تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


من علف للحيوانات إلى أغلى مأكولات العالم ..... الكافيار طعام شهي من عصور ما قبل التاريخ




آركاشو (فرنسا) - بيترا كلينجبيل - هل تعلم أن سمك الحفش ليس لديه حراشف أو قشور ولا أشواك أو سلسلة فقرية أو حتى أسنان بل يتميز بهيئة إيروديناميكية هوائية ومظهر إنسيابي لم يتغير منذ حوالي مئتين وخمسين مليون عاماً... !


طريقة تذوق الكافيار تقوم على مبدأ أساسي باستخدام أدوات مصنوعة من البورسلين أو العظام أو البلاستيك
طريقة تذوق الكافيار تقوم على مبدأ أساسي باستخدام أدوات مصنوعة من البورسلين أو العظام أو البلاستيك
وتقول السيدة "هيثير دوكريتو"، متعاونة ومشاركة في أو "طاحونة كاسادوت"، وهي مزرعة سمكية لتربية الحفش تقع بالقرب من بلدية آركاشو على الساحل الأطلسي الفرنسي: "يتغذى هذا النوع من الأسماك على الطحالب ومذاقه ليس شهياً كونه يعيش في المياه العذبة".

وهنا يأتي السؤال: هل نتحدث هنا عن سمك من النوع الممل؟ والإجابة نعم! حيث أنه ليس هناك إلا أسماك الحفش الوحشية من بحر قزوين أو من أنهار سيبيريا التي تنتج الكافيار أو كما يطلق عليه "ذهب القياصرة الأسود". ويعد الكافيار الوحشي الآن شيئاً نادراً وأصبح من المعتاد أن يتم الحصول على الكافيار من المفارخ أو المربين. لكن أيهما مذاقه أطيب؟ يجيب "أرمن بيتروسيان"، مدير شركة تسويق الكافيار التي تحمل إسمه ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، إنه "في حقيقة الأمر أصل الكافيار يعد عنصراً ثانوياً والأكثر أهمية هو الاختيار... اختيار نوع التربية ومدى نضج بيضة الحفش".

ويؤكد "بيتروسيان" بوصفه خبيرا في هذا الموضوع نظراً لأن عائلته تعمل في تسويق وتجارة الكافيار على مدار أجيال: "في حقيقة الأمر الأفضل والأطيب هو كافيار المفرخة أوالمزرعة... والفروق بينه وبين الكافيار الوحشي نادرة لا تكاد تذكر ولا يكتشفها إلا الخبراء .

ويذكر أن مزرعة "طاحونة كسادوت" تقع في منطقة دغلة كثيفة الأشجار بالقرب من البحر، حيث يعيش، على مساحة اثنى عشر هكتاراً، حوالي سبعون ألفاً من أسماك الحفش من فصيلة "أسيبنسر بايري"، هذه الفصيلة التي تم استيرادها من سيبيريا منذ 1970. وفي عام 1985 بدأت تربية أسماك الحفش وفي 1993 بدأ انتاج الكافيار.

ويقوم أصحاب المزارع بمراعاة كافة جوانب الإنتاج، من بينها أن الأسماك يكون لها مكان ومساحة كافية في الأحواض، وأن المياه تتدفق من مصادر نقية ويحرصون ألا يبلغ الإنتاج الحد الأقصى. ويتم تغذية الأحواض بواسطة فرع أحد الأنهار من "حديقة جاسكوني الطبيعية" والذي يشكل قاعه الرملي مرشح وفلتر ممتاز للمياه.

ويذكر أيضاً أن أسماك الحفش لا تتلقى أي مضادات حيوية... فعندما يموتون لا يكون سبب الوفاة إلا العدوى الجرثومية أو البكتيريا. وتقول السيدة "دوكريتو": "في بعض الأحيان تنقض عليهم غربان البحر وتصطادهم أو يقعون فريسة لفئران المياه".

ومن المتوقع في عام 2011 أن يصل إنتاج الكافيار إلى المليوني طن أي ما يوازي ضعف إنتاج هذا العام.... ومن الممكن أن يزيد الإنتاج أكثر من ذلك بكثير لكنه سيأتي على حساب الجودة.

وحين نعلم أن أسعار الكافيار تصل إلى ما بين الألفين والألفين وخمسمئة يورو أي ما يعادل 2650 3300 دولار للكيلو جرام فندرك أن أصحاب المزارع عليهم أن يتحملوا فكرة الاعتدال في الإنتاج فهي تستحق العناء.

قبل موسم التزاوج بقليل يتم وضع إناث الحفش في أحواض خاصة بها مياه آبار صافية ونقية تصل حرارتها إلى 17 درجة مئوية بعمق يصل إلى مائتي متراً، وذلك لتجنب أي نوع من أنواع العدوى أو التلوث.

وليس بمحض الصدفة أن تربية سمك الحفش تتم في جنوب غربي فرنسا..... ففي القرن التاسع عشر كانت تسبح مجموعة من أسماك الحفش الوحشية في الأنهار الفرنسية، وعندئذ تم استخدام بيض الإناث كنوع من الطعم لثعابين البحر أو كغذاء للبط والحمام والخنازير !

ثم يأتي الروس ليحولوا هذا الغذاء لطعام للحيوانات. وفي روسيا القيصرية عرف الكافيار منذ فترة طويلة كطبق شهي ولذيذ ! وبسبب "ثورة أكتوبر/تشرين" أو الثورة البلشفية التي حدثت في أوائل القرن العشرين قام كثير من الروس بالهرب إلى فرنسا.

