تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


معركة تلامذة المدارس الرسمية الصعبة لتحصيل العلم في لبنان




فنيدق - جوسلين زبليط - تبدو زينب (11 عاما) متحمسة لاستقبال عامها الدراسي الجديد في مدرستها المتواضعة التي تفتقر الى كل شيء تقريبا والواقعة في منطقة عكار النائية في شمال لبنان، ولو انها لا تدرك بعد الصعوبات الجمة التي سيكون عليها مواجهتها لتصل الى نهاية مشوارها التعليمي.


معركة تلامذة المدارس الرسمية الصعبة لتحصيل العلم في لبنان
وزينب فتاة بين آلاف التلامذة الذين يتحملون تبعات تراجع مستوى التعليم الحكومي الذي غاب عنه اهتمام الدولة اللبنانية على مدى عقود، حتى اصبح اسم المدرسة الرسمية مرتبطا برداءة التعليم.
ويقول استاذ التربية في الجامعة اللبنانية وعضو الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية حسان قبيسي ان "وضع المدارس الرسمية الابتدائية كارثي واكثر. الوضع رهيب وتعيس جدا جدا".

ويضيف لوكالة فرانس برس "الدولة لا تبدي اهتماما كافيا بهذا القطاع (...) ولا تتوافر الارادة لدى السياسيين لتغيير هذا الواقع".
ولعل هذا الواقع المأسوي الذي تعاني منه المدرسة الرسمية يتجلى أكثر ما يكون في المناطق الريفية مثل قضاء عكار (شمال) حيث يعيش جزء كبير من السكان تحت خط الفقر.

ويتحدث الطلاب والمعلمون في مدارس عدة من عكار عن امكانات ضئيلة وغياب الحد الادنى من الامور الاساسية مثل وسائل التدفئة والطاولات والخرائط والملاعب ودورات المياه وحتى المعلمين... اضافة الى المختبرات وتجهيزات العلوم التطبيقية واجهزة الكومبيوتر ولوازم الانشطة الاضافية كالرياضة والمسرح.

ويقول خالد عيسى، مدير مدرسة فنيدق الغربية التي تضم مئتي تلميذ، ان "ادارت الدولة ظهرها لنا واصبحنا نقتات على الفتات".
ويضيف "ارفع الصوت منذ ثلاثة اشهر للحصول على 20 مقعدا دراسيا" اضافيا للطلاب.

ويتسع كل مقعد في المدرسة في الاساس لتلميذين، غير ان اربعة تلامذة يشغلونه في مدرسة فنيدق.
في قرية دير دلوم الصغيرة الرسمية التي تضم حوالى 230 تلميذا، تقول مدرسة اللغة الفرنسية شفيقة كنج "نحن لا نقدم للتلاميذ بيئة تتيح لهم ان يتفوقوا، بل تتحول المدرسة الى نوع من العقاب بالنسبة اليهم".

وتضيف "مثلا، يفترض ان نشجع الطلاب على القراءة لكننا لا نملك مكتبة... ندرسهم العلوم وليس لدينا مختبر..".
وبحسب خبراء، فان هذه الظروف السيئة تنعكس تدنيا في المستوى الدراسي للتلاميذ، لا سيما في التعليم الابتدائي، اضافة الى ارتفاع معدلات الرسوب والتسرب المدرسي.

ويؤكد رؤوف غصيني استاذ التربية في الجامعة الاميركية في بيروت ورئيس الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية ان عددا كبيرا من الطلاب يواصلون دراستهم رغم الصعوبات، "لكن السؤال المطروح غالبا ليس هل سيترك هذا التلميذ المدرسة؟+ بل +متى سيتركها".

ويشير قبيسي الى ان بين 20 و30% من طلاب المدارس الرسمية يرسبون او يتركون الدراسة في المرحلة الابتدائية حيث يفترض ان تكون نسبة التسرب او الرسوب صفرا
ويزيد من تفاقم المشكلة ان المعلمين والموظفين في هذه المدارس التي يؤمها ثلث طلاب لبنان، لا يتمتعون بكفاءة عالية ويتقاضون رواتب متدنية.

ويأخذ قبيسي على الدولة انها لا تعين في المدارس الرسمية اصحاب الكفاءة من المتخرجين من كلية التربية، بل "اساتذة من دون اي اعداد (...) على شكل تعاقد مقابل ثمانية الاف ليرة (خمسة دولارات) في الساعة ومن دون أي تقديمات اجتماعية".
ويوضح قبيسي ان عدد المتعاقدين في التعليم الرسمي الابتدائي يبلغ 15 الفا من اصل 35 الف مدرس، في وقت يقتصر عدد المفتشين في كل لبنان على ستين يتولون الاشراف على 35 الف مدرس في المرحلة الابتدائية وعشرة الاف آخرين في المرحلتين التكميلية والثانوية، أي ما معدله 750 استاذا للمفتش الواحد.
وتقر وزارة التربية بان تحسين الوضع يحتاج الى امكانات وجهود كثيرة، مشيرة الى خطة لاعادة تأهيل كل المدارس الرسمية اطلقت هذا الصيف على ان تستغرق خمس سنوات.

ويقول مدير عام وزارة التربية فادي يرق "من الواضح ان هناك مدارس لديها حاجات كبيرة جدا، لكن هناك مدارس رسمية اخرى ممتازة على المستويات كافة".
ويضيف يرق ان المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم الرسمي مردها في جزء كبير الدمار الذي الحقته به الحرب الاهلية (1975-1990).

ولا تتجاوز ميزانية قطاع التعليم الرسمي في لبنان 1,2 مليار ليرة (800 مليون دولار) سنويا، تستهلك المصاريف الادارية 90% منها.
وفي بلد يفخر بمستواه التعليمي في المنطقة وبمدارسه الخاصة العديدة والمعروفة، تضيق الآفاق امام الطلاب الاكثر فقرا غير القادرين على دفع اقساط مدرسية مرتفعة.

وازاء الواقع المزري، كثفت منظمات مثل اليونيسف جهودها لملء الفراغ.
واطلقت اليونيسف في 2009 بدعم من السفارة الايطالية، مشروعا على ثلاث سنوات لتأهيل مدارس في ثلاث مناطق في عكار، وتزويدها بالحافلات لنقل الطلاب واللوازم المدرسية الاساسية.

وتقول مديرة اليونيسف في لبنان اناماريا لوريني "التعليم حق انساني"، مضيفة "نحن هنا لمساندة الدولة اللبنانية لرفع مستوى التعليم في المدارس الرسمية وتأمين فرص لاطفال المناطق الاشد حرمانا".
وتتابع ان "الحصول على نوعية جيدة من التعليم اساسي في الخروج من حلقة الفقر والحرمان والتوجه نحو مستقبل افضل".

لكن الواقع لا يمنع جاد من الاستغراق في الحلم ويقول "عندما اكبر، اريد ان اصبح محاسبا، اريد ان يكون لي عمل افضل من عمل والدي".

جوسلين زبليط
الاثنين 10 أكتوبر 2011