لكن يا ترى ما سبب إقبال التونسيون على إستهلاك لحوم الحمير؟ هل يعود ذلك للظروف الإقتصادية والبحث عن سعر في متناول مقدرتهم المادية أمام الإرتفاع المتصاعد لأسعار لحوم الخرفان والأبقار، وأسماك المتوسط التي تكاد تباع في الصيدليات؟ أم بسبب البحث عن فيتامينات وبروتينات حميرية تعطي أجسادهم طاقة وقوة الدفع الرباعي قبل فوات الأوان، وتقيهم أيضا من أمراض إنسداد الشرايين على إعتبار أن هذا النوع من اللحوم خال من الشحوم كما يردد البعض، ولا يؤدي إلى الإعفاء المبكر من الحياة كما تفعل الخرفان والجمال والبقر والجديان.
أم هل لأن أرض تونس الخصبة التي أهدت إسمها لقارة بكاملها : إفريقيا، لم تعد قادرة على إنجاب غير البهائم، فمحافظة سيدي بوزيد وحدها، على حدّ تعبير المرحوم الهادي نويرة الوزير الأول الأسبق، هي التي تساهم في إطعام البلاد التونسية بحوالي 33 بالمائة من الخضروات ومنتوجات الزراعات السقوية، إضافة إلى نسب مماثلة من لحوم المواشي التي يضرب بها المثل لكثرة طراوتها ولطيب مذاقها.
في زمن الإستحمار، تنتشر مجازر البهائم في أسواق الباب الخضراء بالعاصمة تونس، وفي بعض الأحياء الشعبية الفقيرة حيث يعتبر سكانها أبرز مستهلكي لحوم الحمير لرخص ثمنها مقارنة باللحوم الأخرى، حيث لا يتعدى سعر الكيلو غرام الخمسة دنانير مقارنة بأربعة عشرة دينار ثمن كيلوغرام لحكم الخروف .
لكن المثير ما أكده أحد بائعي لحوم البهائم في باب الخضراء، وهو أن زبائنه من جميع الطبقات، وهم يقبلون على مجزرته التي يفوق عمرها أكثر من عشرين سنة دون حرج ، بل أضاف أنه يتلقى طلبات بالهاتف خاصة من السيدات لحجز كميات كبيرة حين تكون لهن مناسبات وحفلات في بيوتهن.
وقد أظهرت الإحصائيات الرسمية أن جزاري البهائم يبيعون أسبوعيا 13 طنا. وبينت احصائية زراعية رسمية أيضا نشرت سنة 2009 أن عدد الحمير في تونس بلغ 123 ألفا في حين لم يتعد عدد الخيول 26 ألفا والبغال 40 ألفا .
الذاكرة الشعبية التونسية تردد أن كل حيوان يجتر وله "فرسم" أي قدم مقسومة فلحمه حلال ويؤكل، لكن لحوم الحيوانات ذات الحوافر المدورة مثل الأحمرة والاحصنة والبغال فهي منكرة دينيا ولا يجوز تناولها.
وقد سئل الحمار ذات زمن : لماذا لا تجتر؟ فرد بأنه لا يريد أن يضحك على ذقون بني البشر مثل باقي الحيوانات، ويعيد إجترار الهواء.
إذن الحمار لا يكذب ولا يتجمل، ومع ذلك يذبح ويؤكل ولكن ماذا يفعل الجزارون برأسه ومخه؟ من المستحيل وضع رأس الحمار في واجهة المحلات، فهذا قد يثير الرعب بين المارّة، إذ أن البعض بمجرد أن يعلم باستهلاك البعض للحم الحمير يقفز ويتقزز ويبسمل ويستغفر.
ربما يبيع الجزارون رؤوس الحمير في الخفاء، وقد يتسبب بانتاج مرض جديد إسمه انفلونزا الحمير التونسية، أو ربما تكون له محاسن أخرى كأن يمنع رؤوس مستهلكيها من التفكير لمدة عشرين سنة على الأقل، وتريح البال من هموم الحياة ومشاغل أفجار القرن الحادي والعشرين.
