تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


مدارس لبنان... عنف وطائفية ومناهج وقوالب تعليمية مفصلة لتناسب استمرار النظام الحاكم




بيروت - فاديا عازار - قلما يجرؤ التلامذة في لبنان على إبداء رأيهم الحقيقي جهراً بالمؤسسات التربوية، لكن ما يدور بين بعضهم البعض بشكل عام، وبينهم وبين أهاليهم أحياناً كافٍ ليظهر إشكالية العلاقة بين التلاميذ والمؤسسات التربوية، التي تتراوح بين الجذب والنفور والقلق


الفرحة تعلو وجوه التلاميذ بعد انتهاء الدوام المدرسي
الفرحة تعلو وجوه التلاميذ بعد انتهاء الدوام المدرسي
ويمكن للمراقب أن يلحظ قلق التلاميذ منذ اليوم الأول لدخولهم المدرسة، بسبب تصورهم لما ينتظرهم خلال العام الدراسي من مجهود دراسي كبير، والتزام بمجموعة من القوانين الصارمة، بالإضافة إلى البرامج المكثفة وأنظمة التقييم المتعبة.

وتنقسم المدارس في لبنان بين خاصة وهي في معظمها مدارس ذات مرجعية طائفية، مع وجود عدد من المدارس الخاصة (العلمانية)، حيث يسمح القانون اللبناني بأن يكون لكل طائفة مؤسساتها التعليمية، ومدارس رسمية تتبع للدولة.

ويعتبر البعض أن النظام السياسي في لبنان، يعيد إنتاج نفسه عبر المؤسسات التربوية الخاصة التي تنقل لطلابها القوالب الفكرية والسلوكية التي تناسب استمرار هذا النظام.

وتختلف العلاقة بين التلميذ والمدرسة الخاصة (غير العلمانية)، عن العلاقة بينه وبين المدرسة الرسمية ، حسبما يرى البعض، ففي الأولى، تخضع العلاقة لشروط تربوية وسلوكية صارمة، وتتسم بالتوتر الكبير، بينما في الثانية ينخفض منسوب التوتر بين التلميذ والمدرسة، لأن الشروط التربوية والسلوكية تكون أقل صرامة.

ويطرح الأخصائيون، اعتماد أسلوب مشاركة التلميذ في اتخاذ القرارات، من باب إشراكه في تحمل المسؤولية، كواحد من الحلول التي تقلل منسوب التوتر القائم بين التلميذ والمدرسة .

وقالت الباحثة الاجتماعية والمربية منى قاصوف لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)أ)"يمكن مقاربة علاقة التلامذة بالمدرسة حسب المراحل التعليمية، ففي المراحل الأولى يشعرون بالغربة والخوف الذي يعبر عن نفسه بمجموعة من السلوكيات العنيفة، وينبغي أن يعرف المدرس كيف يزيل هذا الخوف ويكسب ثقة التلميذ، ولا يبادله العنف، حتى لا تتحول العلاقة بين التلميذ والمدرسة إلى علاقة متوترة ".

وتابعت قاصوف" هذا السلوك العنيف يمكن أن يستمر في المراحل التعليمية اللاحقة إذا بقيت العلاقة بين التلميذ والمدرسة مشوبة بالقلق والتوتر، بخاصة أن بعض المؤسسات التربوية يعتمد العنف كأحد أساليب تطويع التلاميذ وإلزامهم بالقوانين ".

وأضافت" يقوم الأخصائيون التربويون اليوم بمعالجة هذه المشكلة من خلال إبرام عقود تحدد قواعد السلوك داخل الصف ويشارك التلاميذ في وضعها، وبهذه الطريقة يشعر التلميذ بأن مسؤوليته في هذه المؤسسة لا تقل عن مسؤولية المدرس، وتتحول العلاقة بينه وبين المؤسسة التعليمية من علاقة توتر إلى علاقة ثقة".

