيروت لا أنسى حفاوتكم
إذ جئت أدلف في بيروت من كبري
يعيش شعب إذا ما كان مرتقياً
في ذمة العلم بعد الصارم الذكر
قلب لبنان
بيروت روح له لبنان جثمان
فليحي للمجد بيروت ولبنان
بيروت نسر له لبنان أجنحة
لبنان عين لها بيروت إنسان
بيروت بيت له لبنان أعمدة
بيروت صرح له لبنان أركان
أبناء بيروت أسدٌ في مرابضها
وأهل لبنان في الأطواد عقبان
لبنان صدر من الآكام أضلعه
بيروت قلب له في الصدر إرنان
كلاهما وطن للقوم مشترك
كلاهما بلد بالفضل مزدان
كلا الشقيقين معتز بصاحبه
وفيهما القوم أصحاب وأخدان
لي فيك يا بلداً حراً نزلت به
بالخل خل وبالندمان ندمان
قوم قد اتّحدت للحق وجهتهم
فلا تفرّق بين القوم أديان
عاش النصارى به والمسلمون معاً
وقد تصافح إنجيل وقرآن
وليس من فئة حيف على فئة
ولا على هابط ظلم وعدوان

******

فوزي المعلوف
(شاعر لبناني (1899 1930))

على منارة بيروت
خفّفي يا هموم من كَبدي
فكفاني ما فُتّ من جَلَدي
يا لامسي كم فيه من غصص
وليومي فما يُكنّ غدي؟
ما أمر الذكرى وأعذابها
فهي بنت الصفاء والنكد
وهي كالخمر كلّما عتقت
طفحت باللذائذ الجُدد
يا ليوم على المنارة لم
يُنسيه تباعد الأمد
إذ وقفنا أنا وفاتنتي
في أصيل بالبحر مُبترِدِ
حضنته شمس مفارقة
رمقتنا بنظرة الحسد
تنفض النور من ذوائبها
ذهباً فوق فضّة الزبد
ثم تهوي في اليمّ مبقية
خلفها صفرة من الكَمدِ
صفرة لم يطل تألقها
فتلاشت في زرقة الجَلَد
شعلة في المياه طافية
أتراها موصولة الوقد

يا لها فرصة مضيّعة
سنحت مرة ولم تعُد!
كنت فيها قرب السعادة لو
شئت طوّقت جيدها بيدي
كنت كالطير عند ساقية
أمَّها ظامئاً ولم يرد
بيروت 1920
من "تأوهات الروح"

******
أحمد شوقي
(ولد في القاهرة (1868 1932)، نظمت بعد قصف الأسطول الإيطالي لبيروت عام 1912.)

لبنان وبيروت
لبنان والخلد اختراع لله لم
يزدن بأحسن منهما ملكوته
هو ذروةٌ في الحسن غير مرومة
وذرى البراعة والحجى بيروته

نكبة بيروت
بيروت، مات الأسد حتف أنوفهم
لم يُشهروا سيفاً ولم يحموك
سبعون ليثاً أُحرقوا، أو أُغرقوا
يا ليتهم قُتِلوا على "طبروك"

*******

أغاتياس اليوناني
(النص منقول من كتاب فيليب حتي "تاريخ لبنان". وفيما ينسب حتي المرثاة الى شاعر إغريقي من دون أن يسميه، ينسبها مؤرخون آخرون الى أغاتياس الذي مر بالمدينة بعد وفاة الامبراطور يوستنيانوس عام 565م.)


