
وفقا لاستطلاع رأي أجراه معهد تريمبوس للدراسات الديموغرافية ونشر مؤخرا في جريدة (الجيمن) فإن 89% من المواطنين الهولنديين الذين تم استطلاع رأيهم منحوا بلادهم درجة عالية في مسألة الرضا الشخصي عن الوطن تتراواح بين 5ر7 و 8 درجات من عشرة وذلك ردا على سؤال حول "ما مدى السعادة التي شعرت بها خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة؟".
ويبدو أن مرد هذا التقييم المرتفع ليس بالطبع مناخ هولندا المطير العاصف البارد طوال معظم فترات العام، وهو ما دفع العلماء للبحث عن الأسباب التي أدت إلى شيوع ظاهرة الشعور بالرضا والسعادة تجاه هولندا والتي يصفها أهلها بأنها "جنة صغيرة على الأرض"، وذلك لعدة أسباب منها على سبيل المثال سهولة التنقل بالدراجات داخل أي مدينة من مدنها حيث تعتبر البلد الوحيد في أوروبا الذي يوجد به 30 ألف كلم من الطرق المخصصة لمسير الدراجات فقط.
هناك أيضا مدخل أخر يوضح أسباب هذه الظاهرة ويمنح هولندا بصورة مفاجئة درجة أكبر بوصفه البلد الأكثر سعادة وتتمثل في الدراسة التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والتي تكشف أن الأطفال الهولنديين هم الأكثر سعادة في العالم وذلك لأنهم أقل أطفال العالم تعرضا لأسباب التوتر، فضلا عن تمتعهم بمستوى عال جدا من الحياة الاجتماعية المترفة والمتنوعة، فضلا عما يحظون به من وفرة في مساحات اللعب مع الأصدقاء، والحياة الأسرية المرفهة، يغلب عليها رغد العيش.
من ناحية أخرى، يرى العلماء أنه ربما يتعين البحث بعمق عن سر سعادة الهولنديين، ليس من منطلق منظور أحادي، بل من خلال مجموعة من الجوانب والأسباب، تحديدا، بالتزامن مع نشر نتائج مؤشر السعادة لشهر آيار/ مايو الماضي، حيث يؤكد عالم النفس الهولندي آد بيرجازما من جامعة إيرازموس روتردام أن الأمر ليس مجرد مصادفة أن يعرب الهولنديون بوضوح عن شعورهم بالسعادة.
ويرى بيرجازما أن هناك أسباب تختلف تماما عن المعايير التقليدية والمتوقعة في النمط الأوروبي أو الغربي عموما عن مفهوم السعادة يتمثل في قدرتهم على التعبير بوضوح وبشكل علني عن الشعور بالرضا الشخصي والذاتي.
ويتجاوز الأمر أبعد من ذلك بكثير، حيث يوضح عالم النفس الهولندي أن ثلثي المرضى النفسيين الذين يعانون من حالات ووأعراض مزمنة، يشعرون أيضا بالسعادة، وهو أمر لا يكاد يوجد بأي حال من الأحوال في التقييم التقليدي لمفهوم السعادة، خاصة وأن مفهوم الرضا والتعبير عن الشعور بالسعادة مرتبط بصورة كبيرة بالحالة النفسية وتوازن المشاعر.
تشير تقارير طبية أن واحدا من كل خمسة هولنديين يعاني من مرض نفسي أو أعراض عدم اتزان نفسي، بما في ذلك ما يعرف بنوبات الفزع "Panic Attack" ، أو متلازمة ثنائية القطبية، وهي أمراض خطيرة ينتج عنها نوبات اكتئاب شديد ورغبة متزايدة في الإقدام على الانتحار، وكلها عوامل تدفع المصاب بها لعدم القدرة على التعبير عن شعوره بالسعادة. ومع ذلك يرى الخبير النفسي أنه سيكون من الخطأ بمكان الربط بين الاضطرابات النفسية ومدى الشعور بالسعادة.
في سياق آخر، قادت الأبحاث في هولندا علماء جامعة إيرازموس روتردام العريقة إلى استنتاج خطير إلى حد ما لو أخذ على محمل الجد، مفاده أن "الأشخاص الذين يحتسون يصفة منتظمة عدة كئوس من الخمر، ودون أن يؤدي ذلك إلى وقوعهم فريسة لمخاطر الإدمان، يكونوا أقدر من غيرهم من المواطنين الهولنديين العاديين، الذين ليس لهم نفس العادات، على التعبير عن الشعور بالسعادة.
وحول هذه الفرضية، يوضح الخبير النفسي بيرجازما، أنه سيكون من الخطأ أيضا ان نأخذ على محمل الجد هذه النتائج، لنوجد علاقة ارتباط بين شرب الخمر أو تعاطي المخدرات ولو بقدر محسوب، والشعور بالسعادة.
