تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


تغيير نمط الغذاء يتسبب بارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن بين اللبنانيين




بيروت- فاديا عازار - عرف المجتمع اللبناني العديد من التحولات الاجتماعية منذ نهاية القرن الماضي ، أدت إلى إحداث تغيير في النمط الغذائي التقليدي ، عبر تسرب عادات غذائية غربية ، كان لها الأثر الأكبر في زيادة معدلات السمنة وزيادة الوزن لدى اللبنانيين من كافة الفئات العمرية .


تغيير نمط الغذاء  يتسبب بارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن بين اللبنانيين
وأظهرت نتائج بحث علمي حول "سوء التغذية والسمنة في لبنان" ، أجرته "وحدة البحوث المشاركة" في "الجامعة الأميركيّة في بيروت"، بالتعاون مع باحثين من "جامعة القديس يوسف" و"جامعة روح القدس – الكسليك"، وبدعم من "المجلس الوطني للبحوث العلميّة" ، أن نسبة 61.9في المئة من البالغين اللبنانيين ، ونسبة 34 في المئة من المراهقين، ونسبة 36.3في المئة من الأولاد، يعانون من زيادة في الوزن والسمنة.

ويرى الخبراء الاجتماعيون والغذائيون أن هذا التغيير في طبيعة المأكولات تسببت به متطلبات العصر وخصائصه ومن بينها خروج المرأة إلى ميدان العمل ومشاركتها بشكل أساسي في العملية الإنتاجية ، وانفتاح المجتمع اللبناني على الثقافات العالمية الذي أحدثته ثورة المعلومات ، مما أدى إلى انتشار نمط غذاء يعتمد على الوجبات السريعة .
وقالت الدكتورة لارا نصرالدين أستاذة علم التغذية في الجامعة الأميريكة التي شاركت في الدراسة حول "سوء التغذية والسمنة في لبنان " لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) أن "من أسباب ارتفاع معدلات زيادة الوزن والسمنة عند اللبنانيين ، التغيير الذي يحصل في نمط العيش ، حيث انخفضت الحركة الجسدية ، ولم يتم التعويض عنها ، بالإضافة إلى التغيير الذي يحصل في العادات الغذائية ".

لقد كان النظام الغذائي التقليدي في لبنان ، غني بالألياف والفاكهة والخضار والحبوب والبقوليات ،وفيه كميات معتدلة من اللحوم والدجاج والأسماك ، كما تظهر بعض الدراسات الغذائية ، بينما نجده اليوم غنياً بالسعرات الحرارية وفي الوقت ذاته ، بالدهون والزيوت والسكر .

وأضافت نصر الدين "إننا عملياً نأكل خلال الوجبة الواحدة كمية سعرات حرارية عالية تفوق طاقة جسمنا على حرقها وذلك بسبب اضطرار العديد منا للأكل في أماكن العمل ، حيث نمط الغذاء المستورد والسريع ، هو السائد حالياً، بالإضافة إلى أن معظم اللبنانيين لا يقومون بأي نوع من أنواع الرياضة ".
ورأت نصرالدين أن تخطي هذه المشكلة أمر ممكن ، لكنه "يحتاج إلى القليل من الجهد على صعيد المجتمع والدولة ، وليس الأفراد فقط ، لكي نتمكن من تغيير النمط الغذائي السائد حالياً ، الذي يعتبر المسبب الأول للسمنة في لبنان ".

ويحظى موضوع الغذاء باهتمام العديد من المحطات التلفزيونية المحلية وتخصص له برامج تتحدث عن كيفية إعداد المأكولات الشرقية والغربية ، مع تسليط الضوء من وقت لآخر على ضرورة مراعاة الصحة الجسدية عند تناول الطعام، دون أن ترقى هذه البرامج إلى مستوى التوعية الصحية في موضوع الغذاء .
ويرى بعض الباحثين الغذائيين ، أن اللبنانيين الذين لا زالوا يحافظون على نمط الغذاء التقليدي ، هم الأقل عرضة للإصابة بزيادة الوزن والسمنة ، بينما الأكثر عرضة للإصابة بها ، هم الأشخاص الذين يتناولون وجبات الأكل السريع.

وقد أظهر البحث العلمي حول "سوء التغذية والسمنة في لبنان" ، الذي أجرته "وحدة البحوث المشاركة" في "الجامعة الأميركيّة في بيروت" أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال اللبنانيين يعانون من نقص في عدد من المعادن والفيتامينات . وربط بعض الباحثين هذه النتائج بطبيعة الأطعمة التي يتناولها هؤلاء الأطفال، وهي أطعمة غنية بالوحدات الحرارية ولكنها فقيرة بالمعادن والفيتامينات .

ورأت نصرالدين أن " نشر التوعية في موضوع الغذاء بين الأمهات خاصةً واللبنانيين عامة ً، من شأنه أن يحد من هذه ظاهرة ( إرتفاع معدل السمنة وزيادة الوزن )، ويتم ذلك من خلال إصدار منشورات حول الأطعمة الصحية وما يحتاجه الإنسان من غذاء متوازن يوفر كلّ حاجاته من الفيتامينات والمعادن ، على أن تعمم هذه المنشورات ، خاصةً في المدارس وفي وسائل الإعلام .

ويرى باحثون اجتماعيون أن دخول المرأة ميدان العمل ، جعل دورها داخل مؤسسة الأسرة ينحسر ويٌستبدل بأدوار العاملات في المنازل (الأجنبيات على الغالب ) ، اللواتي يفتقرن إلى كلّ أنواع التوعية في شأن الغذاء ، وأن على المرأة أن لا تتخلى عن دورها في إدارة مؤسسة العائلة ، حتى لو كانت تعمل ، لأن ذلك سيكون له العديد من النتائح السلبية التي بدأت تظهر في صحة الأطفال اللبنانيين ، وأولها ارتفاع معدلات زيادة الوزن والسمنة لديهم .

