
بائع الجرائد بالجزائر العاصمة
انقسمت أراء المهنيين بشأن النوايا المعلنة من قبل الرئيس الجزائري في اتجاه إقرار الإصلاح الإعلامي بالبلاد، بمراجعة قانون الإعلام بصفته التشريع الرئيسي المنظم لمهنة الصحافة و تنصيب لجنة مستقلة تضم خبراء لتقييم المجال السمعي البصري المحتكر من قبل الدولة منذ الاستقلال قبل نحو 50 عاما و رفع جنحة تجريم الصحافة.
وتراوحت مواقف الصحفيين الجزائريين بين "مباركة و تثمين" لأكثر المتفائلين بالإصلاح المرتقب، بينما يعتبره الجناح الأخر طرحا مسبقا في غياب أجندة واضحة و تنظيم هيكلي مهني محدد المعالم لقيادة هذا الإصلاح، و بين هذا و ذاك يوجد تيار ثالث فضل الانتظار للفصل في مواقفه و تأجيل الكشف عن رأيه إلى حين.
ويستند الإعلاميون الجزائريون في وصف مستقبل المهنة على ضوء المراجعة المرتقبة لقانون الإعلام، إلى جملة من المؤشرات تميز الوضع الاجتماعي والمهني "المزري والمتدهور" الذي يعيشه الصحفيون الجزائريون منذ دخول البلاد في عصر التعددية المنبثقة عن دستور 1989.
حرية الصحافة في الجزائر...التقدم إلى الوراء؟
لا يستبعد مدير المدرسة الجزائرية العليا للصحافة الحكومية، الدكتور إبراهيم براهيمي، أن تنفرد السلطات العمومية باقتراح مشروع قانون الإعلام المعدل الجديد في غياب إطار مهني أو نقابي يتمتع بالشرعية و التمثيلية في الأوساط الإعلامية بالجزائر، موضحا أن:"الفوضى التي يعيشها الجانب الأكبر من القطاع الصحفي يجعل من فكرة المشاركة الفاعلة للمهنيين في صياغة قانون جديد جامع للإعلام شبه مستحيلة، رغم الدعوات المتكررة لوزارة الاتصال في هذا الاتجاه".
ويرى الدكتور براهيمي أن السلطات المختصة "استغرقت وقتا طويلا حتى تستجيب لمطالب الأسرة الإعلامية" و أن حالة الانسداد التي أفرزتها المواد التي كانت تجرم عمل الصحفي "انتقلت بالجزائر من بلد كان خلال التسعينيات في طليعة الدول التي تتمتع بهامش هام من الحرية في الممارسة الإعلامية إلى بلد صار من أكثر الدول ممارسة للرقابة على صحفييه".
رفع جنحة التجريم...الشجرة التي تغطي الغابة
وعلى نحو اقرب إلى الغرابة أكثر من أي شيء أخر، لقي قرار إسقاط جنحة القذف من قانون العقوبات و رفع تجريم الصحافة ترحيبا واسعا من قبل السياسيين قبل غيرهم، في حين عبر المهنيين و الأكاديميين عن مخاوفهم من احتمالات إعادة صياغة مضمون تلك الإجراءات العقابية بشكل جديد ضمن المراجعة المرتقبة لقانون الإعلام،و هو أمر غير مستبعد في نظر أكثر الصحفيين تفاؤلا.
وعاد إبراهيمي إلى السياق السياسي الذي تم فيه تعديل قانون العقوبات في شباط/ فبراير 2001 مشيرا إلى أن الصحفيين آنذاك لم يعلموا "أن هناك مادة في ذلك القانون سوف تعنيهم مباشرة ".
وقال" بعد عدم تمكنها من فرض قانون ردعي جديد للصحافة، لجأت السلطات إلى المادة 144 مكرر من قانون العقوبات من أجل قمع الصحفيين". مضيفا بأن مطلب "إنهاء العمل بهذه المادة كان النقطة الرئيسية في الورشة التي جمعت فيما بعد وزير الاتصال الهاشمي جيار – وقتها - بـ 17 خبيرا في الإعلام و الاتصال اجمعوا كلهم على أن المادة 144 مكرر هي العامل الأساسي في كل التحرشات والضغوطات التي واجهها الصحفيون، على المستوى القضائي والإداري".
اليوم، و بعد إسقاط عقوبة سجن الصحفيين، فان مخاوف أخرى تثار بشأن احتمال إدراج مواد جديدة تكرس لمبدأ "العقاب المفتوح"، في محاولة من السلطات الحكومية لتجاوز الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها، سيما على الصعيد الدولي، بعدما أعاد الإجراء المتخذ في العام 2001 ،الجزائر إلى تذيل قائمة البلدان الأقل احتراما لحرية التعبير و الصحافة، بحجة الحد مما تسميه "تجاوزات الصحافة الخاصة".