وأظهرت دراسة أجريت عام ٢٠٠٦، أن عدد المدارس في لبنان بلغ حوالي الـ ٢٧٨٨ (ما قبل الإعداديّة، التكميليّة والثانويّة) ، جمعت ٩١١٣١٤ طالبا مسجَّلا و ٨٧٤٥٩ أستاذا، نصف هذه المدارس فقط كان رسميّاً (٥٠٫١٧%).

ووصل عدد الطلاب المسجلين في السنة الدراسيّة 2005-2006، إلى٩١١٣١٤ طالبا، الأغلبيّة (٥١%) من الطلاّب في المدارس الخاصّة.

وقال الدكتور عماد سماحة أستاذ مادة علم الاجتماع التربوي في الجامعة اللبنانية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "تخضع علاقة التلاميذ بالمؤسسة التربوية لعنصري الجذب والنفور، تبعاً للمرحلة التعليمية ، وهذه الإشكالية عالمية وليست محلية ".

وتابع سماحة"تخضع هذه الإشكالية لعوامل عديدة أولها طبيعة المؤسسة التعليمية، حيث تشكل المختلطة من بينها عامل جذب للتلاميذ، فيما عدم الاختلاط لا يكون عاملاً محفزاً، كما تخضع لنوعية التعليم وأساليبه وطبيعة النشاطات التي تشكل جزءاً من البرامج المعتمدة، حيث الأساليب الحديثة، البعيدة عن العنف، وتنوع النشاطات، يشكل عامل جذب للتلاميذ، بينما الأساليب التقليدية التي تعتمد العنف بكافة أشكاله كتقنية أساسية تكون منفرة، وكذلك الدوام المدرسي الذي يبدأ باكراً ".

وتبدأ ساعات التدريس في معظم المؤسسات التعليمية في لبنان في الساعة الثامنة صباحاً وأحياناً قبل ذلك بحوالي ربع ساعة.

وتحدث سماحة عن" مساهمة بعض العوامل الإجتماعية كالتوتر الأسري، والنفور بين الزوجين، والفقر التي تسبب إما نفوراً من المؤسسة التعليمية يترافق مع ضعف في الإنتاجية أو تسرباً مدرسياً ".

وأضاف "هناك أيضاً العامل النفسي، حيث لا يميل الأولاد إلى الاحتجاز وتحمل المسؤولية والتقيد بالقوانين". مشيراً إلى" أن النظام التربوي يخضع الناشئة للتكيف مع طبيعة النظام الإجتماعي وقواعد السلوك، على اعتبار أن أهم أهداف المؤسسة التربوية هو التنشئة الإجتماعية ونقل الثقافة من جيل إلى آخر، وهذا ما يواجهه الطلاب إجمالاً بنوع من التمرد، على النظم والقوانين التي تحكم الحياة التربوية وبالتالي الاجتماعية ".

وأشار سماحة إلى "طبيعة النظام السياسي الطوائفي في لبنان الذي ينمي التعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي الوطني المهمل بشكل عام، من هنا تشكل المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان عامل جذب لمعظم الفئات الاجتماعية وخاصة المقتدرة من بينها، ولكن هذه المؤسسات التربوية الخاصة التابعة إجمالاً للمؤسسات الطائفية تخرج، النخب التي تعيد إنتاج النظام السياسي الطائفي".

وقال" ينبغي على الدولة توفير فرص تعليم متساوية تقوم على أسس تربوية متقدمة لكل الطلاب في لبنان بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية أو الطبقية، من خلال تأمين مؤسسات تعليمية رسمية وطنية، تعتمد أحدث الأساليب التربوية، من أجل إنتاج نخب تغييريه تحدث نهضة حقيقية في المجتمع".

وقالت المربية نظيرة الحاج في مدرسة يسوع ومريم (الخاصة) في منطقة جبل لبنان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) " بشكل عام لا يحب التلاميذ الذهاب إلى المدرسة، وغالباً ما يتعلق الأمر بطريقة التعليم، حيث يكون أسلوب الأساتذة جاذباً للتلاميذ أو منفراً، لذلك تقوم المؤسسات التربوية بإخضاع الهيئة التعليمية دورياً لدورات تدريبية يجريها أخصائيون في التربية ".