وعندما اكتشف الروس وجود أسماك الحفش في الأنهار الفرنسية لم يمض وقت طويل حتى بدأوا في نشاطهم بشكل تجاري....ومن بين المنفيين ظهر وبرز الأخوة ميلكوم و"موشي بيتروسيان" ، وقد قاموا في عقد العشرينيات، في باريس، بإنشاء شركة بيتروسيان لتسويق وتجارة كافيار .

وتقول "دوكريتو": "أما البيض الأسود الصغير المبرد أوالمثلج فيتم تذوقه بأدوات في حجم معلقة الشاي الصغيرة.... ومن الصعب أن تصف مذاقه لأن هذا المذاق لا يقارن بشئ فالكافيار منتج فريد من نوعه...... ملحه خفيف.... لا يشبه المحار أو الجندوفلي ..... ولا يمكن مقارنته ببيض الأسماك المعتادة والمعروفة !"

وتأكيداً على هذه الكلمات تقول "هيلين"، وهي سيدة من أصل إيراني عرفت عن آبائها الكافيار الحقيقي الطبيعي، في زيارتها لهذه المزرعة أو المحطة الخاصة بتربية الأسماك وإنتاج الكافيار: إن "من عرف مذاق الكافيار الأصلي والحقيقي لن يستطيع أن يتناول أي نوع من بيض السمك".

ونعود مرة أخرى إلى تناول بعض المعلومات حيث نجد أن أجود وأغلى أنواع الكافيار هو كافيار الحيتان البيضاء وكافيار سمك أوسيترا أوالسمك الفارسي ذو اللون البني الذهبي فله مذاق يشبه جوزة الطيب أما كافيار سفروجا القزويني فله رائحة قوية ونفاذة ومذاق طيب ولذيذ.

ويرجع سبب قلة سلالات أسماك الحفش الوحشية، قبل كل شئ، إلى معدل الصيد الجائر .... فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ظهرت في بحر قزوين وروسيا سوق سوداء ونمت دون أي مراقبة، ودون الوضع في الاعتبار أو الالتفات إلى التلوث وإنشاء الترع والمصارف والسدود وتجفيف الأنهار مما يدمر عادات أسماك الحفش وبيئتها الطبيعية.

وقد تم تقنين تصدير الكافيار منذ عام 1998 بموجب "إتفاقية CITES" أو "إتفاقية حول التجارة الدولية لسلالات الحيوانات والنباتات البرية المهددة بخطر الانقراض"

ومنذ عام 1999، تم العمل على تضييق الخناق على الأسواق المخالفة والخارجة عن القانون حيث تم اشتراط وجود وثائق وأوراق رسمية للرسائل القادمة من روسيا وإيران والتي تغزو السوق وتغرقه بأكثر من 250 جراماً لكل رسالة.

وأشارت "دوكريتو" إلى أن تربية أسماك الحفش لم تكن لمغتنمي الفرص أو لكسب المال.... فهذه العملية تحتاج لكثير من الصبر، حيث أن سمكة الحفش الواحدة تحتاج ما بين ثماني أو عشر سنوات حتى تصل إلى مرحلة النضج الجنسي المناسب ومع ذلك فإن الإناث لا تنتج البيض طوال العام بل يحدث ذلك كل عامين وفي كثير من الأحيان كل ثلاثة أعوام.

ونجد أن الشكل أو المظهر الخارجي لسمكة الحفش لا يختلف من الإناث للذكور ولذلك يتم تحديد الجنس عن طريق الموجات فوق الصوتية ويذكر أنه عند تمام نضوج البيض في الأكياس الخاصة بأنثى الحفش يصل وزنها إلى حوالي عشرة بالمئة من وزن الجسم، أي أن السمكة التي يبلغ وزنها عشرة كيلوجرامات تقوم بانتاج كيلو جرام واحد من الكافيار !

ويتم إضافة الملح فقط إلى بيض الحفش، وفي ذلك الحين يجب أن يتم استهلاك هذا "الكافيار الطازج" خلال ثلاثة شهور..... ويتم إضافة مادة حافظة إذا ما أردنا تخزينه عدة أشهر في المبرد في درجة حرارة مئوية تصل إلى صفر لتمام النضج. وتوضح السيدة "هيثير دوكريتو" قائلة "إن الكافيار مثله مثل الجبن والنبيذ، يحتاج إلى وقت كي ينضج".

أما عن طريقة تذوق الكافيار فتقوم على مبدأ أساسي حيث يرى الخبراء أن تناول الكافيار لا يتم أبداً بواسطة ملعقة معدن أو حديد قابل للتأكسد أو الصدأ بل تستخدم فقط أدوات مصنوعة من البورسلين أو العظام أو البلاستيك، وذلك لأن المعدن يتفاعل ويضر بالطعم !

ويقوم الذواقة بتقديم الكافيار فوق الزيت مع التوست المحمص والزبد، وفي بعض الأحيان مع مسحة من الكريمة الطازجة..... أما الطاهي الفرنسي "آلان دوتورنيه" ذو المكانة الرفيعة في باريس، فيقدم الكافيار فقط مع واحدة صغيرة من البطاطس الفاترة، التي تم اختيارها بعناية، وقطعها إلي نصفين

بيترا كلينجبيل
الجمعة 31 ديسمبر 2010