ويقول الصحفي فيصل ميطاوي في مقال نشره بجريدة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية تحت عنوان "رفع جنحة تجريم الصحافة..الشجرة التي تغطي الغابة"، إن "ما أقدم عليه رئيس الجمهورية في خطابه للأمة بتاريخ 15 نيسان/ أبريل 2011، برفع جنحة تجريم الصحافة ما هو إلا إجراء شكلي اقتضته الظروف موجه للرأي العام الخارجي".
ويضيف مطاوي" القطاع بحاجة إلى إرادة صادقة و عازمة قوية من شأنها أن تقضي على ممارسات غير قانونية توجه الصحافة الجزائرية في الخفاء، على غرار وضع حد لعلاقات المحاباة و القرابة في تحرير اعتمادات استصدار صحف جديدة و منحها لمن هب ودب لغير المهنيين و كذا إلغاء الرقابة المفروضة على مراسلي و مبعوثي وسائل الإعلام الأجنبية انطلاقا من الجزائر".
الإصلاح...الظرف و الخطوط الحمراء
ومن جهته، يتأسف الدكتور أحسن جاب الله، أول رئيس للمجلس الأعلى للإعلام (سلطة ضابطة مجمدة منذ 1993 بفعل إقرار حالة الطوارئ) لغياب التفاصيل حول الإصلاح المعلن، متسائلا عن الأسباب التي أجبرت الحكومة إلى الإعلان عن هذه الإصلاحات في مثل هذا الظرف بقوله:"رئيس الجمهورية كان بإمكانه الإعلان بوضوح عما سيتم إدخاله على المشهد الإعلامي و ما سيتغير في قانون الإعلام".
وما يعزز هذا الاحتمال في أوساط المهنيين و الحقوقيين، تصريحات المسؤول الأول عن قطاع الإعلام بالجزائر، الذي سبق الجميع بوضع خطوط حمراء في المراجعة المرتقبة بتأكيده على أن عملية تعديل قانون العقوبات لإلغاء حبس الصحفيين "ستبقي على الغرامة المالية" ضد الصحفيين والصحف من الذين "يتجاوزون" حدود التعبير المسموح به تجاه المؤسسات الدستورية ممثلة في رئيس الجمهورية و مجلس النواب و مؤسسات الجيش.
ولم يخف عدد من الممارسين قلقهم إزاء إعلان الرئيس بوتفليقة بشأن الصحافة الوطنية، معتبرين أن "رئيس الجمهورية تطرق إلى مسألة رفع التجريم عن الجنحة الصحفية في القانون الجنائي دون ذكر قانون الإعلام الذي يقضي بأحكام قاسية بالسجن في حق الصحفيين". و يصف الأستاذ جاب الله قانون الإعلام الصادر في نيسان/ ابريل 1990 بـ "الجيد"، داعيا إلى تعديل المادتين 86 و 87 اللتين تقضيان بأحكام بالسجن.
ويقول الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين، كمال عمارني، أن:"هناك نزعة نحو ما أسميه بالتغييب الآلي للصحفيين في الإصلاحات المرتقبة، فالسلطة لا تزال ترى في الصحافة الجزائرية غير ناضجة مثلما تنظر للشعب الجزائري على انه قاصر، و هي ذاتها مبررات تأخذها السلطة في تمسكها باحتكار الاستثمار في حقل السمعي-البصري بالبلاد".
ويخلص عمارني، إلى التأكيد بأن عملية مراجعة قانون الإعلام ستكون منحصرة ضمن إطار الإدارة و تكنوقراطي وزارة الاتصال مع استبعاد "محتمل جدا" للصحفيين، على أن تسعى السلطة في المقابل على الظهور في موقع "المتحمس" لتبني مقترحات الصحفيين أمام الرأي العام الوطني.
مكاسب بتاريخ عقدين..مهددة
تبنت النقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين، أحد الفروع النقابية المهنية الناشطة بالجزائر بالإضافة إلى الفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين، عريضة تحذر فيها من مغبة اللجوء إلى إسقاط ما تسميه بـ "مكاسب" قانون الإعلام 1990 الساري المفعول الذي تعتبره النقابة بمثابة "العقد التأسيسي لحرية الصحافة بالجزائر".