وفي النهاية يحاول بيرجازما وفريقه العلمي من خلال الفصول الدراسية التي يقبل عليها طلبة جامعة روتردام بشكل منتظم، فهم الأمر الذي حاولت البشرية على مر العصور سبر أغواره وهو "سر السعادة ومكمنها".
وبالرغم من تأكيده على عدم امتلاك العصا السحرية للإجابة على هذه الأسئلة، إلا أن الدراسة، تلقي الضوء بالفعل على بعض العناصر التي من الممكن أن تقود إليها.
ويوضح عالم النفس الهولندي أن "لا كونفشيوس ولا بوذا أو شوبنهور أو حتى باولو كويلهو، الأديب البرازيلي صاحب رواية الكيميائي، لديهم تصور معين ومتكامل عن مفهوم السعادة، كما لا أستطيع أنا أيضا ان أزعم ذلك .. انني أطرح فقط بعض العلامات".
يشار إلى أن هناك أيضا عالمين كبيرين من جامعة روتردام هما روت فان هوفن وسونيا لويبمرسكي واللذان شاركا في بحث بيرجازما، حيث اعتبرا أن الأشخاص الذين يحظون بعلاقات واتصالات اجتماعية أكثر هم الأكثر سعادة وذلك بحسب تصريحاتهما في برنامج بالراديو المحلي.
في الوقت نفسه يؤكد بيرجازما أنه يتفق تماما مع هذا الرأي، إلا في حالة إذا كانت العلاقات الاجتماعية جميعها جيدة، نظرا لأن هذه العلاقات نفسها يمكن أن تكون مصدرا أساسيا لانعدام السعادة (التعاسة)، إذا لم تكن كما ينبغي.
وقد أدهشت نتائج الدراسة الأوساط العلمية، عندما أكد الخبراء الذين أجروها بالدليل الواضح، أنه كلما كانت السعادة أكبر، كلما زاد إقبال الناس على الحياة، وكلما امتد عمر الإنسان بصورة أطول، وبناء عليه، أثبتوا أن الشخص السعيد، يمكن أن يطول عمره بمعدل يترواح بين 5ر7 إلى 10 سنوات أكثر من الشخص غير السعيد أو تعيس الحظ.
يقول فينهوفن إن "التوتر المستمر يضعف جهاز المناعة، كما يعمل بشكل قوي على رفع ضغط الدم، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على إقبال الناس على الحياة، ومن ثم يوصي جميع حكومات العالم بأن تضع على رأس أولوياتها العمل على توفير السعادة، للأفراد، حتى لو كان ذلك من منطلق توفير ملايين الدولارات، التي يتم تخصيصها للإنفاق على برامج الرعاية الصحية، لعلاج المصابين بأمراض مثل ضغط الدم المرتفع أو التي تنتج عن تدهور جهاز المناعة، بسبب الشعور المستمر بالتعاسة.
ويبدو أن مرد هذا التقييم المرتفع ليس بالطبع مناخ هولندا المطير العاصف البارد طوال معظم فترات العام، وهو ما دفع العلماء للبحث عن الأسباب التي أدت إلى شيوع ظاهرة الشعور بالرضا والسعادة تجاه هولندا والتي يصفها أهلها بأنها "جنة صغيرة على الأرض"، وذلك لعدة أسباب منها على سبيل المثال سهولة التنقل بالدراجات داخل أي مدينة من مدنها حيث تعتبر البلد الوحيد في أوروبا الذي يوجد به 30 ألف كلم من الطرق المخصصة لمسير الدراجات فقط.
هناك أيضا مدخل أخر يوضح أسباب هذه الظاهرة ويمنح هولندا بصورة مفاجئة درجة أكبر بوصفه البلد الأكثر سعادة وتتمثل في الدراسة التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والتي تكشف أن الأطفال الهولنديين هم الأكثر سعادة في العالم وذلك لأنهم أقل أطفال العالم تعرضا لأسباب التوتر، فضلا عن تمتعهم بمستوى عال جدا من الحياة الاجتماعية المترفة والمتنوعة، فضلا عما يحظون به من وفرة في مساحات اللعب مع الأصدقاء، والحياة الأسرية المرفهة، يغلب عليها رغد العيش.
من ناحية أخرى، يرى العلماء أنه ربما يتعين البحث بعمق عن سر سعادة الهولنديين، ليس من منطلق منظور أحادي، بل من خلال مجموعة من الجوانب والأسباب، تحديدا، بالتزامن مع نشر نتائج مؤشر السعادة لشهر آيار/ مايو الماضي، حيث يؤكد عالم النفس الهولندي آد بيرجازما من جامعة إيرازموس روتردام أن الأمر ليس مجرد مصادفة أن يعرب الهولنديون بوضوح عن شعورهم بالسعادة.
ويرى بيرجازما أن هناك أسباب تختلف تماما عن المعايير التقليدية والمتوقعة في النمط الأوروبي أو الغربي عموما عن مفهوم السعادة يتمثل في قدرتهم على التعبير بوضوح وبشكل علني عن الشعور بالرضا الشخصي والذاتي.
