قد يشمل هذا التلخيص أعمالا مسرحية واوبرالية عديدة قدمت دون جيوفاني في دول عديدة من العالم، لكن المعالجة التي قدمها المخرج البولندي الشاب غريغور جاوزينا لشخصية دون جيوفاني تنطوي على إضافة هامة على شخصية لاشك في أنها واحدة من كبريات أساطير الأدب العالمي.
فالمعالجة المسرحية التي يقدمها جاوزينا في مسرحية دون جيوفاني التي عرضت على مدار ثلاثة أيام في مهرجان هولندا للفنون بمدينة أمستردام، فرضت أجواء جديدة على هذا العمل من خلال منح فسحة كبيرة للقصة، وإخراج العمل من البعد التجريدي الذي تتسم به العروض الأوبرالية، يقول المخرج البولندي الشاب في هذا الصدد :
"ما يزعجني في التناول الاوبرالي لهذا العمل هو تغييب عنصر الحكاية، وبذلك نكون إزاء كل شيء غير حقيقي وملموس".
وقال هاين مولدرس المدير التنفيذي لفرقة الأوبرا الهولندية:
"كان عرضا ممتعا..هناك نسخ متعددة من دون جيوفاني، أشهرها تلك التي وضع موسيقاها الموسيقار الشهير موزارت والتي اعتمدها عرض اليوم، وقد شهدت هولندا عدة عروض لهذا العمل منها العرض الذي قدمته فرقة الأوبرا الهولندية قبل عامين، والسبب يعود إلى الثيمة الإنسانية العامة، بخصوص عرض اليوم فقد تابع المخرج البناء الأصلي للاوبرا لكنه قام بتقطيع بعض أجزائها وجعلها متداخلة"
تنطلق الشخصية المحورية في العمل أي دون جيوفاني أو دون جوان كما هو شائع عربيا، في سلوكه العنيف تجاه المرأة بدوافع المشاكل الأساسية التي يعاني منها الإنسان المعاصر أي الفراغ والخواء الروحي.
اذ لا ينتمي دون جوان في سلوكياته إلى النسخة الكلاسيكية التي ولدت للمرة الأولى في مسرحية للأسباني تيسرو ده مولينا في القرن السابع عشر والتي عرفت بتمردها على التزمت الديني الكاثوليكي والصرامة الأخلاقية التي خلفت فسادا أخلاقيا وصم تلك المرحلة، كما لا يختلف كثيرا مع النسخ التي توالت في استلهام هذه الشخصية الأسطورية سواء في مجال المسرح أو ألأوبرا، من قبل أدباء وموسيقيين عالميين كبار.
فمسرحية البولندي غريغور جاوزينا تأخذ بالحسبان التطور الذي شهدته المجتمعات الغربية منذ عصر الأنوار مما يجعلها في قطيعة شبه تامة مع المجتمعات ذاتها في فترات حكم الكنيسة، وكي لا تسقط شخصية دون جيوفاني في هاوية المفارقة التاريخية، قدم المخرج البولندي جيوفاني عصريا يعاني من وطأة العبث وانعدام أي معنى للوجود الإنساني، و يتوج مغامراته المتسمة بالمخاتلة وإغواء النساء والإيقاع بهن بممارسة عنف فظيع يشكل في أكثر من مشهد خلفية أساسية للمسرح أو بقعة لونية مركزية فيه.
يقول جيوفاني في واحدة من حواراته مع خادمه:ا"لكلام الطيب يسمعه الرجل في الصالات الفخمة من قبل نساء غبيات"، هذه النزعة العدوانية تجاه المرأة كانت محورا أساسا في الدراسات النفسية التخصصية التي تناولت شخصية دون جيوفاني، فالنسخة التي يقدمها جاوزينا تختلف في تفصيل هام، إن جيوفاني العصري يمارس الجريمة ضد الرجال أيضا، فالشخصية المحورية تطورت من ناحية تنفيذ الجريمة مع خصوم أقوياء(الرجال) إذ لا وجود لعاطفة تتيح لجيوفاني استغلالها، وهذا ما يتجسد في أحد المشاهد حينما يمارس جيوفاني الجنس بطريقة مهينة مع إحدى ضحاياه على بالقرب من جثة والدها وكلاهما في حالة هستيرية، هي ذات طابع انتقامي عند جيوفاني، وطابع فجائعي عند الضحية.المفجوعة بمقتل والدها.
"المميز في هذا العمل هو تقديم شخصية الأب، ومن الواضح أنه يشير إلى والد موزارت إذ ثمة إشارة إلى عبقرية الابن وقد تم دمجه بشخصية دون جيوفاني"، يقول مولدر في تقييمه للعمل، وهي التفاتة هامة خصوصا وان جميع محاولات الأب لحث ابنه على تغيير مساره جاءت بعبارات ذات طابع نفعي عملي وتكاد تخلو من المواعظ الأخلاقية الدينية.
