نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

سمومُ موازينِ القوى

28/07/2025 - غسان شربل

من نطنز إلى صعدة: مواد القنبلة في قبضة الوكيل

24/07/2025 - السفير د. محمد قُباطي

في كذبة الوطنية السورية

21/07/2025 - غازي دحمان


مخاوف التصحر ورائحة البارود تزكم أنوف الفلاحين في ديالي "مدينة البرتقال" العراقية





بعقوبة - هادي العنبكي - يتخوف عراقيون في مدينة ديالي المشهورة باسم (مدينة البرتقال) لاتساع مساحة زراعة الحمضيات فيها من أن تتحول مساحاتها الزراعية الشاسعة الى مناطق صحراوية جراء هجرة آلاف المزارعين وتدمير اكثر من مئة قرية من قبل الجماعات المسلحة فضلا عن اعتماد السلطات العراقية علي الاستيراد العشوائي للفواكه والخضر على خلفية اعمال العنف


مزارع برتقال في مدينة ديالي العراقية
مزارع برتقال في مدينة ديالي العراقية
وبحسب احصائيات عراقية فإن اكثر من ستة آلاف فلاح عراقي يقطنون أراض زراعية في محافظة ديالى تركوا أراضيهم الزراعية وفروا الى مدن مجاورة بعد اتساع اعمال العنف في حين دمرت الجماعات المسلحة اكثر من 150 قرية في مشهد مأساوي.

وقال الدكتور ماجد خليل العزاوي مدير زراعة ديالى في تصريح لوكالة الانباء الالمانية(د.ب.أ)إن "مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية داخل الاقضية الخمسة لمحافظة ديالى وهي بعقوبة ، الخالص ، بلدروز ، خانقين ، المقدادية ، قد تحولت الى اراضي صحراوية قاحلة انعكست سلبا علي الواقع الزراعي بسبب تردي الاوضاع الامنية في المناطق الفلاحية .

وكانت هذه المناطق تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة وعناصر القاعدة خلال فترة العنف الطائفي التي شهدتها محافظة ديالي في الفترة من عام 2005 وحتى 2008 ما أدى الى قتل وتهجير 5821 فلاحا وبواقع 4574 مهجرا من الفلاحين و 1247 قتيلا، فيما بلغ عدد القرى الفلاحية التي تعرضت للتدمير بسبب اعمال العنف 173 قرية موزعة على عموم مناطق المحافظة من بينها 25 قرية داخل ناحية السلام التابعة لقضاء الخالص وظلت لاكثر من أربع سنوات تخضع تحت سيطرة تنظيم القاعدة ومايسمى بدولة العراق الاسلامية ".

وقال العزاوي أن "الارقام تشير الي ان بساتين قرية البو طعمة داخل ناحية السلام التابعة لقضاء الخالص تضم عشرات المقابر الجماعية لضحايا تنظيم القاعدة بعد تهجير سكان القرية وان عمليات التهجير القسري التي شهدتها المناطق الفلاحية مع اضطرار اغلب الفلاحين للتوجه نحو المحافظات الامنة او دول الجوار بعد ترك أراضيهم الزراعية دون عناية مما تسبب في هلاك مساحات شاسعة من تلك الاراضي ".

واضاف العزاوي :"اسهمت ظاهرة الاستيراد العشوائي للمحاصيل الزراعية بعد الاطاحة بالنظام السابق في الحاق خسائر مالية كبيرة بالفلاحين جراء توجه اغلب المستهلكين نحو المحاصيل المستوردة لانخفاض اسعارها والعزوف عن شراء المحاصيل المحلية الامر الذي ادى الى عزوف اغلب الفلاحين عن مزاولة مهنة الزراعة والتوجه نحو المهن الاخرى بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل خلال الموسم الزراعي ما ادى الى انخفاض انتاجية المحاصيل الزراعية بنسبة كبيرة بلغت بالنسبة للحمضيات 70 بالمئة".

وتبلغ مساحة بساتين الحمضيات الاجمالية 40 الف دونما موزعة على عموم مناطق المحافظة لتنتقل محافظة ديالى من قائمة المحافظات التي ظلت لسنوات طويلة المصدر الاول للحمضيات في العراق الى خانة المحافظات المستوردة .

وأوضح العزاوي :"كما انخفضت انتاجية بساتين التمور الى 40 بالمئة بعد هلاك اغلب اشجار النخيل البالغة مساحة بساتينها الاجماليةاكثر من 50 الف دونما فيما تشير الارقام الى انخفاض انتاجية النخلة الواحدة من 80 الى 40 كيلوجرامامع انخفاض انتاجية محصول الطماطم في اغلب المناطق اهمها ناحية بني سعد التي تعد من اكثر المناطق انتاجية من 2500 طن يوميا الى 500 طن".

