
وعلى خلاف الكثير من الاحتجاجات والثورات التي شهدتها المنطقة العربية وما زالت، فإن العمانيين خرجوا إلى الشارع مطالبين في الأساس بتغييرات وإصلاحات في المجال الاقتصادي، تتضمن توفير وظائف للباحثين عن عمل، وتحسين الأجور التي يرونها متدنية مقارنة مع دول الجوار. وخلال ساعات قليلة أصدر السلطان قابوس أوامره بتوفير 50 ألف فرصة عمل وبشكل عاجل، وصرف معونة شهرية للباحثين عن عمل حتى يتم توظيفهم، كما أمر بسحب جميع قوى الأمن المستنفرة إلى ثكناتها، ووعد بإصلاحات سياسية تعطي مجلس عمان "البرلمان" صلاحيات تشريعية ورقابية. صاحب التغييرات التي أعلنها السلطان في نفس يوم بدء الاحتجاجات رغبة في تحقيق الكثير من المطالب الشعبية التي كانت تبحث عن الوقت المناسب لإعلانها. وشهدت عُمان في الأيام التي أعقبت ذلك اليوم مطالب قوية لمحاربة الفساد المستشري حسب تأكيد المحتجين، وردد المحتجون أسماء بعينها كانت تدور حولها الكثير من علامات الاستفهام. ولم يدم الأمر طويلا حتى أعاد السلطان قابوس تشكيل مجلس الوزراء بأسماء جديدة، بعد أن أقال الأسماء التي كانت محور حديث المحتجين.. وأتبع ذلك بإنشاء هيئة مستقلة هدفها حماية المستهلك ومراقبة أسعار الأسواق، وتعديل في رواتب موظفي الدولة واستحداث علاوة جديدة اسمها "علامة غلاء المعيشة".
ورغم أن هذه التغيرات التي شهدتها عمان خلال أسبوع واحد فقط قد أراحت الكثير من المواطنين، إلا أن بعضهم أصر على البقاء في حالة اعتصام دائم، الأمر الذي معه بدأت تظهر خلافات في جدوى الاعتصام بعد كل التغيرات التي شهدتها البلاد. وكان ملاحظا أن أصوات تشكل تيارات فكرية وأيدولوجية بعد تتشكل في كل ساحات الاعتصام في عمان، بين تلك التي تتبنى الفكر الإسلامي المتشدد، أو التي تتبنى الفكر اللبرالي أو حتى العلماني. وقد أعطت السلطات العمانية مساحة كبيرة للمحتجين ليعبروا عن رأيهم، قبل أن تبدأ عمليات تخريبية، وأعمال شغب في بعض مناطق ومدن عمان، ما سهل أمر إنهاء تلك الاعتصامات بناء على رغبة شعبية وتحت دعوى إعادة الأمن إلى البلاد.
وأنهت قوى الأمن الاعتصامات بالقوة، وأصدرت لاحقا أحكاما بالسجن والغرامة على من ثبتت عليه تهم التخريب أو حتى إثارة الفتنة، فيما أفرج عن معتقلين آخرين لم يثبت تورطهم في شيء.
ورغم أن السلطان قابوس قد أصدر أوامره بتوفير 50 ألف فرصة عمل للباحثين عنه، إلا أن الإجراءات كشفت عن أن عدد الباحثين عن عمل يزيد بأضعاف عن الفرص المتاحة، ما جعل الحكومة تفتح باب التوظيف دون تحديد عدد وبلغ عدد الموظفين في جميع القطاعات حتى بدايات شهر كانون اول/ديسمبر الحالي حوالي 75 ألف مواطن ومواطنة، الأمر الذي جعل عمان تعيد جدولة موازنتها من جديد لتلبي متطلبات التغيرات التي حصلت، وأضافت ما يزيد على مليار ريال عماني (6ر2 مليار دولار) إلى موازنتها، قبل أن تعلن لاحقا أن موازنة عام 2012 فيها بنود لتوظيف 36 ألف مواطن في القطاعات الحكومية.
وشهدت عمان خلال العام الجاري انتخابات مجلس الشورى الذي أعطاه السلطان قابوس صلاحيات تشريعية ورقابية، وصار بإمكان مجلس الشورى استجواب وزراء الخدمات، ورفع تقارير إلى السلطان بنتائج الاستجواب ليقوم بدوره بتقرير حجب الثقة من عدمه عنهم، كما صار بإمكان المجلس اقتراح مشاريع قوانين، ورفعها إلى السلطان لإقرارها، كما لا تستطيع الحكومة تمرير أي قانون ما لم يوافق عليه مجلسي الدولة المعين، والشورى المنتخب. وهي خطوة أفرحت العمانيين كثيرا، وعدها مراقبون مستقلون حينها بأنها تغير جذري في سياق الديمقراطية العمانية.
