تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


جامعو القمامة في مصر قطاع غير رسمي يدر أرباحاً تفوق رواتب موظفي الحكومة




أمستردام - عبير صراص - تتمتع مصر بإحدى أعلى نسب إعادة تدوير المخلفات الصلبة في العالم والتي تصل إلى 80%. وهذه العملية ليست ممكنة دون الدور الهام الذي يلعبه الزبالون في مصر. أبانوب عريان صبري شاب يعمل منذ طفولته في تجميع وفرز الزبالة في حي الزبالين المعروف بمنشية ناصر في العاصمة القاهرة، ويرى أن الأحداث الأخيرة في مصر حسنت من وضع الزبالين وتقدير المجتمع لما يقدمونه للمدينة


يأمل الزبالون المصريون بإنشاء نقابة تحفظ حقوقهم
يأمل الزبالون المصريون بإنشاء نقابة تحفظ حقوقهم
قطاع خاص
ينحدر جزء كبير من الزبالين من منطقة أسيوط (400 كم جنوب القاهرة) حيث هاجروا شمالاً قبل عقود بحثا عن فرص أفضل. تقول ليلى اسكندر المتخصصة في إدارة المخلفات الصلبة في مكتب سي آي دي الاستشاري بمصر: "بحكم أنهم كانوا مزارعين كانت تربية الحيوانات إحدى المجالات التي يتقنونها. من هنا بدءوا بتربية الخنازير على المخلفات العضوية التي يجمعونها من البيوت".

وتصف اسكندر قطاع الزبالين بمنظمة غير رسمية كبيرة وفعالة في المحافظة على نظافة المدينة. تبدأ بتجميع الزبالة من الأحياء. يتقاسم الزبالون الأحياء بين بعضهم البعض ولا يتعدون على شوارع الآخرين. ومن ثم يفرزون الزبالة ويبيعون المخلفات القابلة لإعادة التدوير للجيران من أجل التنظيف أو التكسير انتهاءا بالبيع للمصانع المختصة بإعادة التدوير. "أصبح الحي مصنعا كبيرا وخط إنتاج بين المنشآت الصغيرة" التي تعيد تدوير البلاستيك, الورق, الكرتون، الصاج، الصفيح، الألمنيوم، النحاس، القماش، والمخلفات العضوية.

عمل جماعي
بدأ أبانوب (22 عاما) في العمل في تجميع الزبالة منذ أن كان في السابعة من العمر. لم يتمكن من الدراسة واضطر للعمل لإعانة عائلته المكونة من ثلاثة إخوة وخمس أخوات. التحق مؤخرا بالجيش لقضاء خدمته الإلزامية لكنه لم يترك مهنته. "في الجيش أجمع وأفرز مخلفات المعسكر, وخلال عطلتي الشهرية في البيت أعود لجمع الزبالة مع أشقائي".

تعمل العائلة بأكملها في هذا المجال. يقوم الإخوة بتجميع القمامة من البيوت في الصباح الباكر. وفي البيت تتوكل البنات بعملية الفرز وسط المنزل. تعتاش العائلة المكونة من تسعة أفراد على فرز وبيع مخلفات المدينة.

وفقا لاسكندر فإن الزبال المصري فقد نصف دخله في العام 2009 عندما أمرت الحكومة بالتخلص من الخنازير التي اعتبرتها خطرا في نشر حمى أنفلونزا الخنازير رغم عدم وجود صلة بين الاثنين. أبانوب وعائلته فقدوا أيضا مصدر دخل مهما: "أكثر من نصف القمامة التي نجمعها هي مواد عضوية. في الماضي كنا نتخلص منها بواسطة الخنازير وكانت تدر عليها أرباحا. الآن فقدنا جزء كبير من دخلنا".