هل تأسون لمجد بيروت؟
ها أنا ذا، المدينة التاعسة
كومة من الخرائب وأبنائي أموات
يا للحظ العاثر المشؤوم
إلهة النار أحرقتني
بعد أن هزّت آلهة الزلزال أركاني
يا لتعاستي،
بعد أن كنت مجسّم الجمال
أصبحت رماداً
هل تبكون عليّ أيها العابرون
الماشون فوق أطلالي؟
هل تسبكون عليّ دمعة حزن؟
هل تأسون لمجد بيروت؟
بيروت التي لا وجود لها..
أيها الملاح لا تمل بشراعك نحو شاطئي
لا تنزل شراع مركبك،
فإن المرفأ الأمين
أصبح أرضاً يابسة قفراء
لقد أصبحت لحداً موحشاً
مل عنّي
سر الى الموانئ الفرحة التي
لا تعرف البكاء
سر الى موانيها على صوت قرع المجذاف
هكذا شاء الإله بوسيدون،
إله البحر والزلزال،
وهكذا شاءت الآلهة السمحاء
وداعاً يا ملاّحي البحار
وداعاً أيتها القوافل الآتية
من وراء البحار

*******

جيرار دي نيرفال

(شاعر فرنسي (1808 1855))

يا صوراً متألقة تألق الحياة
أيتها الطبيعة،
أيها الجمال،
يا سحراً فائق الوصف
لحواضر الشرق القائمة على شواطئ البحار
يا صُوراً متألقة تألق الحياة
يا مسرحاً لأجمل أعراق البشر
وللملابس والمراكب
والسفن المتلاقية فوق أمواج من أثير
كيف لنا أن نصف ما تثيرين
من انطباع في نفوس الحالمين
وما هو على ما هو عليه
إلا حقيقة ما نتوقّع
فقد قرأنا ذلك في الكتب
وأعجبنا به في تلك اللوحات الإيطالية القديمة
أيام كان أهل البندقية وجنوى
أسياد البحار
إلا أن ما يفاجئنا اليوم
هو أن نراه كما تصوّرناه
شديد اللصوق بتلك الصور

**********
ألفونس دي لا مرتين
Alphonse De Lamartine
(شاعر فرنسي (1790 1869))

تزفّ إلينا الشرق
كنا أمام بيروت، إحدى أكثر المدن المأهولة على الساحل السوري، سمّيت قديماً "بيريت" وأصبحت مستعمرة رومانية على يد "أوغوست" الذي أعطاها اسم "فليكس جوليا". هذا النعت السعيد مُنح لها بسبب خصوبة ضواحيها ومناخها الذي لا مثيل له وروعة موقعها. المدينة تحتل رابية ظريفة تنحدر بعذوبة نحو البحر. بضعة أذرع من اليابسة أو من الصخور تتقدم في الماء. الفرضة مغلقة بأرض مسطّحة تحمي البحر من الرياح الشرقية. هذه الأرض المسطّحة كالتلال المحيطة بها مكسوّة بأغنى النبات. أشجار التوت الحريرية مزروعة في كل مكان وترتقي من طابق الى طابق على الشرفات الاصطناعية. أشجار الخروب بخضارها الداكنة وقبّتها العظيمة، وأشجار التين والدلب والليمون والرمان، وعدد كبير من الأشجار الأخرى الغريبة على مناخاتنا، تمتدّ على كل أجزاء الساحل المجاورة للبحر.
الستار المتناغم لأوراقها المتنوعة ينسدل بعيداً على المنحدرات الأولى للجبال. غابات الزيتون تمسّ المنظر بخضرتها الرمادية. على بعد فرسخ تقريباً من المدينة تبدأ سلاسل جبال لبنان العالية بالارتفاع وتفتح صدرها العميق، حيث العين تضيع في ظلمات الأقاصي، تسكب هذه الجبال سيولها الكبيرة المتحولة الى أنهار وتأخذ اتجاهات متعددة، وقممها غير المتوازية التائهة في الغيم أو المبيضّة عبر انعكاس الشمس تشبه جبالنا، جبال الألب، المتدثرة دائماً بالثلوج..
بيروت المدينة ترتفع متجمعة بارتباك. سقوف بعضها بمثابة شرفات للأخرى. منازل ذات سقوف مسطّحة وبعضها ذات شرفات مسننة. نوافذ ذات أقواس قوطيّة، وأسيجة خشب تُغلقها بإحكام كحجاب من الغيرة الشرقية. ورؤوس أشجار النخيل تبدو كأنها تنبت في الحجارة وترتفع فوق السقوف، أو كأنها تحمل القليل من الخضرة من أجل عيون النساء المسجونات في منازلهن. كل ذلك كان يأسر أعيننا ويزف إلينا الشرق.
وحيث الناس يتشاجرون على الأرصفة، كنا نسمع صراخ العرب الحاد في الصحراء.
*******
حافظ ابراهيم
(ولد في ديروط ـ مصر (1871 م ـ 1932))