واعتبرت النقابة في عريضتها التي وقع عليها أكثر من 350 صحفيا جزائريا من مختلف وسائل الإعلام، أن النص الساري المفعول يستدعي الإثراء من قبيل تكييفه و إدراج مواد جديدة ليواكب التطورات التكنولوجية الجديدة التي أفرزت إعلاما إلكترونيا يتطلب وجود تأطير قانوني له.
ويلفت نص العريضة - المتوفر على الأنترنت – إلى أن النقابة مجندة للتصدى لأي محاولة من قبل السلطات في اتجاه تعديل المواد القديمة للقانون، و أنها تنتظر من السلطات في مقابل ذلك، الإشراف على تفعيل التدابير و الأحكام الواردة ضمن القانون الحالي بما فيها بعث المجلس الأعلى للإعلام.
قانون إعلام جديد في حزيران/ يونيو
يحدث هذا رغم تطمينات وزير الاتصال، ناصر مهل، الذي كشف أن صيغة لقانون الإعلام الجديد ستكون جاهزة في حدود شهر حزيران/ يونيو المقبل لعرضها للمناقشة مع مهنيي الصحافة و شركاء مهتمين آخرين.
وصرح مهل بالقول "ستصبح لنا صيغة لقانون الإعلام الجديد في حدود شهر حزيران /يونيو المقبل و كل المهنيين مدعوون لهذا للمساهمة في هذا الملف"، مؤكدا أن "قانون الإعلام ليست قضية وزير أو حكومة لكنه يعني الأسرة الإعلامية التي يجب أن تكون في مستوى المسؤولية التي تخصها".
وشدد الوزير الجزائري على أن " مراجعة قانون الإعلام جزء من الإصلاحات السياسية الهامة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأمة، و سوف نلتقي جميعنا حول طاولة واحدة من اجل مناقشتها بكل حرية و الاستفادة من خبرة الذين عاشوا الـ 20 سنة التي تفصلنا عن صدور القانون الحالي سنة 1990".
وأكد أن النقاش "مفتوح أمام مهنيي الصحافة و الذين يريدون المشاركة في النقاش سواء كانوا أحزابا سياسية أو منظمات مهنية أو رجال قانون أو غيرهم، لان الأمر يتعلق بالتوصل إلى مشروع قانون يعرض على الحكومة ثم على البرلمان لكن في إطار توافقي تسبقه استشارة واسعة النطاق".
وبين نوايا الإصلاح و مخاوف طبيعية - مشروعة، يبقى الإعلام الجزائري يسبح في عالمه الذي يحسده عليه كثيرون فيما يرى آخرون أن الوقت حان للتحول إلى عالم أخر يكفل الحريات ويتبنى الديمقراطية الحقيقية
وتراوحت مواقف الصحفيين الجزائريين بين "مباركة و تثمين" لأكثر المتفائلين بالإصلاح المرتقب، بينما يعتبره الجناح الأخر طرحا مسبقا في غياب أجندة واضحة و تنظيم هيكلي مهني محدد المعالم لقيادة هذا الإصلاح، و بين هذا و ذاك يوجد تيار ثالث فضل الانتظار للفصل في مواقفه و تأجيل الكشف عن رأيه إلى حين.
ويستند الإعلاميون الجزائريون في وصف مستقبل المهنة على ضوء المراجعة المرتقبة لقانون الإعلام، إلى جملة من المؤشرات تميز الوضع الاجتماعي والمهني "المزري والمتدهور" الذي يعيشه الصحفيون الجزائريون منذ دخول البلاد في عصر التعددية المنبثقة عن دستور 1989.
حرية الصحافة في الجزائر...التقدم إلى الوراء؟
لا يستبعد مدير المدرسة الجزائرية العليا للصحافة الحكومية، الدكتور إبراهيم براهيمي، أن تنفرد السلطات العمومية باقتراح مشروع قانون الإعلام المعدل الجديد في غياب إطار مهني أو نقابي يتمتع بالشرعية و التمثيلية في الأوساط الإعلامية بالجزائر، موضحا أن:"الفوضى التي يعيشها الجانب الأكبر من القطاع الصحفي يجعل من فكرة المشاركة الفاعلة للمهنيين في صياغة قانون جديد جامع للإعلام شبه مستحيلة، رغم الدعوات المتكررة لوزارة الاتصال في هذا الاتجاه".
ويرى الدكتور براهيمي أن السلطات المختصة "استغرقت وقتا طويلا حتى تستجيب لمطالب الأسرة الإعلامية" و أن حالة الانسداد التي أفرزتها المواد التي كانت تجرم عمل الصحفي "انتقلت بالجزائر من بلد كان خلال التسعينيات في طليعة الدول التي تتمتع بهامش هام من الحرية في الممارسة الإعلامية إلى بلد صار من أكثر الدول ممارسة للرقابة على صحفييه".
