نقلت إيران تخطيطها السكاني على مدار العقد الماضي من تنظيم الأسرة وتوفير وسائل منع الحمل، وهو ما كان تعتبره المنظمات الدولية ذات يوم قصة نجاح، إلى زيادة النمو السكاني من خلال إضعاف حصول المرأة على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية. نتيجةً لهذا الهدف الديموغرافي الحكومي الجديد، اقتُرحت تشريعات عديدة تميّز ضد المرأة بهدف تعزيز المفهوم القائل إن دور المرأة الأساسي هو الأمومة وتربية الأطفال.
يمنح مشروع القانون مزايا مختلفة للأشخاص ذوي الأطفال، منها زيادة مزايا التوظيف للنساء الحوامل والمرضعات، ويحظر طرد أو نقل امرأة عاملة رغما عنها أثناء حملها. لكنه لا يعالج الافتقار إلى أحكام مكافحة التمييز في ممارسات التوظيف، والتي يمكن أن تبقي النساء خارج القوة العاملة.
تقيّد العديد من المواد إمكانية الإجهاض الآمن، وهو مقيّد أصلا، وتمنح المادة 56 وزارة الصحة صلاحية تشكيل لجنة تضم أطباء، وفقهاء شرعيين، وممثلين عن القضاء ولجنة الصحة البرلمانية لصياغة أنظمة جديدة للإجهاض قد تتسبب في قيود إضافية. بموجب القانون الحالي، يمكن إجراء الإجهاض بشكل قانوني خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحمل إذا اتفق ثلاثة أطباء على أن الحمل يهدد حياة المرأة أو أن الجنين لديه إعاقات جسدية أو عقلية شديدة من شأنها خلق صعوبات شديدة للأم.
تتيح المادة 59 بشكل مشابه لوزارة الاستخبارات وباقي الأجهزة الأمنية بتحديد قضايا "البيع غير القانوني لعقاقير الإجهاض، والإجهاض غير القانوني، والمواقع الإلكترونية التي تُدرج مراكز الإجهاض، والمشاركين في الإجهاض غير القانوني، والمشورة الطبية خارج معايير الإجهاض المأذون بها، والعناصر التي تدعو إلى الإجهاض غير القانوني" وإحالتها إلى السلطات القضائية الخاصة. وثقت هيومن رايتس ووتش مناسبات عديدة أدت فيها قوانين غامضة التعريف في إيران إلى ملاحقة أشخاص بسبب ممارسة حقوقهم بشكل مشروع، بما يشمل حرية التعبير.
تتضمن المادة 17 مزايا عديدة للمرأة، منها إجازة أمومة مدفوعة الأجر في جميع القطاعات لتسعة أشهر، وخيار العمل من المنزل لمدة تصل إلى أربعة أشهر أثناء الحمل، وخيار أخذ إجازة للمواعيد الطبية للنساء اللواتي لديهن أطفال دون سن السابعة. بينما يحظر مشروع القانون فصل النساء الحوامل والمرضعات، لا يحظر التمييز في تعيين الموظفين/ات وترقيتهم/ن. أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش في عام 2017 أن غياب إطار قانوني شامل في هذا المجال يسمح لأصحاب العمل في القطاعين العام والخاص بتبني ممارسات توظيف تمييزية ضد النساء.
يحظر مشروع القانون إنتاج مواد ثقافية ضد السياسات السكانية في البلاد ويفوّض وكالة البث الحكومية الإيرانية لإنتاج برامج تشجع النساء على إنجاب الأطفال وتندد باختيار العزوبية، أو إنجاب عدد أقل من الأطفال، أو إجراء عمليات إجهاض.
يفوّض القانون وزارتَي التعليم والعلوم العليا بإنتاج مواد تعليمية حول هذه المواضيع، والاستثمار في الأبحاث حول فوائد زيادة الإنجاب والأضرار التي تسببها وسائل منع الحمل والإجهاض. كما تم تكليف الوزارتين بزيادة التخصصات التعليمية في الجامعات "بما يتوافق مع دور المرأة في الثقافة الإسلامية الإيرانية بما يشمل إدارة الأسرة والمنزل".
الحرمان من الإجهاض الآمن والقانوني يهدد حياة النساء والفتيات وصحتهن. وثّقت هيومن رايتس ووتش في دول حول العالم كيف يتسبب تجريم الإجهاض وفرض القيود على وسائل منع الحمل في ممارسات غير آمنة تعرض الحياة للخطر، وتؤثر بشكل خاص على النساء من الخلفيات المهمشة وضحايا الاغتصاب والعنف الأسري والجنسي. وفقا لـ "منظمة الصحة العالمية"، لدى البلدان ذات القوانين التي تقيّد الإجهاض معدل إجهاض غير آمن أعلى بأربع مرات مقارنةً بتلك التي يكون فيها الإجهاض قانونيا.
قالت سبهري فر: "يشكل هذا القانون الجديد خطرا جسيما على صحة المرأة وحياتها وسيسبب أضرارا طويلة الأمد. توقُعُ تحقيق النمو السكاني عبر تقييد الحق في الصحة والخصوصية هو فهم واهم لعملية وضع السياسات، لن يؤدي إلا إلى انتهاك الحقوق".