أبو المسرح اللبناني منير أبو دبس
فابن السبعة والسبعين عاماً يتشبث بجذوة الجذور، ويرسم خارطة طريق للعودة إليها، من خلال مهرجان ثقافي يقيمه في بلدته "الفرَيكة" في المتن الشمالي في جبل لبنان ، يضخ فيه منسوباً عالياً من الثقافة والمعرفة، بدعم من السفارة الألمانية في لبنان .
و"الفرَيكة" قرية صغيرة من قرى المتن الشمالي في جبل لبنان تعلو 500 متر عن سطح البحر، مناخها معتدل وتتربع على مسطح أشبه بمدرج، وهي بلدة أمين الريحاني(1876 – 1940 ) وملهمته في الفكر والأدب، حتى لقب بـ "فيلسوف الفريكة"، وعرف بأنه الأب المؤسس لما يُسمّى بالأدب العربي الأمريكي والأدب المهجري.
من هذا العبق الثقافي انطلق المسرحي منير أبو دبس، ابن "الفريكة" ، الذي أنشأ في العام 1960 مدرسة "المسرح الحديث "في بيروت ، بعد عودته من فرنسا ، وصارت فيما بعد أساساً للمسرح اللبناني مع لجنة مهرجانات بعلبك.
قرر أبو دبس في العام 1999، تنظيم مهرجان صيفي في قريته في بيت للحرير ورثه عن أهله، وما لبث أن تحول هذا المهرجان الى تقليدٍ يتكرر كل عام .
ويدعى بيت الحرير في اللغة العاميةً (كرخانة) وهو إسم تركي يعني مكان العمل، وربما ارتبط الإسم الشعبي بشكل من أشكال الدعارة لأن معظم عمال بيت الحرير كن من الفتيات اللواتي يأتين من القرى المجاورة، سيراً على الأقدام وربما كن يتعرضن لتحرشات الشبان.
وقال أبو دبس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "إن المهرجانات الكبيرة التي تحصل في لبنان تحولت إلى مهرجانات تجارية بعيدة في معظمها عن الثقافة، هدفها إرضاء الجمهور، دون الأخذ في الاعتبار المحافظة على مستوى العمل الفني".
وبعد غياب طال حوالي 20 سنة في باريس، من 1976 ، حتى 1999 ، بدأ أبو دبس بتنظيم مهرجان "الفريكة" بعد عودته، وساهم في العام ذاته، في مهرجانات" بيت الدين "حيث أخرج وترجم مسرحية (أوديب الملك )، كما نقل مدرسة "المسرح الحديث "من بيروت إلى "الفريكة"، وهي اليوم تستقبل الطلاب وتخرج المسرحيين.
وأشار أبو دبس إلى" أن المهرجان جاء ليكمل المدرسة أما الهدف منه فهو " جمع المثقفين في لبنان الذين يحتاجون إلى مكان يلتقون فيه" ويعتقد أبو دبس أن أخطر ما يهدد المجتمع اللبناني هو " ثقافة التسلية" والخواء الذي يعشش في وجدان الشباب اللبناني .
ويتلقى مهرجان "الفريكة" الدعم من السفارة الألمانية في لبنان، التي ستشارك في المهرجان من خلال فرقة موسيقية ألمانية ستعزف الموسيقى الكلاسيكية في السابع عشر من أيلول / سبتمبرالقادم، كما يتلقى دعماً من مؤسسة الأديبة والشاعرة اللبنانية الراحلة ناديا تويني ، فيما تدعم وزارة الثقافة اللبنانية مدرسة "المسرح الحديث".
وعبر أبو دبس عن سعادته بالتعاون مع السفارة الألمانية معتبراً أن الألمان" يسعون لخلق تكوين ثقافي عميق في لبنان ويهتمون بانتاج تربية ثقافية، بعيداً عن شكليات الثقافة"، مشيراً الى أن هدف الألمان هو إعادة خلق أماكن تعرض فيها أعمال ثقافية، فنية، وموسيقية، وقال "هم شركاؤنا في هذا المكان".
وأضاف "نسعى في المستقبل إلى إنشاء محترف للرسم والموسيقى وإلقاء المحاضرات في هذا المكان في سعي منا لتحويل بيت الحرير إلى مكان للقاء المثقفين اللبنانيين".
ويرفض أبو دبس تسمية مهرجان "الفريكة" بالمهرجان القروي ويصفه بالمهرجان العالمي، لأن "أعمالاً فنية بمقاييس عالمية تقدم فيه"، أما المشاركون في المهرجان "فهم أولئك الذين يريدون أن يلتقوا بالجمهور من خلال فن راقٍ" .
