نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


ثورة ليبيا تعمّق من جراح الاقتصاد التونسي




تونس - منير السويسي - عمقت "الثورة" الليبية من جراح الاقتصاد التونسي الذي يمر بصعوبات كبيرة جرّاء الاضطرابات التي شهدتها البلاد قبل وأثناء وبعد "الثورة" التي أطاحت يوم 14 كانون ثان/ يناير الماضي بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.


ثورة ليبيا تعمّق من جراح الاقتصاد التونسي
وتعتبر ليبيا أول شريك اقتصادي عربي وإفريقي لتونس والخامس عالميا بعد فرنسا وايطاليا وألمانيا وإسبانيا. ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين حوالي ملياري دولار. ويخشى خبراء اقتصاديون من تفاقم التّأثيرات السلبية للأوضاع المتدهورة في ليبيا على الاقتصاد التونسي.

تقع ليبيا جنوب شرق تونس ويرتبط البلدان بحدود برية مشتركة طولها 459 كيلومترا. ويوجد على طول هذه الحدود معبران مشتركان هما معبر "راس جدير" الرئيسي (580 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) ومعبر "الذهيبة" الفرعي (530 كلم جنوب شرق العاصمة تونس).

تصل أغلب الصادرات التونسية إلى ليبيا عبر منفذ راس الجدير. وقبل اندلاع "الثورة" في تونس وليبيا يعبر منفذ راس الجدير يوميا وخلال أوقات الذروة نحو 18 ألف شخص و7 آلاف سيارة و400 شاحنة (في الاتجاهين) بحسب إحصائيات رسمية تونسية.

وتقول تونس إن نحو 60 ألف تونسي يقيمون في ليبيا لكن مصادر غير حكومية تقدّر عدد هؤلاء بأكثر من مائة ألف باعتبار أن عشرات الآلاف من التونسيين يعيشون في ليبيا دون تسجيل أسمائهم لدى قنصليات بلادهم.

ويستفيد نحو مليون تونسي بشكل مباشر وغير مباشر من التجارة "الموازية" (غير المنظّمة قانونيا) مع ليبيا، إذ يشتري تجار "الشنطة" التونسيون من نظرائهم الليبيين بضائع استوردتها الجماهيرية من الصين ودول شرق آسيا وتركيا (الملابس وإطارات السيارات والسجائر والمنتجات الإلكترونية...) لبيعها في أسواق منتشرة بعدة مدن تونسية يُطلق عليها اسم "أسواق ليبيا". وتعتبر مدينة "بن قردان" ( 500 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) أكبر سوق تونسية للسلع الليبية.

تعدّ ليبيا الرئة الاقتصادية الوحيدة لمدينة بن قردان التونسية التي يقطنها 60 ألف ساكن يعيش أغلبهم على التجارة الموازية مع الجماهيرية.

وقد شهدت هذه المدينة في آب/ أغسطس الماضي اضطرابات اجتماعية غير مسبوقة احتجاجا على غلق الجمارك الليبية منفذ رأس الجدير وحظرها التجارة الموازية. ولم تهدأ المدينة إلا بعدما أعلنت تونس وطرابلس رفع كل القيود المفروضة على حركة تنقل الأشخاص والبضائع بين البلدين.

مدينة بن قردان وجدت نفسها اليوم ملاذا لعشرات الآلاف من اللاجئين الأجانب الفارين من الوضع الأمني المتفجّر في ليبيا. ووصف النقابي حسين بالطيب المقيم في بن قردان الوضع الاقتصادي في المدينة بالكارثي بعد توقف حركة التجارة مع ليبيا.

وقال لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) إن "الأسوأ قادم" في صورة طالت الأزمة في ليبيا واستمر توقف حركة التجارة مع هذا البلد مطالبا الحكومة التونسية بالبحث عن بدائل تنموية لمدينته حتى لا تبقى تحت رحمة الجار النفطي.

أعلن ناصر الوسلاتي مدير عام التجارة الخارجية بوزارة التجارة التونسية أن صادرات تونس إلى ليبيا انخفضت خلال الشهرين الأولين من 2011 بنسبة 5ر22 بالمئة بعد أن تراجعت إلى 115 مليون دينار تونسي (حوالي 58 مليون يورو) مقابل 149 مليون دينار تونسي ( حوالي 75 مليون يورو) خلال نفس الفترة من 2010.

وأكد خبراء اقتصاديون أن هذه أول مرة تتراجع فيها الصادرات التونسية نحو ليبيا منذ 6 سنوات. وقال علي الذوادي رئيس الغرفة التجارية التونسية الليبية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن 1200 مؤسسة اقتصادية تونسية تتعامل مع السوق الليبية، أغلبها مؤسسات صغيرة ومتوسطة.

وأوضح أن التصدير إلى ليبيا يوفر لهذه المؤسسات مجتمعة مداخيل مالية بـ 100 مليون دينار تونسي في الشهر(حوالي 50 مليون يورو) و2ر1 مليار دينار في السنة (حوالي 600 مليوني يورو).

