تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


فتى فلسطيني معاق وأصم يقيم معرضا للفن التشكيلي في قطاع غزة




غزة - عماد الدريملي - رغم أنه ولد أصم عاجز عن التخاطب مع عامة الناس إلا أن الفتى محمود المقيد يكسر حاجز الصمت بنقل مشاعره وذاته إلى العالم الخارجي عبر استغلال موهبة فطرية داخلية لديه تتمثل بالرسم


الفتى محمود المقيد
الفتى محمود المقيد
ويعاني المقيد المنحدر من سكان قطاع غزة، من إعاقة مزدوجة فهو أصم منذ ولادته وفاقد للبصر في إحدى عينيه بشكل كامل وشبه كلي في الأخرى، لكنه مع ذلك يكافح للارتقاء بنفسه والتواصل مع العالم من حوله.

يحقق المقيد البالغ خمسة عشر عاماً هذا التواصل عبر موهبة الرسم لينجح مؤخراً في إقامة معرض للفن التشكيلي كأول معاق يفتتح معرضا خاصا به في الأراضي الفلسطينية ويحظى باهتمام بالغ.

ويبدي محمود ابتسامة خجولة وهو يراقب بصمت زوار معرضه المفتوح للعامة بشكل يومي في قرية الفنون والحرف وسط مدينة غزة.

وكان محمود استغل فرصة رعاية برنامج محلي اسمه "أحلام بسيطة" يبث على قناة فضائية فلسطينية من أجل تطوير أدوات الرسم التي يمتلكها وينجح في افتتاح المعرض.

ويقول والد محمود إنه لم يكن يتصور للحظة أن يصل نجله لهذه المرحلة نظرا لإعاقته ومعاناته من ضعف عقلي جعله قليل التحصيل الدراسي.

ويضيف أن محمود لم يستسلم لهذا الواقع عندما عمد إلى استغلال موهبة الرسم لديه وتنميتها بجهد عبر قضاء معظم أوقاته ممسكا بريشته وألوانه.

ولد محمود لعائلة فقيرة في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة ليكون أحد ستة أطفال أصيب نصفهم بإعاقة الصمم، التحق بعدها بمدرسة خاصة بالصم.

إلا أن معاناته تضاعفت لاحقا بعد أن بدأت الرؤية تضعف في عينه اليسرى منذ أن كان في العاشرة من عمره إلى أن اختفت تماما، ومن ثم يفقد الإبصار قبل أن تنتقل ذات المعاناة إلى عينه اليمنى التي صارت نسبة إبصاره بها الآن 50%.

بعد ذلك التحق محمود بمدرسة "أطفالنا للصم" ورغم تراجعه في التحصيل الدراسي إلا أنه تميز بالرسم بشكل سريع ليحظى باهتمام خاص من مدرسي الفنون الذين يبدون إعجابا بموهبته وأفكاره.

وجمعية أطفالنا للصم هي جمعية فلسطينية غير حكومية تقدم خدمات تعليمية واجتماعية وتأهيلية ومهنية للصم منذ عام 1992 عبر المدرسة المتخصصة في تعليم الصم والبرامج المهنية والتدريبية والإنتاجية العديدة الموجودة بها.
وتضم المدرسة 275 طالباً وطالبة بين 4 و 17 عاماً.

تقول سعاد عوض مدرسة المقيد والمشرفة على معرض محمود إنها لاحظت موهبة الرسم المبدع لديه منذ كان في العاشرة من عمره وتنبأت بمستقبل واعد له.

وتشير عوض إلى أنها حرصت على تشجيع محمود بشكل خاص ودفعه للتركيز على تنمية موهبة الرسم من أجل تطوير قدراته وهو ما حصل لاحقاً بالفعل.

وحظي هذا الفتى باختلاف جوهري بين المعلمة عوض وبين أية مرشدة أخرى، فهي مؤهلة للدخول إلى عالم محمود من خلال تعلمها لغة الإشارة، فضلا عن تأقلمها مع نفسيته المضطربة، لتساعده ليس للتغلب على آلامه فحسب، بل وفي تحويل هذه الآلام إلى إبداع حقيقي ظل يشع منه لشهور متتابعة.

تقول سعاد "كنت أرقب محمود بعين فاحصة، فيما كان هو حبيس عالمه المغلق الذي كنت أخرجه منه بين الفينة والأخرى بمجموعة من الإشارات التي تشكل تذكرة الدخول إليه".

ويركز محمود في رسوماته على واقع حياته فتجده يميل إلى العنف عبر رسوم القوات المسلحة والطائرات والنار إلى صور مدينة القدس وقطاع غزة.

في هذا الصدد تقوم إحدى رسوماته في المعرض على يد تعتصر أسلاكاً شائكة، وتحطم قيدا حديدياً أحاط بمعصمها في دلالة إلى سعي الشعب الفلسطيني نحو نيل حريته وإقامة دولته المستقلة.

ويقول الطبيب فضل أبو هين أستاذ علم النفس في جامعة "الأقصى" في غزة، إن تركيز محمود وأمثاله من الأطفال والفتية في القطاع على العنف في تعبيراتهم "نتيجة طبيعية لواقع الاحتلال والحرب الذي يتعرضون لها منذ سنوات".

وأوضح أبو هين أن الطفل الفلسطيني بفعل الضغوط النفسية التي يتعرض لها وبسبب الخوف والهلع، فإن العنف يسيطر على كثير من جوانب حياته بينها خياله الإبداعي وممارساته اليومية.

ويشير أبو هين إلى أنه أجرى بحثا علميا خلص فيه إلى أن الطفل الفلسطيني بسبب الضغوط يلجأ إلى ممارسة أساليب سلوكية لا تخص مرحلته العمرية، عبر إظهار بعض الخصائص السلوكية الباكرة وغير المناسبة لسن الطفل.

لكن مدرسة عوض تقول إنها سعت منذ عام بقوة إلى تغيير تركيز الفتى محمود على هذا النوع من الرسومات بالانتقال إلى عواطفه ورسومات الطبيعية الجميلة لإظهار الوجه الأخر من شخصيته بعيدا عن واقعه المعاش.

وتنقل المدرسة عوض عن محمود بأنه يستمد لوحاته من الواقع، لكنه طعّمها بجانب كبير من خياله، ومما كان يتابعه على شاشة التلفاز.

ويتحدث محمود لمدرسته بطفولة كبيرة عن حبه الكبير للرسم، وأنه سيحاول الاستمرار في ممارسته، وإن منعته إعاقته بل إعاقتيه.

ويشير وهو يتحدث لمدرسته بالإشارات إلى حلمه بافتتاح معارض كبيرة تزورها وفود عربية ودولية وأن يسطع نجمه في هذه الموهبة التي يعشقها.

كما أن محمود لا يفوته أن يطالب بتقديم رعاية مناسبة له ولأمثاله من ذوي الإعاقة.

وهناك ما يقرب من 25 ألف أصم وضعيف السمع في قطاع غزة، العديد منهم لا يتلق خدمات دعم متخصصة.

لكن يبقي مسعى هذا الطفل الأكبر وهو التمكن من تلقي العلاج اللازم لحالته أو ما يلزم لإجراء عملية تجميلية لعينه الميتة كيلا تبقى مشوهة لمظهر وجهه

عماد الدريملي
الاحد 1 أغسطس 2010