وقالت أخصائية التغذية ميراي رزق قرباني لوكالة الأنباء الألمانية "لقد باتت زيادة الوزن والسمنة آفة و المسبّب الأوّل للأمراض المزمنة في لبنان".
وأضافت " لكن بإمكاننا السيطرة على هذه الظاهرة ، من خلال اتّباع نظام غذائي متوازن وصحّي ، واتّخاذ الخيارات الصحيحة حيث يشترط في التغذية أن تكون متوازنة أي أن تكون متنوعة أي تتضمن جميع أصناف الأغذية ، وكافية أي لتسد جميع حاجيات الجسد ".
ولا تزال بعض الأفكار الخاطئة تنتشر في المجتمع اللبناني ، كالقول بأن زيادة الوزن هي دليل الصحة ، ويؤكد خبراء التغذية أن هذا غير صحيح ، لأن معظم الأولاد الذين يعانون من السمنة، يعانون أيضاً من ارتفاع في ضغط الدم ، وارتفاع في نسبة الكولسترول ، كما أظهرت بعض الدراسات .

وتعتبر "التغذية السليمة الداعمة الرئيسية للصحة" ، حسب رأي قرباني ، " وعند حدوث أي نقص في التغذية فإن مقاومة الجسم للأمراض تكون ضعيفة وتطول أعراض المرض ، ويجب أن تشتمل الوجبات على جميع الأغذية ، فلا وجود لأغذية جيدة وأغذية سيئة بل أنظمة غذائية سيّئة".

إن " تغييرات بسيطة يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على صحّتنا" شرحت قرباني ، " ويجب أن تصبح هذه التغييرات جزءاً من حياتنا اليوميّة" مضيفةً أن " الغذاء الصحي أو الغذاء المتوازن يقصد به النظام الغذائي الذي يؤدي إلى تحسين صحة الفرد". ورأت قرباني أن "عمل وتناغم أعضاء الجسم يعتمدان على توازن العناصر الأساسية الواردة إليه عن طريق الطعام المتناول" . وأنه "لا يوجد غذاء واحد يمكنه أن يحتوي على كافة العناصر الغذائية، لهذا من الضروري تناول مختلف أصناف الطعام دون الإقتصار على نوع واحد فقط ، والتفكير ملياً بالأمراض التي يمكن أن تودي بحياتنا من خلال خيارات نقوم نحن باتّخاذها".

ويرى بعض الباحثين أن وعي الجيل الشاب وخاصة طلاب الجامعات ، حول موضوع الغذاء الصحي ، أفضل منه لدى فئات أخرى في المجتمع اللبناني ، بحكم تمكنهم من الإطلاع على نتائج الدراسات والأبحاث التي توصلت إليها مراكز البحوث المتخصصة ، ولكن بالرغم من ذلك لا يتمكنون حتى الآن من تفادي أضرار المأكولات غير صحية ، لأسباب عدّة .
وقال أنور الطالب في الجامعة الأميركية في بيروت لوكالة الأنباء الألمانية والذي فضّل عدم ذكر اسمه كاملاً " أمضي معظم يومي هنا في صرح الجامعة ، لذلك أنا مضطرّ لتناول الطعام خارج المنزل ".

وأضاف أنور "أطلب عادةً أصنافاً من الأكل السريع ،( كالمنقوشة أو السندويش) وكذلك يفعل رفاقي من الطلاب رغم معرفتنا بأن هذا النوع من المأكولات يحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية، وذلك لضيق الوقت أولاً وارتفاع كلفة الأطباق الصحية ثانياً ".

وشرح أنور أن " ضيق الوقت لا يمكّننا من ممارسة الرياضة لحرق هذه السعرات الحرارية ، فمقرّ الجامعة بعيد نسبياً عن مكان السكن ، وأنا أمضي حوالي ثلاث ساعات من يومي على الطريق بسبب ازدحام السير ". وتمنى أنور أن تقوم المؤسسات المسؤولة في الدولة اللبنانية بتوفير مطاعم تقدم الأكل الصحي بأسعار مخفّضة لطلاب الجامعات على الأقل ، كما تمنى أن تقوم المدارس باستبدال المأكولات الضارة التي تبيعها للطلاب كال(تشيبس) على أن تحل محلها خرى مفيدة كالفاكهة مثلاً ، مقرونةً بالتوعية الصحية الّلازمة.

وقالت ربة المنزل نريمان لوكالة الأنباء الألمانية " أحضر المأكولات التقليدية عادةً وتخضع روزنامة مأكولاتي لما علمتني إياه والدتي وجدتي ، لكن أولادي يطلبون تناول المأكولات الجاهزة (دليفري ) مرّة في الأسبوع ، أسوة بأقرانهم من أطفال الجيران الذين يتناولونها باستمرار، بسبب غياب أمهاتهم عن المنزل وقت تحضير الطعام ، بسبب العمل".
وأضافت نريمان " لا يعترض أولادي على المأكولات التي أحضرها ، حتى الآن ، لأنهم لا زالوا صغاراً في السن ربما ، ولكن عندما يكبرون ، لا أعلم ...".

ويعلم اللبنانيون أن العودة إلى نمط الغذاء التقليدي ، أمر صعب التحقيق ، إلا أنهم يأملون أن يحظى موضوع صحة الغذاء باهتمام القوى الفاعلة في المجتمع في القطاعين العام والخاص ، لتعميم المعرفة في هذا المجال أولاً، وتوفير الحماية لهم من مخاطر التغيير الذي طرأ على نظامهم الغذائي ثانياً .

فاديا عازار
الثلاثاء 3 أبريل 2012