أليس فكر وجسد الإنسان وسيلته للسعادة وللإنتاج البشري في سكينة وهدوء وصمت؟
لكن في زمن غلاء اللحوم لم يعد من حل سوى إنتظار هبوب الجراد الذي يعشق الإختلاط مع البشر، حينها لا يبقى للبشر سوى الشروع في أكل بعضه البعض وهو يغني بحبك يا حمار...
أم هل لأن أرض تونس الخصبة التي أهدت إسمها لقارة بكاملها : إفريقيا، لم تعد قادرة على إنجاب غير البهائم، فمحافظة سيدي بوزيد وحدها، على حدّ تعبير المرحوم الهادي نويرة الوزير الأول الأسبق، هي التي تساهم في إطعام البلاد التونسية بحوالي 33 بالمائة من الخضروات ومنتوجات الزراعات السقوية، إضافة إلى نسب مماثلة من لحوم المواشي التي يضرب بها المثل لكثرة طراوتها ولطيب مذاقها.
في زمن الإستحمار، تنتشر مجازر البهائم في أسواق الباب الخضراء بالعاصمة تونس، وفي بعض الأحياء الشعبية الفقيرة حيث يعتبر سكانها أبرز مستهلكي لحوم الحمير لرخص ثمنها مقارنة باللحوم الأخرى، حيث لا يتعدى سعر الكيلو غرام الخمسة دنانير مقارنة بأربعة عشرة دينار ثمن كيلوغرام لحكم الخروف .
لكن المثير ما أكده أحد بائعي لحوم البهائم في باب الخضراء، وهو أن زبائنه من جميع الطبقات، وهم يقبلون على مجزرته التي يفوق عمرها أكثر من عشرين سنة دون حرج ، بل أضاف أنه يتلقى طلبات بالهاتف خاصة من السيدات لحجز كميات كبيرة حين تكون لهن مناسبات وحفلات في بيوتهن.
وقد أظهرت الإحصائيات الرسمية أن جزاري البهائم يبيعون أسبوعيا 13 طنا. وبينت احصائية زراعية رسمية أيضا نشرت سنة 2009 أن عدد الحمير في تونس بلغ 123 ألفا في حين لم يتعد عدد الخيول 26 ألفا والبغال 40 ألفا .
الذاكرة الشعبية التونسية تردد أن كل حيوان يجتر وله "فرسم" أي قدم مقسومة فلحمه حلال ويؤكل، لكن لحوم الحيوانات ذات الحوافر المدورة مثل الأحمرة والاحصنة والبغال فهي منكرة دينيا ولا يجوز تناولها.
وقد سئل الحمار ذات زمن : لماذا لا تجتر؟ فرد بأنه لا يريد أن يضحك على ذقون بني البشر مثل باقي الحيوانات، ويعيد إجترار الهواء.
إذن الحمار لا يكذب ولا يتجمل، ومع ذلك يذبح ويؤكل ولكن ماذا يفعل الجزارون برأسه ومخه؟ من المستحيل وضع رأس الحمار في واجهة المحلات، فهذا قد يثير الرعب بين المارّة، إذ أن البعض بمجرد أن يعلم باستهلاك البعض للحم الحمير يقفز ويتقزز ويبسمل ويستغفر.
ربما يبيع الجزارون رؤوس الحمير في الخفاء، وقد يتسبب بانتاج مرض جديد إسمه انفلونزا الحمير التونسية، أو ربما تكون له محاسن أخرى كأن يمنع رؤوس مستهلكيها من التفكير لمدة عشرين سنة على الأقل، وتريح البال من هموم الحياة ومشاغل أفجار القرن الحادي والعشرين.
أليس فكر وجسد الإنسان وسيلته للسعادة وللإنتاج البشري في سكينة وهدوء وصمت؟
لكن في زمن غلاء اللحوم لم يعد من حل سوى إنتظار هبوب الجراد الذي يعشق الإختلاط مع البشر، حينها لا يبقى للبشر سوى الشروع في أكل بعضه البعض وهو يغني بحبك يا حمار...


الصفحات
سياسة