ويتجاوز الأمر أبعد من ذلك بكثير، حيث يوضح عالم النفس الهولندي أن ثلثي المرضى النفسيين الذين يعانون من حالات ووأعراض مزمنة، يشعرون أيضا بالسعادة، وهو أمر لا يكاد يوجد بأي حال من الأحوال في التقييم التقليدي لمفهوم السعادة، خاصة وأن مفهوم الرضا والتعبير عن الشعور بالسعادة مرتبط بصورة كبيرة بالحالة النفسية وتوازن المشاعر.
تشير تقارير طبية أن واحدا من كل خمسة هولنديين يعاني من مرض نفسي أو أعراض عدم اتزان نفسي، بما في ذلك ما يعرف بنوبات الفزع "Panic Attack" ، أو متلازمة ثنائية القطبية، وهي أمراض خطيرة ينتج عنها نوبات اكتئاب شديد ورغبة متزايدة في الإقدام على الانتحار، وكلها عوامل تدفع المصاب بها لعدم القدرة على التعبير عن شعوره بالسعادة. ومع ذلك يرى الخبير النفسي أنه سيكون من الخطأ بمكان الربط بين الاضطرابات النفسية ومدى الشعور بالسعادة.
في سياق آخر، قادت الأبحاث في هولندا علماء جامعة إيرازموس روتردام العريقة إلى استنتاج خطير إلى حد ما لو أخذ على محمل الجد، مفاده أن "الأشخاص الذين يحتسون يصفة منتظمة عدة كئوس من الخمر، ودون أن يؤدي ذلك إلى وقوعهم فريسة لمخاطر الإدمان، يكونوا أقدر من غيرهم من المواطنين الهولنديين العاديين، الذين ليس لهم نفس العادات، على التعبير عن الشعور بالسعادة.
وحول هذه الفرضية، يوضح الخبير النفسي بيرجازما، أنه سيكون من الخطأ أيضا ان نأخذ على محمل الجد هذه النتائج، لنوجد علاقة ارتباط بين شرب الخمر أو تعاطي المخدرات ولو بقدر محسوب، والشعور بالسعادة.
وفي النهاية يحاول بيرجازما وفريقه العلمي من خلال الفصول الدراسية التي يقبل عليها طلبة جامعة روتردام بشكل منتظم، فهم الأمر الذي حاولت البشرية على مر العصور سبر أغواره وهو "سر السعادة ومكمنها".
وبالرغم من تأكيده على عدم امتلاك العصا السحرية للإجابة على هذه الأسئلة، إلا أن الدراسة، تلقي الضوء بالفعل على بعض العناصر التي من الممكن أن تقود إليها.
ويوضح عالم النفس الهولندي أن "لا كونفشيوس ولا بوذا أو شوبنهور أو حتى باولو كويلهو، الأديب البرازيلي صاحب رواية الكيميائي، لديهم تصور معين ومتكامل عن مفهوم السعادة، كما لا أستطيع أنا أيضا ان أزعم ذلك .. انني أطرح فقط بعض العلامات".
يشار إلى أن هناك أيضا عالمين كبيرين من جامعة روتردام هما روت فان هوفن وسونيا لويبمرسكي واللذان شاركا في بحث بيرجازما، حيث اعتبرا أن الأشخاص الذين يحظون بعلاقات واتصالات اجتماعية أكثر هم الأكثر سعادة وذلك بحسب تصريحاتهما في برنامج بالراديو المحلي.
في الوقت نفسه يؤكد بيرجازما أنه يتفق تماما مع هذا الرأي، إلا في حالة إذا كانت العلاقات الاجتماعية جميعها جيدة، نظرا لأن هذه العلاقات نفسها يمكن أن تكون مصدرا أساسيا لانعدام السعادة (التعاسة)، إذا لم تكن كما ينبغي.
وقد أدهشت نتائج الدراسة الأوساط العلمية، عندما أكد الخبراء الذين أجروها بالدليل الواضح، أنه كلما كانت السعادة أكبر، كلما زاد إقبال الناس على الحياة، وكلما امتد عمر الإنسان بصورة أطول، وبناء عليه، أثبتوا أن الشخص السعيد، يمكن أن يطول عمره بمعدل يترواح بين 5ر7 إلى 10 سنوات أكثر من الشخص غير السعيد أو تعيس الحظ.
يقول فينهوفن إن "التوتر المستمر يضعف جهاز المناعة، كما يعمل بشكل قوي على رفع ضغط الدم، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على إقبال الناس على الحياة، ومن ثم يوصي جميع حكومات العالم بأن تضع على رأس أولوياتها العمل على توفير السعادة، للأفراد، حتى لو كان ذلك من منطلق توفير ملايين الدولارات، التي يتم تخصيصها للإنفاق على برامج الرعاية الصحية، لعلاج المصابين بأمراض مثل ضغط الدم المرتفع أو التي تنتج عن تدهور جهاز المناعة، بسبب الشعور المستمر بالتعاسة.