كما أجرى السلطان قابوس خلال عام 2011 تعديلا على النظام الأساسي للدولة الذي يقوم مقام الدستور، شمل تغييرا جوهريا في مادة اختيار سلطان للبلاد بعد شغور المنصب في ظل عدم وجود ولي للعهد في عمان وعدم وجود أبناء ذكورا أو إناثا للسلطان. ونصت التعديلات على أن يقوم مجلس العائلة الحاكمة باختيار سلطان جديد بعد شغور المنصب لأي سبب من الأسباب خلال ثلاثة أيام، وإذا لم يستطع مجلس العائلة اختيار سلطان خلال المدة المنصوص عليها، يقوم مجلس الدفاع، ورئيس مجلسي الدولة والشورى، ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه بتثبيت الشخص الوارد اسمه في الرسالة الموجهة من السلطان إلى العائلة. الأمر الذي أعطى مجلس الشورى المنتخب مساحة في المشاركة في تثبيت السلطان الجديد، بعد أن كان الأمر محصورا على المؤسسة العسكرية التي كان بيدها تثبيت السلطان الجديد.
وعلى المستوى السياسي أعادت سلطنة عمان علاقاتها الأخوية مع دولة الأمارات العربية المتحدة بعد وساطة قام بها أمير دولة الكويت، بعد فترة من القلق والحرب الكلامية التي كانت المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ساحة واسعة لها، وذلك على خلفية اكتشاف عُمان لخلية تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة بدولة الأمارات. وبعد ثمان رحلات مكوكية قام بها أمير الكويت لسلطنة عمان والأمارات خلال يومين كللت الوساطة بزيارة قام بها نائب رئيس دولة الأمارات الشيخ محمد بن راشد، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد التقوا خلالها السلطان في حصن الشموخ الذي يبعد عن مدينة مسقط حوالي 300 كيلومتر.. وقام السلطان بعد ذلك بزيارة إلى مدينة العين الإماراتية إلتقى خلالها الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى المستوى الاقتصادي كان عام 2011 عاما جيدا بالنسبة لعمان رغم أن الكثير من الخسائر تكبدتها الدولة خلال شهور الاحتجاجات، فتوظيف 75 ألف مواطن أنعش الأسواق العمانية كثيرا، إضافة إلى ان عمان لم تتأثر بشكل مباشر بأزمة الديون التي شهدتها أوروبا وأمريكا، وساهم انتعاش أسعار البترول في ارتفاع النمو المحلي في عمان والذي زاد هذا العام عن 3 بالمئة.
وفي المجال الرياضي ما زال العمانيون ينتظرون نتائج الأدوار المتبقية من التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم القادم، بعد أن استطاع المنتخب الوطني أن يعيد نفسه إلى الواجهة حينما استطاع الفوز على نظيره الاسترالي في المباراة التي أقيمت في مسقط. كما حصلت عمان على عدد وافر من الميداليات في بطولة الألعاب العربية المقامة في دولة قطر. وفي المجال الثقافي شهد العام الجاري حراكا ثقافيا عمانيا كبير أفرز الكثير من الإصدارات الثقافية والأدبية، واستطاعت الروائية العمانية جوخة الحارثي الوصول إلى القائمة النهائية لجائزة الشيخ زايد للكتاب التي من المنتظر أن تعلن نتائجها خلال فبراير القادم.
كما أقامت عمان الكثير من الأيام الثقافية في العديد من مدن العالم بهدف التعريف بالثقافة العمانية، وترسيخ خطاب التسامح والحوار مع الآخر الذي ترفعه عمان شعار لها.
ورغم أن هذه التغيرات التي شهدتها عمان خلال أسبوع واحد فقط قد أراحت الكثير من المواطنين، إلا أن بعضهم أصر على البقاء في حالة اعتصام دائم، الأمر الذي معه بدأت تظهر خلافات في جدوى الاعتصام بعد كل التغيرات التي شهدتها البلاد. وكان ملاحظا أن أصوات تشكل تيارات فكرية وأيدولوجية بعد تتشكل في كل ساحات الاعتصام في عمان، بين تلك التي تتبنى الفكر الإسلامي المتشدد، أو التي تتبنى الفكر اللبرالي أو حتى العلماني. وقد أعطت السلطات العمانية مساحة كبيرة للمحتجين ليعبروا عن رأيهم، قبل أن تبدأ عمليات تخريبية، وأعمال شغب في بعض مناطق ومدن عمان، ما سهل أمر إنهاء تلك الاعتصامات بناء على رغبة شعبية وتحت دعوى إعادة الأمن إلى البلاد.
وأنهت قوى الأمن الاعتصامات بالقوة، وأصدرت لاحقا أحكاما بالسجن والغرامة على من ثبتت عليه تهم التخريب أو حتى إثارة الفتنة، فيما أفرج عن معتقلين آخرين لم يثبت تورطهم في شيء.