ولفت الذوّادي إلى أن نشاط العديد من هذه المؤسسات أصيب "بشلل تام" بسبب الظروف الأمنية المتدهورة في ليبيا لافتا إلى أنّ المؤسسات التي تتعامل مع السوق الليبية بشكل حصري وشركات المقاولات التي تنجز مشاريع في ليبيا هي الأكثر تضرّرا من الوضع الأمني المتدهور في الجارة النفطية.

وعطّل انفلات الوضع الأمني في ليبيا حركة التصدير والتوريد وأربك نشاط المصارف والمؤسسات الاقتصادية الليبية التي لم تصرف المستحقات المالية للشركات التونسية ما أصاب الأخيرة بأزمة سيولة مالية جعلتها عاجزة عن دفع رواتب الموظفين وسداد ديونها البنكية .

في الأعوام الأخيرة، ساهم تدفق أعداد عالية من السياح الليبيين- إلى جانب الجزائريين- في إنقاذ قطاع السياحة التونسي من سنوات عجاف نتيجة تراجع توافد السياح الأوروبيين على تونس.
وتقول الحكومة إن تونس تستقبل سنويا حوالي مليون ونصف مليون سائح ليبي وان الليبيين أعلى إنفاقا من السائح الأوروبي.

الزعيم الليبي معمر القذافي أعلن في مقابلة أجرتها معه محطة "نسمة تي في" الفضائية التونسية (وبثتها يوم 25 كانون ثان/ يناير الماضي) أن حوالي 5 ملايين سائح ليبي زاروا تونس خلال سنوات 2008 و2009 و2010 وأنهم أنفقوا في تونس "خمسة مليار دينار ليبي) إلا ربع" ((حوالي 4ر2مليار يورو).

أثّر التراجع الحاد في توافد السياح الليبيين والأجانب على تونس على مداخيل السياحة التونسية التي انخفضت بنسبة 40 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي.

ولا يزور الليبيون تونس من أجل السياحة فقط بل للاستشفاء أيضا حيث يقصد عشرات الآلاف منهم المصحات التونسية الخاصة من أجل الاستفادة من الخدمات الصحية المتطورة في تونس.

أبو بكر زخامة رئيس الغرفة التونسية للمصحّات الخاصة أعلن أن استشفاء الليبيين في مصحات تونس يوفّر للبلاد مداخيل مالية سنويّة بقيمة 350 مليون دينار(حوالي 150 مليون يورو).

وذكر أن أعداد اللّيبيين الذين يستفيدون من الخدمات الاستشفائية بالمصحات الخاصّة التونسية تراجع بنسبة كبيرة بسبب تدهور الوضع الأمني في ليبيا.

ولفت إلى أن المصحات الخاصة في مدينة صفاقس (275 كلم جنوب العاصمة تونس) هي الأكثر تضررا من تقلّص عدد المرضى الليبيين الذين يمثلون ما بين 50 و80 في المئة من عملاء هذه المصحات.

وقال إن هذه المصحات تواجه صعوبات كبيرة جدا وأنها باتت "مهددة بالإفلاس" وأن العديد من أصحابها "يفكّرون جديّا في غلقها نظرا لعدم قدرتهم على مجابهة المصاريف أمام الانخفاض الكبير للمداخيل".

منذ انطلاق الأزمة الليبية منتصف شباط /فبراير الماضي عاد عشرات الآلاف من التونسيين المقيمين في ليبيا إلى بلادهم خشية تصفيتهم من كتائب الزعيم الليبي الذي اتهم التونسيين والمصريين المتواجدين بليبيا بتحريض الليبيين على تقليد الثورتين التونسية والمصرية.

واضطرّ آلاف التونسيين إلى الفرار من ليبيا على عجل خشية على حياتهم تاركين وراءهم أموالهم وأمتعتهم. وطالب آلاف من هؤلاء الحكومة التونسية بإيجاد حلول لوضعياتهم ومساعدتهم ماديا.

أعلن الحبيب الهمامي مدير الممثلية التجارية التونسية في طرابلس أن مركز النهوض بالصادرات التونسي أحدث بداية آذار/ مارس الجاري "خلية مساندة" لتقديم العون للمؤسسات التونسية التي ترغب في "الإطّلاع على ظروف التصدير باتجاه السوق الليبية".

ناصر الوسلاتي مدير عام التجارة الخارجية بوزارة التجارة التونسية أعلن أن الحكومة ستتدخل لمساعدة 80 مؤسسة تؤمن مجتمعة 50 بالمئة من صادرات تونس نحو ليبيا.

واقترح علي الذوادي رئيس الغرفة التجارية التونسية الليبية إعادة جدولة الديون البنكية للمؤسسات التونسية المتضررة من تعطل صادراتها نحو ليبيا وتأخير دفع ما هو مستوجب عليها من نفقات الضمان الاجتماعي.

منجي ساسي الذي يعيش من تجارة "الشنطة" مع ليبيا توقع أن تصبح العلاقات الاقتصادية التونسية الليبية أكثر متانة "بعد الإطاحة بمعمر القذافي" قائلا إن "أيام القذافي باتت معدودة والمستقبل سيكون أفضل لليبيين والتونسيين".

منير السويسي
الخميس 31 مارس 2011