تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


شبح "الفوبيا الألمانية" يعود مع ميركل مجددا لغزو القارة العجوز




برلين- روسا أراندا - المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.. أقوى إمرأة في أوروبا وفقا لمجلة (فوربس).. لهذا فإن ادارتها لأزمة الديون الأوروبية عادت لتوقظ من جديد شبح "الفوبيا الألمانية" القديم الذي أخفته أو تغاضت عنه دول القارة العجوز لعدة عقود، منذ سقوط الرايخ الثالث.


شبح "الفوبيا الألمانية" يعود مجددا لغزو القارة العجوز
شبح "الفوبيا الألمانية" يعود مجددا لغزو القارة العجوز
"عودة الخوف من ألمانيا".. كان هذا عنوان صحيفة ( بيلد) الألمانية منذ عدة أيام، وبالنسبة لبعض القطاعات الأوروبية فإن هذا الخوف من "قوة وتغطرس وسلطة" أكبر الاقتصاديات الأوروبية في الوقت الحالي قد تزايد بعد القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل، والتي تقرر خلالها أن الطريق الوحيد هو الذي رسمته برلين، أي التقشف وتبني آليات الاستقرار المالي، ولو كان الثمن تعديل اتفاقية لشبونة التي أرست قواعد الاتحاد الأوروبي نفسه.

ومن ناحيتها رأت صحيفة (دير شبيجل) الأسبوعية أنه على الرغم من نجاح ميركل وحليفها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تحقيق غرضهما تحقيق الانتصار الذي رغبا فيه، حتى ولو كان الأمر دون بريطانيا التي تعتبرها برلين "منعزلة"، إلا أن "الثمن قد يكون باهظا".

وذهبت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية إلى ما هو أبعد من هذا حيث كان عنوانها منذ عدة أيام "مرحبا بكم في الرايخ الرابع"، حيث تستعد البشرية لتشهد "كيف يستعمر الألمان الاقتصاد الأوروبي سرا"، مشيرا إلى أن "الألمان الجدد انتصروا بفرض تقشف الميزانيات بعد فشل وسائل هتلر العسكرية"

ومن ناحيتها نشرت جريدة (صنداي تايمز) خلال نفس الفترة صورة كاريكاتورية تظهر المستشارة الألمانية في صورة "نادل" بافارية وهي تقدم جرات جعة مكتوب عليها " جعة مرة"، في الوقت الذي تتعرق خلالها وتبدو أيضا مستاءة.

ويبدو أن المستشارة الألمانية لا تهمها السمعة السيئة التي أصبحت مرتبطة باسمها بين دول الجوار، فقيامها بالأمور على طريقتها مرتبط في الأساس بشخصيتها وخير دليل على هذا عبارة "الايمان علمني أن السباحة ضد التيار أحيانا تكون صحيحة"، والتي قالتها واختارها فولكر ريسينج ضمن كتاب يضم عدد كبير من تأملاتها وأطروحاتها.

وتربت ميركل، وهي في الأساس ابنة راعي بروتستانتي، في ألمانيا الشيوعية وتعرف جيدا ما يعنيه العيش في ظل مناخ عدائي وغير مرن، فلقد استوعبت الدرس الذي أدركته ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وهو ضرورة الحكم دون اختراعات كبرى وتصرفات تحمل قدرا من الخطورة.

وتستغل ميركل حاليا وضعها الاستثنائي لتكون صاحبة الصوت الأعلى في مكافحة الأزمة، فهي تمثل أغنى دولة في أوروبا وأكثرها كثافة سكانية وثاني أكبر مصدّر عالمي حيث تبلغ نسبة البطالة بها 6% وصاحبة أكبر نسبة في ميزانية الاتحاد الأوروبي (20%)، في الوقت الذي بدأت خلاله ديونها السيادية في التراجع.