بيروت مهد غرامي
ليلاي ما أنا حي
يرجى ولا أنا ميت
لم اقض حق بلادي
وها أنا قد قضيت
شفيت نفسي لو أني
لما رُميتُ رَميتُ
بيروت لو أن خصماً
مشى الي مشيت
أو داس أرضك باغ
لدسته وبغيت
أو حل فيك عدو
منازل ما اتقيت
لكن رماك جبان
لو بان لي لاشتفيت
ليلاي لا تحسبيني
على الحياة بكيت
ولا تظني شكاتي
من مصرعي إن شكوت
ولا يخيفنك ذكري
بيروت أني سلوت
بيروت مهد غرامي
فيها وفيك صبوت
جررت ذيل شبابي
لهواً وفيها جريت
فيها عرفتك طفلاً
ومن هواك انتشيت
ومن عيون رباها
وعذب فيك ارتويت

*********
معروف الرصافي
(من مواليد بغداد في العراق (1877 ـ 1945))


بيروت العرس
أرى الحسن في لبنان أينع غرسه
وقارب حتى أمكن الكف لمسه
اذا ما رأته عين ذي اللب مشرقاً
تنزت به في مدرج الحب نفسه
كأن النسيم الطلق بين جنانه
غناء حبيب يطرب النفس جرسه
كأن جبال المتن حدبة عابد
هوى ساجداً شكراً وبيروت رأسه
يُقال عن الأضواء في جوف ليله
ببيروت إذ يغشى من الليل دمسه
تزوج صنين الفتى بنت جاره
فأضواء بيروت الوسيطة عرسه
فيا لائمي في حب لبنان إنني
أحس لعمري منه ما لا تحسه
إذا كان لبنان كليلى محاسناً
فلا تعجبوا من أنني اليوم قيسه
عجبت لمدفون به بعد موته
ولم ينتفض حباً وينشق رمسه
بيروت المأوى
ما ضرني غير أني اليوم من عرب
لا يغضبون لأمر ليس يرضيني
تالله ما ضاع حقي هكذا أبداً
لو كنت من عجم صهب العثانين
علام أمكث في بغداد مصطبراً
على الضراعة في بحبوحة الهون
لأجعلن الى بيروت مُنتسبي
لعل بيروت بعد اليوم تُؤويني

**************
خليل مطران
(ولد في بعلبك 1872م ـ 1949م)، قيلت في مناسبة قصف الأسطول الايطالي للمدينة عام 1912م)

رثاء بيروت
أعرني ثغر بيروت ابتساماً
أضع فرض الجميل من ابتسام
ويا بحراً هناك أعِر ثنائي
نفيس الدر ينظم في الكلام
ويا غابات لبنان المفدى
من الدوح المجدد والقدام
أمديني بأرواح زواك
لأقرئها الزكي من السلام
بلادي لا يزال هواك مني
كما كان الهوى قبل الفطام
أقبل منك حيث رمى الأعادي
رغاماً طاهراً دون الرغام
أقدس كل جلمود فتيتٍ
وهى بقنابل القوم اللئام
فكيف الشبل مختبطاً صريعاً
على الغبراء مهشوم العظام
وكيف الطفل لم يقتل لذنب
وذات الخدر لم تهتك لذام
لحا الله المطامع حيث حلت
فتلك أشد آفات السلام
أيقتل آمن ويُقال رفه
عليك فما حمامك بالحمام
اقول وقد أفاق الشرق ذعراً
من الحال الشبيهة بالمنام
على صخب الرواعد في حماه
ورقص الموت بين طلى وهام
اقول بصوته لحماة دار
رماها من بغاة الغرب رام
بنا برد المكوث فأدفئونا
بحمى الوثب حين الخطب حام



حسن عباس
الخميس 7 يناير 2010