وتابعت الحاج" التعليم رسالة، وليست الشهادة وحدها هي التي تكسب الأستاذ مهارةً في التعليم، وأعتقد أن هناك من هم مؤهلون لممارسة هذه المهنة - الرسالة، وهؤلاء ينجحون بجذب التلاميذ وكسب ودهم ، بينما آخرون غير مؤهلين بطبعهم لممارسة التعليم، مهما حصّلوا من معارف. وهؤلاء ينفرون التلاميذ من العلم والمدرسة".

وأضافت"يساهم الجو الأسري وتشجيع الأولاد على تحصيل العلم وترغيبهم وإبداء الاهتمام بهم والحديث عن فضائل المؤسسة التربوية التي يتابعون فيها دروسهم، في خلق علاقة إيجابية بين التلاميذ ومؤسستهم التعليمية ".

وقال هادي شاهين الطالب في الصف الثامن أساسي في إحدى مدارس جبل لبنان لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ ) "تعتمد مدرستنا الأساليب الحديثة في التدريس وهذا أمر جيد، لكن علاقتي مع المدرسة تخضع لطبيعة أداء الأساتذة، فتراني أحب الأستاذ، الذي يحسن معاملتنا ويحسن شرح الدروس، قبل أن أحب المادة التعليمية".

وأضاف شاهين "المدرسة جيدة وهي تكسبنا المعارف، ولكننا نعاني أحياناً من تعاطي الهيئة التعليمية معنا بفوقية، كما نعاني من العقاب الجماعي داخل الصف، فإذا ارتكب أحدنا خطأً ما عوقب جميع من في الصف، وهذا أمر غير عادل ، وشخصياً أتمنى أن يتم تأخير دوام المدرسة بحيث تبدأ في الساعة العاشرة صباحاً بدل الثامنة".

وقالت نور حسين طالبة في الصف الرابع أساسي في إحدى المدارس الرسمية في منطقة المتن الشمالي "أحب المدرسة كثيراً، هنا أفرح والعب مع رفاقي، لا أحب يوم العطلة لأني اشعر بالملل".

ويرى بعض التلامذة أن الاستيقاظ الباكر، وكثرة الفروض، التي تحرم التلميذ من ممارسة أنشطة أخرى غير الدرس، أمر غير عادل.

وقال شكيب أبو أنطون طالب في الصف الثامن أساسي في إحدى المدارس الخاصة لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ )" أحب المدرسة، ففيها نتعلم المعارف وطرق السلوك، لكن كثافة المواد التدريسية تجعلني أشعر بالإرهاق والتعب أحياناً، وأتمنى أن يتم خفض نسبة المعلومات التي نتلقاها في اليوم ، بخاصة عندما ندرس مادة معينة لمدة ساعتين متواصلتين، كما أتمنى أن يجد المعنيون حلاً لمشكلة ارتفاع وزن الحقيبة المدرسية".

ويعتبر بعض الطلاب أن المدرسة تسلبهم حقهم باللهو واللعب، بخاصة الفئات العمرية الصغيرة ، ما دون الثانية عشرة عاماً، من طلاب المدارس الخاصة، حيث ينشغل بعضهم بالدرس حوالي 10 ساعات في اليوم، بين الدوام المدرسي ومتابعة الفروض في المنزل .

وإذا كانت صورة الطلاب لدى خروجهم من المدرسة وقد ارتسم شعور الفرح والانبساط على وجوههم, وارتفع صوتهم وتدافعوا راكضين كأنهم يهربون من شيء ما، أصدق تعبير عن الإشكالية التي تحكم العلاقة بين الطلاب والمؤسسة التعليمية، لكن جهوداً لا تزال تبذل في سبيل تحسين علاقة الطلاب بالمدرسة، التي تقوم بدور نقل المعارف والثقافات الى الأجيال الصاعدة

فاديا عازار
الاربعاء 1 ديسمبر 2010