وأخيرا فان الحديث عن الخواء الروحي الذي تعالجه المسرحية يهدف كما يرى مولدرس هو تناول ثيمة إنسانية عامة، وأن معالجة القضايا الإنسانية ضمن الإطار الإبداعي عبر مختلف الإشكال الأدبية والفنية يخلق بدوره تجارب وطقوسا ثرية تساهم في معرفة الذات بعيدا عن الأكليشيهات الأيديولوجية لاهوتية كانت أو وضعية
فالمعالجة المسرحية التي يقدمها جاوزينا في مسرحية دون جيوفاني التي عرضت على مدار ثلاثة أيام في مهرجان هولندا للفنون بمدينة أمستردام، فرضت أجواء جديدة على هذا العمل من خلال منح فسحة كبيرة للقصة، وإخراج العمل من البعد التجريدي الذي تتسم به العروض الأوبرالية، يقول المخرج البولندي الشاب في هذا الصدد :
"ما يزعجني في التناول الاوبرالي لهذا العمل هو تغييب عنصر الحكاية، وبذلك نكون إزاء كل شيء غير حقيقي وملموس".
وقال هاين مولدرس المدير التنفيذي لفرقة الأوبرا الهولندية:
"كان عرضا ممتعا..هناك نسخ متعددة من دون جيوفاني، أشهرها تلك التي وضع موسيقاها الموسيقار الشهير موزارت والتي اعتمدها عرض اليوم، وقد شهدت هولندا عدة عروض لهذا العمل منها العرض الذي قدمته فرقة الأوبرا الهولندية قبل عامين، والسبب يعود إلى الثيمة الإنسانية العامة، بخصوص عرض اليوم فقد تابع المخرج البناء الأصلي للاوبرا لكنه قام بتقطيع بعض أجزائها وجعلها متداخلة"
تنطلق الشخصية المحورية في العمل أي دون جيوفاني أو دون جوان كما هو شائع عربيا، في سلوكه العنيف تجاه المرأة بدوافع المشاكل الأساسية التي يعاني منها الإنسان المعاصر أي الفراغ والخواء الروحي.
اذ لا ينتمي دون جوان في سلوكياته إلى النسخة الكلاسيكية التي ولدت للمرة الأولى في مسرحية للأسباني تيسرو ده مولينا في القرن السابع عشر والتي عرفت بتمردها على التزمت الديني الكاثوليكي والصرامة الأخلاقية التي خلفت فسادا أخلاقيا وصم تلك المرحلة، كما لا يختلف كثيرا مع النسخ التي توالت في استلهام هذه الشخصية الأسطورية سواء في مجال المسرح أو ألأوبرا، من قبل أدباء وموسيقيين عالميين كبار.
فمسرحية البولندي غريغور جاوزينا تأخذ بالحسبان التطور الذي شهدته المجتمعات الغربية منذ عصر الأنوار مما يجعلها في قطيعة شبه تامة مع المجتمعات ذاتها في فترات حكم الكنيسة، وكي لا تسقط شخصية دون جيوفاني في هاوية المفارقة التاريخية، قدم المخرج البولندي جيوفاني عصريا يعاني من وطأة العبث وانعدام أي معنى للوجود الإنساني، و يتوج مغامراته المتسمة بالمخاتلة وإغواء النساء والإيقاع بهن بممارسة عنف فظيع يشكل في أكثر من مشهد خلفية أساسية للمسرح أو بقعة لونية مركزية فيه.
يقول جيوفاني في واحدة من حواراته مع خادمه:ا"لكلام الطيب يسمعه الرجل في الصالات الفخمة من قبل نساء غبيات"، هذه النزعة العدوانية تجاه المرأة كانت محورا أساسا في الدراسات النفسية التخصصية التي تناولت شخصية دون جيوفاني، فالنسخة التي يقدمها جاوزينا تختلف في تفصيل هام، إن جيوفاني العصري يمارس الجريمة ضد الرجال أيضا، فالشخصية المحورية تطورت من ناحية تنفيذ الجريمة مع خصوم أقوياء(الرجال) إذ لا وجود لعاطفة تتيح لجيوفاني استغلالها، وهذا ما يتجسد في أحد المشاهد حينما يمارس جيوفاني الجنس بطريقة مهينة مع إحدى ضحاياه على بالقرب من جثة والدها وكلاهما في حالة هستيرية، هي ذات طابع انتقامي عند جيوفاني، وطابع فجائعي عند الضحية.المفجوعة بمقتل والدها.
"المميز في هذا العمل هو تقديم شخصية الأب، ومن الواضح أنه يشير إلى والد موزارت إذ ثمة إشارة إلى عبقرية الابن وقد تم دمجه بشخصية دون جيوفاني"، يقول مولدر في تقييمه للعمل، وهي التفاتة هامة خصوصا وان جميع محاولات الأب لحث ابنه على تغيير مساره جاءت بعبارات ذات طابع نفعي عملي وتكاد تخلو من المواعظ الأخلاقية الدينية.
وأخيرا فان الحديث عن الخواء الروحي الذي تعالجه المسرحية يهدف كما يرى مولدرس هو تناول ثيمة إنسانية عامة، وأن معالجة القضايا الإنسانية ضمن الإطار الإبداعي عبر مختلف الإشكال الأدبية والفنية يخلق بدوره تجارب وطقوسا ثرية تساهم في معرفة الذات بعيدا عن الأكليشيهات الأيديولوجية لاهوتية كانت أو وضعية


الصفحات
سياسة