وقال الدكتور أديب فارس المختص في التنظيم المدني والمساحة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ )" أهمية مهرجان "الفريكة" هي أنه يحيي التراث اللبناني فيحافظ عليه من الإندثار ، لأن المجتمع كما الإنسان لا يستطيع أن يحيا دون جذور".
يمتد مهرجان "الفريكة"من 26 آب/ أغسطس حتى 19 أيلول/ سبتمبر ، ويتضمن مجموعة من النشاطات الثقافية ، تسعى لتقديم الفن الأصيل الذي يتوزع بين المسرح والغناء الشرقي الطربي والموسيقى الكلاسيكية ومعارض الرسم والصور .
وأضاف فارس"أما المهرجانات الأخرى التي لا تكاد قرية أو مدينة في لبنان تخلو منها ، فقد خلعت زيها التقليدي وارتدت زياً أوروبياً أو أميركياً ، فيما الهدف من المهرجانات ينبغي أن يكون المحافظة على تراث لبنان الثقافي".
وقال الشاعر نبيل الملاح لوكالة النباء الألمانية (د.ب.أ)" يعاني جيل الشباب في لبنان من فراغ في الحياة الثقافية ،وهو للأسف جيل تهمه المظاهر والسبب هو الظروف التي مر بها لبنان ".
وأضاف الملاح" في فترة الصيف تعم المهرجانات معظم المناطق اللبنانية ولكن معظمها يهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن من المشاركين للاستعراض فقط ، بينما مهرجان" الفريكة" يسعى لتقديم أعمال نوعية تسهم في تكوين الذات الثقافية لدى الشباب ".
ويهتم القيمون على التراث والثقافة في القرى والبلدات اللبنانية بإحياء مهرجانات الصيف التي تختلف بين بلدة وأخرى ومدينة وأخرى باختلاف اهتمامات المشرفين عليها، ولعل أبرز هذه المهرجانات تلك التي تقام في (قلعة بعلبك) الرومانية وقصر بيت الدين، فبعلبك التي أطلقت مهرجاناتها عام 1956 ، وتوقفت طوال سني الحرب عادت لتستقطب أبرز الفرق المحلية والعالمية الغنائية والموسيقية بالإضافة إلى الفرق الراقصة.
إنه الصيف في لبنان لا تقتصر المتعة فيه على ما خصه الله به من طبيعة رائعة ، بحراً وجبلاً ، بل تتوزع على الفن والأدب والثقافة.... ويقول المثل الشعبي اللبناني "لو كان للصيف أم لكانت بكت عليه" .
و"الفرَيكة" قرية صغيرة من قرى المتن الشمالي في جبل لبنان تعلو 500 متر عن سطح البحر، مناخها معتدل وتتربع على مسطح أشبه بمدرج، وهي بلدة أمين الريحاني(1876 – 1940 ) وملهمته في الفكر والأدب، حتى لقب بـ "فيلسوف الفريكة"، وعرف بأنه الأب المؤسس لما يُسمّى بالأدب العربي الأمريكي والأدب المهجري.
من هذا العبق الثقافي انطلق المسرحي منير أبو دبس، ابن "الفريكة" ، الذي أنشأ في العام 1960 مدرسة "المسرح الحديث "في بيروت ، بعد عودته من فرنسا ، وصارت فيما بعد أساساً للمسرح اللبناني مع لجنة مهرجانات بعلبك.
قرر أبو دبس في العام 1999، تنظيم مهرجان صيفي في قريته في بيت للحرير ورثه عن أهله، وما لبث أن تحول هذا المهرجان الى تقليدٍ يتكرر كل عام .
ويدعى بيت الحرير في اللغة العاميةً (كرخانة) وهو إسم تركي يعني مكان العمل، وربما ارتبط الإسم الشعبي بشكل من أشكال الدعارة لأن معظم عمال بيت الحرير كن من الفتيات اللواتي يأتين من القرى المجاورة، سيراً على الأقدام وربما كن يتعرضن لتحرشات الشبان.
وقال أبو دبس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "إن المهرجانات الكبيرة التي تحصل في لبنان تحولت إلى مهرجانات تجارية بعيدة في معظمها عن الثقافة، هدفها إرضاء الجمهور، دون الأخذ في الاعتبار المحافظة على مستوى العمل الفني".
وبعد غياب طال حوالي 20 سنة في باريس، من 1976 ، حتى 1999 ، بدأ أبو دبس بتنظيم مهرجان "الفريكة" بعد عودته، وساهم في العام ذاته، في مهرجانات" بيت الدين "حيث أخرج وترجم مسرحية (أوديب الملك )، كما نقل مدرسة "المسرح الحديث "من بيروت إلى "الفريكة"، وهي اليوم تستقبل الطلاب وتخرج المسرحيين.