منع تربية الخنازير انعكس سلبيا ليس فقط على الزبالين بل على المدينة بأكملها حيث يضطر الزبالون الآن للتخلص من المخلفات العضوية بتركها في الأماكن العامة أو على رصيف الطرق. "مما يزيد غضب الشارع ونقمتهم على فئة الزبالين" تقول اسكندر.

علاقة
مع مرور السنوات تتطور أيضا العلاقة بين الساكن وبين الزبال الذي يجمع زبالة البيت لعقود متتالية في بعض الأحيان. ترى اسكندر أن المواطن بشكل عام لا يدرك دائما قيمة الزبال وأهميته للمدينة أو للبيئة أو للاقتصاد. "لولا الزبالون لاضطررنا لحرق الزبالة للتخلص من الروائح والناموس وما إليه، مما ينتج عن ذلك من ضرر للبيئة والصحة العامة". ووفقا لأبحاث قامت بها المؤسسة التي تعمل اسكندر لصالحها فإن كل طن من المخلفات يخلق سبع وظائف للزبالين. يذكر عن عدد العاملين في قطاع الزبالة يقدر بـ 100 ألف زبال في القاهرة وضواحيها.

تدير اسكندر مكتبا استشاريا يعمل على تنظيم الزبالين وتوعيتهم عن طرق وقاية أنفسهم من الأضرار الصحية لمهنتهم، وحماية حقوقهم كونهم يعملون لحسابهم الخاص..

مهنة مربحة
رغم كون المهنة قاسية وخطرة في بعض الأحيان إلا أنها مهنة مربحة وفقا لاسكندر. تقول: ُ"العوائد المالية من الزبالة غالبا ما تكون أفضل من دخل موظف الحكومة، اليوم بإمكان الزبال الاعتياش وإدخال أطفاله للمدراس. هل تعرفين أن زبالي الخاص لديه بكالوريوس في الحقوق".

في الماضي التصقت المهنة بالأقلية المسيحية التي هجرت من منطقة أسيوط بحكم كون المهنة في المرتبة الأولى وسيلة لتربية الحيوانات على المخلفات العضوية. لكن الأمر يختلف الآن ودخل المهنة مصريون مسلمون أيضا حتى أن المسلمين يشكلون 40 % في بعض الأحياء التي يقطنها الزبالون وفقا لاسكندر.

الآن وبعد أن تغير المشهد السياسي في مصر تأمل اسكندر بتنظيم الزبالين من خلال نقابة لحماية حقوقهم: "علينا إعادة تصميم منظومة المخلفات الصلبة في الدول النامية مثل مصر والهند والبيرو والنظر إليها كموارد ومدخل جديد لحلقة الإنتاج. الكثير من الزبالين يسجلون شركاتهم الخاصة لتجميع الزبالة. ".

ثورة 25 يناير
الثورة المصرية التي أسقطت النظام حققت أيضا أرباحا للزبالين كما توضح اسكندر: "منذ أعوام ونحن نحاول توعية العامة بضرورة فرز الزبالة. وهذا ما حدث في ميدان التحرير حيث فرز الأهالي الزبالة حتى سمح الجيش للزبالين بإزالتها.

يعتقد أبانوب أن الشارع المصري يدرك الآن تدريجيا قيمة الزبالين وفائدتهم للمدينة خصوصا في المناطق التي توكلت الشركات الأجنبية في جمع الزبالة فيها. "هذه الشركات لا تقوم بعملها على أكمل وجه" يقول أبانوب "في الماضي كان ينظر للزبال كشخص قذر ليس له قيمة ومن فئة مهمشة. الأمور تتغير الآن وبدأنا نشعر بتقدير أكبر".

يحلم أبانوب الذي عاد إلى مقاعد الدراسة ليتابع دراسته الإعدادية بالهجرة إلى الخارج. لا يتوقع أن تتحسن ظروف عمله في المستقبل القريب لذلك يرغب في الالتحاق بأحد أصدقائه الذي هاجر إلى أمريكا

عبير صراص – إذاعة هولندا العالمية
السبت 5 مارس 2011