ولكن القارة العجوز بدأت في الشعور بالملل من نفس الموضوعات القديمة.. "ألمانيا تخطف أوروبا" كان هذا عنوان جريدة (ديمكراتيا) اليونانية، في الوقت الذي وصل خلاله النائب يانيس ديماراس تأكيداته بأن سياسة برلين تجاه أثينا "سيئة مثل الإرهاب النازي خلال الحرب العالمية الثانية"

وهذا الأمر لم يكن في اليونان فقط، حيث وصل الأمر ببعض المتظاهرين تشبيه ميركل بالديكتاتور أدولف هيتلر، فانتقلت هذه العدوى لإيطاليا حيث وضعت صحيفة (ليبيرو) المقربة من رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني صورة لميركل وهي ترتدي الزي العسكري وتحته عبارة "هايل ميركل".

وذهبت جريدة (الجورنالي) الإيطالية إلى ما هو أبعد من هذا حيث قالت بصورة مباشرة مؤخرا إن "ألمانيا تسعى للحرب"، في حين قال الوزير السابق ريناتو برونيتا لوسائل الاعلام إنه يتوجب على الألمان معرفة أن "قوتهم الحالية تأتي على حساب ضعف الأخرين"، في ظل تزايد المخاوف في إيطاليا وإسبانيا واليونان والبرتغال من اقدام ميركل على السير بأوروبا مقسمة إلى سرعتين، في إشارة إلى الدول التي تعاني من الأزمة والدول الأخرى.

ومن ناحيتها علقت صحيفة (لوموند) الفرنسية منذ أيام على هذا الأمر بعنوان "موجة الفوبيا الألمانية تسيطر على أوروبا"، ولكن النقاش اندلع بشكل حقيقي حينما هاجم النائب الاشتراكي أرانو مونتبورج سياسة ميركل ودعا إلى ضرورة وجود "مواجهة سياسية مع ألمانيا"، حيث اعتبر أن برلين تسعى "لقتل اليورو"، فما كان إلا من وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه إلا أن انتقده لـ"اثارة أشباح الفوبيا الألمانية مجددا".
وفي إسبانيا، وصل بعض المحللين إلى وصف المستشارة الألمانية بـ"أنجلا المدمرة" أو "رسول دمار أوروبا"، حيث تخشى وسائل الاعلام بأن تحدد ميركل بقية مصائر الدول الأوروبية بل ووصل الأمر ببعضها للتحدث عن وجود "مؤامرة" فرنسية ألمانية.

وفي نفس سياق الانتقادات، لم يخش بعض الألمان من توجيه هجومهم نحو ميركل حيث تدافع على سبيل المثال أحزاب المعارضة عن فكرة السندات الأوروبية، التي تعارضها المستشارة الألمانية، حيث قال جاكوب أوجستين، أحد ملاك صحيفة (دير شبيجل) إن "عناد ميركل يهدم إنجازات أجيال عديدة".

وأضاف أوجستين في أحد مقالاته "القارة مجبرة على اتباع النموذج الألماني، فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، الألمان ظلوا يستمعون ويتحدثون بصوت منخفض.. ميركل، التي ليست سياسية محافظة، بل متشددة لا يقلقها الحفاظ على هذه العادة، إنها مستشارة خطرة".
وسبق للمستشار الألماني السابق هيلموت شميت (1974-1982) تحذير حكومته من خطر الوقوع في غواية التحول لـ"سيد على دول أخرى" لأن هذا الأمر "سيضع المشروع الأوروبي على حافة خطر".

وكان مستشار الوحدة هيلموت كول قد سبق واتهم ميركل بأنها فقدت "البوصلة السياسية" لأن تصرفاتها تجعل برلين بمعزل عن الساحة الدولية، وهو ما (دفع دير شبيجل) للقول بأنه "لا يمكن للمستشارة الألمانية السماح لنفسها بالتصرف كالسيدة الحديدية مارجرت تاتشر، فالأمر لا يتعلق بالتاريخ بل بالمصلحة العامة في الوقت الراهن".

صحيفة الهدهد
السبت 7 يناير 2012