تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي


فيلم البداية للنجم "دي كابريو" يضع حدا لطغيان موجة أفلام البعد الثالث على شاشات السينما




لوس انجليس - أندريا ناكتا - نجح فيلم "البداية" بطولة النجم المتألق ليوناردو دي كابريو، وإخراج وسيناريو كريستوفر نولان، من خلال تقديم نوع مختلف من الأكشن، تدور أحداثه في عالم العقل الباطن والأحلام من تحقيق قفزة هائلة تجاوزت جرأة سلسلة أفلام "ماتريكس".


الجم دي كابريو
الجم دي كابريو
فضلا عن وضع حد لزحف أفلام البعد الثالث على الشاشة، والذي بدأ هذا الموسم بفيلم "أفاتار"، و"شريك4"، و"كيف تروض تنينك" و"قصة لعبة3"، مما جعله يحتل صدارة الإيرادات لثلاثة أسابيع متتالية منذ عرضه أواخر تموز/ يوليو وحتى منتصف آب /أغسطس كما لا يزال يحتل مرتبة متقدمة في ترتيب الأفلام الهامة هذا الصيف مع إمكانية حصوله على أكثر من ترشيح للأوسكار هذا العام.

أصبح مخرج الفيلم، البريطاني كريستوفر نولان (40عاما)، الذي اشتهر بكتابة سيناريوهات أفلامه مع شقيقه جوناثان، وترشح فيلمه الثاني "Memento" عام 2002 لأوسكار أفضل سيناريو أصلي، وتحقيق فيلمه "باتمان فارس الظلام" أعلى الإيرادات في تاريخ سلسلة الرجل الوطواط، واحدا من مخرجي هوليوود المعدودين الذين يستطيعون أن يضفوا بصمتهم الخاصة على أي فيلم تجاري بميزانية ضخمة، فضلا عن ثقة كبار النجوم في التعامل معه، أمثال المخضرم آل باتشينو أو المتألق دي كابريو.

لم يعتد نولان تقديم أفلاما "سهلة الهضم" من نوعية الأعمال التي ترى لمرة واحدة ثم يطويها النسيان دون أن يعلق منها فكرة واحدة بذهن المشاهد، على العكس تماما، فأفلامه تتميز ببنية بالغة التعقيد، تشبه إلى حد كبير المتاهة أو الاحجية، تبدأ في كثير من الأحيان من نقطة النهاية، ثم تتحول إلى نسيج عنكبوتي شديد التشابك وهو ما أذهل النقاد والجمهور على حد سواء في "Memento" أو في المعالجة المدهشة للرجل الوطواط
كما لم يعتد نولان تقديم شخصيات طيبة وأخرى شريرة 100%، بل غالبا ما يكونوا نماذج من البشر تنتابها الحيرة والقلق والتشويش، ولكنها في الوقت نفسه بعيدة كل البعد عن أي نمطية نظرا للصراع الدائر داخل عقولها من أجل خلاص أرواحهم من هذه المتاهة.

في فيلمه "البداية" يطرح المخرج كريستوفر نولان بطولة ليوناردو دي كابريو من خلال أحجية شديدة التعقيد تعكس عقدة الذنب وتفاصيل فنتازيا الحلم، مدى خطورة فكرة قيام لص من نوع غير تقليدي تماما، بسرقة الأفكار من عقول البشر أو غرس أفكار تخدم مصالح آخرين في عقولهم، للسيطرة على الواقع من خلال التحكم في الأحلام.
في دور جديد تماما، يجسد دي كابريو شخصية لص الأحلام (دوم كوب) المؤرق بعقدة الذنب في قرارة عقله الباطن بسبب انتحار زوجته "مال" النجمة الفرنسية ماريون كوتييار، بالإضافة لاتهام السلطات له بالمسئولية عن قتلها مما يجعله لا يتمكن من العودة لوطنه.

ينجرف دي كابريو في مجال إجرامي غير تقليدي جديد تماما على الشاشة وهو سرقة الأفكار من خلال السيطرة على الأحلام، وهو أسلوب بدأت تلجا إليه الشركات الكبرى لتحقيق نزعات احتكارية.

يعاون كوب في جرائمه فريق يضم كلا من أريادني (إيلين بيج) التي تألقت في فيلم "جونو"، وتقوم بدور مهندسة بناء عالم الأحلام أو المتاهة التي يتم إيقاع الضحية بها. هناك أيضا مساعده آرثر (جوزيف جوردون لافايت)، والذي يسهل له مهمة اقتحام العقول، ثم إيمز (توم هاردي)، خبير الإيحاء وعبقري التسلل لطبقات الحلم واللاوعي لضحايا كوب، وأخيرا يوسف(ديليب راو) خبير العقاقير الذي يقوم بتهيئة الأجواء للفريق بالكامل للدخول في مغامرة حلم مشتركة.

يعتمد سيناريو "البداية" على بنية تقليدية لتقديم فكرة غير تقليدية، فمن خلال هذه المتاهة الدائرية التي تبدأ وتنتهي عند نفس النقطة، وبصرف النظر عن المعالجة المبهرة للزمن الذي تتحطم حدوده التقليدية وتتداخل، يبحث البطل دوم كوب (دي كابريو) عن خلاصه من عقد الذنب الداخلية، والملاحقة الأمنية خارجيا، لاتهامه بقتل زوجته، بشتى السبل.

يبدأ المشهد الأول للفيلم بكوب ملقى ومطرودا مثل البطل الأسطوري اليوناني عوليس، على شاطئ بحر متلاطم الأمواج، وتنتهي أحداث الفيلم عند نفس النقطة، حيث يستجدي كوب، رجل الأعمال الصيني سايتو، النجم (كين واتاناب) لكي يفي بوعده، وإعادته لبلاده.