وأشار أبو دبس إلى" أن المهرجان جاء ليكمل المدرسة أما الهدف منه فهو " جمع المثقفين في لبنان الذين يحتاجون إلى مكان يلتقون فيه" ويعتقد أبو دبس أن أخطر ما يهدد المجتمع اللبناني هو " ثقافة التسلية" والخواء الذي يعشش في وجدان الشباب اللبناني .
ويتلقى مهرجان "الفريكة" الدعم من السفارة الألمانية في لبنان، التي ستشارك في المهرجان من خلال فرقة موسيقية ألمانية ستعزف الموسيقى الكلاسيكية في السابع عشر من أيلول / سبتمبرالقادم، كما يتلقى دعماً من مؤسسة الأديبة والشاعرة اللبنانية الراحلة ناديا تويني ، فيما تدعم وزارة الثقافة اللبنانية مدرسة "المسرح الحديث".
وعبر أبو دبس عن سعادته بالتعاون مع السفارة الألمانية معتبراً أن الألمان" يسعون لخلق تكوين ثقافي عميق في لبنان ويهتمون بانتاج تربية ثقافية، بعيداً عن شكليات الثقافة"، مشيراً الى أن هدف الألمان هو إعادة خلق أماكن تعرض فيها أعمال ثقافية، فنية، وموسيقية، وقال "هم شركاؤنا في هذا المكان".
وأضاف "نسعى في المستقبل إلى إنشاء محترف للرسم والموسيقى وإلقاء المحاضرات في هذا المكان في سعي منا لتحويل بيت الحرير إلى مكان للقاء المثقفين اللبنانيين".
ويرفض أبو دبس تسمية مهرجان "الفريكة" بالمهرجان القروي ويصفه بالمهرجان العالمي، لأن "أعمالاً فنية بمقاييس عالمية تقدم فيه"، أما المشاركون في المهرجان "فهم أولئك الذين يريدون أن يلتقوا بالجمهور من خلال فن راقٍ" .
وقال الدكتور أديب فارس المختص في التنظيم المدني والمساحة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ )" أهمية مهرجان "الفريكة" هي أنه يحيي التراث اللبناني فيحافظ عليه من الإندثار ، لأن المجتمع كما الإنسان لا يستطيع أن يحيا دون جذور".
يمتد مهرجان "الفريكة"من 26 آب/ أغسطس حتى 19 أيلول/ سبتمبر ، ويتضمن مجموعة من النشاطات الثقافية ، تسعى لتقديم الفن الأصيل الذي يتوزع بين المسرح والغناء الشرقي الطربي والموسيقى الكلاسيكية ومعارض الرسم والصور .
وأضاف فارس"أما المهرجانات الأخرى التي لا تكاد قرية أو مدينة في لبنان تخلو منها ، فقد خلعت زيها التقليدي وارتدت زياً أوروبياً أو أميركياً ، فيما الهدف من المهرجانات ينبغي أن يكون المحافظة على تراث لبنان الثقافي".
وقال الشاعر نبيل الملاح لوكالة النباء الألمانية (د.ب.أ)" يعاني جيل الشباب في لبنان من فراغ في الحياة الثقافية ،وهو للأسف جيل تهمه المظاهر والسبب هو الظروف التي مر بها لبنان ".
وأضاف الملاح" في فترة الصيف تعم المهرجانات معظم المناطق اللبنانية ولكن معظمها يهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن من المشاركين للاستعراض فقط ، بينما مهرجان" الفريكة" يسعى لتقديم أعمال نوعية تسهم في تكوين الذات الثقافية لدى الشباب ".
ويهتم القيمون على التراث والثقافة في القرى والبلدات اللبنانية بإحياء مهرجانات الصيف التي تختلف بين بلدة وأخرى ومدينة وأخرى باختلاف اهتمامات المشرفين عليها، ولعل أبرز هذه المهرجانات تلك التي تقام في (قلعة بعلبك) الرومانية وقصر بيت الدين، فبعلبك التي أطلقت مهرجاناتها عام 1956 ، وتوقفت طوال سني الحرب عادت لتستقطب أبرز الفرق المحلية والعالمية الغنائية والموسيقية بالإضافة إلى الفرق الراقصة.
إنه الصيف في لبنان لا تقتصر المتعة فيه على ما خصه الله به من طبيعة رائعة ، بحراً وجبلاً ، بل تتوزع على الفن والأدب والثقافة.... ويقول المثل الشعبي اللبناني "لو كان للصيف أم لكانت بكت عليه" .


الصفحات
سياسة