وارجع العزاوي انخفاض انتاجية المحاصيل للعديد من الاسباب اهمها "بيع اغلب البساتين وتحولها الى مناطق سكنية بسبب المردود المالي لاسيما داخل اقضية بعقوبة والخالص والمقدادية بالاضافة الى الامراض التي اصابت بساتين الحمضيات والتي شملت الذبابة البيضاء والفطريات ما ادى الى هلاك مساحات شاسعة"

وذكر العزاوي أن"اتساع نطاق اعمال العنف التي شهدتها القرى والارياف جراء سيطرة الجماعات المسلحة وعناصر تنظيم القاعدة على المنابع الرئيسية للمياه التي جاءت متزامنة مع شح مياه سقي المزروعات والبساتين في اغلب المناطق وارتفاع نسبة الملوحة في الاراضي الزراعية ليؤدي ذلك الى تحول الكثير من تلك الاراضي الى صحراء قاحلة مشيرا الى ان جميع هذه العوامل ادت الى زيادة مساحة الاراضي الصحراوية التي بلغت اكثر من ستة ملايين دونما فيما انخفضت مساحة الاراضي الزراعية المنتجة الى مليوني دونم ".

وقال إن "دائرة زراعة ديالى باشرت باتخاذ العديد من الخطوات العملية للنهوض بالواقع الزراعي من جديد من خلال انشاء مشروع البيوت البلاستيكية (الصوبات)داخل قضاء الخالص بكلفة مليارين و 300 مليون دينار بهدف تشغيل 1068 مهندسا زراعيا عاطلا مع تطوير نمط الزراعة الحديثة التي تشتهر بها دول الجوار مثل الاردن وسوريا ولبنان وايران من خلال الاعتماد على الري بالتنقيط وتجاوز مشكلة شح المياه التي تعاني منها اغلب الاراضي الزراعية في ديالى بعد توقف سقوط الامطار فضلا عن زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية التي توفرها البيوت البلاستيكية ومنها محاصيل الخضروات ".

وأضاف أن"المشروع يضم 115 بيتا بلاستيكيا كمشاتل لانتاج الدايات فضلا عن 100 نفق لاغراض انتاجية المحصول المغطى على مساحة اجمالية بلغت 80 دونما زراعيا كما تعمل دائرة الزراعة بالتعاون مع الادارة المحلية على تفعيل قرار الحكومة المركزية بمنع استيراد خمسة انواع من المحاصيل الزراعية وهي الطماطم والرمان والبرتقال والخيار والباذنجان بهدف تشجيع الفلاحين على زيادة انتاجية المحاصيل المحلية"

وقال"ان اسواقنا المحلية امتلات بالمحاصيل المستوردة مثل البرتقال الذي غطى اسواق مدينة البرتقال اضافة لجميع انواع الفواكه والخضر دون استثناء منها ورق العنب ليؤدي ذلك الى توجه المستهلك نحو المحاصيل المستوردة لرخص اسعارها والعزوف عن شراء المحلي بسبب اسعاره المرتفعة لينعكس سلبا على انتاجية الفلاحين ".

واضاف العزاوي أن"دائرة الزراعة قامت باطلاق القروض المالية لاصحاب المشاريع الصغيرة والكبيرة التي تعني بالواقعين الزراعي والحيواني بهدف تسهيل عودة الفلاحين المهجرين الى اراضيهم الزراعية مع شمول 1450 فلاحا بالقروض المخصصة لحفر الابار وبواقع خمسة ملايين و 400 الف دينار لكل فلاح بالاضافة الى توفير الاسمدة الكيماوية والمبيدات ".

ويطالب العديد من الفلاحين والعاملين في القطاع الزراعي الجهات المعنية في محافظة ديالى الى الحد من ظاهرة بيع الاراضي الزراعية وعدم السماح بتحويلها الى مناطق سكنية مع اهمية اشراك الجمعيات الفلاحية ضمن خطط مديرية الزراعة بالاضافة الى وضع اسعار جديدة للمحاصيل المسوقة للدولة تتناسب مع جهود الفلاحين بهدف تشجيع انتاجية المحصول المحلي ".

وقال المزارع الحاج محمود العزاوي لـ (د.ب. أ) إن "مهنة الزراعة اصبحت عبئا ثقيلا على الفلاحين ولاتتناسب مع الجهود الكثيرة التي تبذل خلال الموسم الزراعي ".

وأضاف أن"على الدولة ان تضع دراسة دقيقة وضوابط تحدد خلالها المحاصيل المستوردة وتشمل المحاصيل التي لايمكن زراعتها في العراق مع الاستغناء عن المحاصيل التي تتلاءم مع التربة المحلية اهمها الخضراوات بجميع انواعها والحمضيات فضلا عن اهمية دعم الفلاح بالاسمدة الكيماوية وباسعار مدعومة لكي يستطيع الفلاح ان يحقق ربحا يتلاءم مع الجهد الذي يبذله خلال الموسم الزراعي".

فيما ذكر زميل له يدعى علي عبد الله أن "أهم الاسباب التي ادت الى تدهور الزراعة في ديالى هي شح مياه الري وعدم توفير المستلزمات الزراعية المطلوبة بالاضافة الى اعمال العنف التي ادت الى تكبد الفلاحين لخسائر مالية كبيرة اجبرتهم على بيع بساتينهم بعد تقسيمها الى قطع سكنية عديدة توفر لهم مردود مالي كبير ".

ويبدو أن الاثار الخطيرة والسيئة لعمليات تنظيم القاعدة المسلحة في العراق لم تنحصر في اعمال العنف وقتل الابرياء وارباك العملية السياسية بل تعداه الى الحاق الاذى بالقطاع الزراعي وحرمان البلاد من قدراتها الزراعية

هادي العنبكي
السبت 24 أبريل 2010