تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


عمل تحت ظلال الموت .... شبان من غزة يجمعون الحصى تحت أزيز الرصاص قرب الحدود




غزة - عماد الدريملي - يتلمس مهدي في العشرينيات من عمره الحصى المتناثرة بيديه بينما تبقى عيونه شاخصة على السياج الفاصل الذي تتمركز خلفه قوات إسرائيلية مدججة بالسلاح على أطراف بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة


شباب فلسطينيون يجمعون حديد خردة وحصى من موقع مدمر على بحر غزة
شباب فلسطينيون يجمعون حديد خردة وحصى من موقع مدمر على بحر غزة
ويبدو مهدي والعشرات من أقرانه كمن يحمل كفنه على كتفه وهو يحمل جوالا من الحصى بينما يتنفس الصعداء كلما ابتعد أكثر من السياج الفاصل من دون التعرض للإصابة بفعل إطلاق النار الإسرائيلي الذي عادة ما يستهدف أمثالهم.

ويعمل العشرات من الشبان الفلسطينيين في المناطق الحدودية خاصة الشمالية منها على جمع الحصى بغرض بيعها في ظل استمرار حظر إسرائيل توريدها منذ فرض الحصار المشدد على القطاع الساحلي قبل ثلاثة أعوام ونصف.

ويبقي هذا العمل مجازفة كبيرة بالنظر إلى الاستهداف شبه اليومي للجيش الإسرائيلي للعمال عند اقترابهم من المنطقة الأمنية العازلة التي يقيمها على طول حدود القطاع بعمق 300 متر.

ويقول مهدي وهو يعود بكيس ممتلئ بالحصى ويضعه على عربة يجرها حمار يقودها شقيقه :"لا أصدق في كل مرة أعود فيها من عند الحدود أنني لم أصب بإطلاق نار إسرائيلي".

وأضاف بنبرات من الضيق "في الواقع هذا عمل بطعم الموت لكنني لا أجد بديلا وأفضله عن الموت جوعا".

وتصل معدلات الفقر والبطالة لمعدلات قياسية في قطاع غزة الذي يقطنه مليون ونصف نسمة بفعل الحصار الإسرائيلي ما يدفع الشبان هنا للبحث عن أي فرص عمل مهما كانت خطورتها.

وينال مهدي زهاء خمسون شيقل (15 دولارا) يوميا لقاء عمله في جمع الحصى رغم ما يلقاه من شقاء العمل في منطقة صحراوية والمجازفة بإمكانية الإصابة بأي لحظة.

ويجمع هؤلاء الحصى لبيعها إلى تجار يعيدون تأهيلها عبر كسارات خاصة لاستخدامها في أعمال البناء.

والحصى التي يقبل عليها سكان غزة مكون رئيسي في عملية البناء والتشييد، وقد منع دخولها -مع سائر مواد البناء- منذ فرض الحصار الإسرائيلي المشدد بدعوى استخدام الفصائل المسلحة لها في أعمال معادية.

وتبقى كميات الحصى المهربة إلى القطاع عبر شبكة الأنفاق مع مصر هي الأقل، مقارنة مع باقي مواد البناء الخام كالأسمنت والحديد، ما يجعل حصى المناطق الحدودية محل طلب واسع.

وبسبب الفقر وضيق الحال يركب العمال الشبان في تلك المناطق الحدودية المخاطر، ويسلكون بعرباتهم التي تجرها الحمير طرقاً وعرة كي توصلهم بمعاولهم وأدواتهم البسيطة إلى حيث تتواجد الحصى.

ويقول فارس عطا لله الذي قدم إلى أطراف بلدة بيت لاهيا مع اثنين من أقربائه لجمع الحصى إنه اقتنع بإلحاح بالقدوم إلى المناطق الحدودية لجمع الحصى بعد أن خاب أمله طوال عام ونصف بالحصول على فرصة عمل.

ويشير عطا الله إلى أنه في البداية كان يعمل داخل مدن قطاع غزة بجمع الحصى في المناطق المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية لكن الحصى سرعان ما انتهت كمياتها ما اضطرهم إلى البحث عنها في المناطق الحدودية.

ورغم إصراره على الاستمرار في جمع الحصى، فإنه لم يخف خشيته من النيران الإسرائيلية، قائلاً "أثناء العمل تبقى أعصابي مشدودة خشية أن تصيبني نيران الاحتلال التي أحاول تفاديها بالانبطاح أرضاً أو الابتعاد عن مرماها".

وتصاعد خلال الشهور الثلاثة الماضية استهداف الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي للعمال الفلسطينيين على الأطراف الحدودية لقطاع غزة.

ويقول المتحدث باسم هيئة الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة إن الجيش الإسرائيلي قتل عاملين اثنين وأصاب 103 آخرين بإطلاق نار مباشر منذ شهر آذار/ مارس من العام الجاري.

وأوضح أبو سلمية أن نحو 90% من العمال أصيبوا في أطرافهم السفلية ونجم عن إصابتهم بتر وإعاقة جراء الاستهداف الإسرائيلي.

ويقول والد عامل يدعى أشرف حمدان ويرقد للعلاج في مجمع الشفاء الطبي في غزة أثر إصابته خلال جمع الحصى، إن نجله أصيب بحالة بتر لقدمه اليمنى بفعل الإصابة بالرصاص الإسرائيلي.

ويبدي حمدان غضبا حانقا على ما تكبده نجله خلال عمله للحصول على بضعة شواقل بدلا من الجلوس في البيت دون عمل.

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ حزيران/يونيو 2007 أثر سيطرة حركة "حماس" على الأوضاع في القطاع بالقوة.

وقررت إسرائيل مطلع تموز/يوليو الماضي إدخال تسهيلات على الحصار استجابة لضغوط دولية أثر مهاجمتها سفن "أسطول الحرية" التضامنية التي كانت تحمل مساعدات إنسانية إلى القطاع قبل ذلك بشهرين.

ورغم قرار التسهيلات فإن السلطات الإسرائيلية أبقت الحظر المفروض على دخول مواد البناء.

وفي هذا السياق أكدت منظمة إسرائيلية متخصصة بمتابعة الوضع في قطاع غزة في تقرير حديث لها أن إسرائيل ما تزل تفرض حظرا على إدخال الحديد والحصى والإسمنت إلى أراضي القطاع رغم أن هذه المواد لا تعتبر ذات استخدام ثنائي وفقا للمعايير الدولية.

وذكر مركز الدفاع عن حرية الحركة (مسلك) في تقرير له، أن الاستثناءات الضيقة التي سمحت إسرائيل بدخول هذه المواد منها للمشاريع المدعومة دوليا والمصادق عليها في السلطة الفلسطينية يجري العمل بها ببطء وتكبيلها بأصفاد من البيرقراطية الثقيلة.

وقال التقرير إنه منذ الإعلان حول التسهيلات الإسرائيلية بلغ حجم البضائع الداخلة نحو 40% من الكمية الضرورية مقارنة بـ 22% في السنوات الثلاث الماضية.

لكن من الجهة الأخرى، بقي الحظر- وفق التقرير الحقوقي- على عملية التصدير وعلى مواد البناء على حاله، معيقا بذلك فرصة القطاع على تحقيق أي نوع من الإشفاء الاقتصادي

عماد الدريملي
الاربعاء 29 ديسمبر 2010