قبل عرض الفيلم حاولت وسائل الإعلام المختلفة وصفحات الإنترنت تقديم فكرته للمشاهد، من خلال كتابة بعض السطور عن مضمونه، في إشارة إلى أنه يتناول سرقة الأحلام أو أنه يتعرض لقضايا مثل جشع السيطرة الذي أصبح السلوك السائد للشركات الاحتكارية، ولكن بعض عرض الفيلم، والإبهار الذي حققه نولان من خلال صورة غير تقليدية تبني عالم الأحلام وجموح مناطق اللاوعي أصبح الأمر مختلفا تماما، مما يجعل من الصعب تصنيف "البداية" على أنه مجرد فيلم خيال علمي.

فبعد هذه المقدمة الغامضة بين كوب وسايتو، وعقب سلسلة من المشاهد المعقدة والتي لا تخلو من مغامرات وأحداث أكشن ومطاردات، يكتشف المشاهد أن كوب هو مهندس، متخصص في بناء عالم الأحلام، يعمل من خلال شركات مشبوهة، على سرقة الأفكار.

يقبل كوب من أجل استعادة حياته السابقة توقيع عقد مع الشيطان (سايتو)، لتحقيق "مهمة" تتمثل في اقتحام عقل وريث إمبراطورية فيشر للطاقة، (سيليان مورفي) التي تنافس شركة سايتو لكي يزرع في عقله الباطن أنه يجب أن يصفي أعمال الأسرة التي سوف يرثها عن والده (بيت يوستليتويت)، الذي تربطه بابنه علاقة شديدة التعقيد.

يقول الناقد السينمائي الأمريكي المعروف، كيرك هونيكت، من مجلة (هوليوود ريبورتر)، إن "هذا الفيلم يترك المشاهد منهوك القوى"، مؤكدا "إنه واحد من أكثر الأفلام أصالة خلال السنوات الأخيرة". في السياق ذاته، وصف الناقد جاستين شانج في مقاله على صفحات مجلة(فارايتي) السينمائية المتخصصة، المخرج كريستوفر نولان بأنه "واحد من أكثر المخرجين الحالمين في هوليوود".

أما بيتر ترافيرس فيؤكد على صفحات مجلة (رولينج ستونز) الفنية المتخصصة، أن "البداية فيلم عظيم، ولكنه بالغ التعقيد، مما يجعل المتفرج مضطرا لمشاهدته أكثر من مرة حتى يستوعبه".

يضم العمل جميع عناصر أفلام الأكشن، ولكنه ليس مجرد فيلم إثارة محضة، نظرا للبناء المحكم والمتشابك للسيناريو الذي حول فكرته لصراع يدور ذهابا وإيابا وصعودا وهبوطا بين الأفكار والعقول، لا تتوقف مفاجآته عن إبهار المشاهد حتى المشهد الأخير من الفيلم.

وقد صدقت توقعات المنتجين، من حيث تمكن إيرادات الفيلم من تجاوز حجم ميزانيته الضخمة (200 مليون دولار) في بداية عرضه، بالرغم من أنه ليس مجرد فيلم صيفي للتسلية، كما أنه لم لم يتبع الموجة الرائجة لأفلام البعد الثالث، بالرغم من تلميحات نولان إلى أنه كان يعتزم تقديمه بهذه التقنية إلا أن الوقت لم يسعفه للقيام بذلك.

على مستوى مختلف من تقديم المغامرة أو التحليل النفسي لشخصيات ممزقة أو لا يردع جشعها أو طموحها رادع، حاول نولان تصوير عالم الأحلام على أنه أحيانا قد يكون فردوسا لا يتمنى الإنسان الخروج منه، وأحيانا يتحول الإغراق في هذا الفردوس إلى كابوس، يتمنى الإنسان الخروج منه قبل الضياع في التيه حيث تفقد القدرة على التمييز بين الحلم والواقع ليتحول الحلم إلى الرابط الوحيد بين الإنسان وبين خياله، الذي لم يعد يستطع الابتعاد عنه فتزداد الرغبة في الانتحار كوسيلة للإبقاء على الحلم، وهو الإطار الذي يرسم تطور العلاقة بين كوب ومال خلال أحداث الفيلم.

ولكن مع تتابع الأحداث يجد المشاهد وبعد الإغراق في تفاصيل الخيال المشترك لعالم مغامرات الأحلام، نفسه أمام لعبة فيديو جيم، حيث يتعين على البطل وفريقه الخروج من متاهة واقتحام قلعة والتغلب على الأعداء، بصرف النظر إن كانوا داخل العقل الباطن للضحية أم أنه مجرد صراع مصالح وشركات جشعة، لتحقيق المهمة.

نجح دي كابريو(36 عاما) في التأكيد على نجوميته المبهرة، كممثل بارع قادر على تقديم حالة لا علاقة بها على الإطلاق بوسامته التي لا يمكن إنكارها بعد تألقه في خمسة أفلام للمخرج العبقري مارتن سكورسيزي كان آخرها "الجزيرة" والذي اعتمد في جانب كبير على التحليل النفسي.

جدير بالذكر أن المخرج نولان يستعد حاليا لتصوير جزء آخر من سلسلة أفلام الرجل الوطواط (باتمان)، يرجح أن يشارك شقيقه جوناثان في كتابة السيناريو الخاص به، يتوقع بدء عرضه في صيف 2012 .

أندريا ناكتا
الخميس 26 أغسطس 2010