ورغم أن السلطان قابوس قد أصدر أوامره بتوفير 50 ألف فرصة عمل للباحثين عنه، إلا أن الإجراءات كشفت عن أن عدد الباحثين عن عمل يزيد بأضعاف عن الفرص المتاحة، ما جعل الحكومة تفتح باب التوظيف دون تحديد عدد وبلغ عدد الموظفين في جميع القطاعات حتى بدايات شهر كانون اول/ديسمبر الحالي حوالي 75 ألف مواطن ومواطنة، الأمر الذي جعل عمان تعيد جدولة موازنتها من جديد لتلبي متطلبات التغيرات التي حصلت، وأضافت ما يزيد على مليار ريال عماني (6ر2 مليار دولار) إلى موازنتها، قبل أن تعلن لاحقا أن موازنة عام 2012 فيها بنود لتوظيف 36 ألف مواطن في القطاعات الحكومية.
وشهدت عمان خلال العام الجاري انتخابات مجلس الشورى الذي أعطاه السلطان قابوس صلاحيات تشريعية ورقابية، وصار بإمكان مجلس الشورى استجواب وزراء الخدمات، ورفع تقارير إلى السلطان بنتائج الاستجواب ليقوم بدوره بتقرير حجب الثقة من عدمه عنهم، كما صار بإمكان المجلس اقتراح مشاريع قوانين، ورفعها إلى السلطان لإقرارها، كما لا تستطيع الحكومة تمرير أي قانون ما لم يوافق عليه مجلسي الدولة المعين، والشورى المنتخب. وهي خطوة أفرحت العمانيين كثيرا، وعدها مراقبون مستقلون حينها بأنها تغير جذري في سياق الديمقراطية العمانية.
كما أجرى السلطان قابوس خلال عام 2011 تعديلا على النظام الأساسي للدولة الذي يقوم مقام الدستور، شمل تغييرا جوهريا في مادة اختيار سلطان للبلاد بعد شغور المنصب في ظل عدم وجود ولي للعهد في عمان وعدم وجود أبناء ذكورا أو إناثا للسلطان. ونصت التعديلات على أن يقوم مجلس العائلة الحاكمة باختيار سلطان جديد بعد شغور المنصب لأي سبب من الأسباب خلال ثلاثة أيام، وإذا لم يستطع مجلس العائلة اختيار سلطان خلال المدة المنصوص عليها، يقوم مجلس الدفاع، ورئيس مجلسي الدولة والشورى، ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه بتثبيت الشخص الوارد اسمه في الرسالة الموجهة من السلطان إلى العائلة. الأمر الذي أعطى مجلس الشورى المنتخب مساحة في المشاركة في تثبيت السلطان الجديد، بعد أن كان الأمر محصورا على المؤسسة العسكرية التي كان بيدها تثبيت السلطان الجديد.
وعلى المستوى السياسي أعادت سلطنة عمان علاقاتها الأخوية مع دولة الأمارات العربية المتحدة بعد وساطة قام بها أمير دولة الكويت، بعد فترة من القلق والحرب الكلامية التي كانت المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ساحة واسعة لها، وذلك على خلفية اكتشاف عُمان لخلية تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة بدولة الأمارات. وبعد ثمان رحلات مكوكية قام بها أمير الكويت لسلطنة عمان والأمارات خلال يومين كللت الوساطة بزيارة قام بها نائب رئيس دولة الأمارات الشيخ محمد بن راشد، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد التقوا خلالها السلطان في حصن الشموخ الذي يبعد عن مدينة مسقط حوالي 300 كيلومتر.. وقام السلطان بعد ذلك بزيارة إلى مدينة العين الإماراتية إلتقى خلالها الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى المستوى الاقتصادي كان عام 2011 عاما جيدا بالنسبة لعمان رغم أن الكثير من الخسائر تكبدتها الدولة خلال شهور الاحتجاجات، فتوظيف 75 ألف مواطن أنعش الأسواق العمانية كثيرا، إضافة إلى ان عمان لم تتأثر بشكل مباشر بأزمة الديون التي شهدتها أوروبا وأمريكا، وساهم انتعاش أسعار البترول في ارتفاع النمو المحلي في عمان والذي زاد هذا العام عن 3 بالمئة.
وفي المجال الرياضي ما زال العمانيون ينتظرون نتائج الأدوار المتبقية من التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم القادم، بعد أن استطاع المنتخب الوطني أن يعيد نفسه إلى الواجهة حينما استطاع الفوز على نظيره الاسترالي في المباراة التي أقيمت في مسقط. كما حصلت عمان على عدد وافر من الميداليات في بطولة الألعاب العربية المقامة في دولة قطر. وفي المجال الثقافي شهد العام الجاري حراكا ثقافيا عمانيا كبير أفرز الكثير من الإصدارات الثقافية والأدبية، واستطاعت الروائية العمانية جوخة الحارثي الوصول إلى القائمة النهائية لجائزة الشيخ زايد للكتاب التي من المنتظر أن تعلن نتائجها خلال فبراير القادم.
كما أقامت عمان الكثير من الأيام الثقافية في العديد من مدن العالم بهدف التعريف بالثقافة العمانية، وترسيخ خطاب التسامح والحوار مع الآخر الذي ترفعه عمان شعار لها.