رفع جنحة التجريم...الشجرة التي تغطي الغابة
وعلى نحو اقرب إلى الغرابة أكثر من أي شيء أخر، لقي قرار إسقاط جنحة القذف من قانون العقوبات و رفع تجريم الصحافة ترحيبا واسعا من قبل السياسيين قبل غيرهم، في حين عبر المهنيين و الأكاديميين عن مخاوفهم من احتمالات إعادة صياغة مضمون تلك الإجراءات العقابية بشكل جديد ضمن المراجعة المرتقبة لقانون الإعلام،و هو أمر غير مستبعد في نظر أكثر الصحفيين تفاؤلا.
وعاد إبراهيمي إلى السياق السياسي الذي تم فيه تعديل قانون العقوبات في شباط/ فبراير 2001 مشيرا إلى أن الصحفيين آنذاك لم يعلموا "أن هناك مادة في ذلك القانون سوف تعنيهم مباشرة ".
وقال" بعد عدم تمكنها من فرض قانون ردعي جديد للصحافة، لجأت السلطات إلى المادة 144 مكرر من قانون العقوبات من أجل قمع الصحفيين". مضيفا بأن مطلب "إنهاء العمل بهذه المادة كان النقطة الرئيسية في الورشة التي جمعت فيما بعد وزير الاتصال الهاشمي جيار – وقتها - بـ 17 خبيرا في الإعلام و الاتصال اجمعوا كلهم على أن المادة 144 مكرر هي العامل الأساسي في كل التحرشات والضغوطات التي واجهها الصحفيون، على المستوى القضائي والإداري".
اليوم، و بعد إسقاط عقوبة سجن الصحفيين، فان مخاوف أخرى تثار بشأن احتمال إدراج مواد جديدة تكرس لمبدأ "العقاب المفتوح"، في محاولة من السلطات الحكومية لتجاوز الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها، سيما على الصعيد الدولي، بعدما أعاد الإجراء المتخذ في العام 2001 ،الجزائر إلى تذيل قائمة البلدان الأقل احتراما لحرية التعبير و الصحافة، بحجة الحد مما تسميه "تجاوزات الصحافة الخاصة".
ويقول الصحفي فيصل ميطاوي في مقال نشره بجريدة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية تحت عنوان "رفع جنحة تجريم الصحافة..الشجرة التي تغطي الغابة"، إن "ما أقدم عليه رئيس الجمهورية في خطابه للأمة بتاريخ 15 نيسان/ أبريل 2011، برفع جنحة تجريم الصحافة ما هو إلا إجراء شكلي اقتضته الظروف موجه للرأي العام الخارجي".
ويضيف مطاوي" القطاع بحاجة إلى إرادة صادقة و عازمة قوية من شأنها أن تقضي على ممارسات غير قانونية توجه الصحافة الجزائرية في الخفاء، على غرار وضع حد لعلاقات المحاباة و القرابة في تحرير اعتمادات استصدار صحف جديدة و منحها لمن هب ودب لغير المهنيين و كذا إلغاء الرقابة المفروضة على مراسلي و مبعوثي وسائل الإعلام الأجنبية انطلاقا من الجزائر".
الإصلاح...الظرف و الخطوط الحمراء
ومن جهته، يتأسف الدكتور أحسن جاب الله، أول رئيس للمجلس الأعلى للإعلام (سلطة ضابطة مجمدة منذ 1993 بفعل إقرار حالة الطوارئ) لغياب التفاصيل حول الإصلاح المعلن، متسائلا عن الأسباب التي أجبرت الحكومة إلى الإعلان عن هذه الإصلاحات في مثل هذا الظرف بقوله:"رئيس الجمهورية كان بإمكانه الإعلان بوضوح عما سيتم إدخاله على المشهد الإعلامي و ما سيتغير في قانون الإعلام".
وما يعزز هذا الاحتمال في أوساط المهنيين و الحقوقيين، تصريحات المسؤول الأول عن قطاع الإعلام بالجزائر، الذي سبق الجميع بوضع خطوط حمراء في المراجعة المرتقبة بتأكيده على أن عملية تعديل قانون العقوبات لإلغاء حبس الصحفيين "ستبقي على الغرامة المالية" ضد الصحفيين والصحف من الذين "يتجاوزون" حدود التعبير المسموح به تجاه المؤسسات الدستورية ممثلة في رئيس الجمهورية و مجلس النواب و مؤسسات الجيش.
ولم يخف عدد من الممارسين قلقهم إزاء إعلان الرئيس بوتفليقة بشأن الصحافة الوطنية، معتبرين أن "رئيس الجمهورية تطرق إلى مسألة رفع التجريم عن الجنحة الصحفية في القانون الجنائي دون ذكر قانون الإعلام الذي يقضي بأحكام قاسية بالسجن في حق الصحفيين". و يصف الأستاذ جاب الله قانون الإعلام الصادر في نيسان/ ابريل 1990 بـ "الجيد"، داعيا إلى تعديل المادتين 86 و 87 اللتين تقضيان بأحكام بالسجن.
ويقول الأمين العام للنقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين، كمال عمارني، أن:"هناك نزعة نحو ما أسميه بالتغييب الآلي للصحفيين في الإصلاحات المرتقبة، فالسلطة لا تزال ترى في الصحافة الجزائرية غير ناضجة مثلما تنظر للشعب الجزائري على انه قاصر، و هي ذاتها مبررات تأخذها السلطة في تمسكها باحتكار الاستثمار في حقل السمعي-البصري بالبلاد".
ويخلص عمارني، إلى التأكيد بأن عملية مراجعة قانون الإعلام ستكون منحصرة ضمن إطار الإدارة و تكنوقراطي وزارة الاتصال مع استبعاد "محتمل جدا" للصحفيين، على أن تسعى السلطة في المقابل على الظهور في موقع "المتحمس" لتبني مقترحات الصحفيين أمام الرأي العام الوطني.
مكاسب بتاريخ عقدين..مهددة
تبنت النقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين، أحد الفروع النقابية المهنية الناشطة بالجزائر بالإضافة إلى الفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين، عريضة تحذر فيها من مغبة اللجوء إلى إسقاط ما تسميه بـ "مكاسب" قانون الإعلام 1990 الساري المفعول الذي تعتبره النقابة بمثابة "العقد التأسيسي لحرية الصحافة بالجزائر".
واعتبرت النقابة في عريضتها التي وقع عليها أكثر من 350 صحفيا جزائريا من مختلف وسائل الإعلام، أن النص الساري المفعول يستدعي الإثراء من قبيل تكييفه و إدراج مواد جديدة ليواكب التطورات التكنولوجية الجديدة التي أفرزت إعلاما إلكترونيا يتطلب وجود تأطير قانوني له.
ويلفت نص العريضة - المتوفر على الأنترنت – إلى أن النقابة مجندة للتصدى لأي محاولة من قبل السلطات في اتجاه تعديل المواد القديمة للقانون، و أنها تنتظر من السلطات في مقابل ذلك، الإشراف على تفعيل التدابير و الأحكام الواردة ضمن القانون الحالي بما فيها بعث المجلس الأعلى للإعلام.
قانون إعلام جديد في حزيران/ يونيو
يحدث هذا رغم تطمينات وزير الاتصال، ناصر مهل، الذي كشف أن صيغة لقانون الإعلام الجديد ستكون جاهزة في حدود شهر حزيران/ يونيو المقبل لعرضها للمناقشة مع مهنيي الصحافة و شركاء مهتمين آخرين.
وصرح مهل بالقول "ستصبح لنا صيغة لقانون الإعلام الجديد في حدود شهر حزيران /يونيو المقبل و كل المهنيين مدعوون لهذا للمساهمة في هذا الملف"، مؤكدا أن "قانون الإعلام ليست قضية وزير أو حكومة لكنه يعني الأسرة الإعلامية التي يجب أن تكون في مستوى المسؤولية التي تخصها".
وشدد الوزير الجزائري على أن " مراجعة قانون الإعلام جزء من الإصلاحات السياسية الهامة التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأمة، و سوف نلتقي جميعنا حول طاولة واحدة من اجل مناقشتها بكل حرية و الاستفادة من خبرة الذين عاشوا الـ 20 سنة التي تفصلنا عن صدور القانون الحالي سنة 1990".
وأكد أن النقاش "مفتوح أمام مهنيي الصحافة و الذين يريدون المشاركة في النقاش سواء كانوا أحزابا سياسية أو منظمات مهنية أو رجال قانون أو غيرهم، لان الأمر يتعلق بالتوصل إلى مشروع قانون يعرض على الحكومة ثم على البرلمان لكن في إطار توافقي تسبقه استشارة واسعة النطاق".
وبين نوايا الإصلاح و مخاوف طبيعية - مشروعة، يبقى الإعلام الجزائري يسبح في عالمه الذي يحسده عليه كثيرون فيما يرى آخرون أن الوقت حان للتحول إلى عالم أخر يكفل الحريات ويتبنى الديمقراطية الحقيقية